التعميم في الشهود والحضور
وتتجاوز هذه السنّة الإلهية في التعميم حدود المسؤولية و الإدانة و الثواب والنسبة ، وتشمل الشهود والحضور فتنسب إلي الغائبين الحضور و الشهود للموقع الذي غابوا عنه وتفصله عنهم مئاة السنين و المسافات الممتدة الطويلة .
و الشهود والحضور اعمق مراتب التعميم .
يقول الشريف الرضي في (نهج البلاغة ): لمّا اظفر الله تعالي امير المؤمنين (ع) باصحاب الجمل قال له بعض اصحابه : وددت ان اخي فلاناً كان شاهداً ليري ما نصرك الله به علي اعدائك .
فقال (ع): اهوي اخيك معنا؟
قال : نعم .
فقال : فقد شهدنا، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في اصلاب الرجال وارحام النساء، سيرعف الزمان بهم ، ويقوي بهم الإيمان ».
وفي النهروان بعد ان استتبّت المعركة ، و انتهت فتنة الخوارج تمنّي احد اصحابه ان يكون قد حضر اخ له المعركة .
فقال (ع): لقد شهد في هذا الموقف اُناس لم يخلق الله آباءهم .
رحم الله السيّد الحميري يعكس هذا الوعي العميق للتاريخ و إرتباط الخلف بالسلف وتعميم الحضور في تاريخ الآباء للابناء.. في ابيات من الشعر كلّها و عي و معرفة ، يقول رحمه الله:
انّي ادين بما دان الوصي به
يوم الربيضة من قتل المحلّينا
وبالذي دان يوم النهر دنت به
وصافحت كفّه كفي بـ (صفينا)
تلك الدماء جميعاً رب ّ في عنقي
ومثلها معها آمين آمينا
«من شهد امراً فكرهه
كان كمن غارب عنه
و من غاب عن امرٍ فرضيه
كان كمن شهده »
ان ّ (الرضا) يُحضر الغائب البعيد عبر القرون و (السخط ) يغيب الحاضر الشاهد.
وعن الرضا (ع): «مَن غاب عن امرٍ فرضي به كان كمن شهده وانساه ».