بازگشت

الموقف


وهو مرحلة التعبير عن الولاء بعد (التسليم ) و (الشهادة ). والموقف هنا في (الإيمان والرأي ) وفي (العمل ). فالموقف في (الإيمان والرأي ) يتجسّد بقول الزائر (إنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي و قلبي لقلبكم سلم )

والموقف في (العمل ) هو قوله :

(وامري لامركم متّبع )

أي انّه يقول : انّي مؤمن بولايتكم وإمامتكم وقيادتكم .

و أصدق دليل علي الصدق في هذه الدعوة : إنّني اُسلمكم شرائع ديني و خواتيم عملي ؛ فليس بشي ء أعزّ علي الإنسان من شرائع دينه الذي يدين به لله تعالي و خواتيم عمله الذي يختم به حياته ، حيث لايمكن ان يتلافي منه شيئاً، فإن ّ في الإمكان تلافي ما أفرط الإنسان من بدايات أعماله و أواسطها بالتوبة ومراجعة النفس و تصحيح العمل . اما خواتيم العمل فهي التي تقود الإنسان إلي عاقبة ، وهي التي تقرّر عاقبة الإنسان و مصيره .

و ليس من شي ء أدل ّ علي الثقة بهم :، والصدق في الولاء لهم من أن يأخذ الإنسان منهم : شرائع دينه و خواتيم عمله .

ثم هذا التسليم المطلق : هو اسمي معاني (السلم ) لانّه تسليم لا يشوبه شقاق ، ولا يعكّره ريب في اعماق النفوس : تسليم القلب للقلب (و قلبي لقلبكم سلم )، فهو انسجام القلوب و تلاقي القلوب وتفاهم القلوب ، و اما الموقف في (العمل ) فيتجسّد في : «و امري لامركم متبع » و يمثّل ذلك التبعيّة المطلقة و الانقياد التام وهو يعود إلي التسليم لامر الله تعالي .و الموقف هنا إيمان مطلق وتسليم مطلق وثقة مطلقة في النفس ،ويستتبعه الالتزام الكامل و التبعيّة الكاملة في مقام العمل .

و ورد أيضاً في زيارة الحسين (ع) الخاصّة في يوم عرفة :

«انا سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم وعدوّ لمن عاداكم ، و ولي ّ لمن والاكم إلي يوم القيامة ».

و في زيارة الاربعين الخاصّة :

(اشهد انّي بكم مؤمن وبإيّابكم موقن بشرائع ديني و خواتيم عملي ، وقلبي لقلبكم سلم وأمري لامركم متّبع ، و نصرتي لكم معدّة ، حتّي يأذن الله؛ فمعكم معكم لامع عدوّكم ، صلوات الله عليكم وعلي ارواحكم و اجسادكم و شاهدكم و غائبكم )

فالزائر يقول هذا بأن ّ النصرة معدّة وجاهزة ، انتظر فيها إذن الله تعالي ،و لست أبخل بنصرتي عنكم وعن نُصرة أوليائكم .

ثم بعد ذلك يأتي هذا النشيد الولائي الرائع و هذه النغمة الإيمانية العذبة .

(فمعكم ، معكم لا مع عدوّكم )

ليؤكّد الولاء من خلال تكرار المعيّة (فمعكم ، معكم ) و من خلال الإيجاب و السلب والولاء والبراءة (لا مع عدوّكم ).

و في زيارة أول رجب المخصوصة ترد هذه التلبية الولائية لداعي الله، الذي وقف يوم عاشوراء في كربلاء، يدعو البشرية إلي العودة إلي الله و تحطيم الطاغوت و كسر كبريائه و جبروته ، و العودة إلي عبودية الله.

«لبيّك يا داعي الله، إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك و لساني عند استنصارك ، فقد اجابك قلبي ».

و إن ّ أفضل التلبية هي تلبية القلب ، فإذا فاتتنا تلبية داعي الله بأبداننافي كربلاء، فإن قلوبنا التي عمّرها الله تعالي بولائه وولاء اوليائه لا تنفك عن تلبيته ، و الإستجابة لدعوته في مقارعة الظالمين و كسر شوكتهم و سلطانهم ، وتعبيد الناس لله، و تحكيم شريعة الله تعالي وحدوده في حياة الإنسان ، و انتزاع الإنسان من محور الطاغوت إلي محور الولاء لله تعالي .