بازگشت

احكام فقهية حول الشخصية الحسينية


ال تعالي ـ عزّ من قائل ـ: (إِن َّ اللّه َ اشْتَرَي مِن َ الْمُؤْمِنِين َ أَنْفُسَهُم ْ وَأَمْوَالَهُم بِاَن َّ لَهُم ُ الْجَنَّة َ يُقَاتِلُون َ فِي سَبِيل ِ اللّه ِ فَيَقْتُلُون َ وَ يُقْتَلُون َ وَعْداً عَلَيْه ِ حَقّاً فِي التَّوْرَاة ِ وَ الإِنْجِيل ِ وَالْقُرْآن ِ وَمَن ْ أَوْفَي بِعَهْدِه ِ مِن َ اللّه ِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُم ُ الَّذِي بَايَعْتُم بِه ِ وَ ذلِك َهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ُ).

يُقال : ـ ان ّ الاجر علي قدر المشقّة ـ ولا سيّما إذا اقترن بالفضل الإلهي (إنّما يوفّي الصّابرون اجرهم بغير حساب ) فالاجر الذي منحه الله ـ سبحانه وتعالي ـ للشهداء لا يعد له شي ء وكما رُوي عن الرسول الكريم (ص): «فوق كل ّ ذي برٍّ برّ حتي يُقتل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برٍّ»..

فالمجد والخلود للشهداء الذين (صدقوا ما عاهدوا الله عليه )

(واخلصوا دينهم لله)، فصانوا كرامة البشرية بدمائهم الغالية و باعوا انفسهم لله ثمناً لإعلاء كلمته في الارض ، فكافاهم الباري سبحانه بان جعل درجة الشهيد في اعلي عليّين ورفعه إلي اسمي مقام تقاس به درجات الفضل و الارجحيّة ، وهذا هو منطق و مصداق الآية الشريفة التي صدّرنا بها هذا البحث .

لقد منح الله الكريم الشهداء المجاهدين في سبيله كرامات و احكام فقهيّة خاصّة بهم ، ولم تُمنح لغيرهم ، فليس لكل ّ احد الكفاءة و الجدارة علي دخول باب الجهاد و الذي هو كما قال علي ّ امير المؤمنين (ع): «فتحه الله لخاصّة اوليائه »، و كذلك الفوز بالشهادة التي (وما يلقّاها إلاّ ذو حظ ّعظيم ).

واعظم صفحة كُتبت في تاريخ الشهداء والتي وقّعت بدمائهم الطاهرة ما سطّره الإمام الحسين بن علي ّ (ع) من ملاحم الفداء والتضحية في سبيل الدعوة الإسلامية حتي استحق لقب سيّد الشهداء، لانّه بذل كل ما يملك في سبيلها، فوهبه الله سبحانه و تعالي مكارم ومناقب لم تُمنح لغيره من خاصّة اوليائه ، فكما روي عن الإمام الصادق (ع) في هذا المجال : «إن ّ الله عوّض الحسين (ع) من قتله ان ّ الإمامة من ذريّته والشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء عند قبره ».

فهل اختص ّ الله سيّد الشهداء (ع) بهذه الكرامات الثلاث وحَسب ؟ ام ان ّ العناية الإلهية بـ (ثار الله) تفوق هذه ؟

فالباحث في كتب الحديث والفقه يجد بعض الاحكام العامّة التي ترتبط بكل الشهداء المجاهدين في سبيل الله ويجد ايضاً إستثناءات في بعض المسائل الفقهيّة اختصّت بالإمام الحسين (ع) دون غيره من الشهداء.

لقد ضحّي الإمام ابو عبدالله الحسين (ع) بكل غال و نفيس من اجل إعلاء كلمة الحق ّ و مقارعة الظالمين ، فكان يوم الطف يوم الملحمة العظمي ، علي ما فيها من فجائع وفظائع يهتزّ لها العرش ، فجزاه الله الجزاء الاوفي من ممتثلاً في بعض جوانبه باحكام فقهيّة و مسائل شرعيّة تطالعنا بها كتب الفقه والحديث ، وقد وفقت لجمعها منقولة عن كتاب (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ) للفقيه الكبير واُستاذ الفقهاء الشيخ محمد حسن النجفي (1292 ـ 1266 هجرية ) وهذا الكتاب العظيم يستّحق لقب (موسوعة الفقه الشيعي ) لاهمّيته الفائقة عند الفقهاء الكرام .

وقد نوّه الشيخ صاحب الجواهر ـ اعلي الله مقامه الشريف ـ عن عظمة شخصيّة الإمام الحسين (ع) حيث اشار في الجزء العشرين ـ الصفحة 97 من كتابه (إلي غير ذلك من النصوص التي لا يمكن استقصاء ما تضمّنته من ثواب زيارته ، فضلاً عن النصوص المتضمّنة للبكاء عليه وللشعر فيه إنشاء و إنشاداً ومافي تربته الشريفة من اكل او صلاة عليها اوتسبيح بها او غير ذلك من الاُمور المتعلّقة بحَرَمِه و روضته ، فان ّ ذلك يحتاج إلي كتب متعددة ، وقد كفانا مؤونة ذلك اصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ).

فلنستعرض الآن معالم الشخصيّة الحسينيّة في الفقه الجواهري معنونة و مرتّبة علي ابوابها و موضوعاتها المختلفة .