بازگشت

ثم اختتم ذلك بقوله


سامضي وما بالموت عار علي الفتي إذا ما نوي حقّاً وجاهد مسلما

وواسي الرجال الصالحين بنفسه وفارق َ مذموماً وخالف َ مجرما وجاءت شعارات المثبّطين مقابل الرفض الحسيني العظيم .

وفيما جاءت هكذا نهضة الحسين وشعاراتها المدوّية الثائرة ، جاءت معها شعارات المثبّطين والخانعين والمتخاذلين ، فبعضهم يخاطبه (ع) :«اتّق الله ولا تُفرّق جماعة المسلمين !» وبعضهم يصفه بالبغي والعدوان والخروج علي (خليفة المسلمين !) وبعضهم لا يفقه قصة راس يحيي بن زكريا الذي اُهدي الي بغي من بغايا بني إسرائيل ؛ فيلوم الحسين لو قُدّم راسه الشريف الي يزيد، وبعضهم اثر الاعتزال والتفرّج ؛ فلم ينصر حقاً ولم يخذل باطلاً، وبعضهم اكتفي بالدعاء، ولم يزِد علي ان يدعو الله تعالي بان يقضي لهذه الاُمّة بالخير والإحسان ؛ فيولّي امرها خيارها وابرارها ويُهلك فجّارها واشرارها، ولكنّهم لا يحدّدون مَن هم اخيارها ومَن هم فجّارها، فيتركون الناس في حيرة ٍ وبلبلة وسبُل متفرّقة . لا يهتدي فيها الضال ّ، ولا يستيقن المهتدي .

وهنا لابدّ من الإشارة الي هؤلاء المتفذ لكين الذين يختفون وراء النصوص ويتحالفون مع اللصوص ، والتنديد بهم والاستخفاف بفذلكتهم وفضحها، وكيف انّهم يتوهمون ويوهمون ثم يزعمون انهم علي هدي ، ويموّهون علي العوام والبسطاء ببعض توابل العبادات مثل : طول الصلاة وطول القيام والتشدّق بالصيام والتلفع بالنسّك والتمتمات ، فيما العقول كعقول البهائم والقلوب كقلوب الذئاب ، كما وصفهم الإمام علي (ع) حين قال :

«يطلبون الدنيا بعمل الاخرة ، يلبسون جلد الضان وتحتها قلوب الذئاب والنمور، ليظن ّ الناس انهم من الزاهدين في الدنيا، يرائون الناس باعمالهم ويُسخطون الله بسرائرهم ».

ولو كان الإمام الحسين (ع) استمع الي اي واحد من هؤلاء، وفعل كما فعل عبدالله بن عمر في بيعته الاضطرارية ليزيد؛ لاضاف إسماً او لائحة اُخري الي لوائح الروايات التبريرية التي تسوّغ الطاعة (لامير المؤمنين ) ،ولاستدل ّ بها البخاري ومسلم وامثالهما وقالوا: هاهو ابن بنت النبي يوجب السمع والطاعة ليزيد او لحكم يزيد، وهاهو يدعو لوحدة الجماعة ، (رغم نقض الشريعة ) ، ولاستشهد بذلك الافّاكون والمنافقون والمتقاعسون والمخادعون واستخدموها راية وشعاراً في كل موقف ، يرون فيه ضرورة ً لإسناد حزب الشياطين ومسايرتهم ومماشاتهم ، تمشية ً لاُمورهم وحفاظاً علي ذلك الحزب من الانهيار ومصلحتهم من التدمير. اي لماتت هذه الاُمّة الي نهاية الدهر، ولما نهض احدٌ لرفض الظلم والقهر والاستبداد.

نعم ... ندّد الإمام الحسين (ع) بكل ّ ذلك وقرّر ان يقوم بالمهمّة الرسالية التي عجز عن حملها الصحابة والتابعون فيقول :

«خط ّ الموت علي ولد ادم مخط ّ القلادة علي جيد الفتاة ، وما اولهني الي اسلافي اشتياق يعقوب الي يوسف ، وخير لي مصرع ٌ انا لاقيه ، كانّي باوصالي هذه تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملان ّ منّي اكراشاً جوفاً واجربة ً سغباً».

الي ان يقول ـ سلام الله عليه ـ وبضرس قاطع ، وبلا تردّد او تهيّب ، وبكل ّ صراحة ووضوح :

«من كان باذلاً فينا مهجته وموطّناً علي لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإنّني راحل مصبحاً إن شاء الله».

نعم ، لقد علّمنا الحسين (ع) درساً في الإدراك الواعي للهدف الذي نسعي لتحقيقه مهما كانت التضحيات ، وهكذا سقطت مرّة واحدة والي الابد كل ّ اقنعة الإسلام الكهنوتي الذي يريد لدين الله ان يبقي محاريب وعبادة ودعاء، ويسقط معها كل المتفرجين الذين يؤثرون الدعة والعافية ويتمسّحون باعتاب النصوص الدينية ، تاركين فريضة الجهاد وفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فكان لنا في كل ّ عصر حسين في مواجهة يزيد، كما كان لكل ّ فرعون موسي ولكل ّ طاغية بطل ، ولكل ّ نمرود إبراهيم .

وهذا يعني ان ّ الامتداد الطبيعي لرسالة الإسلام الحق ّ هو المنهج الحسيني ، ونقيضه المنهج الاُموي ، وإن تلفّع بالف اية قرانية ، وردّد ادعياؤه الف حديث ٍ شريف ، وحين يُعرّف الإنسان بانه موقف ، ولا خيرفي إنسان ٍ ليس له موقف فإن ّ: