بازگشت

اللطم (اللدم)


وهو من أقدم الشعائر التي مارستها الشيعة لإظهار حالة التفجّع والحزن لمصيبة سيد الشهداء الحسين ومصائب الأئمة المعصومين (عليهم السلام).

إذ يجتمع حشد من الموالين في مكان مقدس كالمسجد أو الحسينية أو بعض الأوقاف فيجردون نصف أبدانهم ويبدأون بلدم الصدور ولطم الخدود وضرب الرؤوس بأساليب منسقة حزينة. ولتنسيق الضربات التي ينهالون بها علي صدورهم يصعد شاعر أو حافظ للشعر وينشد قصائد منظمة بأسلوب خاص تذكّر اللاطمين بمصائب أهل البيت (عليهم السلام) وتحافظ نبراتها علي وحدة الضرب وهم يتجاوبون مع الراثي في ترديد بعض الأبيات الشعرية [1] .

والضرب باليد يكون علي الجانب الأيسر من الصدر أي فوق منطقة القلب، واللطم هو أحد أهم وسائل إظهار الجزع علي المعصومين (عليهم السلام) وأكثرها انتشاراً، ولتوضيح ذلك يجب علينا أن نعرف إن من طبيعة الجسم البشري انه عندما يتعرض إلي الألم المعنوي –الظلم تحديداً- يفرز هرمونات تعمل علي زيادة الطاقة لديه ليكون مستعداً للدفاع عن نفسه، واللطم هو إحدي الوسائل للتنفيس عن هذه الطاقة والتي بدورها تشير إلي أن هناك ظلماً واقعاً وحقاً مسلوباً وأن الذين يلطمون، يشيرون من خلال اللطم إلي ذلك الظلم والحق.

وجعل ليكون جزءاً مهما من الشعائر الحسينية كونه يمثل مواساة للزهراء (عليها السلام)، كما أن فيه إشارة إلي أن أهم ما ينبض بالحياة -القلب- ليرخص ويحزن لما جري علي آل محمد (عليهم السلام)، وأن مصدر الحياة هذا أضربه بنفسي دون خوف أو وجل دلالة علي عظيم المصاب -أي عظيم الحق المسلوب والظلم الواقع- ومن الأدلة علي ذلك ما يشير إليه علم الأدلة الجنائية، أن المجني عليه إذا كان مضروباً في قلبه أو في منطقة قريبة عليه، يعرف أن الجاني كان ينوي قتل المجني عليه، بخلاف ما لو كانت الاصابة في البطن أو الأطراف.

كما وأن التركيبة الجماعية في اللطم تشير إلي الوحدة والاشتراك في الإشارة إلي الحق والمطالبة به، هذا هو الجانب الفلسفي للطم بأبسط صورة ممكنة أستطيع أن أقدمها لك أخي القاريء.


پاورقي

[1] قاموس الشعائر الحسينية لمؤلفه حيدر السلامي.