بازگشت

شبهة


قد يعترض البعض علي ذلك بالقول إذا كان الأمر كذلك فلماذا دعا الإمام (عليه السلام)إلي مثل هذا الحق ـ حقه بالرجوع أو اختيار المحل المناسب ـ ما دام يعلم بأنهم ليسوا بتاركيه؟

لقد دعا الإمام الحسين (عليه السلام) ـ مع علمه بعدم الإجابة ـ إلي ذلك لثلاثة أسباب:

1ـ لفت أنظار العالم عامة، والمسلمين خاصة بأن اختيار الإنسان لمحل سكناه، وحريته في التحرك، إنما هي من حقوق الإنسان الأساسية التي لا يحق للآخرين انتزاعها منه.

2ـ لإتمام الحجة علي قاتليه: فالتاريخ محكمة تحاكم الناس علي أفعالهم مهما طال الزمن، ولحتمال لجوء هؤلاء القتلة بالتحجج بأن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن قد طالب بحقه هذا وإلا لكانوا أجابوه حينها. لذا تجد الإمام (عليه السلام) قد سد عليهم هذا الباب الذي قد تلتمس الأجيال من خلاله العذر لقتلة الإمام بالمطالبة بهذا الحق الأساسي.

فقد ورد في التاريخ أنه (عليه السلام) لما "أرهقه السلاح، أو أخذ له السلاح قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله يقبل من المشركين؟

قالوا: ما كان رسول الله يقبل من المشركين؟

قال: إذا جنح أحدهم قبل منه.

قالوا: لا.

قال: فدعوني أرجع؟

قالوا لا.

قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين، فأخذ له رجل السلاح، فقال له: أبشر بالنار..." [1] .

3ـ لكشف زيف الحكومة اليزيدية الطاغية التي لا تعترف بأبسط حقوق الإنسان الأساسية، حيث الأرض لله، وما البشر فيها سوي خلفاء، وضيوف، والحال أن الخليفة يجب أن يسر وفق تعليمات من استخلفه.


پاورقي

[1] أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، تاريخ ابن عساکر، مؤسسة المحمودي، بيروت، 1389هـ، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)، ص 219.