بازگشت

استعمال آلات اللهو في الشعائر الحسينية


فالرابع منها [1] : استعمال آلات اللهو. وهي في عبارة الرسالة هكذا: (الطبل، والزمر الدمام) [2] والصنوج النحاسية، وغير ذلك الثابت تحريمها في الشرع. ولم يستثن الفقهاء من ذلك إلا طبل الحرب، والدف في العرس بغير صنج) [3] .

النقد: أين عنوان (آلات اللهو) من الأمور المعنونة الثلاث؟ أين البوق من المزمار؟ وهل يصح علي الكاتب الجهل بهما؟ وهل هو لا يعلم أن البوق ليس من آلات اللهو، بخلاف المزمار؟ وما الذي أدخل لفظ (الزمر) في المقام لولا التغليط؟ فإن الزمر - مصدراً - هو التغني لا النفخ. وأين النفخ بالبوق من التغني بالمزمار؟

قس علي هذا قول (الصنوج النحاسية). وأسأله: من ذا حرمها قبل هذا العصر؟ وفي أي كتاب وسنة وجد الدليل علي حرمتها بالخصوص؟ وهي إن كانت من آلات اللهو، فلا ريب في اشتراكها بينه وبين غيره. وما هو الوجه في تقييدها بالنحاسية؟ وهل هي تحل إذا كانت من حديد أو شبهه؟

ثم عد إلي أعظم هذه وهو الطبل، كيف أخذ الكاتب تحريم مطلقه مسلّماً ليتسني له القول باستثناء طبل الحرب منه؟ ومن حرّم المستثني منه بنحو كلي؟ وأي فقيه ذكر ذلك في أي كتاب؟ وهل الاستثناء المزعوم يقضي بحلية طبل الحرب وإن ضرب به ضرباً لهوياً؟ أو إذا كان بالنحو المستعمل في الحرب للتهويل علي الأعداء فقط.

ثم لأي حكمةٍ ترك الكاتب ذكر طبل القافلة المتفق علي جوازه؟ وهو عين الطبل المستعمل في العزاء لا يفارقه في ذات ولا في هيئة ولا في صفة. لأي شيء - لعمري - يعود الضمير في قوله (الثابت تحريمها)؟ هل إلي العنوان - آلات اللهو - الذي لا ريب فيه؟ أم إلي المعنون في كلامه الذي فيه الريب والتخليط؟

إنه لا ينبغي للفقيه أن يتكلم بأي مسألة وهو آخذ منها بطرف من دون تحقيق. ولكن الذي يهون الخطب أن تباشير الزمان تنذر بهبوط الأمر في فقه الشريعة إلي أسفل من هذه الهوة العميقة.

وإني وإن عظم عليّ من بعض الجهات أن أحرر في هذا الباب كلمة، إلاّ أن الخلط في الآلات الثلاث من الكتاب والالتباس الواقع قبل اليوم فيها في أذهان كثير من النّسّاك وأكثر السّذّج، أوجبا أن أفتح هذا الباب الذي كنت ولا أزال أحب أن يبقي موصداً إلي الأبد..


پاورقي

[1] أي: من المنکرات التي ادعي الأمين دخولها في الشعائر الحسينية. م.

[2] هکذا وقع في ص 4 من الرسالة. وفي ص 5 هکذا: (دق الطبول، وضرب الصنوج، والنفخ في البوقات - الدمام). والجميع خطأ، وهو إمّا غلط مطبعي أو سهو من قلم الکاتب.

[3] التنزيه: 4.