بازگشت

امتناع العباس عن الماء


سيماء الصلحاء: أينفُض العباس الماء من يده وهو علي ما هو عليه من شدة الظمأ تأسّياً بعطش أخيه، ولا نقتصّ أثره [1] .

رسالة التنزيه: (أمّا نفض العباس الماء من يده تأسّياً بعطش أخيه، فلو صح، لم يكن حجة، لعدم العصمة) [2] .

النقد النزيه: نفض العباس الماء من يده ذكره العلامة المجلسي في (البحار)، ونقله عن بعض تأليفات أصحابنا [3] وأرسله فخر الدين في موضعين من منتخبه غير متردد فيه [4] . ونقله في (الدمعة) [5] عن العوالم [6] .

وذلك كافٍ في الحكم بصحة أية حادثة تاريخية [7] . ولذلك جري بفطرته عليها المؤلف، فذكر تلك الحادثة في موضعين من مجالسه [8] الذي ألّفه لانتقاء الأحاديث الصحيحة علي ما تنطق به ص 11 من رسالته [9] . ونظمه في قصيدته - المذكورة في (الدر النضيد) ص 130 - بقوله في حقه:



أبي بأن لا يـــــذوق المـــــاء وهو

يري أخـاه ظمآن من ورد له يئسا



ولكن الحادثة التاريخية غير الصحيحة القدح في العباس بأنه إن صح رواية أو واقعاً أنه نفض الماء من يده، فقد فعل حراماً يستحق العقاب عليه، لأنه آذي نفسه بترك شرب الماء، وأدخل الضرر عليها، وغير المعصوم يصدر منه الذنب ويعاقب عليه.

وإذا جهل أحد منصب النبوة ومقام الإمامة فلا بدع أن يجهل قدر العباس، ويحمل الإثم علي عاتقه المقدس لمجرد كونه غير معصوم (!!!).

العباس (عليه السلام) ليس بواجب العصمة، لا أنه غير معصوم علي البت، كما يرسله هذا الكاتب. أن العصمة مرتبة من الكمال الروحي تحصل من الله فيضاً بأسبابها الاختيارية تمنع من ارتكاب المعصية مع القدرة عليها، وإلا لم يكن لصاحبها علي الله ثواب ولا جزاء. ولذلك يثبت كثير من علمائنا العصمة بهذا المعني لسلمان الفارسي وأضرابه من ثقاة أمير المؤمنين (عليه السلام) علي تفاوت درجاتهم ويقولون أنه محدّث ومؤيّد بالروح [10] .

وأبو الفضل المتربي بحجر أبيه أبي الأئمة المعصومين، والمستن بسيرة أخويه الحسن والحسين (عليهما السلام) في نحو أربع وثلاثين سنة، أولي بنيل مراتب العصمة من سلمان وأضرابه.

وأظن هذا الرجل لا يعرف للمعصوم مصداقاً سوي واجب العصمة من نبي أو إمام، فلذلك يجاهر بالقول الجازم بنفي العصمة عن أبي الفضل العباس. ولو عرف أنه يكون من المعصومين من ليس بواجب العصمة، كما اجترأ علي عظمة أبي الفضل العباس بتلك الكلمة الشائنة.

هب أن العباس (عليه السلام) غير معصوم، لكن لا ملازمة بين عدم العصمة واقعاً وبين فعل المحرّم خارجاً، ومع عدم الملازمة كيف يتسني لرجل أن ينسب لغير المعصوم - مثل العباس - فعل الحرام إذا صدر منه فعل مشتبه الوجه لمجرد كونه غير معصوم، كل ذلك للمحافظة علي دعوي أن كل ما يؤذي النفس حرام.

إن غير الجعفريين من فرق المسلمين يثبتون العصمة - بالمعني الذي ذكرناه - للأقطاب والأبدال وللغوث والمشايخ والأولياء. وهم عندهم دون العباس مرتبةً عند الشيعة، فما له ينحط عند هذا الكاتب عن بعضهم؟

وأنا لا أستبعد ممن يقصر النظر في شأن العباس (عليه السلام) علي العبارة المبذولة في الكتب المتداولة: (كان العباس رجلاً وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهّم [11] ورجلاه تخطان في الأرض) [12] أن يجهل منزلة العباس [13] ، ولا يقدّر له من المزايا سوي كونه فارساً شجاعاً وبطلاً صاحب مناقب، وقائد كتائب، قد خرج مع أخيه للدين وللحميّة، ولم يكن يفضل سائر أصحابه بسوي الأخوة والنجدة!!

ولكن المتتبع لمؤلّفات المتأخرين وما جمعته الشوارد يعلم أنه كان من أكابر فقهاء أهل البيت وعلمائهم وعظمائهم، وأنه كان ناسكاً، عابداً، ورعاً، بين عينيه أثر السجود، [14] ووجهه كفلقة القمر ليلة البدر، يعلوه النور، لم يغيّر ولم يقلل القتل منه شيئاً [15] .

وأنه روي الحديث عن أبيه وأخيه، وكان أبوه يمتحن نباهته وكمال معرفته - علي الصغر-، فتظهر له منه شدة الورع والبصيرة في الدين [16] .

شهد بعض المغازي، ولم يأذن له بحرب، وكان عمره يومئذ أربع عشرة سنة [17] .

إن التاريخ لم يفرد للعباس بالتدوين صحيفة يؤخذ منها مقامه [18] ، ولكن تعرف مكانته السامية التي تصعد به إلي مرتبة العصمة، من التدبّر في بعض ما ورد في حقه عن الأئمة المعصومين، فمن ذلك مخاطبة الإمام الصادق (عليه السلام) له في زيارته [19] بقول: (لعن الله أمّةً استحلّت منك المحارم، وانتهكت في قتلك حرمة الإسلام). إذ إنّ حرمة الإسلام لا تنتهك بقتل أي مسلم مهما كان عظيماً، إلا أن يكون هو الإمام المعصوم، وما ذلك إلاّ لبلوغ العباس المراتب السامية - في العلم والعمل - لمقام أهل العصمة.

ومن ثناء الإمام السجاد (عليه السلام) عليه [20] بقول: (وإن للعباس منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة). وهذا عام يشمل حتي علي بن الحسين الأكبر قتيل الطف وغيره من شهداء الطف وغيرهم، مع أن علي بن الحسين من المعصومين حكماً أو موضوعاً [21] .

وربما يستشعر ذلك من قول الصادق فيه: (مضيت علي بصيرة من أمرك، مقتدياً بالصالحين، ومتبعاً للنبيين) [22] لأن مقترف الذنوب لا يصلح عده في الصالحين ولا في المقتدين بهم.

ومن قول نفسه يوم الطف: (إني أحامي أبداً عن ديني) [23] ، إذ إنّ جميع من عداه يحامي بجهاده عن الحسين (عليه السلام) ويدافع عنه، وأما المحاماة عن الدين في محاربة الأمويين، فتلك منزلة إن تجاوزت شخص الحسين (عليه السلام) إلي غيره، فالعباس أحق بمعرفتها، وأولي أن يكون جهاده في سبيلها، وهي من الغايات البعيدة التي نالها بنفوذ بصيرته وصلابة إيمانه. وقد قال الصادق (عليه السلام) (في الخبر المروي في (العمدة)): (كان عمّنا العباس بن علي (عليه السلام) نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين (عليه السلام) وأبلي بلاءً حسناً، حتي مضي شهيداً).

إن من صلابة إيمان العباس ونفوذ بصيرته أنه ألقي له ولأخوته الأمان يوم الطف، فنبذه [24] ، وجاهد مع أخيه الحسين (عليه السلم) وواساه بنفسه وأخوته حتي قتلوا بين يديه.

ومن صلابة إيمانه ونفوذ بصيرته أنّه قدّم أخوته خلصائه إلي الموت أمامه، ليزرأ بهم، ويحتسبهم، فيشتد حزنه ويعظم أجره، ويكون هو الطالب بدمائهم، لأنهم لا ولد لهم [25] .

ومن صلابة إيمانه ونفوذ بصيرته أنه لمّا ملك الماء يوم الطف، وقد ذكر عطش أخيه الحسين، نفضه من يده مواساة له، حتي في احتمال العطش، فخصّ من دون جميع أخوته وسائر من معه بقول الصادق (عليه السلام) (فنعم الأخ المواسي) [26] وبقول السجاد (عليه السلام): (رحم الله عمي العباس، فقد آثر وأبلي) [27] .

إن العباس (عليه السلام) فادي بنفسه، وكذلك سائر آل الحسين (عليه السلام) وأخوته وجميع أصحابه كل فداه بمهجته، وما خص العباس (عليه السلام) من بينهم بكونه آثر وواسي، إلا لأن من عدا العباس لمّا لم يكن قد ملك الماء يوم الطف، يكون تحمّله للعطش لنفسه، لا لمواساة الحسين (عليه السلام) بعطشه، ولكن العباس (عليه السلام) لنفوذ بصيرته وصلابة إيمانه قاسي شديد العطش، وكابده لأجل المواساة، لا لغيرها، فخصّ بتلك الكلمات دون غيره [28] .

إن كانت علي العباس تبعة فهي أنه أراد شرب الماء وهمّ به، لا أنه ترك شربه ونفضه من يده، لأن الواجب عليه - وقد ملك الماء - إيصاله إلي إمامه وإمام المسلمين أخيه الحسين (عليه السلام) ليحفظ حشاشته الشريفة، فإن حفظها أهم من حفظ كل نفس معصومة ولولا أن العباس علم أنه لا يسوغ له التواني بمقدار زمان شربه غرفة من الماء بيده، لشرب الغرفة وزاد عليها، ولكنه من صلابة إيمانه ونفوذ بصيرته في دينه، كابد الظمأ المجهد، ولم يتأخّر لحظة واحدة عن إيصال الماء إلي الحسين (عليه السلام) مقدمة للواجب الأهم.

وأخري أن الإيثار المشروع لا يقف علي حد الضرر بالنفس، كما يدل عليه قوله تعالي: (ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) [29] . وقد جاء في حديث المعلّي بن خنيس عن الصادق (عليه السلام) أن ريّ الإنسان مع ظمأ أخيه المؤمن من الإجحاف بحقه، قال (عليه السلام) فيه: (الخامس - يعني الحق الخامس من الحقوق السبعة المذكورة في الحديث - أن لا تشبع ويجوع، ولا تروي ويظمأ ولا تلبس ويعري) [30] .

وقد آثر أبو ذر الغفاري في غزاة تبوك [31] رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فاحتمل العطش الشديد مع كونه يحمل ماءً عذباً، كان قد أبي أن يذوقه حتي يشرب منه رسول الله، ولو لم يكن أبو ذر شديد العطش، لما أمر رسول الله باستقباله بالماء مع كونه حاملاً له [32] .

وقد ندب الإمام الصادق (عليه السلام) وأمر بالامتناع عن شرب الماء يوم عاشوراء إلي ما بعد العصر بساعة [33] ، مع أن ذلك ليس بصوم شرعاً، بل جاء في الحديث الصحيح النهي عن صومه [34] . أليس ذلك لمواساة الحسين (عليه السلام) وأهل بيته إذ انجلت الهيجاء عنهم حينئذ وعلي الأرض ثلاثون رجلاً صريعاً من آل رسول الله ومواليهم [35] ، قد تفتت أكبادهم من شدة العطش، أفتندب مواساة الحسين (عليه السلام) بذلك بعد مقتله، ولا تندب أو تكون محرمة في حال حياته؟

إن المروي في (المنتخب) - مرسلاً - [36] ، وعن (العوالم) عن ابن شهر آشوب [37] وفي (البحار) عن أبي مخنف عن الجلودي، أن الحسين (عليه السلام) لما أقحم فرسه علي الفرات وولجه وغرف منه غرفة ليشرب، سمع صائح القوم يقول: (يا حسين! أدرك خيمة النساء فقد هتكت)، فرمي الماء من يده وخرج فإذا الخيمة سالمة [38] . أتراه لا يعلم سلامة الخيمة؟ أم أن عدم انذعار النساء في الخيمة بمقدار زمان شربه غرفة من ماء بيده كان أهم من حفظ حشاشة نفسه من العطش الذي حال بينه وبين السماء كالدخان؟ فإن كان شرب الماء هو الأهم فلماذا نفضه الحسين (عليه السلام) من يده - إن صح ذلك -؟، والحسين معصوم عند جميع الشيعة. وإن كان الأهم عنده حفظ الخيام بحيث لا يجوز له التأخّر والتواني بمقدار زمان شربه لغرفة ماء بيده، فإن ترك العباس (عليه السلام) شرب غرفة في يده لأجل الإسراع في إيصال الماء إلي الحسين (عليه السلام) ليحفظ نفسه المقدسة من الظمأ أولي أن يكون هو اللازم عليه، وإن أضر نفسه.

إن المروي في (المنتخب) أن علي بن الحسين (عليه السلام) قتيل الطف شدّ علي حرّاس الفرات، ففرّقهم، ومعه ركوة [39] ، فملأها ماءً جاء به إلي أبيه وقال: (يا أبتاه! الماء لمن طلب، فاسْقِ أخي - يعني الرضيع -، وإن بقي شيء فصبّه عليّ...). فلما أخذ الحسين الركوة من يده، وتلقي دم ولده [40] فإن صح أن الحسين (عليه السلام) رمي الركوة، وأهريق ماؤها، فماذا يقال والحسين (عليه السلام) لا شك في عصمته؟

أنا وإن كنت لم أضمن صحة هذه الأحاديث (فضلاً عما تضمن منها أن الحسين (عليه السلام) عندما أقحم فرسه علي الماء، وهمّ الفرس أن يشرب، وبّخه الحسين علي تقدمه بالشرب عليه، فامتنع من الشرب، وهو حيوان أعجم) إلا أن خصائص يوم عاشوراء - علي ما يقول صاحب (الخصائص الحسينية) - لا ينبغي لأحد أن يعترض علي ما لا يعرفه منها، لأنها لا تنخرط في سلك ما نعرفه [41] .

ولو أن الكاتب - سامحه الله - بدلاً عن حمل الإثم علي عاتق العباس (عليه السلام) في يوم لا يري الشيعي فيه أن تُنسب المعصية عمداً أو جهلاً إلي أداني أصحاب الحسين (عليه السلام) فضلاً عن عظمائهم، قال إني لا أعلم صحة الخبر، ولا أعرف وجه امتناع العباس عن شرب الماء إن صحّ، ولعله من خصائص ذلك اليوم، لخلص نجيّاً عن كل العثرات، وهكذا في كل ما يكون من هذا البحر وعلي تلك القافية.


پاورقي

[1] سيماء الصلحاء: 80.

[2] التنزيه: 20.

[3] بحار الأنوار 45: 41 م.

[4] المنتخب 2: 430 م.

[5] الدمعة الساکبة: 320.

[6] عوالم العلوم 17: 284 م.

[7] بناءً علي ما أسلفناه - في باب الکذب - من التسامح العقلي في باب القصص والمصائب وشبهها إذا احتمل وقوع المخبر به، ولم تکن دلالة عقلية ولا نقلية علي خلافه.

[8] وهما ج 2 ص 16 و ص 129. [الطبعة الأولي].

[9] وذکر السيد محسن الأمين في (المجالس السنية) في المجلس 61 وصول العباس إلي الماء ورفضه للشرب منه بسبب کون الإمام الحسين عطشاناً. وفي المجلس 63 ذکر أنه اغترف من الماء ليشرب، لکنه رمي بها عندما ذکر عطش أخيه الإمام. کذلک في المجلس 127. وذکر في المجلس 142 شعراً مفاده رفض العباس شرب الماء بالرغم من عطشه، وذلک مواساة مع أخيه الإمام. م.

[10] بفتح الدال علي زنة اسم المفعول، وهو من يحدّثه ملک من الملائکة بما غاب عنه. وأما تأييده بالروح، فالمراد غير روح القدس، لأنه مختص بالأئمة علي ما في بعض الأخبار.

[11] المطهّم: الحسن، التام کل شيء منه. م.

[12] هذه هي عبارة أبي الفرج [مقاتل الطالبين: 56] وصاحب العوالم [عوالم العلوم 17: 282].

[13] مما يدل علي سمو منزلة العباس (عليه السلام) مخاطبة الإمام بقوله (لعن الله من جهل حقک، واستخف بحرمتک). [کامل الزيارات: 566 - 557] فإنها تدل علي أن له حقاً يمتاز به عن سائر الشهداء الذين نصروا الحسين (عليه السلام)، ولم يجئ في حق واحد منهم (لعن الله من جهل حقک)، وهذا الحق لابد وأن يکون لمزية لنفس العباس غير جهاده ونصرته.

[14] يشهد لهذا ما رواه الصدوق في (عقاب الأعمال) عن القاسم بن الأصبغ، ونقله أبو الفرج في (المقاتل) [صفحة 79] عن المدايني عنه أنه رأي رجلاً من بني أبان بن دارم، وأخبره أنه قتل شاباً أمرد مع الحسين، بين عينيه أثر السجود. قال: والمقتول هو العباس بن علي (عليه السلام).

[15] يشهد لهذا ما عن کتاب (الحقائق الوردية) من قول: روينا بالأسناد الصحيحة أنه لما أقبلت الخيل شماطيط، ومعها الرؤوس، جاء رجل علي فرس أدهم، وقد علق بلبان فرسه رأس غلام أمرد، کأن وجهه فلقة القمر ليلة البدر، وقد أطال الخيط الذي فيه الرأس، والفرس يمرح، فإذا رفع الفرس رأسه، لحق الرأس بجرانه علي الأرض، وإذا طأطأ رأسه صک الرأس الأرض. فسألت عن الفارس، فقيل: هذا حرملة بن کاهل، وعن الرأس، فقيل: هو رأس العباس بن علي (عليه السلام)... الحديث. وهذه الرواية تتفق مع سابقتها في کونه (عليه السلام) أمرد. مع أن عمره - علي ما في کتاب (العمدة) - أربع وثلاثون سنة. وهکذا ما حکي عن (العوالم) [17: 282 - 283] من أنه کان وسيماً جميلاً، يرکب الفرس المطهّم ورجلاه تخطان في الأرض، وکان يقال له (قمر بني هاشم) وکان شاباً أمرد، بين عينيه أثر السجود، وکان لواء الحسين معه.

[16] يشهد لهذا ما نقله شيخنا المحدّث النوري - في حواشي مستدرکه - عن مجموعة الشهيد الأول: أن علياً (عليه السلام) أراد يوماً أن يدرّب العباس ويمرّنه علي الکلام بين يديه. فقال له: قل واحد. فقال واحد. فقال له: قل اثنان. فقال: استحي أن أقول اثنان باللسان الذي قلت به واحد، فأحني علي (عليه السلام) عليه، وضمّه، وقبل ما بين عينيه.

[17] ذکر ذلک الجزري في کتاب (أسد الغابة).

[18] حتي أن الرجاليين منا لم يذکروا له ترجمة، لعدم انتهاء رواياته إليهم واستغنائه عن المدح عندهم. ولقد أجاد کل الإجادة شيخنا الشيخ محمد طه نجف - في کتاب رجاله - إذ قال فيه: إنه (عليه السلام) أجل من أن يذکر في عداد سائر الرجال، بل المناسب أن يذکر عند ذکر أهل البيت المعصومين (عليهم السلام).

[19] المروية في (الکامل) عن أبي حمزة، عن الصادق (عليه السلام). [لم أجده في (کامل الزيارات)، نعم ورد في (المزار) (للشيخ المفيد صفحة 109) ما يلي: (لعن الله أمة قتلتک، ولعن الله أمة ظلمتک، ولعن الله أمة استحلّت منک المحارم وانتهکت فيک حرمة الإسلام)].

[20] في الخبر الذي رواه الصدوق في المجالس [الأمالي: 374 المجلس 70] والخصال [1: 68] عن علي بن الحسين (عليه السلام)، وذلک عندما نظر إلي عبيد الله بن العباس.

[21] لما جاء في زيارته في قول الحجّة - علي قول - (وجعلک من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً). ولکن في کثير من زياراته هکذا: (وجعلک من ذرّية أهل البيت..).

[22] بحار الأنوار 97: 427، 98: 218. م.

[23] هذا من رجز العباس المروي عن (العوالم) [17: 283]، أنشده عند قطع يمينه. وبعده: (وعن إمام صادق اليقين).

[24] ذکر ذلک أبو مخنف وغيره من أرباب المقاتل، ونقله أيضاً السيد الداودي في کتاب (العمدة).

[25] ذکر ذلک کثير من أهل السير الموثوق بهم، ولکن لفظ الطبري هکذا: أنه (عليه السلام) قال لأخوته: يا بني أمّي تقدموا حتي أرثکم، فإنه لا ولد لکم). وهذا لا يبعد کونه تصحيفاً، والصحيح (أرزأ بکم) أو(أرزئکم). نعم عبارة أبي مخنف (أنه (عليه السلام) قدّم أخاه جعفر ليحوز ميراثه). وهذا بعيد للغاية، لأن العباس (عليه السلام) أجل من أن يفعل ذلک. مع أن الوارث لأخوته إذا لم يکن لهم ولد هو أمهم فاطمة بنت حزام، لا العباس ولا ولده.

[26] هذا واقع في الزيارة المروية في (الکامل) عن أبي حمزة، عنه (عليه السلام).

[27] الخصال 1: 68.

[28] نقل الورع الثقة، واحد عصره في الإطلاع علي التاريخ والسير والحديث، فخر الذاکرين، الشيخ الميرزا هادي الخراساني النجفي عن کتاب (عدة الشهور): أن أمير المؤمنين عند وفاته دعا العباس، فضمه إليه، وقبّل عينيه، وأوصاه، وأخذ عليه العهد أنه إذا ملک الماء يوم الطف أن لا يذوق منه قطرة وأخوه الحسين عطشان. وعلي هذا يکون قول أرباب المقاتل في العباس (لمّا اغترف من الماء غرفة ذکر عطش الحسين (عليه السلام) أنه ذکر عطشه، وأنه موصي عند ذکر عطشه أن يواسيه في العطش ولا يشرب منه شيئاً.

[29] سورة الحشر آية 9. م.

[30] الحديث مروي في الکافي [2: 169]، ومنقول منه في الوسائل [8: 544] في أبواب أحکام العشرة من کتاب الحج.

[31] تبوک موضع بالشام، بينه وبينها أحد عشر مرحلة، غزاه رسول الله (صلي الله عليه وآله) سنة 9 من الهجرة، وقد کان قد بلغه أن هرقل - ملک الروم - تجهّز نحوه. فأنزل عسکره تبوک من أراضي البلقاء، ونزل هو بحمص. أقام رسول الله (صلي الله عليه وآله) بها أياماً، وصالح أهلها علي الجزية.

[32] الحديث طويل، مروي في تفسير علي بن إبراهيم [1: 294 - 295] عند تفسير الآيات المتعلقة بالمتخلّفين عن النبي في تلک الغزاة. ونقله المجلسي في الجزء السادس من البحار [من الطبعة الحجرية، والجزء 22 صفحة 429 من الطبعة الحديثة].

[33] روي ذلک الشيخ في (المصباح) عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) [مصباح المتهجّد: 724].

[34] في الصحيح المروي في (الکافي) [4: 147] عن الصادق المتضمّن للسؤال عن صوم تاسوعاء وعاشوراء قال (عليه السلام): (.. وأما يوم عاشوراء فيوم أصيب فيه الحسين (عليه السلام) صريعاً بين أصحابه، وأصحابه صرعي. أفصوم يکون في ذلک اليوم؟ کلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم، وما هو إلاّ يوم حزن ومصيبة دخلت علي أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين. ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام...، وذلک يوم بکت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام). هکذا ورد في رواية عبد الله بن سنان المروية في مصباح الشيخ الطوسي [صفحة].

[35] هکذا ورد في رواية عبد الله بن سنان، المروية في (مصباح) الشيخ الطوسي [مصباح المتهجد: 724]. والمشهور أنهم أقل من ذلک عدداً.

[36] المنتخب في جمع المراثي والخطب 1: 441. م.

[37] عوالم المعارف والعلوم 17: 294. م.

[38] بحار الأنوار 45: 51. م.

[39] رَکْوَة: إناء صغير من جلد يُرب فيه الماء. م.

[40] المنتخب في جمع المراثي والخطب 2: 431 - 432. م.

[41] عسي أن يکون من هذا القبيل امتناع مسلم بن عقيل الذي کان - في قول المجلسي - مميزاً بمزيد العلم ووفور العقل، عن شرب الماء لما سقطت ثناياه في القدح، مع أنه يکابد من الظمأ ما يجوز معه شرب الدم، فضلاً عن الماء المتنجس. ولکن مسلماً والعباس رضيعا لبن واحد عن الکاتب. وقد يکون سقوط ثناياه - بحيث يتعذر عليه الشرب - من متممات الحکمة التي اقتضت أن الحسين (عليه السلام) وجميع آله ومن معه يموتون عطاشي.