بازگشت

ايذاء النفس بالمشي للحج


سيماء الصلحاء: ألم تحج الأئمة (عليهم السلام) مشاة حتي تورمت أقدامهم، مع تمكّنهم من الركوب [1] انتهي.

رسالة التنزيه: وكذا استشهاده بحج الأئمة مشاة هو من هذا القبيل [2] .

النقد النزيه: قد حج الإمام السجاد ماشياً مع سقمه وضعف بدنه، وذلك ملازم لمشقته وإيذاء نفسه [3] . وحج الحسن (عليه السلام) ماشياً خمس وعشرين حجة، والنجائب تقاد خلفه [4] ، [5] ، وكذا الحسين (عليه السلام) في رواية [6] .

وورد عنهم الحثّ علي المشي إلي زيارة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) مهما بعدت عنه الدار. وهذا في نفسه - علي الأغلب - مشقة يرتفع معها الحكم - كما سمعته -مع قطع النظر عن ترتب الأذي عليه، وإذا كان سيرهم متوالياً في كل يوم وموافقاً لسير القوافل - كما يدل عليه بعض الأخبار [7] -، فالمشقة أشد.

وقول الكاتب أن الاستشهاد بمشيهم من هذا القبيل، إن أراد به أن تورم أقدامهم - إن صح - فلابد من كونه حاصلاً من باب الاتفاق مع عدم علمهم به، فهذه فادحة يهون خطبها عليهم أنها نزلت بجدهم المصطفي من قبل. وإن أراد أن الورم غير معلوم تحققه، وأن مشيهم لم يثبت أنه كان موجباً للألم الموجب للتضرر [8] ، قلنا: قد روي ثقة الإسلام في (الكافي) عن أبي أسامة عن الصادق (عليه السلام) أن الحسن (عليه السلام) خرج سنة إلي مكة ماشياً، فتورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت، لسكن عنك هذا الورم. فقال: كلا، ولكن إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسودٌ ومعه دهن، فاشتر منه ولا تماكسه...) [9] الحديث. وهو يدل بظاهره علي أنه (عليه السلام) يتعمد أن تورم قدماه في عبادة ربه، وأنه يحسب ذلك طاعة لا معصية. هذا مع أن المشي إلي مكة إيذاء للنفس.

وظاهر قول السجاد - المروي في (الخصال)- أن الحسن (عليه السلام) كان إذا حجّ، حجّ ماشياً، وربما مشي حافياً [10] ، أن المشي كان من دأبه كلما حج، وليس اتفاقياً، وأن الاتفاقي هو حفاه عند المشي.

وحمل ذلك علي صورة عدم خوف الضرر، لا يجدي في رأي المؤلف من أن المضر بنفسه حرام فعله، سواءً اعتقد الفاعل الضرر به أم لا. سلّمنا، لكن لا أقل من كونه يوجب المشقة التي يرتفع معها استحباب المشي، فإذاً يكون سعي الأئمة (عليهم السلام) ومشيهم إلي بيت الله الحرام عبثاً ولغواً، ليس لهم عليه أجر وثواب ولو أنهم ركبوا - في ذلك السبيل - نجائبهم التي تقاد خلفهم، لكان الركوب أقرب لهم عند الله، لأنهم لا يريدون السمعة الكاذبة نعوذ بالله منها(!!).


پاورقي

[1] سيماء الصلحاء: 80.

[2] التنزيه: 20.

[3] في رواية المفيد وابن شهر آشوب [مناقب آل أبي طالب] أنه سار في عشرين يوماً من المدينة إلي مکة.

[4] روي ذلک العامة والخاصة، لکن في (حلية الأولياء) و(المناب) [4: 155] أنه حج عشرين حجة. وقود النجائب خلفه دليل تمکنه من الرکوب، وأن غلمانه وأصحابه رکبوا وأجنبوا نجائبهم خلفهم.

[5] بحار الأنوار 43: 399. م.

[6] بحار الأنوار 44: 192. م.

[7] المتضمنة لمشي کل من يلقاه إجلالاً له، حتي سعد بن أبي وقاص، وهو شيخ قريش يومئذ. وفي بعضها أن سعداً هذا قال له: يا بن رسول الله لو تنکبت الطريق لرکب الناس، فقد کلّوا من المشي..

[8] وکل ألم وإيذاء هو ضرر عند الکاتب، سواء اعتقد فاعله به الأذي أم لا، کما تنطق به ص 21 من رسالته.

[9] الکافي 1: 463. م.

[10] لم أجده في المصدر، نعم هو مذکور في أمالي الطوسي وأمالي الصدوق. م.