بازگشت

ايذاء اهل البيت انفسهم بالجوع


إن الله جلّ ذكره أنزل في الذكر الحكيم سورة تتلي من حين نزولها إلي قيام الساعة (هل أتي علي الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً)، يشكر فيها سعي أهل البيت الطاهرين بتحمّلهم الجوع المفرط، وإيثارهم بالطعام من ليس هو بأولي به منهم يومئذ.

وقد جاء في الحديث المفسّر لآية (يوفون بالنذر) [1] أنه طووا ثلاثاً لم يطعموا سوي الماء، وأن الحسنين رآهما النبي (صلي الله عليه وآله) بعد الثلاث يرتعشان من شدة الجوع كالفرخين، ورأي فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها [2] وهذا من أعظم أفراد إيذاء النفس المحرّم عقلاً ونقلاً علي المذهب الجديد.

وروي في (الخرائج) أن رسول الله مضت عليه تلك الأيام والحجر علي بطنه من الجوع أيضاً، وقد علم بحال أهل بيته وجوعهم [3] .

وورد في حديث طويل يتضمن دخول النبي (صلي الله عليه وآله) وجابر الأنصاري علي فاطمة (عليها السلام)، أن النبي لما دخل عليها رأي وجهها اصفر كأنه بطن جرادة، فقال لها رسول الله: (ما لي أري وجهك اصفر)؟ فقالت: (يا رسول الله! الجوع...) وفي حديث آخر يرويه في (المناقب) - عن تفسير الثعلبي -: أن رسول الله دخل علي فاطمة فرأي صفرة وجهها وتغير حدقتها، فسألها عن ذلك. فقالت: أن لنا ثلاثاً ما طعمنا شيئاً، وقد اضطرب عليّ الحسن والحسين من شدة الجوع، ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان. وكان النبي (صلي الله عليه وآله) نفسه لم يطعم شيئاً يومئذ منذ ثلاث.

وفي (الخرايج): عن جابر أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أقام ثلاثاً لم يطعم شيئاً، فطاف بيوت أزواجه وبيت فاطمة، فلم يجد. وفي (البحار) - عن صحيفة الرضا (عليه السلام) - أن فاطمة (عليها السلام) جاءت إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم الخندق بكسرة من خبز. فقال لها: (أما إنها أول طعام دخل جوف أبيك منذ ثلاث) [4] .

وفي هذا يتحقق غاية الجوع الذي يربط له الحجر، ومثله كثير. والغرض ذكر مثال منه.


پاورقي

[1] سورة الإنسان آية 7. م.

[2] روي الحديث المذکور بالألفاظ التي ذکرتها، العلامة الفاضل الطبرسي في (مجمع البيان) [9: 611- 612 والمنقول قريب من المذکور] والزمخشري في (الکشاف) [4: 670].

[3] وأنه دخل في اليوم الرابع حذيفة والمقداد، فأطعمهم تمراً من جذع يابس.

[4] بحار الأنوار 16: 225، صحيفة الرضا: 15.