بازگشت

في الانفاق عن الميت بقصد اهداء ثواب ذلك اليه أو في وجوه البر


روي مسلم في صحيحه في باب وصول ثواب الصدقة عن الميت اليه بعدة أسانيد عن عائشة: أن رجلا أتي النبي صلي الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله ان امي افتلتت نفسها ولم توص، و أظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر ان تصدقت عنها؟

قال: نعم.

قال النووي في الشرح: افتلتت. بالفاء، و نفسها بالضم نائب فاعل، أو بالنصب مفعول به؛ أي: ماتت فجأة.

ثم قال: و في هذا الحديث: ان الصدقة عن الميت تنفع الميت و يصله ثوابها، و هو كذلك باجماع العلماء [1] انتهي.

وروي أحمد بن حنبل في مسنده فيما أخرجه من حديث عائشة: ان رجلا قال للنبي صلي الله عليه و سلم: ان امي افتلتت نفسها، و اظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل لها أجر أن أتصدق عنها؟

قال: نعم [2] .

وروي أحمد بن حنبل أيضا فيما أخرجه من حديث ابن عباس: ان بكرا أخا بني ساعدة توفيت امه و هو غائب عنها، فقال: يا رسول الله ان امي توفيت،


و انا غائب عنها، فهل ينفعها ان تصدقت بشي ء عنها؟

قال: نعم.

قال: أشهدك ان حائط المخرف صدقة عليها [3] .

و قال ابن بكر المخراف: و روي البخاري في صحيحه في باب تزوج النبي صلي الله عليه و سلم خديجة و فضلها، بسنده عن عائشة قالت: ما غرت علي امراة للنبي صلي الله عليه و سلم ما غرت علي خديجة؛ و قد هلكت قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها و أمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، و ان كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائها منها ما يسعهن [4] .

وروي البخاري أيضا بسند آخر قالت: ما غرت علي أحمد من نساء النبي صلي الله عليه و آله ما غرت علي خديجة و ما رأيتها، و لكن كان النبي صلي الله عليه و سلم يكثر ذكرها، و ربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قتلت له: كانه لم يكن في الدنيا الا خديجة. فيقول: انها كانت و كانت و كان لي منها ولد [5] .

وروي مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة قالت: ما غرت علي امرأة ما غرت علي خديجة، و لقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين، لما كنت أسمعه يذكرها، و لقد أمره ربه أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة، و ان كان ليذبح الشاة


ثم يهيدها الي خلائلها [6] .

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده مثله الا انه قال: ثم يهدي في خلتها منها [7] .

و في ارشاد الساري أخرجه الترمذي في البر [8] .

و روي مسلم ايضا بسند آخر عن عائشة قالت: ما غرت علي نساء النبي صلي الله عليه و سلم الا علي خديجة، و اني لم أدركها، قالت: و كان رسول الله صلي الله عليه و سلم اذا ذبح الشاة يقول: ارسلوا بها الي أصدقاء خديجة.

قالت: فأغضبته يوما فقلت: خديجة.

فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني قد رزقت حبها [9] .

أقول: اهداء النبي صلي الله عليه و آله الي صدائق خديجة كما دلت عليه الأخبار الأخيرة ليس فيه دلالة علي اهداء ثواب ذلك اليها كما دلت عليه الأخبار الاولي.

نعم، هو تصدق و اهداء في وجوه البر، يراد به اكرام خديجة و تعظيمها و ادخال السرور عليها باكرام صدائقها، و برهن فهو داخل فيما نحن فيه.

اذا عرفت هذا، فاعلم: ان المآتم التي تقام علي الحسين عليه السلام لا


تعدو هذه الامور الخسمة المتقدمة في الفصول الخمسة، و قد دلت الادلة السابقة علي جوازها و رجحانها، و أطبق العقلاء علي استحسانها الا من مالت به العصبية و النصب، أو التقليد عن جادة اصواب.

كما انه مما تقدم في الفصل الخامس و الفصل الأول ان عد السوداني و غيره الحزن علي الحسين عليه السلام و اطعام الطعام من البدع!



پاورقي

[1] شرح النووي لصحيح مسلم - بهامش ارشاد الساري - 377: 4.

[2] مسند أحمد 51: 6.

[3] مسند أحمد 33: 1.

[4] ارشاد الساري 160: 1.

[5] ارشاد الساري 163: 1.

[6] صحيح مسلم - بهامش ارشاد الساري - 328: 9.

[7] مسند أحمد 58: 6.

[8] ارشاد الساري 162: 6.

[9] صحيح مسلم 379: 4.