بازگشت

رثاء العباس ابن أميرالمؤمنين شهيد كربلاء و اخوته الثلاثه لامه


لما قتل الحسين عليه السلام استشهد معه أربعه اخوة له لام واحدة؛ و هم العباس و عبدالله و جعفر و عثمان و امهم فاطمة بنت حزام الكلابية المكناة بام البنين [1] ، فكانت تخرج الي البقيع كل يوم، و تحمل معها عبيدالله ابن ولدها


العباس، فتندب أولادها الأربعة - سيما العباس - أشجي ندبة و أحرقها، فيجتمع الناس اليها، و فيهم مروان بن الحكم علي عدواته لبني هاشم فلا يزال يسمع ندبتها و يبكي [2] ، و ذلك بمسمع من الصحابة و لم ينقل أن أحدا نهاها أو لامها علي ذلك.

و كانت تقول في ندبتها كما عن الأخفش في شرح كامل المبرد:



يا من رأي العباس كر

علي جماهير النقد [3] .






و وراه من أبناء حيدر

كل ليث ذي لبد



أنبئت أن ابني اصيب

برأسه مقطوع يد



ويلي علي شبلي أمال

برأسه ضرب العمد



لو كان سيفك في يديك

لما دنا منه احد



و من رثائها في أولادها الأربعة قولها:



لا تدعوني و يك ام البنين

تذكريني بليوث العرين



كانت بنون لي ادعي بهم

و اليوم أصبحت و لا من بنين



أربعة مثل نسور الربي

قد واصلوا الموت بقطع الوتين



تنازع الخرصان أشلاءهم

و كلهم أمسي صريعا طعين



يا ليت شعري أكما أخبروا

بأن عباسا قطيع اليمين [4] .



و قال الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيدالله بن عباس ابن أميرالمؤمنين عليه السلام يرثي جده العباس:



اني لأذكر للعباس موقفه

بكربلاء و هام القوم تختطف



يحمي الحسين و يحميه علي ظمأ

و لا يولي و لا يثني فيختلف



و لا أري مشهدا يوما كمشهده

مع الحسين عليه الفضل و الشرف



أكرم به مشهدا بانت فضيلته

و ما أضاع له أفعاله خلف [5] .



و قالت زوجة عبيدالله بن العباس بن عبدالمطلب ترثي ولدين صغيرين لها أخذهما بسر بن أرطأة بعثه معاوية ليغير علي أعمال علي عليه السلام فذبحهما علي درج صنعاء.

و قال المبرد في الكامل: فيقال انه أخذهما من تحت ذيل أمهما فقتلهما،


فقالت ترثيهما.

أقول: و لم يسمع أن أحد لامها أو نهاها عن ذلك.



هامن أحسن بابني اللذين هما

كالدرتين تشظي عنهما الصدف



هامن أحس بابني اللذين هما

سمعي و قلبي فقلبي اليوم مختطف



هامن أحس بابني اللذين هما

مخ العظام فمخي اليوم مزدهف



نبئت بسرا و ما صدقت ما زعموا

من قيلهم و من الافك الذي اقترفوا



أنحي علي ودجي ابني مرهفة

مشحوذة و كذاك الاثم يقترف



من دل و الهة حسري مسلبة

علي صبيين ضلا اذ مضي السلف [6] .





پاورقي

[1] فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر، و امها ثمامة بنت سهيل بن عامر، و تکني ب «ام‏البنين» قبل تزويجها بالامام علي عليه‏السلام لأنها من بيت (ام‏البنين العامرية) التي قيل فيها:



نحن بنو ام‏البنين الأربعة

الضاربين الهام وسط المجمعة



و کانت من بيت کرم و شجاعة و فصاحة و معروفة.

قال المام علي عليه‏السلام - بعد وفاة الصديقة الزهراء عليهاالسلام - لأخيه عقيل - و کان نسابة العرب و عرافة بأحسابها و عاداتها -: «أبغني امراة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلدني غلاما فارسا».

فقال له عقيل: اين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الکلابية؟

انظر: تاريخ بغداد 136: 12، عمدة الطالب: 324.

[2] ان أغرب شي‏ء في هذه الرواية هو خروج اللعين ابن اللعين و الوزغ بن الوزغ (کما ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله) و أعني به مروان بن الحکم للبکاء علي الحسين عليه‏السلام، و هو القائل عندما نظر الي رأس الحسين عليه‏السلام:



يا حبذا بردک في اليدين

و لونک الأحمر في الخدين‏



کأنه بات بعسجدين

شفيت قلبي من دم الحسين‏



و الأغرب منه أن تذهب ام‏البنين الي البقيع کل يوم، فيجتمع حولها الناس بمن فيهم الرجال و أشياع بني‏امية، لتندب العباس و اخوته الذين استشهدوا بين يدي أبي عبدالله عليه‏السلام.

ام‏البنين التي اقتبست من سيد الأوصياء عليه‏السلام، و من سيدي شباب أهل الجنة عليهماالسلام المعارف الالهية و الاداب المحمدية ما يأخذ بها الي أسمي درجة من اليقين، لا يصدر منها ما لا يتفق مع الأحکام الشرعية الناهية عن تعرض المرأة للأجانب اذا لم تکن ضرورة لذلک. و ماذا تفعل ام‏البنين في البقيع و أولادها دفنوا في کربلاء؟ و من البديهي ان المراة اذا ارادت ندبه فقيدها فانها تجلس في بيتها و تتحصن به عن رؤية الأجانب لها و سماع صوتها الذي لم تدع الضرروة اليه.

أما الصديقة الزهراء عليهاالسلام و ذهابها الي البقيع لندبة أبيها صلي الله عليه و آله فقد ألجأها اليه الشيخين، و مع ذلک فقد صنع لها أميرالمؤمنين عليه‏السلام بيتا من جريد النخيل تتحصن به من الأجانب سماه (بيت الأحزان). انظر: تهذيب التهذيب 214: 10، رياض الأحزان: بحارالأنوار 201: 10.

[3] في هامش الاصل: «النقد: جنس من الغنم، قصار الأرجل، قباح الوجوه، و زاد البيت حسنا ان العباس من أسماء الأسد. منه رحمه الله».

[4] انظر: مقاتل الطالبين: 85، ابصار العين: 36.

[5] انظر: معجم العشراء: 314، أبصار العين: 35.

[6] الکامل للمبرد 246: 2.