بكاء النبي علي ابن بنته
الرابع عشر: بكاء النبي صلي الله عليه و آله علي ابن بنته.
أخرج البخاري في صحيحه عن اسامة بن زيد قال: أرسلت ابنة النبي صلي الله عليه و سلم اليه: ان ابنا لي قبض - الي أن قال -: فقام و معه سعد بن عبادة و معاذ بن جبل، و ابي بن كعب، و زيد بن ثابت ورجال، فرفع رسول الله صلي الله عليه و آله الصبي و نفسه تتقعقع [1] ، قال: حسبته انه قال: كأنها شن، ففاضت عيناه فقال سعد، يا رسول الله، ما هذا؟
فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، و انما يرحم الله من عباده الرحماء [2] .
و أخرج مسلم في صحيحه عن اسامة نحوه، الا انه قال: ان صبيا لها أو ابنا لها في الموت، و قال: و نفسه تتقعقع، كأنها في شنة [3] .
و أخرجه النسائي في سننه [4] أيضا.
و أخرجه أبوداود كما في ارشاد الساري [5] .
و أخرج ابن ماجة في سننه عن اسامة بن زيد قال: كان ابن لبعض بنات رسول الله صلي الله عليه و آله يقضي - الي أن قال - فقام رسول الله صلي الله عليه و آله و قمت معه، و معه معاذ بن جبل و ابي بن كعب و عبادة بن الصامت، فلما دخلنا ناولوا الصبي رسول الله صلي الله عليه و سلم و روحه تقلقل في صدره قال: حسبته. قال: كأنها شنة.
قال: فبكي رسول الله صلي الله عليه و سلم، فقال له عبادة بن الصامت: ما هذا يا رسول الله؟
قال: الرحمة التي جعلها الله في بني آدم، و انما يرحم الله من عباده الرحماء [6] .
أقول: قوله صلي الله عليه و آله: هذه رحمة.... الخ و ما بمعناه، و هو مثل قوله في الحديث السابق: «أنها رحمة» في الدلالة علي استحباب البكاء و حسنه، بل أظهر باعتبار ما فيه من حصر رحمة الله بالرحماء - جمع رحيم - من صيغ المبالغة الدال علي رجحان المبالغة في البكاء الذي هو رحمة، و الحصر المذكور يراد به زيادة الحث علي تلك الرحمة، فان رحمة الله تعالي لا تنحصر في الرحماء.
پاورقي
[1] أي لها صوت. انظر النهاية لابن الاثير 88: 4.
[2] ارشاد الساري 385: 2.
[3] ارشاد الساري - الهامش - 256: 4، کتاب الجنائز.
[4] سنن النسائي 363: 1.
[5] ارشاد الساوي 385: 2.
[6] سنن ابنماجة 506: 1.