بازگشت

الرؤوس و السبايا الي الشام


ثم دعا [ابن زياد: زحر بن قيس [1] و معه] ابوبردة بن عوف الازدي و طارق بن ظبيان الازدي، فسرح مع [هم] برأس الحسين [عليه السلام] و رؤوس اصحابه الي يزيد بن معاوية [2] .

ثم أمر بنساء الحسين و صبيانه فجهزن، و أمر بعلي بن الحسين [عليه السلام]


فغل بغل الي عنقه، ثم سرح بهن مع محفز بن ثعلبة العائذي [القرشي] [3] و شمر بن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتي قدموا علي يزيد [4] .

[و] لما وضعت الرؤوس - رأس الحسين و اهل بيته و اصحابه - بين يدي يزيد قال:



يفلقن هاما من رجال اعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما [5] و [6] .

فقال يحيي بن الحكم أخو مروان بن الحكم [7] .




لهام بجنب الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل



سمية أمسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل!



فضرب يزيد بن معاوية في صدر يحيي بن الحكم و قال: اسكت! [8] .



ثم أذن اللناس فدخلوا و الرأس بين يديه، و مع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره!

فقال ابوبرزة الأسلمي [9] من اصحاب رسول الله صلي الله عليه [و آله] و سلم:

اتنكت بقضيبك في ثغر الحسين! أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا لربما رأيت رسول الله صلي الله عليه [و آله] و سلم يرشفه! أما انك يا يزيد تحبي ء يوم القيامة و شفيعك ابن زياد! و يجي ء هذا يوم القيامة و شفيعه محمد صلي الله عليه [و آله] و سلم: ثم قام فولي.

فسمعت دور الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز [10] [و هي


زوجة] يزيد، فتقنعت بثوبها و خرجت فقالت:

يا أميرالمؤمنين! أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله!

قال: نعم! فأعولي عليه و حدي علي ابن بنت رسول الله و صريخة قريش! عجل عليه ابن زياد فقتله! قتله الله!

[و] قال يحيي بن الحكم: حجبتم عن محمد يوم القيامة، لن اجامعكم علي أمر أبدا! ثم قام فانصرف [11] .

و لما جلس يزيد بن معاوية، دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله، ثم


دعا بعلي بن الحسين و صبيان الحسين و نسائه، فادخلوا عليه و الناس ينظرون، فاجلسوا بين يديه فرأي هيئة قبيحة! فقال: قبح الله ابن مرجانة! لو كانت بينه و بينكم رحم أو قرابة ما فعل هذا بكم و لا بعث بكم هكذا!

[ثم] قال يزيد لعلي [ابن الحسين] : يا علي! ابوك الذي قطع رحمي و جهل حقي و نازعني سلطاني! فصنع الله به ما قد رأيت!.

فقال علي [عليه السلام] : «ما أصاب من مصيبة في الارض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها» [12] .

فقال له يزيد: «و ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير» [13] و [14] .

عن فاطمة بنت علي [عليه السلام] [15] قالت: لما اجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية قام رجل أحمر من أهل الشام الي يزيد فقال: يا أميرالمؤمنين! هب لي هذه [و هو] يعنيني! فارعدت و فرقت، و ظننت أن ذلك جائز لهم، و أخذت بثياب اختي زينب، و كانت اكبر مني و أعقل و تعلم أن ذلك لا يكون، فقالت [له] :

كذبت - والله - و لؤمت! ما ذلك لك و لا له!

فغضب يزيد فقال: كذبت والله! ان ذلك لي و لو شئت أن أفعله لفعلت!


قالت: كلا والله، ما جعل الله ذلك لك الا أن تخرج من ملتنا و تدين بغير ديننا!

فغضب يزيد و استطار ثم قال: اياي تستقبلين بهذا! انما خرج من الدين أبوك و أخوك!

فقالت زينب: بدين الله و دين أبي و أخي و جدي اهتديت أنت و أبوك و جدك!

قال: كذبت يا عدوة الله!

قالت: أنت أمير مسلط تشتم ظالما تقهر بسلطانك! فسكت!

ثم عاد الشامي فقال: يا أميرالمؤمنين! هب لي هذه الجارية!

قال: اعزب! وهب الله لك حتفا قاضيا! [16] .

ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في دار علي حدة، [و] معهن علي بن الحسين [عليه السلام، و] معهن يصلحهن، فخرجن حتي دخلن [تلك الدار] فلم تبق من آل معاوية امرأة الا استقبلتهن تبكي و تنوح علي الحسين [عليه السلام] فأقاموا عليه المناحة ثلاثا!

و لما أرادوا أن يخرجوا، قال يزيد بن معاوية: يا نعمان بن بشير! جهزهم بما يصلحهم، و ابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا، و ابعث معه خيلا و أعوانا فسير بهم الي المدينة فخرج بهم، و كان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه، فاذ نزلوا تنحي عنهم، و تفرق هو أصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، و ينزل منهم بحيث اذا أراد انسان منهم وضوأ او قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا، و يلطفهم و يسألهم عن حوائجهم، حتي دخلوا المدينة [17] .



پاورقي

[1] الجعفي الکندي، هو ممن شهد علي حجر بن عدي الکندي: 270: 5 و کان مع ابن المطيع علي المختار سنة 66 فبعثه اليه في خيل الي جبانة کندة: 18: 6 فقاتل حتي ارتث هو و ابنه الفرات: 51: 6 و في سنة 67 کان مع المصعب بن الزبير في حرب المختار فبعثه في خيل الي جبانة مراد: 105: 6 فنزل عند الحد ادين حيث تکري الدواب: 106: 6 و کان سنة 71 ممن کتب اليهم عبدالملک من المروانية من اهل العراق فاجابوه و خذلوا المصعب: 156: 6 و في سنة 74 کان علي ربع مذحج و اسد في حرب الخوارج: 197: 6 و في سنة 76 وجهه الحجاج في جريدة خيل نقاوة: الف و ثمانمائة فارس لقتال شبيب الخارجي فالتقيا و قاتله شبيب فجرحه و صرعه و رجع الي الحجاج جريحا 242: 6 و هذا آخر عهدنا به. لعنه الله.

[2] قال هشام: فحدثني عبدالله بن يزيد بن روح بن زنباغ الجذامي عن ابيه، عن الغز بن ربيعة الجرشي من حمير قال: والله انا لعند بزيد بن معاوية بدمشق اذا قبل زجر بن قيس حتي دخل علي يزيد بن معاوية، فقال له يزيد: ويلک ما وراءک؟ و ما عندک؟

فقال: ابشر - يا أميرالمومنين - بفتح الله و نصره! ورد علينا الحسين بن علي [عليه السلام] في ثمانية عشر من أهل بيته و ستين من شيعته، فسرنا اليهم، فسألناهم أن يستسلموا و ينزلوا علي حکم الامير عبيدالله بن زياد او القتال، فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس فأحطنا بهم من کل ناحية، حتي اذا اخذت السيوف مأخذها من هام القوم حتي اتينا علي آخرهم، فهاتيک اجسادهم مجردة، و ثيابهم مرملة، و خدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، و تسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان و الرخم، بقي سبسب: 460: 5 و المفيد في الارشاد: 254 و السبط في التذکرة: 260.

[3] کان في حروب القادسية و قبلها من سنة 13 ه و يروي عنه أخبارها: 477 - 465: 3 و المفيد في الارشاد: 254.

[4] قال ابومخنف: 459: 5.

[5] من القصائد المفضليات، للحصين بن همام المري کما في ديوان الحماسة: 193: 1.

[6] حدثني الصقعب بن زهير، عن القاسم بن عبدالرحمن مولي يزيد: 460: 5 و المفيد في الارشاد: 246 ط نجف و المسعودي: 70: 3 و الخواص: 262 و روي السبط عن الزهري انه قال: لما جاءت الرؤوس کان يزيد في منظره علي جيرون فأنشد لنفسه:



لما بدت تلک الحمول و اشرقت

تلک الشموس علي ربي علي ربي جيرود



نعب الغراب فقتل نح او لا تنح

فلقد قضيت من الغريم ديوني!

و قال: و المشهور عن يزيد في جميع الروايات: انه لما حضر الرآس بين يديه جمع أهل الشام، و جعل ينکت عليه بالخيزران و يقول بأبيات ابن الزبعري:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل‏



قد قتلنا القرن من ساداتهم

و عدلناه ببدر فاعتدل‏



قال: و زاد الشعبي:



لعبت هاشم بالملک فلا

خبر جاء و لا وحي نزل‏



لست من خندف ان لم انتقم

من بني أحمد ما کان فعل‏



ثم حکي عن القاضي ابن يعلي عن أحمد بن حنبل انه قال: ان صح ذلک عن يزيد فقد فسق و قال مجاهد: قد نافق: 261.

[7] کان مع اخيه مروان بن الحکم حاضرا في حرب الجمل بالبصرة و جرح وفر منهزما حتي لحق بمعاوية في الشام سنة: 535: 4: 37 و تولي المدينة: لابن اخيه عبدالملک بن مروان سنة 202: 6: 75 فکان عليها حتي سنة 78 بعثه عبدالملک في غزاة: 321: 6 و هذا آخر عهدنا به، و قد تزوج هشام بن عبدالملک ابنته ام حکم: 67: 7.

[8] حدثني ابوجعفر العبسي، عن أبي عمارة العبسي، قال: 460: 5 و رواها ابوالفرج في الاغاني: 74: 12 و المفيد في الارشاد: 246 ط نجف.

و روي السبط: 262، عن الحسن البصري أنه قال: ضرب يزيد رأس الحسين و مکانا کان يقبله رسول الله صلي الله عليه وآله. ثم تمثل الحسن البصري:



سمية امسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل.

[9] کان مع رسول الله في فتح مکة فشرک في قتل عبدالله بن خطل المرتد الذي کان ممن اهدر دمه الرسول: 60: 3 و کان مع عمرو العاص في فتح مصر في فتح مصر سنة 11: 4: 20، و قد روي الطبري خبر اعتراضه علي يزيد ايضا عن ابي جعفر الباقر عليه السلام برواية عما الدهني: 390: 5 و رواه المسعودي: 71: 3 انه قال: ارفع قضيبک، فطال - والله - ما رأيت رسول الله صلي الله عليه [و آله] و سلم يضع فمه علي فمه يلثمه! و رواه سبط ابن الجوزي ثم ذکر عن البلاذري: أن الذي کان عند يزيد و قال هذه المقالة انس بن مالک. ثم قال: و هو غلط، لأن انسا کان بالکوفة عند ابن زياد کما ذکرناه: 262 ط نجف.

[10] بعثه عثمان من سجستان الي کابل ففتحها 244: 4: 24 ثم عزله عنها و ولاه البصرة بعد أبي موسي الاشعري سنة 29 و هو يومئذ ابن خمس و عشرين سنة و هو ابن خال عثمان بن عفان: 264: 4 ففتح فارس: 265: 4 و في سنة احدي و ثلاثين شخص الي خراسان ففتح ابرشهو و طوس و ابيورد و نساحتي بلغ سرخس و صالح أهل مرو: 300: 4 و استخلف علي البصرة زياد بن سمية: 301: 4 و في سنة 23 فتح ابن عامر مرو و الطالقان و الفارياب و الجوزجان و طخارستان: 309: 4 و فتح هراة و بادغيس: 314: 4 و استشاره عثمان سنة 34 في أمر الثائرين عليه فأشار عليه ببعثهم في الحروب: 333: 4 و في سنة 35 کتب اليه عثمان: ان يندب له أهل البصرة للدفاع عنه فقرأ ابن عامر کتابه عليهم فسارع الناس الي ذلک فساروا حتي نزلوا الربذة فأتاهم قتل عثمان فرجعوا: 368: 4 و قتل عثمان سنة 35 و ابن عامر علي البصرة: 421: 4 و قدم الحجاز و قدم طلحة و الزبير و سعيد بن العاص و الوليد بن عقبة و سائر بني امية، و بعد نظر طويل في امرهم اجتمع رأي ملأهم علي ان يأتوا البصرة، و قد کانوا يرون ان يذهبوا الي الشام فردهم ابن عامر و قال: قد کفاکم الشام من يستمر في حوزته، و اتوا البصرة فان لي بها صنائع و لهم في طلحة هوي، و اجابتهم عائشة و حفصة و لکن منعها عبدالله بن عمر، و قال ابن عامر: معي کذا و کذا فتجهزوا به: 451: 4 فجرح في حرب الجمل وفر الي الشام: 536: 4 و هو الذي أو فده معاوية الي المدائن لصلح الحسن عليه السلام: 159: 5 فرده معاوية واليا علي البصرة: 212: 5 و زوجه ابنته هند بنت معاوية وعاب زيادا في نسبه فغضب عليه معاوية فشفع له يزيد: 214: 5 و لم يذکر الطبري متي تزوج يزيد ابنته هند ولکن الظاهر ان ذلک کان حينما تزوج باخته هند، و ليزيد منها عبدالله، و کانت تکني ام کلثوم: 500: 5.

و في سنة 64 بعد هلاک يزيد و فرار ابن زياد اختار جمع من اهل البصرة عليهم ابنه عبدالملک بن عبدالله بن عامر شهرا قبل ولاية ابن الزبير: 527: 5.

[11] حدثني ابوحمزة الثمالي، عن عبيدالله الثمالي عن القاسم بن بخيت: 465: 5.

[12] سورة الحديد: 22 و تمامها «ان ذلک علي الله يسير، لکيلا تأسوا علي ما فاتکم و لا تفرحوا بما آتاکم، والله لا يحب کل مختال فخور» و رواها ابوالفرج بتمامها: 80 و رواها السبط ثم قال: و کان علي بن الحسين و النساء موثقين في الحبال فناداه علي: يا يزيد! ما ظنک برسول الله لورآنا موثقين في الحبال عزايا علي اقتاب الجمال؟! فلم يبق في القوم الا من بکي: 262.

[13] سورة الشوري: 30 و روي ابوالفرج: أن يزيد بدأ بهذه الآية فأجابه الامام عليه السلام بآية سورة الحديد، و هو الأنسب.

[14] قال ابومخنف: 461: 5 و الارشاد: 246 ط نجف.

[15] هکذا النص، و المفيد في الارشاد: 246 و السبط في التذکرة: 264 ذکراها: بنت الحسين.

[16] و روي هذا الخبر الطبري عن عمار الدهني عن الباقر عليه السلام: 390: 5.

[17] عن الحارث بن کعب، عن فاطمة: 461: 5 و رواه ابوالفرج: 80 و السبط: 264.