السبايا في مجلس ابن زياد
فلما ادخل اخواته و نساؤه و صبيانه علي عبيدالله بن زياد، لبست زينب
ابنة فاطمة ارذل ثيابها، و تنكرت و حفت بها اماؤها، [و] جلست.
فقال عبيدالله بن زياد: من هذه الجالسة؟ فلم تكلمه، فقال ذلك ثلاثا، كل ذلك لا تكلمه.
فقال بعض امائها: هذه زينب ابنة فاطمة!
فقال لها عبيدالله: الحمد الذي فضحكم و قتلكم و اكذب احدوثتكم!
فقالت: الحمد لله الذي اكرمنا بمحمد صلي الله عليه [و آله] و سلم و طهرنا تطهيرا، لا كما تقول انت، انما يفتضح الفاسق، و يكذب الفاجر!
فال: فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟!
قالت كتب عليهم القتل فبرزوا الي مضاجعهم، و سيجمع الله بينك و بينهم فتحاجون اليه و تخاصمون عنده! [1] .
فغضب ابن زياد و استشاط فقال لها:
قد أشفي الله نفسي من طاغيتك و العصاة المردة من أهل بيتك!
فبكت ثم قالت: لعمري لقد قتلت كهلي، و أبرت اهلي، و قطعت فرعي، و اجتثثت أصلي! فان يشفيك هذا فقد اشتفيت!
فقال عبيدالله: هذه سجاعة [2] [و] لعمري قد كان ابوك شاعرا سجاعا
قالت: ما للمرأة و السجاعة! ان لي عن السجاعة لشغلا، و لكني نفثي بما أقول [3] .
[ثم] نظر عبيدالله بن زياد الي علي بن الحسين، فقال له: ما اسمك؟
قال: أنا علي بن الحسين!
قال: أو لم يقتل الله علي بن الحسين!
فسكت.
فقال له ابن زياد: مالك لا تتكلم؟!
قال: قد كان لي اخ يقال له ايضا: علي، فقتله الناس!
قال: ان الله قد قتله!
فسكت علي [بن الحسين عليه السلام] .
فقال له: مالك لا تتكلم؟!
قال: «الله يتوفي الانفس جين موتها» [4] «و ما كان لنفس ان تموت الا باذن الله [5] .
قال: أنت - و الله - منهم.
[ثم قال لمري بن معاذ الاحمري] : ويحك اقتله!
[ف] تعلقت به عمته زينب فقالت: يابن زياد! حسبك منا! أما رويت من دمائنا! و هل أبقيت منا أحدا! [و] اعتنقته [و] قالت: أسألك بالله - ان كنت مؤمنا - ان قتلته لما قتلتني معه!
و ناداه علي [بن الحسين] : ان كانت بينك و بينهن قرابة فابعث معهن رجلا تقيا يصحبهن بصحبة الاسلام!
فنظر اليهما ثم قال: عجبا للرحم! والله ودت لو اني قتلته اني قتلتها معه! دعوا الغلام: [6] و [7] .
ثم ان عبيدالله بن زياد نصب رأس الحسين [عليه السلام علي رمح] فجعل يداريه في الكوفة! [8] .
پاورقي
[1] و رواه المفيد في الارشاد: 243 و السبط: 258 و 259 ط نجف.
[2] وردت الکلمة في الطبري شجاعة و شجاعا و رواها المفيد في الارشاد کما ذکرناه: 244 ط نجف و هو الانسب الاوفق بالسياق.
[3] حدثني سليمان بن ابي راشد، عن حميد بن مسلم قال: 457 - 456: 5.
[4] سوره الزمر: 42.
[5] سورة آل عمران: 145.
[6] و أما سليمان بن ابي راشد فحدثني عن حميد بن مسلم قال (457: 5).
[7] قال الطبري في ذيل المذيل: قال علي [ابن الحسين الاصغر] : فلما ادخلت علي ابن زياد قال: ما اسمک؟ قلت: علي بن حسين، قال: او لم يقتل الله عليا؟ قلت: کان لي اخ اکبر مني، قتله الناس! قال: بل قتله الله! قلت: «الله يتوفي الانفس حين موتها» فأمر بقتلي! فقالت زينب بنت علي [عليه السلام] يابن زياد! حسبک من دمائنا! أسألک - بالله - ان قتلته الا قتلتني معه! فترکه.
ثم نقل عن ابن سعد صاحب الطبقات أنه روي عن مالک بن اسماعيل، عن سهل بن شعيب النهمي، عن ابيه شعيب: عن المنهال بن عمرو انه قال: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام فقلت: کيف اصبحت اصلحک الله؟ قال: ما کنت اري شيخا من اهل المصر مثلک لا يدري کيف اصبحنا! فأما اذا لم تدر او تعلم فساخبرک: اصبحنا في قومنا بمنزلة بني اسرائيل في آل فرعون «يذبحون ابناءهم و يستحيون نساءهم»، و اصبح شيخنا و سيدنا [علي بن ابي طالب] يتقرب الي عدونا بشتمه او سبه علي المنابر، و اصبحت قريش تعد آن لها الفضل علي العرب لان محمدا منها لا تعدلها فضلا الا به، و اصبحت العرب مقرة لهم لذلک، و اصبحت العرب تعد أن لها فضلا علي العجم لأن محمدا منها لا تعد لها فضلا الا به، و اصبحت العجم مقرة لهم بذلک، فلئن کانت العرب صدقت أن لها فضلا علي العجم و صدقت قريش أن لها الفضل علي العرب لأن محمدا منها، فان لنا أهل البيت الفضل علي قريش لان محمدا منا، فاصبحوا يأخذون بحقنا و لا يعرفون لنا حقا! فهکذا اصبحنا اذ لم تعلم کيف اصبحنا.
قال ابن سعد: و اخبرنا عبدالرحمن بن يونس، عن سفيان، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: مات علي بن الحسين و هو ابن ثمان و خمسين سنة و هذا يدلک علي أن علي بن الحسين کان مع ابيه و هو ابن ثلاث او اربع و عشرين سنة، و ليس قول من قال: انه کان صغيرا و لم يکن انبت - بشي ء، و لکنه کان يومئذ مريضا فلم يقاتل، و کيف يکون يومئذ لم ينبت و قد ولد له ابوجعفر محمد بن علي عليه السلام: ذيل المذيل: 630 ط دار المعارف عن طبقات ابن سعد: 218 - 211: 5 و الارشاد: 244 و روي السبط خبر الاصل مختصرا: 258 ط نجف.
[8] قال ابومخنف: 459: 5.