بازگشت

مباهلة برير، و مقتله


و خرج يزيد بن معقل [من عسكر عمر بن سعد] فقال:

يا برير بن حضير [1] ! كيف تري الله صنع بك؟!

قال [برير] : صنع الله - والله - بي خيرا، و صنع الله بك شرا!

قال [يزيد بن معقل] : كذبت و قبل اليوم ما كنت كذابا! هل تذكر - و أنا اما شيك في بني لوذان - و أنت تقول: ان عثمان بن عفان كان علي نفسه مسرفا، و ان معاوية بن أبي سفيان ضال مضل، و ان امام الهدي و الحق علي بن أبي طالب؟!

فقال له برير: أشهد أن هذا رأيي و قولي!

فقال له يزيد بن معقل. فاني أشهد أنك من الضالين!

فقال له برير بن حضير: هل لك فلا باهلك [2] و لندع الله أن يلعن الكاذب، و أن يقتل المبطل، ثم اخرج فلا بارزك!

فخرجا فرفعا أيديهما الي الله يدعوانه: أن يلعن الكاذب و أن يقتل المحق المبطل.

ثم برز كل واحد منها لصحابه فاختلفا ضربتين، فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا، و ضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر و بلغت الدماغ، فخر كأنما هوي من حالق [مرتفع] و ان سيف ابن حضير لثابت في رأسه، فكأني انظر اليه ينضنضه من رأسه [3] .

و حمل عليه رضي بن منقذ العبدي [من عسكر عمر بن سعد] فاعتنق


بريرا، فاعتركا ساعة، ثم ان بريرا قعد علي صدره، فقال رضي: أين أهل المصاع و الدفاع [4] !

فحمل عليه كعب بن جابر الازدي بالرمح حتي وضعه في ظهر [برير] فلما وجد [برير] مس الرمح برك علي [رضي بن منقذ العبدي] فعض بوجهه و قطع طرف انفه، فطعنه كعب بن جابر حتي ألقاه عن [العبدي] و قد غيب السنان في ظهر [برير] ثم أقبل عليه يضربه بسيفه حتي قتله [رحمة الله عليه] [5] و [6] .




و خرج عمرو بن قرظة الأنصاري يقاتل دون حسين [عليه السلام] و هو يقول:



قد علمت كتيبة الأنصار

أني ساحمي حوزة الذمار



ضرب غلام غير نكس شاري

دون حسين مهجتي و داري [7] .



فقتل [رحمة الله عليه]

و كان اخوه علي [بن قرطة] مع عمر بن سعد، فنادي؛ يا حسين! يا كذاب ابن الكذاب! اضللت اخي و غررته حتي قتلته؟! قال [الحسين عليه السلام] ان الله لم يضل اخاك و لكنه هدي أخاك و أضلك! قال: قتلني الله ان لم أقتلك أو أموت دونك! [و] حمل علي [الامام عليه السلام] .

فاعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه [8] .

[و كان] الناس يتجاولون و يقتتلون، و [فيهم] الحر بن يزيد [الرياحي] يحمل علي القوم و يتمثل قوله:



ما زلت أرميهم بثغرة نحره

و لبانه حتي تسر بل بالدم [9] .



و ان فرسه لمضروب علي اذنيه و حاجبه، و دماؤه تسيل.

[و كان] يزيد بن سفيان [التميمي يقول] : أما والله لو أني رأيت الحر بن


يزيد حين خرج لاتبعته السنان! فقال [له] الحصين بن تميم [10] : هذا الحر بن يزيد الذي كنت تتمني! قال: نعم، فخرج اليه فقال له: هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟! قال: نعم قد شئت. فبرز له، فكأنما كانت نفسه في يده، ما لبث الحر حتي خرج اليه أن قتله [11] .

[و كان] نافع بن هلال [المرادي الجملي] يقاتل و هو يقول: أنا الجملي، أنا علي دين علي [عليه السلام] .

فخرج اليه رجل يقال له مزاحم بن حريث فقال: أنا علي دين عثمان! فقال له: أنت علي دين شيطان! ثم حمل عليه فقتله!

فصاح عمرو بن الحجاج [الزبيدي] : يا حمقي! أتدرون من تقاتلون؟! فرسان المصر، قوما مستميتين، لا يبرزن لهم منكم أحد، فانهم قليل، و قلما يبقون، والله لو لم ترموهم الا بالحجارة لقتلتموهم!

فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت.

و أرسل الي الناس يعزم عليهم أن لا يبارز رجل منكم رجلا منهم! [12] .


پاورقي

[1] مضت ترجمته من قبل في حوادث عشية التاسع من المحرم.

[2] المباهلة: الملاعنة، بان يدعو الله کل من الطرفين أن يلعن المبطل الظالم.

[3] ينضنضه: يحرکه.

[4] المصاع: الصراع.

[5] حدثني يوسف بن يزيد، عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس، و کان قد شهد مقتل الحسين عليه السلام: 431: 5 و تمام الخبر في الهامش رقم 3.

[6] فلما رجع کعب بن جابر الازدي قالت له امرأته و اخته النوار بنت جابر: اعنت علي ابن فاطمة و قتلت سيد القراء؟! لقد اتيت عظيما من الأمر! والله لا اکلمک من رأسي کلمة أبدا! و قال کعب بن جابر:



سلي تخبرني عني، و أنت ذميمة

غداة حسين و الرماح شوارع‏



الم آت اقصي ما کرهت، و لم يخل

علي غداة الروع ما أنا صانع‏



معي يزني لم تخنه کعوبه

و ابيض مخشوب الغرارين قاطع (يزني: رمح منسوب الي سيف بن ذي يزن اليمني. محشوب: مفعول من الخشب أي مغمد بالخشب، و لا يکون ذلک الا للسيف القاطع الحاد. الغرارين: الحدين.).



فجردته في عصبة ليس دينهم

بديني، و اني بابن حرب لقانع‏



و لم ترعيني مثلهم في زمانهم

و لا قبلهم في الناس اذ أنا يافع‏



اشد قراعا بالسيوف لدي الوغي

ألاکل من يحمي الذمار مقارع‏



و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا

و قد نازلوا، لوأن ذلک نافع‏



فابلغ (عبيدالله) اما لقيته

بأني مطيع للخليفة سامع‏



قتلت بريرا ثم حملت نعمة

أبا منقذ لمادعي: من يماصع (يماصع: يناصح و يخلص في النصرة و الامداد و الاغاثة و أبو منقذ هو الذي صارعه برير فدعا الناس الي انقاذه فأنقذه کعب بن جابر الأزدي.



قال ابومخنف: فاجابه رضي بن منقذ العبدي:



و لو شاء ربي ما شهدت قتالهم

و لا جعل النعماء عندي ابن جابر



لقد کان ذاک اليوم عارا و سبة

يعيره الأبناء بعد المعاشر



فياليت أني کنت من قبل قتله

و يوم حسين، کنت في رمس قابر).

[7] حدثني عبدالرحمن بن جندب، قال: 433: 5.

[8] عن ثابت بن هبيرة: 434: 5.

[9] اللبان: الصدر و الشعر من عنترة.

[10] و کان علي شرطة عبيدالله بن زياد، فبعثه مع عمر بن سعد الي الحسين عليه السلام فولاه عمر علي الشرطة المجفقة، و هم اللابسون التجاف، و هي آلة للوقاية.

[11] حدثني ابوزهير النضر بن صالح العبسي: 434: 5.

[12] حدثني يحيي بن هاني بن عروة المرادي: 435: 5.