توبة الحر الرياحي
[و] لما زحف عمر بن سعد قال له الحر بن يزيد: أصلحك الله! مقاتل انت هذا الرجل؟ قال: اي والله قتالا أيسره ان تسقط الرؤوس و تطيح الأيدي!
قال: أفمالكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضا؟
قال عمر بن سعد: أما والله لو كان الامر الي لفعلت، و لكن أميرك قد أبي ذلك!
فأقبل [الحر] حتي وقف من الناس موقفا، و معه رجل من قومه يقال له: قرة بن قيس [1] فقال: يا قرة! هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: انما
تريد ان تسقيه؟
قال (قرة): فظننت - والله - أنه يريد أن يتنحي فلا يشهد القتال، و كره أن أراه حين يصنع ذلك فيخاف أن ارفعه عليه، فقلت له: لم أسقه و أنا منطلق فساقيه. فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه، فوالله لو أنه أطلعني علي الذي يريد لخرجت معه الي الحسين [عليه السلام] .
[و أما الحرفانه] أخذ يدنو من حسين [عليه السلام] قليلا قليلا، فقال له رجل من قومه يقال له: المهاجر بن أوس [2] : ما تريد يابن يزيد؟ أتريد ان تحمل؟ فسكت و اخذه مثل العرواء [3] فقال له: يابن يزيد! والله ان أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شي ء أراه الآن، و لو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك، فما هذا الذي أري منك!؟
قال: اني - والله - اخير نفسي بين الجنة و النار، و والله لا أختار علي الجنة شيئا و لو قطعت و حرقت!
ثم ضرب فرسه فلحق بحسين [عليه السلام] فقال له:
جعلني الله فداك يابن رسول الله! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سايرتك في الطريق، و جعجعت بك في هذا المكان، و الله الذي لا اله الا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا، و لا يبلغون منك هذه المنزلة فقلت في نفسي: لا ابالي ان اطيع القوم في بعض أمرهم، و لا يرون أني خرجت من طاعتهم، و أماهم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، و والله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ماركبتها منك، و اني قد جئتك تائبا مما كان مني الي ربي و مواسيا لك بنفسي حتي أموت بين يديك، أفتري
ذلك لي توبة؟!
قال [الامام عليه السلام] : نعم: يتوب الله عليك، و يغفر لك، ما اسمك؟
قال: أنا الحر بن يزيد [4] .
قال: أنت الحر كما سمتك امك، انت الحر ان شاء الله في الدنيا و الآخرة. إنزل.
قال: أنا لك فارسا خير مني لك راجلا، اقاتلهم علي فرسي ساعة و الي النزول ما يصير آخر أمري!
قال الحسين [عليه السلام] فاصنع ما بدا لك.
فاستقدم أمام أصحابه ثم قال:
پاورقي
[1] مضت ترجمته في اول نزول الامام عليه السلام بکربلاء و قد دعاه حبيب الي نصرة الامام عليه السلام، فوعده النظر في ذلک و لکنه لم يرجع، و الظاهر أنه هو ناقل الخبر و مدعيه.
[2] هو قاتل زهير بن القين، مع الشعبي: 441: 5.
[3] العرواء: رعدة الحمي.
[4] فلعله کان شاکيا في السلاح مطرقا مطأطئا من الخجل و لذلک لم يعرف فسأله، و الا فقد کان يعرفه من قبل.