بازگشت

خطبة زهير بن القين


[ثم] خرج زهير بن القين علي فرس ذنوب [1] شاك في السلاح، فقال:


يا اهل الكوفة! نذار لكم من عذاب الله نذار! ان حقا علي المسلم نصيحة أخيه المسلم، و نحن حتي الآن اخوة و علي دين واحد و ملة واحدة ما لم يقع بيننا و بيكم السيف، و انتم للنصيحة منا أهل، فاذا وقع السيف انقطعت العصمة و كنا امة و أنتم امة.

ان الله قد ابتلانا و اياكم بذرية نبيه محمد صلي الله عليه [و آله] و سلم لينظر ما نحن و أنتم عاملون، انا ندعوكم الي نصرهم و خذلان الطاغية عبيدالله بن زياد، فانكم لا تدركون منهما الا بسوء عمر سلطانهما كله، ليسملان اعينكم، و يقطعان ايديكم و ارجلكم، و يمثلان بكم، و يرفعانكم علي جذوغ النخل، و يقتلان أماثلكم و قراءكم: أمثال حجر بن عدي [2] و اصحابه، و هاني بن عروة [3] و اشباهه.

فسبوه و أثنوا علي عبيدالله بن زياد و دعوا له و قالوا: والله لا نبرح حتي نقتل صاحبك و من معه، أو نبعث به و بأصحابه الي الامير عبيدالله سلما!

فقال لهم: عباد الله، ان ولد فاطمة رضوان الله عليها أحق بالود و النصر


من ابن سمية [4] فان لم تنصروهم فاعيذكم بالله أن تقتلوهم، فخلوا بين الرجال


و بين ابن عمه يزيد بن معاوية، فلعمري ان يزيد ليرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين [عليه السلام] .

فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم و قال: أسكت، اسكت الله نأمتك [5] أبرمتنا بكثرة كلامك!

فقال له زهير: يابن البوال علي عقبيه ما اياك اخاطب، انما أنت بهيمة! و الله ما اظنك تحكم من كتاب الله أيتين! فابشر بالخزي يوم القيامة و العذاب الأليم!


فقال له شمر: ان الله قاتلك و صاحبك عن ساعة!

قال: أفبالموت تخوفني! فوالله للموت معه أحب الي من الخلد معكم!

ثم أقبل علي الناس رافعا صوته فقال:

عباد الله! لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي و اشابهه، فوالله لا تنال شفاعة محمد صلي الله عليه [وآله] و سلم قوما هراقوا دماء ذريته و أهل بيته، و قتلوا من نصرهم و ذب عن حريمهم!

فناداه رجل فقال له: ان أباعبدالله يقول لك: أقبل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون [6] نصح لقومه و أبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء و ابلغت، لو نفع النصح و الابلاغ! [7] .


پاورقي

[1] الذنوب: الفرس الذي شعر ذنبه وافر کثير.

[2] کان من امداد حرب القادسية من أهل اليمن سنة 27: 4: 16 و کان من اول من أجاب عليا عليه السلام لنصرته في حرب البصرة من الکوفة: 485: 4 و کان هو من قبل من الثائرين علي عثمان: 488: 4 و کان علي سبع مذحج و الأشعريين من اهل اليمن بالکوفة: 500: 4 و کان مع علي عليه السلام بصفين يخرج للقتال: 574: 4 و کان ممن شهد علي صحيفة الموادعة لتحکيم الحکمين في صفين: 54: 5 و کان علي ميمنة علي عليه السلام في وقعة النهروان مع الخوارج: 85: 5 و أخرجه علي عليه السلام سنة 39 ه علي أربعة الآف رجل من الکوفة لمقابلة غارة الضحاک بن قيس في ثلاثة الاف، فلحقه بتدمر في حدود الشام فقتل منهم عشرين رجلا و حال الليل فهرب الضحاک و رجع حجر: 135: 5 و لما دخل معاوية الکوفة عام الجماعة و ولي عليهما المغيرة بن شعبة و کان المغيرة يسب عليا عليه السلام کان حجر يرد عليه ردا شديدا حتي مات المغيرة فولي عليها معاوية: زياد بن ابيه، فعاد حجر الي ما کان عليه، فأخذه زياد و بعث به الي معاوية فقتله: 270: 5.

[3] مضت ترجمته في أول أمر مسلم بن عقيل عليه السلام.

[4] سمية هي الأمة الزانية کانت من ذوات الاعلام بالجاهلية فزني بها ستة من قريش فولدت زيادا فتنازعوا عليه فلم يعرف ابوه فکان يدعي: بزياد بن أبيه أو زياد بن عبيد، او زياد بن سمية، حتي استلحقه معاوية بأبيه ابي سفيان فقيل: زياد بن أبي سفيان.

فلما ولاه معاوية الکوفة و اخذ حجرا و استشهد عليه الشهود و رأي فيهم اسم شداد بن بزيعة، فقال: ما لهذا أب ينسب اليه! ألقوا هذا من الشهود، فقيل له: انه أخو الحصين و هو ابن المنذر، قال: فانسبوه الي أبيه، فکتب و نسب الي أبيه. فبلغت هذه الکلمة شدادا فقال: ويلي علي ابن الزانية! او ليست امه اعرف من ابيه! والله ما کان ينسب الا الي أمه سمية!: 270: 5.

و کان يزيد بن مفرغ الحميري مع عباد بن زياد أخي عبيدالله في حروب سجستان فاصابهم ضيق فهجا ابن المفرغ عبادا فقال:



اذا اودي معاوية بن حرب

فبشر سعب قعبک بانصداع‏



فاشهد ان امک لم تباشر

أباسفيان واضعة القناع‏



و لکن کان أمرا فيه لبس

علي وجل شديد و ارتياع‏



و قال:



ألا أبلغ معاوية بن حرب

مغلغلة من الرجل اليماني



أتغضب أن يقال: أبوک عف

و ترضي ان يقال: ابوک زاني



فاشهد أن رحمک من زياد

کرحم الفيل من ولد الأتان



و قدم رجل من آل‏زياد يقال له: الصغدي بن سلم بن حرب، علي المهدي العباسي و هو ينظر المظالم، فقال له: من أنت؟ قال: ابن عمک! قال: اي ابن عمي انت؟! فانتسب الي زياد! فقال له المهدي: يابن سمية الزانية! متي کنت ابن عمي؟! و أمر به فوجي عنقه و اخرج.

ثم التفت المهدي الي من حضر فقال: من عنده علم من آل زياد؟ فلم يکن عند احد منهم شي ء، فلحق منهم رجل يدعي عيسي بن موسي او موسي بن عيسي بأبي علي سليمان، فسأله أن يکتب له کل ما يحدث به في زياد و آل زياد، حتي يذهب به الي المهدي، فکتبه و بعث به اليه.

و کان هارون الرشيد اذ ذاک والي البصرة من قبل المهدي، فأمر المهدي بالکتاب الي هارون الرشيد يأمره أن يخرج آل زياد من ديوان قريش و العرب، فکان فيما کتب أنه قال:

«و قد کان من رأي معاوية بن ابي سفيان في استلحاقه زياد بن عبيد - عبد آل علاج من ثقيف - و ادعائه ما أباه - بعد معاوية - عامة المسلمين و کثير منهم في زمانه، لعلمهم بزياد و أبي زياد و امه، من أهل الرضا و الفضل و الورع و العلم.

و لم يدع معاوية - الي ذلک - ورع و لا هدي، و لا اتباع سنة هادية، و لا قدرة من أئمة الحق ماضية، الا الرغبة في هلاک دينه و آخرته، و التصميم علي مخالفة الکتاب و السنة، و العجب بزياد في جلده و نفاذه، و مارجا من معونته و موازرته اياه علي باطل ما کان يرکن اليه في سيرته و آثاره و اعماله الخبيثة، و قد قال رسول الله صلي الله عليه [و آله] و سلم: «الولد للفراش و للعاهر الحجر» و قال: «من ادعي الي غير ابيه أو انتمي الي غير مواليه، فعليه لعنة الله و الملائکة و الناس الجمعين لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا» [الصرف: التوبة و العدل: الفدية] .

و لعمري ما ولد زياد في حجر أبي سفيان و لا علي فراشه، و لا کان عبيد عبدا لابي سفيان، و لا سمية امة له، و لا کانا في ملکه، و لا صارا اليه لسبب من الاسباب، فخالف معاوية بقضائه في زياد و استلحاقه اياه و ما صنع فيه و اقدم عليه أمر الله جل و عز، و قضاء رسول الله صلي الله عليه [وآله] و سلم و اتبع في ذلک هواه، رغبة عن الحق و مجانبة له، و قد قال الله عزوجل: «و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله، ان الله لا يهدي القوم الظالمين» [القصص: 50 [و قال لداود عليه السلام و قد آتاه الحکم و النبوة و المال و الخلافة: «يا داود انا جعلناک خليفة في الأرض فاحکم بين الناس بالحق» [سورة ص: 26 [.

و عند ما کلم معاوية - فيما يعلم اهل الحفظ للأحاديث - موالي بني المغيرة المخزوميين و أرادوا استلحاق نصر بن الحجاج السلمي و أن يدعوه، و کان أعدلهم معاوية حجرا تحت فراشه فالقاه اليهم - علي قول رسول الله: للعاهر الحجر - فقالوا له: نسوغ لک ما فعلت في زياد و لا تسوغ لنا ما فعلنا في صاحبنا؟ قال: قضاء رسول الله صلي الله عليه [وآله] و سلم خير لکم من قضاء معاوية!: 131: 8.

و من هنا يعلم ان زهير بن القين قبل هدايته و اجابته دعوة الامام عليه السلام و ان کان عثمانيا لکنه کان ناقما علي معاوية استلحاقه زيادا و قتله حجر بن عدي، فکانت نفسه مستعدة للخروج عن عهدة عثمان و لاظهار النقمة علي معاوية و يزيد ابنه و عمالهم، و لإجابة دعوة الامام اياه للخروج عليهم.

[5] النأمة: الصوت، و لعلها لغة في النغمة.

[6] شبهه الامام عليه السلام بمؤمن آل فرعون لانه کان عثمانيا قبل فکانه من قوم بني امية.

[7] فحدثني علي بن حنظلة بن اسعد الشبامي، عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل يقال له: کثير بن عبدالله الشعبي، قال: لما زحفنا قبل الحسين خرج الينا زهير بن القين: 426: 5 و روي الخطبة اليعقوبي: 230: 2 ط نجف.