زحف ابن سعد الي الحسين
قال: ثم ان عمر بن سعد نادي بعد صلاة العصر: يا خيل الله اركبي و ابشري! فركب الناس، ثم زحف نحو [الحسين و اصحابه عليهم السلام] .
و [كان] حسين [عليه السلام] جالسا أمام بيته محتبيا بسيفه، اذ خفق برأسه علي ركبته.
و سمعت اخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي أما تسمع الاصوات قد اقتربت!
فرفع الحسين [عليه السلام] رأسه فقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه [و آله] و سلم في المنام فقال لي: انك تروح الينا! فلطمت اخته وجهها و قالت: يا ويلتا! فقال: ليس لك الويل يا اخية، اسكتي رحمك الرحمن!
و قال العباس بن علي [عليه السلام] : يا اخي: أتاك القوم!
فنهض [الحسين عليه السلام] ثم قال: يا عباس: اركب بنفسي أنت - يا أخي - حتي تلقاهم فتقول لهم: مالكم؟ و ما بدالكم؟ و تسألهم عما جاء بهم؟
فاستقبلهم العباس في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين، و حبيب بن مظاهر [1] فقال لهم العباس: ما بدالكم؟ و ماذا تريدون؟
قالوا: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم ان تنزلوا علي حكمه أو ننازلكم.
قال: فلا تعجلوا حتي ارجع الي أبي عبدالله فأعرض عليه ما ذكرتم.
فوقفوا [و] قالوا: القه فاعلمه ذلك ثم القنا بما يقول.
فانصرف العباس راجعا يركض الي الحسين يخبره بالخبر و وقف أصحابه يخاطبون القوم... فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلم القوم ان شئت، و ان شئت كلمتهم فقال له زهير: أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم.
فقل له حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عندالله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام و عترته و أهل بيته صلي الله عليه [و آله] و سلم و عباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار و الذاكرين الله كثيرا [قال هذا لزهير بن القين بحيث يسمعه القوم، فسمعه منهم عزرة بن قيس] .
فقال له عزرة بن القيس [2] : انك لتزكي نفسك ما استطعت!
فقال له زهير: يا عزرة: ان الله قد زكاها و هداها، فاتق الله - يا عزرة - فاني لك من الناصحين، انشدك الله يا عزرة - أن تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية!
قال [عزرة بن قيس] : يا زهير! ما كنت - عندنا - من شيعة أهل هذا البيت، انما كنت عثمانيا! [3] .
قال: افلست تستدل بموقفي هذا أني منهم! أما والله ما كتبت اليه كتابا قط، و لا أرسلت اليه رسولا قط، و لا وعدته نصرتي قط، و لكن الطريق جمع بيني و بينه، فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلي الله عليه [و آله] و سلم و مكانه منه،
و عرفت ما يقدم عليه من عدوه و حزبكم فرأيت أن انصره و أن اكون في حزبه، و ان أجعل نفسي دون نفسه، حفظا لما ضيعتم من حق الله و حق رسوله عليه السلام.
و حين أتي العباس بن علي حسينا [عليهماالسلام] بما عرض عليه عمر بن سعد، قال [له الحسين عليه السلام] : ارجع اليهم فان استطعت أن تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم عنا العشية، لعلنا نصلي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره، فهو يعلم أني كنت احب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار و انما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتي يأمره بأمره و يوصي اهله.
و أقبل العباس بن علي [عليه السلام] يركض [فرسه] حتي انتهي اليهم فقال:
يا هؤلاء! ان أباعبدالله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الامر، فان هذا أمر لم يجر بينكم و بينه فيه منطق، فاذا اصبحنا التقينا ان شاء الله، فاما رضيناه فأتينا بالامر الذي تسألونه و تسومونه، أو كرهنا فرددناه و انما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بأمره و يوصي أهله.
[ف] قال عمر بن سعد: يا شمر ما تري؟
قال: ما تري أنت، أنت الأمير و الرأي رأيك.
قال: أردت ان لا أكون! ثم أقبل علي الناس فقال: ماذا ترون؟
فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله! والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم اليها!
و قال قيس بن الأشعث [4] : أجبهم الي ما سألوك، فلعمري ليصبحنك
بالقتال غدوة!
فقال: والله لو أعلم أن يفعلوا ما أخرتهم العشية! [5] .
قال علي بن الحسين (عليه السلام ف) أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام حيث يسمع الصوت فقال: انا قد اجلناكم الي غد، فان استسلمتم سرحنا بكم الي أميرنا عبيدالله بن زياد، و ان أبيتم فلسنا بتاركيكم! [6] .
پاورقي
[1] مضت ترجمته فيمن کتب الي الامام عليه السلام من شيعته من أهل الکوفة.
[2] مضت ترجمته فيمن کتب الي الامام عليه السلام من اهل الکوفة من المنافقين.
[3] هذا اول مرة يرد فيه هذا اللقب لزهير بن القين في حديث کربلاء، و هو اول عنوان للتفرقة بين. المسلمين في الاختلاف في عثمان بن عفان أهو علي الحق او الباطل، فکان يقال لمن يتولي عليا عليه السلام: علوي او شيعي، و لمن يتولي عثمان و يقول أنه کان علي حق و قتل مظلوما يقال له: عثماني.
[4] کان يوم عاشوراء علي ربع ربيعة و کندة: 422: 5 و هو الذي اخذ قطيفة الامام الحسين (عليه السلام) و کانت من خز، فکان يلقب بعد ذلک، قيس قطيفة: 453: 5 و کام مع شمر بن ذي الجوشن و عمرو بن الحجاج و عزرة بن قيس علي حمل رؤوس اصحاب الامام عليه السلام الي الکوفة الي ابن زياد: 456: 5 و هو علي کندة يحملون ثلاثة عشر رأسا: 468: 5 و هو اخو محمد بن الاشعث قاتل مسلم و اخو جعدة قاتلة الامام الحسن عليه السلام.
[5] عن الحارث بن حصيرة، عن عبدالله بن شريک العامري قال: 415: 5 و الارشاد: 230.
[6] حدثني الحارث بن حصيرة، عن عبدالله بن شريک العامري عن علي بن الحسين عليه السلام: 417: 5.