بازگشت

نينوي


كانت من قري الطف العامرة حتي أواخر القرن الثاني.

نينوي؛ المكان الذي نزل به الحسين [عليه السلام] فاذا راكب علي نجيب له و عليه السلاح، متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينتظرونه، فلما انتهي اليهم سلم علي الحر بن يزيد و أصحابه و لم يسلم علي الحسين [عليه السلام] و أصحابه، فدفع الي الحر كتابا من عبيدالله بن زياد، فاذا فيه:

أما بعد؛ فجعجع [1] بالحسين حين يبلغك كتابي، و يقدم عليك رسولي، فلا تنزله الا بالعراء في غير حصن و علي غير ماء، و قد أمرت رسولي أن يلزمك و لا يفارقك حتي يأتيني بانفاذك أمري؛ والسلام.

فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيدالله بن زياد يأمرني


فيه أن اجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه، و هذا رسوله، و قد أمره أن لا يفارقني حتي انفذ رأيه و أمره.

فنظر الشعثاء يزيد بن زياد المهاصر الكندي البهدلي [2] الي رسول عبيدالله [ابن زياد] فعن له فقال: أمالك بن النسير البدي [3] [من كندة] ؟ قال: نعم، فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك امك! ماذا جئت فيه؟ قال: و ما جئت فيه! أطعت امامي و وفيت ببيعتي! فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك و أطعت امامك في هلاك نفسك! كسبت العار و النار! قال الله عزوجل: «و جعلنا هم أئمة يدعون الي النار، و يوم القيامة لا ينصرون» [4] فهو امامك!.

و أخذ الحر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان علي غير ماء و لا في


قرية [5] ، فقالوا: دعنا ننزل في هذه القرية - يعنون نينوي - أو هذه القرية - يعنون الغاضرية - [6] أو هذه الاخري - يعنون شفية - [7] ، فقال: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث الي عينا.

فقال له زهير بن القين: يابن رسول الله؛ ان قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعد من تري ما لا قبل لنا به.

فقال له الحسين [عليه السلام] : ما كنت لأبدأهم بالقتال.

فقال له زهير بن القين: سربنا الي هذه القرية حتي تنزلها فانها حصينة،


و هو علي شاطي الفرات، فان منعونا قاتلناهم، فقتالهم أهون علينا من قتال من يجي ء من بعدهم.

فقال له الحسين [عليه السلام] : و أية قرية هي؟ قال: هي العقر [8] ، فقال الحسين [عليه السلام] : اللهم اني أعوذبك من العقر، ثم نزل، و ذلك يوم الخميس، و هو اليوم الثاني من المحرم سنة احدي و ستين.

فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص [9] من الكوفة في أربعة آلاف.



پاورقي

[1] نقل ابن منظور في لسان العرب عن الأصمعي جعجع به أي احبسه، و قال ابن فارس في مقاييس اللغة: 416: 1: أي ألجئه الي مکان خشن.

[2] من رماة أصحاب الحسين عليه السلام، و کان في أوائل من قتل، رمي بمائة سهم و قام فقال: ما سقط منها الا خمسة أسهم، و قد تبين لي أني قد قتلت خمسة نفر.

و قد روي أبومخنف ايضا عن فضيل بن خديج الکندي: أن يزيد بن زياد کان ممن خرج مع عمر بن سعد، فلما ردوا الصلح علي الحسين عليه السلام مال اليه فقاتل حتي قتل و لکنه لا يتفق مع هذا الخبر هنا.

[3] مالک بن النسير من بني بداء، حضر کربلاء فضرب رأس الامام عليه السلام بالسيف فقطع البرنس و أصاب رأسه و أدماه، فقال له الحسين عليه السلام: لا أکلت بها و لا شربت و حشرک الله مع الظالمين، و أخذ مالک برنس الامام عليه السلام، فلم يزل فقيرا حتي مات: 448: 5 عن أبي مخنف و البرنس: کلمة غير عربية، و هو قلنسوة طويلة من قطن کان يلبسها عباد النصاري فلبسها عباد المسلمين في صدر الاسلام، کما في مجمع البحرين.

و روي أيضا أن عبدالله بن دباس دل المختار علي نفر ممن قتل الحسين عليه السلام منهم مالک بن النسير البدي، فبعث اليهم المختار مالک بن عمرو النهدي، فأتاهم و هم بالقادسية، فأخذهم و أقبل بهم حتي أدخلهم علي المختار عشاء، فقال المختار للبدي: أنت صاحب برنسه؟ فقال عبدالله بن کامل: نعم، هو هو، فقال المختار: اقطعوا يدي هذا و رجليه و دعوه فليضطرب حتي يموت، ففعل به ذلک و ترک، فلم يزل ينزف الدم حتي مات سنة: 66 ه 57: 6.

[4] سورة القصص: 32.

[5] و يظهر من هذا أن کربلاء لم تکن اسم قرية بل اسم المنطقة و هي کور بابل أي قراها - کما في کتاب الدلائل و المسائل للسيد هبة الدين الشهرستاني (قده) و قال سبط ابن الجوزي: ثم قال الحسين: ما يقال لهذه الأرض؟ قالوا: کربلاء و يقال لها نينوي و هي قرية بها. فبکي و قال: کرب و بلاء. ثم قال: اخبرتني ام سلمة قالت: کان جبرئيل عند رسول الله و انت معي فبکيت، فقال رسول الله: دعي ابني فترکتک فأخذک و وضعک في حجره، فقال جبرئيل: اتحبه؟ قال: نعم. قال: فان امتک سنقتله، و ان شئت أن اريک تربة ارضه التي يقتل فيها؟ قال: نعم. قالت: فبسط جبرئيل جناحه علي ارض کربلاء فأراه اياها. ثم شمها و قال: هذه والله هي الارض التي اخبر بها جبرائيل رسول الله و انني اقتل فيها. ثم قال: و ذکر ابن سعد في الطبقات عن الواقدي بمعناه قال: و ذکر ابن سعد ايضا عن الشعبي قال: لما مر علي عليه السلام بکربلاء في مسيره الي صفين و حاذي نينوي - قرية علي الفرات - وقف و نادي صاحب مطهرته: اخبرني أباعبدالله ما يقال لهذه الارض؟ فقال: کربلاء فبکي حتي بل الارض من دموعه، ثم قال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله و هو يبکي، فقلت له: ما يبکيک؟ فقال: کان عندي جبرئيل آنفا، و أخبرني: أن ولدي الحسين يقتل بشط الفرات بموضع يقال له: کربلاء ثم قبض جبرئيل قبضة من تراب فشمني اياها فلم املک عيني ان فاضتا.

قال: و قدروي الحسن بن کثير و عبدخير قالا: لما وصل علي عليه السلام الي کربلاء وقف و بکي و قال: بأبي اغيلمة يقتلون هاهنا، هذا مناخ رکابهم، هذا موضع رحالهم، هذا مصرع الرجال! ثم ازداد بکاؤه: 250 ط نجف و رواه ابن مزاحم بأربعة طرق (صفين: 142 - 140) ط هارون.

[6] الغاضرية منسوبة الي غاضرة من بني أسد و هي أراضي حوالي قبر عون الآن علي فرسخ من کربلاء و بها آثار قلعة تعرف اليوم بقلعة بني أسد.

[7] هي أيضا آبار لبني أسد قرب کربلاء.

[8] کانت بها منازل نبوخذ نصر من کور بابل التي صحفت فقيل کربلاء.

[9] سبقت ترجمته في ص 102.