بازگشت

عذيب الهجانات


العذيب بالتصغير واد لبني تميم، و هو حد السواد اي العراق، و كانت فيه مسلحة للفرس، بينه و بين القادسية ست أميال، و كانت حيل النعمان ملك الحيرة ترعي فيه فقيل عذيب الهجانات، جمع الهجين بمعني ذي الدم الخليط.

عذيب الهجانات، فاذا هم بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة علي رواحلهم، يجنبون فرسا لنافع بن هلال، و معهم دليلهم الطرماح بن عدي علي فرسه، فلما انتهو الي الحسين [عليه السلام] انشدوه هذه الأبيات:



يا ناقتي لا تذعري من زجري

و شمري قبل طلوع الفجر



بخير ركبان و خير سفر

حتي تحلي بكريم النجر



الماجد الحر رحيب الصدر

اتي به الله لخير أمر



ثمة أبقاه بقاء الدهر




فقال [الحسين عليه السلام] : أما والله اني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا قتلنا أم ظفرنا!.

و أقبل الحر بن يزيد فقال [للامام عليه السلام] : ان هؤلاء النفر الذين من أهل الكفوة ليسوا ممن اقبل معك، و انا حابسهم أو رادهم.

فقال له الحسين [عليه السلام] : لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، انما هؤلاء أنصاري و أعواني، و قد كنت أعطيتني أن لا تعرض لي بشي ء حتي يأتيك كتاب من ابن زياد.

فقال [الحر] : أجل، لكن لم يأتوا معك.

قال [الحسين عليه السلام] : هم أصحابي و هم بمنزلة من جاء معي، فان تممت علي ما كان بيني و بينك و الا ناجزتك! فكف عنهم الحر.

ثم قال لهم الحسين [عليه السلام] : أخبروني خبر الناس وراءكم؟

فقال له مجمع بن عبدالله العائذي - و هو أحد النفر الأربعة الذين جاؤوه [1] : أما أشراف الناس فقد اعظمت رشوتهم و ملئت غرائرهم، يستمال ودهم و يستخلص به نصيحتهم، فهم ألب [2] واحد عليك! و أما سائر الناس بعد فان أفئدتهم تهوي اليك و سيوفهم غدا مشهورة عليك!.

قال: اخبروني فهل لكم برسولي اليكم؟ قالوا: من هو؟ قال: قيس بن مسهر الصيداوي، قالوا: نعم، أخذه الحصين بن تميم فبعث به الي ابن زياد، فأمره ابن زياد أن يلعنك و يلعن أباك فصلي عليك و علي أبيك و لعن ابن زياد و أباه، و دعا الي نصرتك و أخبرهم بقدومك، فأمر به ابن زياد فالقي من طمار [3] القصر!.


فترقرقت عينا حسين [عليه السلام] و لم يملك دمعه، ثم قال: «منهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا» [4] اللهم اجعل لنا و لهم الجنة نزلا، و اجمع بيننا و بينهم في مستقر رحمتك و غائب مذخور ثوابك [5] .

[ثم ان] الطرماح بن عدي دنا من الحسين فقال له: اني والله لأنظر فما أري معك أحدا، ولو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفي بهم، و قد رأيت - قبل خروجي من الكوفة اليك بيوم - ظهر الكوفة، و فيه من الناس ما لم ترعيناي - في صعيد واحد - جمعا أكثر منه، فسألت عنهم، فقيل: اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون الي الحسين. فانشدك ان قدرت علي أن لا تقدم عليهم شبرا الا فعلت! فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتي تري من رأيك و يستبين لك ما أنت صانع، فسر حتي انزلك مناع جبلنا الذي يدعي «أجا» [6] فأسير معك حتي انزلك «القرية» [7] .

فقال له [الحسين عليه السلام] : جزاك الله و قومك خيرا! انه قد كان بيننا و بين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه علي الانصراف، و لا ندري علام تنصرف بنا و بهم الامور في عاقبة!.

قال الطرماح بن عدي: فودعته و قلت له: دفع الله عنك شر الجن و الانس [8] .


و مضي الحسين (عليه السلام) حتي انتهي الي


پاورقي

[1] لعلهم: جابر بن الحارث السلماني و عمر بن خالد الصيداوي و سعد مولاه، الذين ذکرهم أبومخنف أنهم قاتلوا معا في أول القتال حتي قتلوا في مکان واحد: 446: 5.

[2] اي: اجتماع.

[3] أعلاء.

[4] سورة الاحزاب: 23.

[5] قال أبومخنف: و قال عقبة بن أبي العيزار: 403: 5 و الارشاد: 225 ط نجف.

[6] علي وزن فعل اسم رجل سمي جبل طي باسمه و هو غربي فيه عن يسار جبل سميراء.

[7] و هو تصغير القرية، من مواضع طي.

[8] قال ابومخنف: حدثني جميل بن مريد عن الطرماح: 406: 5 و تمام الخبر: اني قد امترت لأهلي من الکوفة ميرة و معي نفقة لهم، فآتيهم فأضع ذلک فيهم ثم أقبل اليک ان شاء الله، فان الحقک فوالله لأکونن من أنصارک.

قال الحسين [عليه السلام] : فان کنت فاعلا فعجل رحمک الله.

قال: فلما بلغت أهلي وضعت عندهم ما يصلحهم و أوصيت و أخبرتهم بما أريد، و أقبلت حتي اذا دنوت من عذيب الهجانات، استقبلني سماعة بن بدر فنعاه الي، فرجعت: 406: 5.