بازگشت

ذو حسم


بضم ففتح؛ اسم جبل، كان النعمان يصطاد فيه، كما في معجم البلدان، و بينه و بين عذيب الهجانات الي الكوفة ثلاث و ثلاثون ميلا، كما في الطبري و روي سبط ابن الجوزي عن علماء السير: ان الامام عليه السلام لم يكن له علم بما جري علي مسلم بن عقيل حتي اذا كان بينه و بين القادسية ثلاثة اميال تلقاه الحر بن يزيد الرياحي فاخبره بقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة و قدوم ابن زياد الكوفة و استعداد لهم، و قال له: ارجع!: 245 ط نجف.

فقال الحسين [عليه السلام] : أما لنا ملجأ نلجأ اليه نجعله في ظهورنا و نستقبل القوم من وجه واحد؟ فقلنا له: بلي هذا ذوحسم الي جنبك تميل اليه عن يسارك، فان سبقت القوم اليه فهو كما تريد. فأخذ اليه ذات اليسار و ملنا معه، فاستبقنا الي ذي حسم فسبقناهم اليه، فلما رأونا و قد عدلنا عن الطريق عدلوا الينا، فنزل الحسين [عليه السلام] فأمر بأبنيته فضربت.

فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل، و كأن راياتهم أجنحة الطير، و جاء القوم و هم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي اليربوعي حتي وقف هو و خيله مقابل الحسين [عليه السلام] في حر الظهيرة، و الحسين و أصحابه معتمون متقلدون أسيافهم.

فقال الحسين [عليه السلام] لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم من الماء، و رشفوا الخيل ترشيفا.

فقام فتيانه، و سقوا القوم من الماء حتي ارووهم، و اقبلوا يملاون القصاع و الطساس و الاتوار [1] من الماء ثم يدنونها من الفرس، فاذا عب فيه ثلاثا أو


أربعا أو خمسا [2] عزلت عنه و سقوا آخر حتي سقوا الخيل كلها [3] .

[4] [و حضرت الصلاة الظهر، فأمر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي أن يؤذن، فأذن، فلما حضرت الاقامة خرج الحسين [عليه السلام] في ازار في ورداء و نعلين.

فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: أيها الناس؛ انها معذرة الي الله عزوجل و اليكم، اني لم آتكم حتي أتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم، أن أقدم علينا فانه ليس لنا امام، لعل الله يجمعنا بك علي الهدي. فان كنتم علي ذلك فقد جئتكم، فان تعطوني ما أطمئن اليه من عهودكم و مواثيقكم أقدم مصركم، و ان لم تفعلوا و كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم الي المكان الذي أقبلت منه اليكم!.

فسكتوا عنه، و قالوا للمؤذن: أقم، فأقام للصلاة.

فقال الحسين [عليه السلام] للحر: أتريد أن تصلي بأصحابك؟ قال: لا، بل تصلي أنت و نصلي بصلاتك. فصلي بهم الحسين [عليه السلام] . ثم انه


دخل، و اجتمع اليه أصحابه.

و انصرف الحر الي مكانه الذي كان به، فدخل خيمة قد ضربت له، فاجتمع اليه جماعة من أصحابه، و عاد أصحابه الي صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته و جلس في ظلها.

فلما كان وقت العصر أمر الحسين [عليه السلام] أن يتهيئوا للرحيل، ثم خرج فأمر مناديه فنادي بالعصر و أقام، فاستقدم الحسين [عليه السلام] فصلي بالقوم ثم سلم و انصرف الي القوم بوجهه.

فحمدالله و أثني عليه، ثم قال: أما بعد؛ أيها الناس! فانكم ان تتقوا و تعرفوا الحق لأهله يكن أرضي لله، و نحن أهل البيت أولي بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، و السائرين فيكم بالجور و العدوان! و ان أنتم كرهتمونا و جهلتم حقنا، و كان رأيكم غير ما أتتني كتبكم و قدمت به علي رسلكم، انصرفت عنكم!.

فقال له الحر بن يزيد: انا - والله- ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر!.

فقال الحسين [عليه السلام] : يا عقبة بن سمعان! أخرج الخرجين [5] اللذين فيهما كتبهم الي.

فأخرج خرجين مملوئين صحفا فنشرها بين أيديهم.

فقال الحر: فانا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليكم، و قد امرنا اذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتي نقدمك علي عبيدالله بن زياد!.

فقال له الحسين [عليه السلام] : الموت أدني اليك من ذلك!.


ثم قال لأصحابه: قوموا فاركبوا.

فركبوا، و انتظروا حتي ركبت نساؤهم.

فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم و بين الانصراف.

فقال الحسين [عليه السلام] للحر: ثكلتك امك! ما تريد؟!.

قال: أما والله لو غيرك من العرب يقولها لي و هو علي مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر امه بالثكل أن أقوله كائنا من كان، و لكن - والله - ما لي الي ذكر امك من سبيل الا بأحسن ما يقدر عليه! [6] .

فقال له الحسين [عليه السلام] : فما تريد؟

قال الحر: اريد - والله - أن أنطلق بك الي عبيدالله بن زياد!.

قال له الحسين [عليه السلام] : اذن والله لا اتبعك!.

فقال له الحر: اذن والله لا أدعك!.

و لما كثر الكلام بينهما قال له الحر: اني لم اؤمر بقتالك، و انما امرت ألا أفارقك حتي اقدمك الكوفة، فاذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة و لا تردك الي المدينة تكون بيني و بينك نصفا حتي أكتب الي ابن زياد، و تكتب انت الي يزيد بن معاوية ان أردت أن تكتب اليه، أو الي عبيدالله بن زياد ان شئت، فلعل الله الي ذلك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن ابتلي بشي ء من أمرك، فخذها هنا فتياسر عن طريق العذيب و القادسية [كان هذا و هم بذي حسم] و بينه و بين العذيب ثمانية و ثلاتون ميلا، [ف] سار الحسين في أصحابه و الحر يسايره] [7] .



پاورقي

[1] القصاع: جمع القصعة، و الطساس: جمع الطاس، و الاتوار: جمع تور و هو اناء من صفر أو حجارة.

[2] و هذا هو معني الترشيف.

[3] قال الطبري: حدثت عن هشام، عن أبي مخنف قال: حدثني ابوجناب عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم و المذري: 400: 5، و الارشاد: 223 و ابوالفرج: 73.

قال الطبري: قال هشام: حدثني لقيط عن علي بن الطعان المحاربي [قال] : کنت مع الحر بن يزيد [الرياحي] ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه، فلما رأي الحسين [عليه السلام] ما بي و بفرسي من العطش قال: أنخ الراوية، و الراوية عندي السقاء، ثم قال: يابن أخ أنخ الجمل، فأنخته، فقال: اشرب، فجعلت کلما شربت سال الماء من السقاء، فقال الحسين [عليه السلام] : اخنث السقاء - أي أعطفه - قال: فجعلت لا أدري کيف أفعل! فقام الحسين [عليه السلام] فخنثه فشربت و سقيت فرسي: 401: 5 و الارشاد: 224، و الخوارزمي: 230.

[4] هنا تصاب سلسلة أخبار أبي مخنف بالانقطاع، فلم يکن لنا بد من أن نسد الخلة بخبر هشام الکلبي عن لقيط عن علي بن طعان المحاربي: 401: 5، و الارشاد: 224 و الخواص: 231.

[5] مثني الخرج و هو جوال ذو اذنين - کما في مجمع البحرين - و سيأتي عن سبط ابن الجوزي: ان الامام عليه السلام حينما خطب القوم يوم عاشوراء فناشدهم انهم کتبوا اليه قالوا: ما ندري ما تقول، فقال الحر: بلي والله لقد کاتبناک و نحن الذين اقدمناک، فابعد الله الباطل و اهله، و الله لا أختار الدنيا علي الآخرة ثم ضرب فرسه و دخل في عسکر الحسين عليه السلام: 251.

[6] و نقله في مقاتل الطالبين أبوالفرج عن أبي مخنف: 74 ط نجف.

[7] انتهي ما نقلناه عن هشام، و الارشاد: 225 و الخواص: 232.