بازگشت

محادثة ابن عباس


[و] لما أجمع المسير الي الكوفة أتاه عبدالله بن عباس فقال: يابن عم، قد أرجف الناس أنك سائر الي العراق، فبين لي ما أنت صانع؟ قال اني قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين [1] ان شاء الله تعالي.


فقال له ابن عباس: فاني اعيذك بالله من ذلك، أخبرني رحمك الله أتسير


الي قوم قد قتلوا أميرهم و ضبطوا بلادهم و نفوا عدوهم؟ فان كانوا قد فعلوا ذلك فسر اليهم، و ان كانوا انما دعوك اليهم و أميرهم قاهر لهم و عماله تجبي بلادهم، فانهم انما دعوك الي الحرب و القتال، و لا آمن عليك أن يغروك و يكذبوك، و يخالفوك و يخذلوك، و أن يستنفروا اليك فيكونوا أشد الناس عليك!

فقال له حسين [عليه السلام] : و اني أستخير الله [2] و أنظر ما يكون [3] .


پاورقي

[1] و بما ان خروجه عليه السلام من مکة کان في يوم التروية بعد الظهر و الناس رائحين الي مني: 385: 5 يعلم أن هذه المحادثة بينه عليه السلام و ابن عباس کان في يوم السادس من ذي الحجة، و ان ارجاف الناس و شيوع الخبر فيهم بذلک کان علي الأکثر منذ يومين من قبل ذلک أي منذ اليوم الرابع من ذي الحجة، و أما قبل ذلک فلا شي ء يدل علي هذا، فما الذي حدث في هذه الأيام بعد بقائه بمکة أربعة أشهر مما جعله يخرج يوم التروية قبل تمام الحج؟ و کان مسلم عليه السلام قد أرسل الکتاب قبل سبع و عشرين يوما من مقتله أي في العشرين من ذي القعدة و مدة وصول الکتاب اذ ذاک عشرة أيام تقريبا، و علي هذا يکون الکتاب قد وصل اليه عليه السلام في أواخر ذي القعدة أو أوائل ذي الحجة، و لکن ذلک لا يکفي لعدم اتمام الحج في أربعة أيام!.

و نجد الفرزدق الشاعر قد سأل الامام عليه السلام عن هذا اذ قال له: ما أعجلک عن الحج؟ فقال عليه السلام: لو لم أعجل لاخذت: 386: 5 و لذلک قال الشيخ المفيد (قده): لما أراد الحسين عليه السلام التوجه الي العراق طاف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة و أحل من احرامه و جعلها عمرة، لأنه لم يتمکن من تمام الحج، مخافة أن يقبض عليه بمکة فينفذ به الي يزيد بن معاوية، فخرج عليه السلام مبادرا (الارشاد: 218).

و روي معاوية بن عمار عن الامام الصادق عليه السلام قال: و قد اعتمر الحسين في ذي الحجة ثم راح يوم التروية الي العراق و الناس يروحون الي مني، و لا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج.

و روي ابراهيم بن عمر اليماني أنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم خرج الي بلاده؟ قال: لا بأس، الي أن قال: و ان الحسين بن علي عليه السلام خرج يوم التروية الي العراق و کان معتمرا الوسائل: 246: 10.

و لهذا قال الشيخ الشوشتري: انهم جدوا في القاء القبض عليه أو قتله غيلة و لو وجد متعلقا بأستار الکعبة! فالتزم بأن يجعل احرامه عمرة مفردة و ترک التمتع بالحج (الخصائص: 32 ط تبريز).

و نجد الشيخ الطبرسي في اعلام الوري في الفصل الخاص بأخبار مسيرة الامام عليه السلام و مقتله ينقل نفس الفصل الخاص في ارشاد الشيخ المفيد (قده) تقريبا بدون تصريح بذلک، و فيه ينقل ما ذکره الشيخ المفيد الا أنه يغير کلمة: «تمام الحج» الي: «اتمام الحج» و هذا خطأ و لعله من النساخ لما بينهما من الفرق الواضح، اذ أن کلمة الاتمام يفيد أنه عليه السلام قد تلبس باحرام الحج دون کلمة: «تمام الحج».

و لعل نسخ الارشاد تختلف، فقد نقل الشيخ القرشي کلام الشيخ المفيد کما نقله الطبرسي: «اتمام الحج»: 50: 3 عن الارشاد: 243 و نحن نجد الکلمة في: 218 من الارشاد في الطبعة الحيدرية. «تمام الحج» و هو الصحيح.

[2] الاستخارة هنا بمعناها اللغوي، اي طلب الخير، و ليس بالمعني المصطلح عليه المتأخر، کما سبق.

[3] قال أبومخنف: و حدثني الحارث بن کعب الوالبي عن عقبة بن سمعان: 383: 5.

و الملاحظ هنا: أن ابن عباس غير مخالف لقيام الامام عليه السلام، و انما يشکک للامام في توفر الأرضية اللازمة لذلک، و الامام عليه السلام لا يرده في ذلک طبعا.