بازگشت

بعث الرؤوس الي يزيد


ان عبيدالله بن زياد بعث برؤوسهما مع هاني بن أبي حية الوادعي [الكلبي الهمداني] و الزبير بن الأروح التميمي الي يزيد بن معاوية و أمر كاتبه عمرو بن نافع، أن يكتب الي يزيد بن معاوية بما كان من مسلم و هاني، فكتب اليه كتابا أطال فيه، فلما نظر فيه عبيدالله بن زياد كرهه و قال: ما هذا التطويل و هذه الفضول؟ اكتب:

«أما بعد، فالحمد لله الذي أخذ لأميرالمؤمنين بحقه و كفاه مؤونة عدوه، اخبر أميرالمؤمنين - أكرمه الله - أن مسلم بن عقيل لجأ الي دار هاني بن عروة المرادي، و اني جعلت عليهما العيون و دسست اليهما الرجال وكدتهما حتي استخرجتهما و أمكن الله منهما، فقدمتهما فضربت أعناقهما، و قد بعثت اليك برؤوسهما مع هاني بن أبي حية الهمداني و الزبير بن الأروح التميمي و هما من أهل السمع و الطاعة و النصيحة، فليسأ لهما أميرالمؤمنين عما أحب من أمر، فان عندهما علما و صدقا و فهما و ورعا، و السلام».

فكتب اليه يزيد: «أما بعد، فانك لم تعد أن كنت كما احب! عملت عمل الحازم وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت و كفيت و صدقت ظني بك و رأيي فيك، و قد دعوت رسوليك فسألتهما و ناجيتهما فوجدتهما في رأيهما و فضلهما كما ذكرت، فاستوص بهما خيرا.

و انه قد بلغني أن الحسين بن علي توجه نحو العراق، فضع المناظر


و المسالح [1] و احترس علي الظن و خذ علي التهمة، غير أن لا تقتل الا من قاتلك، و اكتب الي في كل ما يحدث من الخبر، و السلام عليك و رحمة الله» [2] .

[و] كان مخرج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجة سنة ستين.. و كان مخرج الحسين [عليه السلام من مكة] يوم الثلاثاء يوم التروية في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل [3] .

فقال عبدالله بن الزبير الأسدي في قتلة مسلم بن عقيل و هانئا بن عروة المرادي، و يقال الفرزدق:



[ف] ان كنت لا تدرين ما الموت فانظري

الي هاني في السوق و ابن عقيل



الي بطل قد هشم السيف وجهه

و آخر يهوي من طمار [4] قتيل



أصابهما أمر الأمير فأصبحا

أحاديث من يسري بكل سبيل



تري جسدا قد غير الموت لونه

و نضح دم قد سال كل مسيل



فتي هو أحيي من فتاة حيية

و أقطع من ذي شفرتين صقيل



أيركب أسماء [5] الهماليج آمنا

و قد طلبته مذحج بذحول



تطيف حواليه مراد و كلهم

علي رقبة من سائل و مسول






فان أنتم لم تثأروا بأخيكم

فكونوا بغايا ارضيت بقليل [6] و [7] .



پاورقي

[1] المناظر: جمع منظرة و هي الموضع يراقب منه العدو، و المسالح جمع مسلحة، و هي محل رجال مسلحين مراقبين للعدو لئلا يفاجأوا، و في الارشاد: 217، و في الخواص: 245.

[2] قال أبومخنف: عن أبي جناب يحيي بن أبي حية الکلبي: 380: 5 و هو أخو هاني بن أبي حية حامل رأس مسلم و هاني الي يزيد، و أخوه کأنما يروي خبره مفتخرا بوصفه من ابن زياد، بأن عنده علم و صدقا و فهما و ورعا! و تصديق فضلهما من قبل يزيد، و ليس هذا من الکلابيين ببعيد.

[3] قال أبومخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن عون بن أبي جحيفة: 378: 5.

[4] طمار القصر: أعلاه.

[5] يعني أسماء بن خارجة الفزاري الذي ذهب بهاني بن عروة الي ابن زياد و الهاليج جمع الهملاج و هم البرذون اذ يمشي الهملجة و هي ضرب من المشي، و هي معربة من الفارسية، کما في المجمع.

[6] قال ابومخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن عون بن أبي جحيفة: 381: 5.

[7] و روي الطبري عن عمار الدهني عن الامام الباقر عليه السلام قال: قال شاعرهم في ذلک، و ذکر ثلاث أبيات منها أولها: «فان کنت لا تدرين ما الموت فانظري»: 350: 5 و هنا ذکر صدر البيت هکذا: «ان کنت لا تدرين»، و هو کما تري غلط يقل به وزن البيت، و الزبير ضبطه المحقق: الزبير بفتح الزاي، و لعله أخذه عن ابن الأثير في الکامل: 36: 4 و مقاتل الطالبيين: 108 و قال الاصفهاني بشأنه: کان من وجوه محدثي الشيعة، روي عنه عباد بن يعقوب الرواجني المتوفي: 205 ه و نظراؤه و من هو أکبر منه: 290 و روي عنه أنه کان من أصحاب محمد بن عبدالله بن الحسن ذي النفس الزکية الشهيد علي عهد المنصور سنة: 145 ه ثم قال: هو أبو أبي أحمد الزبيري المحدث: 290 و هو محمد بن عبدالله بن الزبير.



و روي الکشي عن عبدالرحمن بن سيابة قال: دفع الي أبوعبدالله عليه السلام دنانير و أمرني أن اقسمها في عيالات من اصيب مع عمه زيد فقسمتها، فأصاب عيال عبدالله بن الزبير الرسان أربعة دنانير (رقم 621).

و روي الشيخ المفيد في (الارشاد) عن أبي خالد الواسطي قال: سلم الي أبوعبدالله عليه السلام ألف دينار و أمرني أن اقسمها في عيال من اصيب مع زيد، فأصاب عيال عبدالله بن الزبير أخي فضيل الرسان منها أربعة دنانير: 269 و لعلهما شخصان بهذا الاسم، اذ نري الاصفهاني بعد أن عده من وجوه محدثي الشيعة، نص في الاغاني 31: 13 علي أنه من شيعة بني امية و ذوالهوي فيهم و التعصب و النصرة لهم علي عدوهم، و أنه لا يمالي أحدا عليهم و لا علي عمالهم، و کان عبيدالله بن زياد يصله و يکرمه و يقضي ديونه، و لابن الزبير فيه مدائح و کذلک في مدح أسماء بن خارجة الفزاري (الأغاني: 33: 13 و 37).

ذکر ذلک السيد المقرم (ره) في کتابه (الشهيد مسلم) ثم قال: و هل لأحد أن ينسب هذه الأبيات في مسلم و هاني الي هذا الرجال بعد علمه بنزعته الاموية و مدائحه هذه فيهم؟!، ثم رجح نسبة الأبيات الي الفرزدق، و انه أنشأها بعد رجوعه من الحج سنة ستين: 201.

و ذکر الاصفهاني الأبيات منسوبة الي ابن الزبير الأسدي هذا، نقلا عن المدائني عن أبي مخنف عن يوسف بن يزيد.