بازگشت

غربة مسلم


قال عباس الجدلي: خرجنا مع ابن عقيل أربعة آلاف، فما بلغنا القصر الا و نحن ثلاثمائة [1] ، فما زالوا يتفرقون و يتصدعون حتي أمسي ابن عقيل و ما معه ثلاثون نفسا في المسجد؛ فما صلي مع ابن عقيل الا ثلاثون نفسا؛ فلما رأي [ذلك] خرج متوجها نحو أبواب كندة و بلغ الأبواب و معه منهم عشرة؛ ثم خرج و اذا ليس معه انسان؛ و التفت فاذا هو لا يحس أحدا يدله علي الطريق و لا يدله علي منزل و لا يواسيه بنفسه ان عرض له عدو!، فمضي علي وجهه يتلدد في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب! حتي خرج الي دور بني جبلة من كندة، فمشي حتي انتهي الي باب امرأة يقال لها (طوعة) ام ولد كانت للأشعث بن قيس [2] .


فأعتقها، فتزوجها اسيد الحضرمي [3] ، فولدت له بلالا، و كان بلال قد خرج مع الناس و امه قائمة تنتظره، فسلم عليها ابن عقيل، فردت عليه، فقال لها: يا أمة الله أسقيني ماء، فدخلت فسقته، فجلس، و أدخلت الاناء ثم خرجت.

فقالت: يا عبدالله ألم تشرب! قال: بلي، قالت: فاذهب الي أهلك؛


فسكت؛ ثم عادت فقالت مثل ذلك، فسكت؛ ثم قالت له: في الله [4] سبحان الله يا عبدالله! فمر الي أهلك عافاك الله؛ فانه لا يصلح لك الجلوس علي بابي و لا أحله لك.

فقام فقال: يا أمة الله، مالي في المصر منزل و لا عشيرة فهل لك الي أجر و معروف، و لعلي مكافؤك به بعد اليوم؟!

فقالت: يا عبدالله و ما ذاك؟

قال: أنا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم و غروني!

قالت: أنت مسلم.

قال: نعم.

قالت: ادخل، فأدخلته بيتا في دارها - غير البيت الذي تكون فيه - و فرشت له، و عرضت عليه العشاء فلم يتعش.

و لم يكن بأسرع من أن جاء ابنها، فرآها تكثر الدخول في البيت و الخروج منه، فقال: والله انه ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة و خروجك منه! ان لك لشأنا؟ قالت: يا بني أله عنه هذا، قال لها: والله لتخبرني! قالت: أقبل علي شأنك و لا تسألني عن شي ء، فألح عليها، فقالت: يا بني لا تحدثن أحدا من الناس بما اخبرك به و أخذت عليه الأيمان، فحلف لها، فأخبرته، فاضطجع و سكت [5] .



پاورقي

[1] قال أبومخنف: و حدثني يونس بن أبي اسحاق: 369: 5.

[2] وفد الأشعث بن قيس في ستين راکبا من کندة علي رسول الله صلي الله عليه وآله سنة: 10 ه و انتسب الي آکل المرار من قبل امه، اذ کانوا ملوکا و أراد أن ينسب النبي صلي الله عليه وآله لذلک، فانتسب صلي الله عليه وآله الي النضر بن کنانة فلم يعجب ذلک الأشعث: 137: 3 و تزوج رسول الله صلي الله عليه وآله اخته (قتيلة) فتوفي قبل أن يدخل بها، فارتدت عن الاسلام مع أخيها الأشعث! 168: 3، و ارتد بعد رسول الله صلي الله عليه وآله و حارب فهزم: 335: 3 و طلب الأمان فآمنوه: 337: 3 ثم سرحوا به مع الاساري و السبايا الي أبي بکر، و کان قد خطب اخته (ام فروة) فزوجه و لم يدخل بها، ثم ارتد، فأطلق أبوبکر أساره و أقاله و قبل اسلامه ورد عليه أهله: 339: 3 و عند وفاته قال: لوددت أني يوم اتيت بالأشعث بن قيس أسيرا کنت ضربت عنقه، فانه تخيل الي أنه لا يري شرا الا أعان عليه: 430: 3.

و لحق الاشعث بن قيس بجيش القادسية في ألف و سبعمائة من أهل اليمن: 487: 3 و رآه سعد فيمن لهم منظر لأجسامهم و عليهم مهابة و لهم آراء فبعثهم دعاة الي ملک الفرس: 496: 3.

و کان يحرض قومه علي حرب الفرس في القادسية لاسوة العرب! و ليس فيه کلام لله!: 539: 3 و 560 و زحف في سبعمائة من کندة و قتل قائد فيلق الفرس: ترک الطبري: 563: 3 و طمع فيما أصاب خالد بن الوليد من الغنائم و الأنفال فانتجعه - أي طلب منه شيئا - فأجازه بعشرة آلاف: 67: 4.

و اشترک في وقعة نهاوند: 129: 4 و اشتري سنة ثلاثين من عثمان ما کان من ألانفال في طيرناباد بالعراق بمال له في حضرموت: 280: 4، و بعثه سعيد بن العاص من الکوفة واليا علي آذربايجان سنة: 34 ه: 331: 4 فمات عثمان و هو علي آذربايجان: 422: 4 فدعاه علي عليه السلام الي بيعته و الانصراف اليه لنصرته فبايعه و انصرف اليه: 561: 4 و انتدب في صفين لاسترجاع الماء من أصحاب معاوية: 569: 4 و هو الذي عصي أميرالمؤمنين عليه السلام فرضي بالتحکيم و رشح الأشعري و أبي من رضي به الأمير عليه السلام من ابن عباس أو الأشتر، مصرا علي الأشعري متبرما من القتال: 51: 4 و هو أول من کتبت شهادته علي صحيفة التحکيم، و دعا الأشتر للامضاء فأبي الأشتر و شتمه و سبه، و خرج الاشعث بالکتاب يقرؤه علي الناس: 55: 5.

و أبي علي أميرالمؤمنين عليه السلام بعد النهروان التوجه الي معاوية و أصر علي الرجوع الي الکوفة بحجة الاستعداد: 89: 5.

و کان عثمان قد أطعمه خراج آذربايجان مائة ألف سنة: 130: 5 و کان قد بني مسجدا بالکوفة: 22: 5.

[3] هو اسيد بن مالک الحضرمي، قيل هو الذي قتل عبدالله بن مسلم في کربلاء، و ابنه بلال دل علي موضع مسلم بمنزلهم فأدي الي قتله عليه السلام.

[4] يقال: في الله، أي اتق في الله.

[5] قال أبومخنف: فحدثني المجالد بن سعيد: 371: 5 و في الارشاد: 212 و الخوارزمي: 208.

و روي الطبري عن عمار الدهني عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال: فلما رأي مسلم أنه قد بقي وحده يتردد في الطرق، أتي بابا فنزل عليه، فخرجت اليه امرأة، فقال لها: اسقيني، فسقته، ثم دخلت فمکثت ما شاء الله ثم خرجت فاذا هو علي الباب، قالت: يا عبدالله! ان مجلسک مجلس ريبة، فقم؛ قال: اني أنا مسلم بن عقيل عندک مأوي؟ قالت: نعم ادخل.

و کان ابنها مولي لمحمد بن الأشعث، فلما علم به الغلام انطلق الي محمد فأخبره، فانطلق محمد الي عبيدالله فأخبره، فبعث عبيدالله: عمرو بن حريث المخزومي اليه - و کان صاحب شرطه - و معه عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث، فلم يعلم مسلم حتي احيط بالدار: 350: 5 و يأتي قريبا أن صاحب شرطته کان الحصين بن تميم.