بازگشت

رسول البيعة


فأرسل [الوليد] عبدالله بن عمرو بن عثمان - و هو اذ ذاك غلام حدث [1] - اليهما يدعوهما، فوجدهما في المسجد و هما جالسان، فأتاهما في ساعة لم


يكن الوليد يجلس فيها للناس و لا يأتيانه في مثلها [2] ، فقال: أجيبا، الأمير


يدعوكما!، فقالا له: انصرف، الآن نأتيه [3] .

ثم أقبل أحدهما علي الآخر فقال عبدالله بن الزبير للحسين عليه السلام: و ظن فيما تراه بعث الينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟

فقال الحسين عليه السلام: قد ظننت [أن [4] ] طاغيتهم قد هلك، فبعث


الينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر.

فقال [ابن الزبير] : و ما أظن غيره، فما تريد أن تصنع؟

قال [الحسين عليه السلام] : أجمع فتياني الساعة، ثم امشي اليه، فاذا بلغت الباب احتبستهم عليه ثم دخلت عليه.

قال [ابن الزبير] : فاني أخافه عليك اذا دخلت.

قال [الحسين عليه السلام] : لا آتيه الا و أنا علي الامتناع قادر.

فقام فجمع اليه مواليه و أهل بيته، ثم أقبل يمشي حتي انتهي الي باب الوليد، و قال لأصحابه: اني داخل، فان دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا علي بأجمعكم، والا؛ فلا تبرحوا حتي أخرج اليكم [5] .


پاورقي

[1] کان حيا الي سنة (91 ه(، حيث کان فيمن استقبل الوليد بن عبدالملک بالمدينة من رجال قريش (465: 6) و يلقب بالمطرف، مات سنة 96 ه) القمقام: 270).

و عمرو أبوه ابن عثمان بن عفان الخليفة، و امه ام عمرو بنت جندب الازدي (420: 4).

و قال في (494: 5): امه من دوس، و اتهمه مسلم بن عقبة في وقعة الحرة: أنه لم يکن فيها مخلصا لبني امية، فلما اتي به شتمه و أمر به فنتفت لحيته (494: 5).

[2] هکذا يقتصر خبر أبي مخنف هنا علي وصف هذه الساعة بأنها: «لم يکن الوليد يجلس فيها للناس» من دون تعيين لها متي کانت أمن ليل أم من نهار؟

الا أن نفس هذا الخبر يشتمل علي قرائن تعيننا علي تعيين تلک الساعة بأنها کانت ساعة مبکرة من صباح يوم الجمعة لأربع بقين من رجب:

أ - ان نص الخبر هکذا: «فأرسل... اليها يدعوهما، فأتاهما فوجدهما فقال: أجيبا، الأمير يدعوکما، فقالا له: انصرف، الآن نأتيه»، فالدعوة کانت لهما في ساعة واحدة...، و في آخر الخبر عن اين الزبير أنه قال: «الآن آتيکم، ثم أتي داره فکمن فيها، فبعث الوليد اليه مرة ثانية فوجده مجتمعا متحرزا في أصحابه، فالح عليه بکثرة الرسل و الرجال في اثر الرجال [مرة ثالثة و رابعة علي الاقل] فقال: لا تعجلوني، أمهلوني فاني آتيکم، فبعث الوليد اليه [مرة خامسة] موالي له فشتموه و صاحوا به: يابن الکاهلية! والله لتأتين الأمير أو ليقتلنک! فلبث نهاره کله و أول ليله، [و هو] يقول: الآن أجي ء، [فلما] استحثوه قال: والله لقد استربت بکثرة الارسال و تتابع هذه الرجال، فلا تعجلوني حتي أبعث الي الأمير من يأتيني برأيته و أمره، فبعث اليه أخاه جعفر بن الزبير، فقال: رحمک الله! کف عن عبدالله فانک قد أفزعته و ذعرته بکثرة رسلک، و هو آتيک غدا ان شاء الله، فمر رسلک فلينصرفوا عنا، فبعث اليهم فانصرفوا [عند المساء] و خرج ابن الزبير من تحت الليل».

فالظاهر: أن هذه الامور کلها کانت في النهار بل صريح النص: «فلبث بذلک نهاره و أول ليله» و حيث کانت الدعوة و للامام عليه السلام معا يظهر أن دعوة الامام عليه السلام أيضا کانت في أول النهار.

ب - يشتميل الخبر علي عبارة: «فألحوا عليهما عشيتهما تلک و أول ليلهما» و هذه العبارة قد توهم للبعض أن الدعوة کانت في العشية - أي العصر - و لکنه و هم اذ العبارة: «فألحوا عليهما»، و الالحاح هو الالحاف و الاصرار و التکرار في الدعوة و الطلب، لابد أن يکون مسبوقا بدعوة سابقة قبل العشي - العصر -، فالعبارة بنفسها تدلنا علي أن الدعوة کانت في النهار لا في الليل.

ج - يروي أبومخنف عن عبدالملک بن نوفل بن مساحق بن مخرمة، عن أبي سعيد المقبري قال «نظرت الي الحسين عليه السلام داخلا مسجد المدينة... فما مکث الا يومين حتي بلغني أنه سار الي مکة» (342: 5).

و هذا يؤيد خبره الآخر، اذ أنه يفيد: أن ابن الزبير کمن في داره و تحرز في أصحابه فلبث بذلک نهاره و أول ليله و خرج تحت الليل، فلما أصبح الوليد بعث اليه فوجده قد خرج، فبعث ثمانين راکبا خلفه فلم يقدروا عليه فرجعوا، فتشاغلوا [بهذا] يومهم [هذا الثاني] حتي أمسوا، فبعث الي الحسين عليه السلام عند المساء فقال: أصبحوا ثم ترون و نري. فکفوا عنه تلک الليلة و لم يلحوا عليه فخرج من تحت ليلته، و هي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب» (341: 5).

فالنتيجة: أن ابن الزبير بقي بالمدينة بعد بدء الدعوة يوما و في الليل خرج، و الامام عليه السلام بقي بها بعد الدعوة يومين و في الليلة الثانية خرج.

و حيث کانت ليلة خروجه عليه السلام ليلة الأحد يکون يوم مکثه يوم الجمعة و ليلة السبت و يوم السبت، و تکون الدعوة مبدؤا بها في ساعة مبکرة من صباح يوم الجمعة، و حينئذ فيصح وصفها بأنها: «ساعة لم يکن الوليد يجلس فيها للناس»، و يکون اجتماع ابن الزبير بالامام عليه السلام في مسجد رسول الله صباح يوم الجمعة، و لعله کان بعد صلاة الصبح، و کان دخوله عليه السلام الي مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله - الذي يرويه أبومخنف عن المقبري - مع رجلين يعتمد عليهما، بعد رجوعه من دار الوليد مع رجلين من رجاله الذين کان قد ذهب بهم الي دار الوليد.

فالنتيجة: أن الدعوة کانت في ساعة مبکرة من صباح يوم الجمعة - لأربع بقين من رجب - لم يکن يجلس فيها الوليد للناس لأنها يوم الجمعة، و لم تکن الجمعة يوم عمله.

[3] 339: 5 قال هشام بن محمد بن أبي مخنف.. و رواه السبط بنصه: 203 و الخوارزمي: 181 بمعناه، و لا يدري لماذا الضمير مثني و الرسالة الي ثلاثة؟ و الذي يظهر من نهاية الرواية أنهما: الحسين عليه السلام و عبدالله بن الزبير فقط، و لا ذکر لعبدالرحمن بن أبي بکر، و لا لعبدالله بن عمر، فلعل عدم ذکر الأول کان لوفاته قبل هذا - کما سبق -، و الثاني لغيبته عن المدينة کما رواه الطبري عن الواقدي (343: 5).

و الرسول في رواية الخوارزمي عن ابن الأعثم: 181 و کذلک السبط: 235: عمرو بن عثمان، و في تاريخ ابن عساکر (327: 4) أنه هو: عبدالرحمن بن عمرو بن عثمان بن عفان.

[4] النص: قد ظننت أري طاغيتهم، و المرجح ما ذکرناه.

[5] و رواه المفيد باختصار: 200 و السبط: 236 و الخوارزمي: 183.