بازگشت

كتاب يزيد الي الوليد


ولي يزيد في هلال رجب سنة ستين، و أمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان [1] ، و أمير مكة عمرو بن سعيد بن العاص [2] ،


و أمير الكوفة [3] .


النعمان بن بشير الأنصاري [4] ، و أمير البصرة عبيدالله بن زياد [5] .


و لم يكن ليزيد همة الا بيعة النفر الذين أبوا علي معاوية الاجابة الي بيعة يزيد، حين دعا الناس الي بيعته و أنه ولي عهده من بعده، و الفراغ من أمرهم.

فكتب الي الوليد: «بسم الله الرحمن الرحيم، من يزيد - أميرالمؤمنين - الي الوليد بن عتبة... أما بعد فان معاوية كان عبدا من عباد الله، أكرمه الله و استخلفه، و خوله و مكن له، فعاش بقدر و مات بأجل، فرحمه الله! فقد عاش محمودا! و مات برا تقيا! و السلام».

و كتب اليه في صحيفة كأنها اذن فارة: «أما بعد فخذ حسينا، و عبدالله بن عمر، و عبدالله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتي يبايعوا، و السلام» [6] و [7] .


فلما أتاه نعي معاوية [8] فضع به و كبر عليه، فبعث الي مروان بن الحكم [9] .


فدعاه اليه [10] .


پاورقي

[1] ولي المدينة من قبل معاوية سنة 58 ه (309: 5)، فلما تهاون في أمر الامام الحسين عليه السلام، عزله يزيد في رمضان من نفس السنة و ولي عليها عمرو بن سعيد الاشدق (343: 5)، و أبوه الوليد بن عتبة من أنصار معاوية في صفين، و کان علي عليه السلام قد قتل جده) وقعة صفين: 417).

و آخر عهدنا به في الطبري: أن الصحاک بعد هلاک يزيد دعا الي ابن الزبير فسبه الوليد فحبسه الضحاک (533: 5).

و ذکر المحدث القمي في: تتمة المنتهي: 49 أنه صلي علي معاوية بن يزيد بن معاوية فطعن فمات.

[2] ولاه يزيد المدينة في رمضان سنة 60 ه، ثم ولاه أمر الموسم و الحج، فحج بالناس سنة 60 ه، و هذا مما يؤيد ما يروي: ان يزيد أوصا بالفتک بالحسين أينما وجد و لو کان متعلقا بأستار الکعبة.

و بويع له بولاية العهد بعد خالد بن معاوية بن يزيد من بعد مروان بن الحکم يوم البيعة له في (الجابية) من أرض (الجولان) بين دمشق و الأردن، يوم الأربعاء أو الخميس لثلاث أو أربع خلون من ذي القعدة سنة 64 ه بعد هلاک معاوية بن يزيد، علي أن تکون امارة دمشق لعمرو بن سعيد من نفس ذلک اليوم.

فلما خرج اليهم الضحاک بن قيس الفهري من دمشق داعيا الي نفسه أو ابن الزبير، و عزم مروان علي محاربته کان عمرو بن سعيد علي ميمنته (527: 5)، ثم فتح لمروان مصر، و حارب مصعب بن الزبير في فلسطين حتي هزمه (540: 5)، فلما انصرف راجعا الي مروان بلغ مروان أن حسان بن بجدل الکلبي خال يزيد بن معاوية و کبير بني کلاب - و هو الذي دعا الناس الي مروان فبايعوه - قد بايع لمعرو بن سعيده مباشرة، فدعا مروان بحسان و أخبره بما بلغه عنه، فأنکر و قال: أنا أکفيک عمروا، فلما اجتمع الناس العشية قام خطيبا فدعا الناس الي بيعة عبدالملک بالعهد بعد مروان، فبايعوه عن آخرهم!.

و خرج عبدالملک بن مروان سنة (69) أو (70) أو (71) ه الي زفر بن الحارث الکلابي يريد حربه، أو الي دير الجاثليق يريد حرب مصعب بن الزبير، و خلف علي دمشق عبدالرحمن الثقفي، فقال الأشدق لعبدالملک: انک خارج الي العراق فاجعل لي هذا الأمر من بعدک، فأبي عليه، فرجع الأشدق الي دمشق و هرب منها الثقفي، فرجع اليها عبدالملک و صالحه حتي دخلها، ثم اغتاله في قصره فقتله بنفسه (148 - 140: 6) و أبوه سعيد بن العاص هو الذي ولي الکوفة لعثمان فشرب الخمر، فشکاه أهل الکوفة الي عثمان، فحده أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

و في مجمع الزوائد لابن حجر الهيثمي) 240: 5) و تطهير الجنان بهامش الصواعق المحرقة:

عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: «ليرعفن علي منبري جبار من جبابرة بني امية فيسيل رعافة»، و قد رعف عمرو بن سعيد و هو علي منبره صلي الله عليه وآله حتي سال رعافه!.

[3] کتب سعد بن أبي وقاص الي عمر بما فتح الله علي المسلمين الي جلولاء، فکتب اليه عمر: أن قف مکانک و لا تتبعهم و اتخذ للمسلمين دار هجرة و منزل جهاد، فنزل سعد بالأنبار، فأصابتهم الحمي، فکتب الي عمر يخبره، فکتب الي سعد: انه لا تصلح العرب الا حيث يصلح البعير و الشاة في منابت العشب، فانظر فلاة في جنب البحر فارتد للمسلمين بها منزلا، فرجع سعد حتي نزل الکوفة (579: 3)، و الکوفة: کل سهلة و حصباء حمراء مختلطتين (619: 3)، و کل رملة حمراء يقال لها: سهلة، و کل حصباء و رمل هکذا مختلطين فهو کوفة (41: 4)، و فيها ديرات ثلاثة: دير حرقة، ودير ام عمرو، و دير سلسلة (41: 4)، فابتنوا بالقصب في المحرم سند سبع عشرة، ثم ان الحريق وقع بالکوفة و کان حريقا شديدا فاحترق ثمانون عريشا و لم يبق فيها قصبة في شوال، فبعث سعد نفرا الي عمر يستأذ نون في البناء باللبن، فقال: افعلوا و لا يزيدن أحدکم علي ثلاثة أبيات، و لا تطاولوا في البنيان، و کان علي تنزيل أهل الکوفة أبوالهياج بن مالک، فأرسل سعد اليه يخبره بکتاب عمر في الطرق و أنه أمر بالمناهج: أربعين ذراعا، و مايليها: ثلاثين ذراعا، و ما بين ذلک: عشرين، و بالأزقة: سبع أذرع، ليس دون ذلک شي ء، فاجتمع أهل الرأي للتقدير حتي اذا قاموا علي شي ء قسم أبو الهياج عليه، فأول شي ء خط بالکوفة و بني هو المسجد فوضع من السوق في موضع التمارين و أصحاب الصابون، قام رجل رام شديد الرمي في وسطه فرمي عن يمينه و من بين يديه و من خلفه فأمر من شاء ان يبني وراء موقع السهام من کل جانب، و بنيت ظلة في مقدمته مائتي ذراع علي أساطين رخام کانت للأکاسرة، سقفها کسقف الکنائس الرومية، و أعلموا أطرافه بخندق لئلا يقتحمه أحد ببنيان، و بنوا لسعد دارا بحياله بينهما طريق منقب مائتي ذراع، و جعل فيها بيوت الأموال، و هي قصر الکوفة، بني ذلک له (روزبه) من آجر بنيان الأکسرة بالحيرة (44: 4 و 45).

و سکن سعد في القصر بحيال محراب المسجد، و جعل فيه بيت المال فنقب عليه نقبا و أخذ المال، فکتب سعد بذلک الي عمر، و نقل المسجد و أراغ بنيانه، ثم أنشأه من نقض آجر قصر کان للأکاسرة في ضواحي الحيرة، و جعل المسجد بحيال بيوت الأموال منه الي منتهي القصر علي القبلة، فکانت قبلة المسجد الي ميمنة القصر و کان بنيانه علي رخام کانت لکسري (46: 4).

و نهج في قبلة المسجد أربعة مناهج و في شرقية و غريبة ثلاثة مناهج، و مما يلي صحن المسجد و السوق خمسة مناهج، فأنزل في القبلة بني أسد علي طريق، و بين بني أسد و النخع طريق، و بين النخع کندة طريق، و بين کندة و الأزد طريق، و أنزل في شرقي الصحن الأنصار و مزينة علي طريق، و تميما و محاربا عل طريق، و أسدا و عامرا علي طريق،، و أنزل في غربي الصحن بجلة و بجيلة علي طريق، و جديلة و أخلاطا علي طريق، و سليما و ثقيفا علي طريقين مما يلي صحن المسجد، و همدان علي طريق، و بجيلة علي طريق، و تيم اللات و تغلب علي آخرهم، فهذه مناهجها العظمي و بنوا مناهج دونها تحاذي هذه ثم تلاقيها، و اخر تتبعها دونها في الذرع، و المحال من ورائها، و کانت الأسواق علي سنة المساجد من سبق الي مقعد فهو له حتي يقوم منه أو يفرغ من بيعه (46 - 45: 4) و کان بها أربعة آلاف فرس عدة لکون ان کان (51: 4).

[4] الخزرجي؛ عده الشيخ في رجاله (ص 30) من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله، وعده الطبري (430: 4) فيمن تخلف عن بيعة علي عليه السلام بعد عثمان و لحق بمعاوية، فکان معه في صفين، ثم بعثه معاوية ليغير علي (عين تمر) فأغار عليها، کما في الطبري (133: 5 حوادث سنة 39 ه) ثم ولاه معاوية الکوفة سند 58 ه فکان عليها حتي هلک معاوية و قام بالأمر يزيد حتي جاءها عبيدالله بن زياد أميرا عليها من قبل يزيد سنة 60 ه، فخرج الي يزيد فکان عنده حتي قتل الامام الحسين عليه السلام، فذهب بأهله عليه السلام بأمر يزيد الي المدينة (462: 5) و رجع الي الشام فکان عند يزيد حتي بعثه الي الأنصار بالمدينة يخذلهم عن عبدالله بن حنظلة و يحذرهم من مخالفة يزيد فلم يسمعوا له (481: 5).

[5] عبيدالله بن زياد ولد سنة 20 ه 297: 5 حبسه بسر بن أرطاة في البصرة سنة: 41 ه مع أخويه عباد و عبدالرحمن، و کتب الي زياد: لتقدمن علي معاوية أو لأقتلن بنيک 168: 5 و هلک أبوه زياد سنة 53 ه 288: 5 فوفد ابنه عبيدالله علي معاوية فولاه خراسان سنة: 54 ه و 297: 5 ثم ولاه البصرة سنة: 55 ه فترک علي خراسان أسلم بن زرعة الکلابي و رجع الي البصرة 306: 5 و لما کان علي خراسان غزا جبال بخاري ففتح مدينتي: راميثنة و بيکند، فأصاب منهما الفين من رماة البخارية فاستألفهم و قدم بهم البصرة 298: 5 و ولي عباد بن زياد علي سجستان، و عبدالرحمن بن زياد خراسان مع أخيه عبيدالله 315: 5 فکان عليها سنتين 316: 5 - ثم ولي عبيدالله بن زياد علي کرمان أيضا فبعث اليها شريک بن الأعور الحارثي الهمداني 321: 5.

و عزل يزيد عبادا عن سحستان و عبدالرحمن عن خراسان و ولاهما سلم بن زياد أخاهما فبعث الي سجستان أخاه يزيد بن زياد 471: 5 ثم ولاه يزيد الکوفة أيضا فذهب اليها سنة 60 ه و خلف، البصرة أخاه عثمان بن زياد 358: 5 و قتل الحسين عليه السلام و له 40 سنة، ثم رجع من الکوفة الي البصرة سنة 61 ه فلما هلک يزيد و معاوية ابنه بايعه أهل البصرة حتي يصطلح الناس علي خليفة، ثم خالفوه فلحق بالشام 530: 5 و معه أخوه عبدالله سنة 64 ه 513: 5 فبايع مروان بن الحکم و حرضه علي حرب العراق فبعثه اليها 530: 5 فحارب التوابين سنة 65 ه فهزمهم 598: 5 ثم حارب المختار سنة 81: 66 فقتل و من معه من أهل الشام سنة 67 ه 87: 6.

[6] 338: 5، قال هشام بن محمد بن أبي مخنف.. و هذا أول أخبار متعددة يعطف الطبري بعضها علي بعض فيقول في اول کل خبر قال، و الخبر موقوف علي أبي مخنف.

[7] هکذا اقتصرت رواية الطبري عن هشام عن أبي مخنف علي ذکر الشدة فحسب، دون ذکر القتل، و هکذا رواية سبط ابن الجوزي عن هشام أيضا (ص 235)، و کذلک رواية الشيخ المفيد في الارشاد (ص 200) عن هشام أو المدائني، بينما يذکر اليعقوبي في تاريخه) 229: 2) نص الکتاب هکذا: «اذا أتاک کتابي هذا فأحضر الحسين بن علي، و عبدالله بن الزبير، فخذهما بالبيعة، فان امتنعا فاضرب أعناقهما، و ابعث الي برؤوسها، وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحکم، و في الحسين بن علي، و عبدالله بن الزبير، والسلام»، و الخوارزمي في مقتله (ص 180) يذکر الکتاب عن ابن الاعثم کما بذکره الطبري عن هشام، و يضيف: «.. و من أبي عليک منهم فاضرب عنقه، وابعث الي برأسه» و کان وصول الکتاب الي الوليد ليلة الجمعة السادس و العشرين من شهر رجب، کما يستفاد من تاريخ خروج الامام عليه السلام من المدينة، فيما يأتي.

[8] لم يصرح المؤرخون متي کتب يزيد هذا الکتاب؟ و متي سرح به الي المدينة؟ ليدري کم استغرق مدة المسافة بين المدينة و الشام، و لنا أن نستظهره مما ذکره الطبري (482: 5) عن هشام عن أبي مخنف: أن عبدالملک بن مروان قال لمن أرسله بکتاب بني امية حين حصارهم في المدينة قبل واقعة الحرة الي يزيد بالشام: «وقد اجلتک اثني عشرة ليلة ذاهبا و اثني عشرة ليلة مقبلا؛ فوافني لأربع و عشرين ليلة في هذا المکان»، ثم يقول الرسول بعد هذا: «فأقبلت حتي وافيت عبدالملک بن مروان في تلک الساعة أو بعدها شيئا».

و يؤيد هذا أيضا ما نقله الطبري (498: 5) عن الواقدي (ت 207 ه): ان نعي يزيد وصل الي المدينة لهلال ربيع الآخر، و قد مات يزيد لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة 64 ه، کما في نفس الصفحة، فيکون نعي يزيد قد وصل اليهم بعد (61) يوما.

[9] کان قد طرده رسول الله صلي الله عليه وآله من المدينة مع أبيه الحکم بن العاص بن امية حيث کان من المستهزئين به صلي الله عليه وآله، ففربه عثمان بن عفان و تزوج ابنته نائلة، و وهبه أموال مصالحة أفريقيا و هي ثلاثمائة قنطار ذهب) 256: 4) فاشتري بها (نهر مروان) و هي أجمة بالعراق) 280: 4) و کان قد أعطي مروان خمسة عشر ألفا أيضا (345: 4) و قد صار عثمان سيقة لمروان يسوقه حيث شاء - کما قال علي عليه السلام - (364: 4)، و قاتل عن عثمان فضرب بالسيف علي علباته و سقط، فأرادوا قتله فوثبت عليه مرضعته و هي عجوز فقالت: ان کنت انما تريد قتل الرجل فقد قتل، و ان کنت تريد أن تلعب بلحمه فهذا قبيح، فکفوا عنه (381: 4) فاحتمله مولاه أبوحفصة اليماني فأدخله بيتها (380: 4) فعاش مروان بعد هذا قيصر العنق (394: 4) و اشترک في حرب الجمل فکان يؤذن لصلاتهما (454: 4)، و رمي طلحة يوم الجمل رمية قتلته (509: 4)، و جرح يوم الجمل (530: 4)، ففر و استجار بمالک بن مسمع الغزاري فأجاره (536: 4)، فلما رجع لحق بمعاوية (541: 4) فولاه معاوية المدينة بعد عام الجماعة (172: 5) فابتدع بها المقصورة للصلاة سنة 44 ه) 215: 5)، و وهبه فدک ثم ارتجعها منه) 231: 5) و عزله عن المدينة سنة 49 ه) 232: 5)، ثم أعاده عليها سنة 54 ه) 293: 5)، و علي عهده حج معاوية فاستوسق لابنه يزيد سنة 56 ه (304: 5)، و لکنه صرفه عنها سنة 57 أو 58 و أمر عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، و لذلک کان يکرهه مروان (309: 5).

و کان في دمشق حين وصول السبايا و الرؤوس (465: 5)، و کان في المدينة حين وقعة الحرة سنة 62 ه، و کان هو الذي استغاث بيزيد فأغاثة بمسلم بن عقبة المرني (482: 5)، فلما بلغ أهل المدينة اقبال مسلم بن عقبة حاصروا بني امية - و هم ألف رجل - في دار مروان ثم أخرجوهم من المدينة، فترک أهله عند علي بن الحسين عليه السلام (بينبع) فقبل اعالتهم و حمايتهم!، و کان عليه السلام قد اعتزل المدينة اليها کراهية أن يشهد شيئا من امورهم (485: 5)، ثم ولي المدينة عبيدة بن الزبير لأخيه عبدالله بن الزبير سنه 64 ه فأخرج منها بني امية الي الشام، فبويع لمروان بها بالخلافة سنة 64 ه (530: 5)، و مات في رمضان سنة 65 ه.

[10] و تمام الخبر: و کان الوليد يوم قدم المدينة قدمها مروان متکارها، فلما رأي ذلک الوليد منه شتمه عند جلسائه، فبلغ ذلک مروان فجلس عنه و صرمه [أي قاطعه] فلم يزل کذلک حتي جاء نعي معاوية الي الوليد، فلما عظم علي الوليد هلاک معاوية؛ و ما امر به من أخذ هؤلاء الرهط بالبيعة، فزع عند ذلک الي مروان و دعاه (325: 5).