بازگشت

وصية معاوية


معاوية بن صخر بن حرب بن امية بن عبدشمس، ولد قبل الهجرة بخمس و عشرين سنة (325: 5)، و قاتل رسول الله صلي الله عليه وآله مع أبيه أبي سفيان في حروبه، ثم أسلم مع أبيه عالم الفتح سنة ثمانية من الهجرة، فجعله النبي صلي الله عليه وآله و أباه علي المؤلفة قلوبهم (90: 3)، و استعمله عمر علي الشام (604: 3)، فكان عليها حتي قتل عثمان، فطالب بدمه أميرالمؤمنين عليا عليه السلام، و حاربه علي ذلك في صفين حتي قتل أميرالمؤمنين عليه السلام، فحارب الحسن بن علي عليه السلام حتي صالحه في جمادي الاولي سنة: 41 ه فسمي: عام الجماعة، فولي تسع عشرة سنة و ثلاثة أشهر الا أياما، ثم مات لهلال رجب سنة ستين، و هو ابن خمس و ثمانين عاما؛ علي ما ذكره الطبري عن الكلبي عن أبيه (325: 5).

ذكر الطبري في تاريخه (322: 5): ثم دخلت سنة ستين.. و فيها كان آخذ معاوية علي الوفد الذين وفدوا اليه مع عبيدالله بن زياد - البيعة ليزيد حين دعاهم الي البيعة.. و كان عهده الذي عهد: ما ذكره هشام بن محمد، عن أبي مخنف قال: حدثني عبدالملك بن نوفل بن مساحق بن عبدالله بن مخرمة:

ان معاوية لما مرض مرضته التي هلك فيها، دعا يزيد ابنه [1] ، فقال: يا


بني؛ اني قد كفيتك الرحلة و الترحال، و طأت لك الأشياء، و ذللت لك الأعداء، و أخضعت لك أعناق العرب، و جمعت لك من جمع واحد [2] ، و اني لا أتخوف أن ينازعنك هذا الأمر الذي استتب لك الا أربعة نفر من قريش: الحسين بن علي [3] ،


و عبدالله بن عمر [4] ، و عبدالله بن الزبير [5] ، و عبدالرحمن بن أبي بكر [6] .

فأما عبدالله بن عمر: فرجل قد وقذته [7] العبادة، و اذا لم يبق أحد غيره بايعك.

و أما الحسين بن علي: فان أهل العراق لن يدعوه حتي يخرجوه [8] فان


خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه [9] فان له رحما ماسة و حقا عظيما!

و أما ابن أبي بكر: فرجل ان رأي أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم، ليس له همة الا في النساء و اللهو.

و أما الذي يجثم لك جثوم الأسد و يراوغك مراوغة الثعلب، فاذا أمكنته فرصة وثب، فذاك ابن الزبير؛ فان هو فعلها بك فقطعه اربا اربا [10] .


پاورقي

[1] ولد سنة 28 ه، و امه: ميسون بنت بجدل الکلبي، و دعا معاوية الناس الي بيعته بولاية العهد من بعده سنة 56 ه، و في سنة 59 أخذ البيعة من الوفود، و ولي الأمر في هلال رجب سنة 60 ه و هو ابن اثنين و ثلاثين سنة و أشهر، و مات لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة 64 ه في حوارين (499: 5)، فتکون مدة ملکه ثلاث سنين و ثمانية أشهر و 14 يوما، و عمره (36) عاما.

و سعلق فيما يأتي علي وجود يزيد عند أبيه حين موته، و قد وافق علي وجوده عنده سبط ابن الجوزي في تذکرته (ص 235)، و رواه الشيخ الصدوق في أماليه مسندا الي الامام علي بن الحسين عليه السلام؛ و قد نقل الخوارزمي في مقتله (ص 177) عن أحمد بن الأعثم الکوفي المتوفي سنة 314 ه انه کان حاضرا ثم غاب للصيد، ثم لم يحضر الا بعد ثلاثة أيام، ثم دخل القصر فلم يخرج منه الا بعد ثلاث، فلعله کان کذلک، أو لعله کانت لمعاوية وصيتان: الاولي مع حضور يزيد، و الثانية في غيبته بواسطة الرجلين الآتي ذکرهما، و من هنا کان الاختلاف بين الوصيتين.

[2] و کان ذلک خلال عشرة أعوام؛ ابتداء من سنة خمسين الي هلاکه سنة ستين.

و قد ذکر الطبري السبب في ذلک (301: 5): ان المغيرة بن شعبة قدم علي معاوية من الکوفة سنة 49 ه فرارا من الطاعون بها - و کان واليه عليها من عام الجماعة سنة 41 ه - يشکو اليه الضعف و يستعفيه، فأعفاه معاوية، و أراد أن يوليها سعيد بن العاص، فغار المغيرة من ذلک، فدخل علي يزيد و عرض له البيعة بولاية العهد، فأدي ذلک يزيد الي أبيه، فرد معاوية المغيرة الي الکوفة و أمره أن يعمل في بيعة يزيد، فرجع المغيرة الي الکوفة و عمل في بيعة يزيد و أوفد في ذلک و فدا الي معاوية.

فکتب معاوية الي زياد بن سمية - و هو يوم اذ ذاک و اليه علي البصرة منذ سنة 45 ه - بعنوان أنه يستشيره في الأمر، فبعث زياد بعبيد بن کعب النميري الأزدي الي يزيد ليبلغه أنه يري له أن يترک ما ينقم عليه ليسهل علي الولاة الدعوة اليه... ثم مات زياد بالکوفة في شهر رمضان سنة 53 ه، و هو وال علي العراقين، و اعتمر معاوية في رجب من سنة 56 ه، فأعلن للناس ولاية عهد يزيد، و دعا الناس الي بيعته، فدخل عليه سعيد بن عثمان بن عفان و استنکر عليه ذلک فشفع له يزيد أن يوليه خراسان، فولاه اياها، و دخل عليه مروان فاستنکر منه ذلک، و کان واليه علي المدينة منذ سنة 54 ه، فوجد عليه معاوية حتي عزله عن المدينة سنة 57 ه، کما في الطبري (309: 5)، و قد فصل المسعودي استنکار مروان في کتابه (38: 3) و في سنة 60 ه بعث عبيدالله بن زياد - و کان واليه علي البصرة منذ سنة 55 ه - وفدا الي معاوية فأخذ منهم معاوية البيعة علي عهد يزيد (322: 5).

[3] ولد عليه السلام لليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة کما في الطبري (555: 3)، فعاش مع جده رسول الله صلي الله عليه وآله ست سنين، ثم مع أبيه أميرالمؤمنين عليه السلام ثلاثين سنة، و في سنة ثلاثين خرج مع أخيه الحسن و حذيفة بن اليمان و عبدالله بن العباس و ناس من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله بقيادة سعيد بن العاص لغزو خراسان علي عهد عثمان) 269: 4).

و عاش مع أخيه الحسن عليه السلام عشر سنين، و کانت مدة امامته بعد أخيه الحسن عليه السلام أيضا عشر سنين عاصر فيها معاوية بن أبي سفيان حتي هلک، و استشهد في کربلاء المقدسة يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة 61 ه، فيکون عمره الشريف يوم قتله ستا و خمسين سنة و ستة أشهر.

[4] تخلف عن بيعة علي عليه السلام بعد عثمان، و قال له علي عليه السلام: «انک لسي ء الخلق صغيرا و کبيرا» (428: 4)، أو قال عليه السلام: «لو لا ما أعرف من سوء خلقک صغيرا و کبيرا لأنکرتني» (436: 4)، لکنه منع اخته حفص من الخروج مع عائشة (451: 4)، و امتنع من اجابة طلحة و الزبير للخروج معهما علي علي عليه السلام (460: 4) و کان صهر أبي موسي الأشعري، فلما دعي الي التحکيم دعاه أبوموسي و دعا معه جماعة و دعا عمرو بن العاص الي تاميره فأبي عليه، فلما صار الأمر الي معاوية ذهب اليه (58: 5)، و هو و ان لم يبايع يزيد الآن و لکنه کتب اليه کتابا بعد مقتل الحسين عليه السلام في تخلية سبيل المختار صهره، فأجابه يزيد الي ما يريد، فلعله کان قد بايع بعد هذا (571: 5)، و ينص المسعودي علي أنه قد بايع بعد هذا الوليد ليزيد، و الحجاج لمروان) مروج الذهب 316: 2).

[5] ولد في السنة الاولي أو الثانية من الهجرة، و دافع عن عثمان يوم الحصار حتي جرح (382: 4) و ذلک بأمر أبيه الزبير (385: 4)، و کان عثمان قد أوصي الي الزبير بوصية (387: 4) و اشترک مع أبيه في حرب الجمل و منع أباه من التوبة و الرجوع (502: 4) و قد امرته عائشة علي بيت المال بالبصرة، و هو اخوها من امها: ام رومان (377: 4) و جرح فاستخرج فطاب (509: 4)، و عبر عنه علي عليه السلام: «ابن السوء» (509: 4) و کان مع معاوية فأرسله مع عمرو بن العاص لمقاتلة محمد بن أبي بکر، فلما اراد عمرو بن العاص قتل محمد تشفع فيه فلم يشفعه معاوية (104: 5) و خرج بمکة بعد مقتل الحسين عليه السلام (474: 5)، و أخذ يجالد بها اثني عشرة سنة حتي قتله الحجاج علي عهد عبدالملک بن مروان، في جمادي الاولي سنة 73 ه (187: 6)، و قتل أخوه (مصعب) في (الأنبار) قبله بسنة، سار اليه عبدالملک بنفسه.

[6] قال في اسد الغابة: خرج عبدالرحمن بن أبي بکر الي مکة قبل أن تتم البيعة ليزيد، فمات بمکان اسمه (حبشي) علي نحو عشرة أميال من مکة سند: 55 ه و هذا لا يتفق مع هذه الوصية، والله أعلم.

[7] أي أنهکته و أتعبته.

[8] عرف هذا مما کاتب به أهل العراق الي الامام عليه السلام و هو بالمدينة بعد وفاة أخيه الامام الحسن عليه السلام، کما رواه اليعقوبي) 216: 2) و فيه: أنهم ينتظرون قيام الامام بحقه و قد سمع بذلک معاوية فعاتب الامام علي هذا، فکذبه، فسکت عنه.

[9] لا يخفي أنه قال: فان خرج عليک فظفرت به، أي: فان خرج عليک فحاربه حتي تظفر به، و لکن لا تقتله، و بهذا يجمع له بين الحسنيين بين الظفر و عدم النقمة عليه و مما يدل علي تمهيد معاوية لقتال الحسين عليه السلام کتابه المودع عند غلامه سرجون الرومي بولاية ابن زياد للعراق ان حدث حادث کما يأتي.

[10] و رواه الخوارزمي: 175 بزيادات.