بازگشت

مذهبه و وثاقته


و الملاحظ في أخباره، عامة - أيضا - أنه لم يرو عن الامام زين العابدين عليه السلام ت: 95 ه، و لا عن الامام الباقر عليه السلام ت: 115 ه مباشرة و لا خبرا واحدا، بل روي عن الامام الباقر عليه السلام بواسطة [1] و عن الامام علي بن الحسين عليهماالسلام بواسطتين [2] ، و له بضع روايات عن الامام


الصادق عليه السلام 148 ه بلا واسطة [3] ، و هذا مما يؤيد النجاشي (ره) اذ قال: «و قيل انه روي عن أبي جعفر عليه السلام، و لم يصح» [4] ، و لم يرو عن الامام موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام، مع أنه عاش بعد الامام الصادق عليه السلام ت: 148 ه معاصرا للامام الكاظم عليه السلام عشر سنين، و لهذا لم يعده أحد من أصحابه.

و هذا مما قد يدلنا علي أنه لم يكن شيعيا و من صحابة الائمة بالمعني المصطلح الشيعي الامامي، الذي يعبر عنه العامة بالرافضي، و انما كان شيعيا في الرأي و الهوي كأكثر الكوفيين غير رافض لمذهب عامة المسلمين آنذاك.

و قد يكون مما يؤيد هذا: أن أحدا من العامة لم يرمه بالرفض، كما هو المعروف من مصطلحهم: انهم لا يقصدون بالتشيع سوي الميل الي أهل البيت عليهم السلام، و أما من علموا منه اتباع أهل البيت عليهم السلام في مذهبه فانهم يرمونه بالرفض لا التشيع فحسب، و هذا هو الفارق في مصطلحهم بين الموردين.

قال فيه الذهبي: «أخباري تالف لا يوثق به، تركه أبوحاتم و غيره، و قال ابن معين: ليس بثقة، و قال مرة: ليس بشي ء، و قال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم» [5] فلم يرمه أحد منهم بالرفض بينما نراهم يرمون من ثبت أنه علي مذهب أهل البيت عليهم السلام بالرفض.

و يصرح ابن ابي الحديد بهذا فيقول: و أبومخنف من المحدثين، و ممن يري صحة الامامة بالاختيار، و ليس من الشيعة و لا معدودا من رجالها [6] .


نقل هذا السيد الصدر في (تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام) ثم علق عليه يقول: «قلت: لا يرمونه بغير التشيع؛ و هو عند أهل العلم منهم لا ينافي الوثاقة، و قد اعتمد عليه ائمة السنة كأبي جرير الطبري، و ابن الأثير، خصوصا ابن جرير قد شحن تاريخه الكبير من رواية أبي مخنف» [7] .

و قد عقد الامام شرف الدين رحمه الله في كتابه (المراجعات) فصلا خاصا عد فيه مائة من رجال الشيعة في أسناد السنة بل حتي صحاحهم و عين مواضعه [8] .

و خلاصة القول فيه: انه لا ينبغي التأمل في كونه شيعيا لا اماميا، كما صرح به ابن أبي الحديد فهو كلام متين، و انما عده بعض العامة شيعييا علي ما تعودوا عليه بالنسبة الي من يمبل الي أهل البيت عليه السلام بالمودة و المحبة و الهوي، و لم يصرح أحد من علماء الشيعة السابقين بتشيعه، و انما وصفه النجاشي رحمه الله و هو خريت هذا الفن بأنه «كان شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة» لا شيخ أصحابنا، أو حتي شيخ أصحاب أخبارنا، و لا عجب في تصريح ابن أبي الحديد بذلك و هو يروي عنه أرجازا في وقعة الجمل في وصاية علي عليه السلام لرسول الله صلي الله عليه وآله، فان نقله لهذه الأراجيز لا يشهد بأكثر من تشيعه في الرأي و الهوي لا العقيدة بالامامة، كما يروي ذلك كثير من أهل السنة.

و الخلاصة: أن كون الرجل شيعيا مما لا ينبغي الريب فيه، أما كونه اماميا فلا دليل عليه.


و أحسن ما قال فيه أصحابنا هو ما مدحه به النجاشي: انه «شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة و وجههم، و كان يسكن الي ما يرويه» فهو مدح معتد به يثبت به حسنه، و لذا عد أخباره في (الوجيزة) و (البلغة) و (الحاوي)، و غيرها من الحسان.


پاورقي

[1] انظر خبر مقتل الرضيع في الطبري 448: 5.

[2] انظر خبر ليلة عاشورا 488: 5.

[3] انظر خبر مصرع الحسين عليه السلام 453: 5.

[4] ص 224 ط حجر هند.

[5] ميزان الاعتدال 420: 3 ط الحلبي، و المحترق بمعني المتعصب کما جاء في الميزان بشأن الحارث بن حصيرة: هو من المحترقين، و ليس المخترق کما قد يتوهم.

[6] تأسيس الشيعة: 235 ط بغداد، و قد عددت موارد رواية الطبري عن أبي مخنف فکان زهاء) 400 (موردا، کما في فهرس الأعلام ط دار المعارف، آخرها ص 417 ج 7 في خروج محمد بن خالد بالکوفة سنة 132 ه.

[7] تأسيس الشيعة: 235 ط بغداد.

[8] المراجعة: 16 الي: 17 من صفحة 52 الي صفحة 118 ط دار الصادق.