بازگشت

في جملة من الحوادث الواقعة في طريق الشام


اعلم ان ترتيب المنازل التي نزلوها في كل مرحلة باتوا بها ام عبروا منا غير معلوم و لا مذكور في شي ء من الكتب المعتبرة، بل ليس في اكثرها كيفية مسافرة اهل البيت الي الشام نعم وقع بعض القضايا في بعضها نحن نشير اليها في هذا الكتاب انشاءالله.

قال ابن شهر اشوب في المناقب: و من مناقبه- اي الحسين عليه السلام- ما ظهر من المشاهد التي يقال لها مشهد الراس من كربلاء الي عسقلان و ما بينهما في الموصل و نصيبين و حماه و حمص و دمشق و غير ذلك [1] .

اقول: يظهر من هذه العبارة ان للراس المعظم المقدس في هذه الاماكن مشهد معروف:

اما مشهد الراس بدمشق فهو معلوم و لا يحتاج الي البيان و انا تشرفت بزيارته.

و اما مشهده بالموصل فهو كما في روضة الشهداء [2] ما ملخصه: ان القوم لما ارادوا ان يدخلوا الموصل ارسلوا الي عامله ان يهي ء لهم الزاد و العلوفة و ان يزين لهم البلدة، فاتفق اهل الموصل ان يهيئوا لهم ما ارادوا و ان يستدعوا منهم ان لا يدخلوا البلدة بل ينزلون خارجها و يسيرون من غير ان يدخلوا فيها فنزلوا ظاهر البلد علي فرسخ منها و و وضعوا الراس الشريف علي صخرة، فقطرت عليها قطرة دم من الراس المكرم فصارت تنبع و يغلي منها الدم كل سنة في يوم عاشوراء، و كان الناس يجتمعون عندها من الاطراف و يقيمون مراسم العزاء و المآتم في كل عاشوراء، و بقي هذا الي ايام عبدالملك بن مروان فامر بنقل الحجر فلم ير بعد ذلك منه اثر،


و لكن بنوا علي ذلك المقام قبة سموها مشهد النقطة [3] .

و اما السانحة التبي وقعت بنصيبين: ففي الكامل البهائي ما حاصله: انهم لما وصلوا الي نصيبين امر منصور بن الياس بتزيين البلدة، فزينوها باكثر من الف مرآة، فاراد الملعون الذي كان معه راس الحسين عليه السلام ان يدخل البلد فلم يطعه فرسه، فبدله بفرس آخر فلم يطعه، و هكذا فاذا بالرس الشريف قد سقط الي الارض فاخذه ابراهيم الموصلي فتامل فيه فوجده راس الحسين عليه السلام فلامهم و وبخهم فقتله اهل الشام، ثم جعلوا الراس في خارج البلد و لم يدخلوه به [4] .

قلت: و لعل مسقط الراس الشريف صار مشهدا.

و اما المشهد الذي كان بحماه: ففي بعض الكتب [5] نقلا عن بعض ارباب المقاتل [6] انه قال: لما سافرت الي الحج فوصلت الي حماه رايت بين بساتينها مسجدا يسمي مسجد الحسين عليه السلام. قال: فدخلت المسجد فرايت في بعض عماراته سترا مسبلا من جدار، فرفعته و رايت حجرا. منصوبا في جدار و كان الحجر مؤربا فيه موضع عنق راس اثر فيه و كان عليه دم متجمد، فسالت من بعض خدام المسجد ما هذا الحجر و الاثر و الدم؟ فقال لي: هذا الحجر موضع راس الحسين عليه السلام، فوضعه القوم الذين يسيرون به الي دمشق- الخ.

و اما مشهد الراس بحمص: فما ظفرت به كما اني لم اظفر بمشهد الراس من كربلاء الي عسقلان.


نعم في جنب الباب الشمالي من صحن مولانا ابي عبدالله الحسين عليه السلام مسجد يسمي مسجد راس الحسين عليه السلام، و في ظهر الكوفة عند قائم الغري مسجد يسمي بالمسجد الحنانة فيه يستحب زيارة الحسين عليه السلام، لان راسه عليه السلام وضع هناك.

قال المفيد و السيد و الشهيد في باب زيارة اميرالمؤمنين صلوات الله عليه: فاذا بلغت العلم- و هي الحنانة- فصل هناك ركعتين.

فقد روي محمد بن ابي عمير عن مفضل بن عمر قال: جاز الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغري فصلي ركعتين، فقيل له: ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضع راس جدي الحسين بن علي عليهماالسلام، وضعوه ها هنا لما توجهوا من كربلاء ثم حملوه الي عبيد الله بن زياد [7] .

قال شيخ الفقهاء العظام صاحب جواهر الكلام: و يمكن ان يكون هذا المكان موضع دفن الراس الشريف- الي آخر ما قال مما لا احب نقله بن اتعجب منه رحمه الله كيف نقله [8] .

و اما مشهد الراس الشريف بعسقلان ففي بعض الكتب انه مشهور [9] .

اعلم ان في قرب حلب مشهد يسمي بمشهد السقط علي جبل جوشن بالفتح ثم السكون و الشين المعجمة و النون، و هو جبل مطل علي حلب في غربيها مقابر و مشاهد للشيعة، منها مقبرة ابن شهر آشوب صاحب المناقب، و منها مقبرة احمد بن منير العاملي المذكور ترجمته في امل الامل و ذكرت ايضا ترجمته في الفوائد الرضوية [10] .


قال الحموي في معجم البلدان في جوشن ما لفظه: جوشن جبل في غربي حلب و منه يحمل النحاس الاحمر و هو معدنه، و يقال انه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي عليه السلام و نساؤه، و كانت زوجة الحسين عليه السلام حاملا فاسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزا و ماء فشتموها و منعوها فدعت عليهم، فمن الآن من عمل فيه لا يربح. و في قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط و يسمي مشهد الدكة و السقط يسمي محسن بن الحسين رضي الله عنه [11] .

اقول: و يحق ان يقال:



فانظر الي حظ هذا الاسم كيف لقي

من الاواخر ما لاقي من الاول




پاورقي

[1] المناقب 82 /4.

[2] روضة الشهداء: 368.

[3] و في الکامل للبهائي: ان حاملي الراس الشريف کانوا يخافون من قبائل العرب ان يخرجوا عليهم و ياخذوا الراس منهم، فترکوا الطريق المعروف و اخذوا من غير الطريق لذلک، و کلما و صلوا الي قبيلة طلبوا منهم العلوفة و قالوا معنا راس خارجي «منه». الکامل للبهائي 291 /2.

[4] کامل البهائي 292 /2.

[5] رياض الاحزان للمولي حسن القزويني «منه». ص 83 الطبع الحجري سنة 1305.

[6] من المعاصرين له.

[7] البحار 282 -281 /97 نقلا عن المفيد و السيد و الشهيد.

[8] جواهر الکلام 93 -92 /20.

[9] هو مشکاة الادب الناصري «منه». راجع ناسخ التواريخ مجلد الحسين عليه‏السلام 194 /3.

[10] امل الامل 28 /1، الفوائد الرضوية 37 /1.

[11] معجم البلدان 186 /2 و 284 طبع سنة 1388.