بازگشت

ارسال عبيدالله بن زياد الرؤوس المطهرة و اهل البيت الطاهرين الي الشام


(في ارسال عبيد الله بن زياد الرؤوس المطهرة و اهل البيت الطاهرين من الكوفة الي الشام و ذكر بعض السوانح).

لما فرغ القوم من التطواف بالراس المطهر بالكوفة ردوه الي باب القصر فدفعه ابن زياد الي زحر بن قيس و دفع اليه رؤوس اصحابه عليه السلام و سرحه الي يزيد بن معاوية و انفذ معه ابابردة بن عوف الازدي و طارق بن ابي ظبيان (طارق خ ل) في جماعة من اهل الكوفة حتي وردوا بها علي يزيد [1] .


اقول: و يحق لي ان اطيل البكاء و اتمثل يقول اميرالمؤمنين سيد الاوصياء صلوات الله عليه: اين الذين تعاقدوا علي المنية و ابرد برؤوسهم الي الفجرة [2] و ان اتمثل بقول الشاعر:



بنفسي رؤوس معلنات [3] علي القنا

الي الشام تهدي بارقات الاسنة



بنفسي خدود في التراب تعفرت

بنفسي جسوم بالعراء تعرت



ربيع اليتامي و الارامل فابكها

مدارس للقرآن في كل سحرة



و اعلام دين المصطفي و ولاته

و اصحاب قربان و حج و عمرة [4] .



روي عن عبدالله بن ربيعة الحميري قال: اني لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذ اقبل زحر بن قيس حتي دخل عليه، فقال له يزيد: ويلك ما وراؤك و ما عندك؟ فقال: ابشر بفتح الله و نصره ورد علينا الحسين بن علي عليهماالسلام في ثمانية عشر من اهل بيته و ستين من شيعته، فسرنا اليهم فسالناهم ان يستسلموا و ينزلوا علي حكم الامير عبيد الله بن زياد او القتال فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس فاحطنا بهم من كل ناحية، حتي اذا اخذت السيوف ماخذها من هام القوم جعلوا يتهربون (يهربون خ ل ينهزمون خ ل) الي غير وزر و يلوذون منا بالآكام و الحفر لواذا كما لاذ الحمائم من صقر، فو الله يا اميرالمؤمنين ما كان الا جزر جزور او نومة قائل حتي اتينا علي آخرهم، فهاتيك اجسادهم مجردة و ثيابهم مرملة و خدودهم معفرة تصهرهم الشموس و تسفي عليهم الرياح، زوارهم العقبان و الرخم بقاع [5] سبسب. فاطرق يزيد هنيهة ثم رفع راسه و قال: قد كنت ارضي من طاعتكم بون قتل الحسين، اما لو اني كنت صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. و لم يصله بشي ء [6] .


و في رواية نور الابصار للسيد الشبلنجي و تذكرة السبط: و اخرجه من عنده و لم يصله بشي ء. انتهي [7] .

قلت: قد اخبر عليه السلام عن ذلك كما روي عن ابي جعفر محمد بن جرير بسنده عن ابراهيم بن سعيد- و كان هو مع زهير بن القين حين صحب الحسين عليه السلام- فقال له: يا زهير اعلم ان ها هنا مشهدي و يحمل هذا من جسدي- يعني راسه- زحر بن قيس فيدخل علي يزيد و يرجو نائله فلا يعطيه شيئا [8] .

ثم ان عبيد الله بن زياد بعد انفاذه براس الحسين عليه السلام امر بصبيانه و نسائه فجهزوا وأمر بعلي بن الحسين عليه السلام فغل بغل الي عنقه، ثم سرح بهم في اثر الراس مع مخفر بن ثعلبة العائذي و شمر بن ذي الجوشن، فانطلقوا بهم حتي لحقوا بالقوم الذين معهم الراس، و لم يكن علي بن الحسين عليهماالسلام يكلم احدا منهم (من القوم خ ل) في الطريق كله حتي بلغوا دمشق [9] .

للسيد حيدر الحلي «ره»:



فمن مبلغ المختار ان بقية الا

ل الفتي السجاد في القيد يرسف



و من مبلغ الزهراء ان بناتها

عليها الرزايا و المصائب عكف



تطوف بها الاعداء في كل بلدة

فمن بلد اضحت لآخر تقذف



و روي عن كتب الفريقين ان حاملي الراس الشريف لما نزلوا في اول مرحلة جعلوا يشربون و يتبجحون [10] بالراس فيما بينهم، فخرجت عليهم كف من الحائط معها قلم من حديد فكتبت اسطرا بدم:



اترجو امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب




ففزعوا من ذلك و ارتاعوا و رحلوا من ذلك المنزل [11] .

و في تذكرة السبط: قال ابن سيرين: وجد حجر قبل مبعث النبي صلي الله عليه و آله بخمس مائة سنة عليه مكتوب بالسريانية فنقلوه بالعربية فاذا هو:



اترجو امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب [12] .



و قال سليمان بن يسار وجد حجر عليه مكتوب:



لا بد ان ترد القيامة فاطمة

و قميصها بدم الحسين ملطخ



ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

و الصور في يوم القيامة ينفخ [13] .



و عن تاريخ الخميس قال: فساروا الي ان وصلوا الي دير في الطريق فنزلوا ليقيلوا به، فوجدوا مكتوبا الي بعض جدرانه:



اترجو امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



فسالوا الراهب عن السطر و من كتبه، فقال: انه مكتوب ها هنا من قبل ان يبعث نبيكم بخمس مائة عام [14] .

و روي السبط ابن الجوزي مسندا عن ابي محمد عبدالملك بن هشام النحوي البصري في حديث: ان القوم كلما نزلوا منزلا اخرجوا الراس من صندوق اعدوه له فوضعوه علي رمح و حرسوه طول الليل الي وقت الرحيل ثم يعيدوه الي الصندوق و يرحلوا، فنزلوا بعض المنازل و في ذلك المنزل دير فيه راهب فاخرجوا الراس علي عادتهم و وضعوه علي المرح و حرسه الحرس علي عادته و اسندوا الرمح الي الدير، فلما كان في نصف الليل راي الراهب نورا من مكان الراس الي عنان


السماء، فاشرف علي القوم و قال: من انتم؟ قالوا: نحن اصحاب ابن زياد. قال: و هذا راس من؟ قالوا: راس الحسين بن علي بن ابي طالب ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله. قال: نبيكم؟ قالوا: نعم. قال: بئس القوم انتم، لو كان للمسيح ولد لاسكناه احداقنا. ثم قال: هل لكم في شي ء؟ قالوا: و ما هو؟ قال: عندي عشرة آلاف دينار تاخذوها و تعطوني الراس يكون عندي تمام الليلة و اذا رحلتم تاخذوه. قالوا: و ما يضرنا. فناولوه الراس و ناولهم الدينار (الدنانير ظ) فاخذه الراهب فغسله و طيبه و تركه علي فخذه و قعد يبكي الليل كله، فلما اسفر الصبح قال: يا راس لا املك الا نفسي و انا اشهد ان لا اله الا الله و ان جدك محمدا رسول الله و اشهد انني مولاك و عبدك. ثم خرج عن الدير و ما فيه و صار يخدم اهل البيت عليهم السلام.

قال ابن هشام في السيرة: ثم انهم اخذوا الراس و ساروا، فلما قربوا من دمشق قال بعضهم لبعض: تعالوا حتي نقسم الدنانير لا يراها يزيد فياخذها منا. فاخذوا الاكياس و فتحوها و اذا الدنانير قد تحولت خزفا و علي احد جانبي الدينار مكتوب: (و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) الآية، و علي الجانب الاخر: (و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون) فرموها في بردي [15] .

و روي الشيخ الاجل سعيد بن هبة الله الراوندي في الخرائج هذا الخبر مفصلا، و فيه: ان الراهب لما رد الراس الشريف نزل من الدير فلحق ببعض الجبال يعبد الله تعالي، و ان القوم كان رئيسهم عمر بن سعد، و هو اخذ الدراهم من الراهب، و لما رآها قد تحولت خزفا امر غلمانه ان يطرحوها في النهر. [16] .

اقول: الذي يظهر من التواريخ و السير ان عمر بن سعد لم يكن مع القوم في سيرهم الي الشام، فكونه معهم بعيد، و ابعد من هذا قوله رحمه الله في آخر الخبر:


و مضي عمر بن سعد الي الري فما لحق بسلطانه و محق الله عمره فاهلك بالطريق، فانه قد ثبت ان عمر بن سعد قتله المختار في منزله بالكوفة و استجاب الله دعاء مولانا الحسين عليه السلام عليه بقوله «و سلط عليك من يذبحك بعدي علي فراشك». و الله العالم.

قال السيد «ره»: روي ابن لهيعة و غيره حديثا اخذنا منه موضع الحاجة قال: كنت اطوف بالبيت اذا برجل يقول: اللهم اغفر لي و ما اراك فاعلا. فقلت له: يا عبدالله اتق الله و لا تقل مثل ذلك، فان ذنوبك لو كانت مثل قطر الامطار و ورق الاشجار فاستغفرت الله غفرها لك و انه غفور رحيم. قال: فقال لي: تعال حتي اخبرك بقصتي، فاتيته فقال: اعلم انا كنا خمسين نفرا ممن سار مع راس الحسين عليه السلام الي الشام، فكنا اذا امسينا وضعنا الراس في تابوت و شربنا الخمر حول التابوت، فشرب اصحابي ليلة حتي سكروا و لم اشرب معهم، فلما جن الليل سمعت رعدا و رايت برقا، فاذا ابواب السماء قد فتحت و نزل آدم و نوح و ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و نبينا محمد صلي الله عليه و آله و معه جبرئيل و خلق من الملائكة، فدنا جبرئيل من التابوت و اخرج الراس و ضمه الي نفسه و قبله، ثم كذلك فعل الانبياء كلهم، و بكي النبي صلي الله عليه و آله علي راس الحسين عليه السلام و عزاه الانبياء، و قال له جبرئيل: يا محمد ان الله تبارك و تعالي امرني ان اطيعك في امتك فان امرتني زلزلت بهم الارض و جعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط. فقال النبي صلي الله عليه و آله: لا يا يا جبرئيل فان لهم معي موقفا بين يدي الله تعالي يوم القيامة. ثم جاء الملائكة نحونا ليقتلونا فقلت: الامان الامان يا رسول الله. فقال: اذهب فلا غفر الله لك [17] .



پاورقي

[1] الارشاد: 229.

[2] نهج‏البلاغة 177 و فيه: «النية» مکان المنية.

[3] في المناقب و البحار: معليات.

[4] البحار 280 /45، و راجع المناقب 126 /4.

[5] في بعض المصادر: بقي سبسب.

[6] تاريخ الطبري 374 /7، الکامل 83 /4 مع اختلاف يسير، الارشاد: 239، القمقام: 543.

[7] راجع تذکرة الخواص: 148، نور الابصار: 145.

[8] دلائل الامامة: 74.

[9] الارشاد: 230.

[10] بجح بتقديم جيم بحاء مهملة «منه».

[11] قمقام ص 544 و ايضا البحار 185 /45 نقلا عن الخرائج، و ايضا اللهوف: 154 نقلا عن تذييل محمد بن النجار، ايضا الصواعق المحرقة: 192.

[12] تذکرة الخواص: 155.

[13] تذکرة الخواص: 155.

[14] قمقام: 545 نقلا عن تاريخ الخميس.

[15] تذکرة الخواص: 148 -147، و الآيتان في سورة ابراهيم: 42 و الشعراء: 227.

[16] الخرائج: 227، البحار 184 /45 نقلا عن الخرائج.

[17] اللهوف: 154 -152.