بازگشت

احتجاج علي بن الحسين علي اهل الكوفة


(احتجاج علي بن الحسين عليهماالسلام علي اهل الكوفة حين خرج من الفسطاط و توبيخه اياهم علي غدرهم و نكثهم)

ثم قال حذام بن ستير: خرج زين العابدين عليه السلام الي الناس و اومي اليهم ان اسكتوا، فسكتوا و هو قائم، فحمد الله و اثني عليه و صلي علي نبيه صلي الله عليه و آله ثم قال:

ايها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فانا علي بن الحسين المذبوح بشط الفرات من غير ذحل و لا ترات، انا ابن من انتهك حريمه و سلب نعيمه و انتهب ماله و سبي عياله، انا ابن من قتل صبرا فكفي بذلك فخرا. ايها الناس ناشدتكم بالله هل تعلمون انكم كتبتم الي ابي و خدعتموه و اعطيتموه من انفسكم العهد و الميثاق و البيعة و قاتلتموه و خذلتموه، فتبا لكم ما قدمتم لانفسكم و سوءة لرايكم، باية عين تنظرون الي رسول الله صلي الله عليه و آله اذ يقول لكم قتلتم عترتي و انتهكتم حرمتي فلستم من امتي.

قال: فارتفعت اصوات الناس بالبكاء و يدعو بعضهم بعضا هلكتم و ما تعلمون. فقال علي بن الحسين عليه السلام: رحم الله امرا قبل نصيحتي و حفظ وصيتي في الله و في رسوله و في اهل بيته، فان لنا في رسول الله اسوة حسنة.

فقالوا باجمعهم: نحن كلنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك و لا راغبين عنك فمرنا بامرك رحمك الله فانا حرب


لحربك و سلم لسلمك، فناخذن ترتك ممن ظلمك و ظلمنا.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: هيهات هيهات، ايها الغدرة المكرة، حيل بينكم و بين شهوات انفسكم، اتريدون ان تاتوا الي كما اتيتم الي آبائي من قبل، كلا و رب الراقصات فان الجرح لما يندمل من قتل ابي بالامس و اله بيته معه، فلم ينسني ثكل رسول الله صلي الله عليه و آله و ثكل ابي عليه السلام و بني ابي و جدي عليه السلام، شق لهازمي و مرارته بين حناجري و حلقي و غصصه تجري في فراش صدري، و مسالتي الا تكونوا لنا و لا علينا.

ثم قال عليه السلام:



لا غرو ان قتل الحسين و شيخه

قد كان خيرا من حسين و اكرما



فلا تفرحوا يا اهل كوفة بالذي

اصيب حسين كان ذلك اعظما



قتيل بشط النهر نفسي فداؤه

جزاء الذي اراده نار جهنما [1] .



و فيه ايضا: احتجاج فاطمة الصغري علي اهل الكوفة.

عن زيد بن موسي بن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السلام خطبت فاطمة الصغري بعد ان ردت من كربلاء فقالت:

الحمد لله عدد الرمل و الحصي، وزنة العرش الي الثري، احمده و اومن به و اتوكل عليه، و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله و ان اولاده ذبحوا بشط الفرات من غير ذحل و لا ترات، اللهم اني اعوذ بك ان افتري عليك الكذب و ان اقول خلاف ما انزلت عليه من اخذ العهود لوصيه علي بن ابي طالب عليه السلام المسلوب حقه المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالامس في بيت من بيوت الله و بها معشر مسلمة بالسنتهم، تعسا لرؤوسهم ما رفعت عنه ضيما في حياته و لا عند مماته، حتي قبضته اليك محمود النقيبة طيب الضريبة (العريكة خ ل) معروف المناقب مشهور المذاهب، لم تاخذه فيك لومة لائم و لا


عذل عاذل، هديته يا رب للاسلام صغيرا و حمدت مناقبه كبيرا و لم يزل ناصحا لك و لرسولك صلواتك عليه و آله حتي قبضته اليك زاهدا في الدنيا غير حريص عليها راغبا في الاخرة مجاهدا لك في سبيلك، رضيته فاخترته و هديته الي طريق مستقيم.

اما بعد: يا اهل الكوفة، يا اهل المكر و الغدر و الخيلاء، انا اهل بيت ابتلانا الله بكم و ابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسنا و جعل علمه عندنا و فهمه لدينا، فنحن عيبة علمه و وعاء فهمه و حكمته و حجته في الارض في بلاده لعباده، اكرمنا الله بكرامته و فضلنا بنبيه صلي الله عليه و آله علي كثير من خلقه تفضيلا، فكذبتمونا و كفرتمونا و رايتم قتالنا حلالا و اموالنا نهبا، كانا اولاد الترك او كابل. كما قتلتم جدنا بالامس و سيوفكم تقطر من دمائنا اهل البيت لحقد متقدم، قرت بذلك عيونكم و فرحت قلوبكم اجتراء منكم علي الله و مكرا مكرتم و الله خير الماكرين فلا تدعونكم انفسكم الي الجذل بما اصبتم من دمائنا ونالت ايديكم من اموالنا فان ما اصابنا من المصائب الجليلة الرزايا العظيمة (في كتاب من قبل ان نبراها ان ذلك علي الله يسير- لكيلا تاسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور) [2] تبا لكم فانتظروا اللعنة و العذاب فكان قد حل بكم و تواترت من السماء نقمات فيسحتكم بما كسبتم و يذيق بعضكم باس بعض ثم تخلدون في العذاب الاليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، الا لعنة الله علي الظالمين.

ويلكم اتدرون اية يد طاعنتنا منكم او اية نفس ترغب الي قتالنا ام باية رجل مشيتم الينا تبغون محاربتنا، قست قلوبكم و غلظت اكبادكم و طبع علي افئدتكم و ختم علي سمعكم و بصركم وسول لكم الشيطان و املي لكم و جعل علي بصركم غشاوة فانتم لا تهتدون، تبا لكم يا اهل الكوفة كم ترات لرسول الله صلي الله عليه و آله قبلكم و ذحول له لديكم، ثم غدرتم باخيه علي بن ابي طالب عليه السلام جدي و بنيه عترة النبي الطيبين الاخيار و افتخر بذلك مفتخر فقال:



نحن قتلنا عليا و بني

علي بسيوف هندية و رماح






و سبينا نساءهم سبي ترك

و نطحناهم و اي نطاح



بفيك أيها القائل الكثكث و لك الاثلب، افتخرت بقتل قوم زكاهم الله و طهرهم و اذهب عنهم الرجس فاكظم واقع كما اقعي ابوك، و انما لكل امري ء ما قدمت يداه، حسدتمونا ويلا لكم علي ما فضلنا الله



فما ذنبنا ان جاش دهرا بحورنا

و بحرك ساج لا يواري الدعامصا



ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

قال: فارتفعت الاصوات بالبكاء و قالوا: حسبك يا ابنة الطيبين فقد احرقت قلوبنا و انضجت نحورنا و اضرمت اجوافنا. فسكتت عليها و علي ابيها و جديها السلام [3] .

اقول: روي السيد «ره» هذه الخطب في اللهوف [4] و قال بعد هذه الخطبة:

و خطبت ام كلثوم بنت علي عليه السلام في ذلك اليوم من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت: يا اهل الكوفة سواة لكم، ما لكم خذلتم حسينا و قتلتموه و انتهبتم امواله و ورثتموه و سبيتم نساءه و نكبتموه، فتبالكم و سحقا. ويلكم اتدرون اي دواه دهتكم و اي وزر علي ظهوركم حملتم و اي دماء سفكتموها و اي كريمة اصبتموها و اي صبية سلبتموها و اي اموال انتهبتموها، قتلتم خير رجالات بعد النبي و نزعت الرحمة من قلوبكم، الا ان حزب الله هم الفائزون (المفلحون خ ل) و حزب الشيطان هم الخاسرون. ثم قالت:



قتلتم اخي صبرا فويل لامكم

ستجزون نارا حرها يتوقد



سفكتم دماء حرم الله سفكها

و حرمها القران ثم محمد



الا فابشروا بالنار انكم غدا

لفي سقر حقا يقينا تخلدوا



و اني لابكي في حياتي علي اخي

علي خير من بعد النبي سيولد






بدمع غزير مستهل مكفكف

علي الخد مني دائما ليس يجمد



قال الراوي: فضج الناس بالبكاء و النوح، و نشر النساء شعورهن و وضعن التراب علي رؤوسهن و خمشن وجوههن و ضربن خدودهن و دعون بالويل و الثبور و بكي الرجال و نتفوا لحاهم، فلم ير باكية و باك اكثر من ذلك اليوم [5] .

قال العلامة المجلسي «ره» في البحار: اقول: رايت في بعض الكتب المعتبرة روي مرسلا عن مسلم الجصاص قال: دعاني ابن زياد لاصلاح دار الامارة بالكوفة، فبينا انا اجصص الابواب و اذا انا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة، فاقبل علي خادم كان معنا فقلت: مالي اري الكوفة تضج؟ قال: الساعة اتوا براس خارجي خرج علي يزيد. فقلت: من هذا الخارجي؟ فقال: الحسين بن علي عليه السلام.

قال: فتركت الخادم حتي خرج و لطمت وجهي حتي خشيت علي عيني ان تذهبا، و غسلت يدي من الجص و خرجت من ظهر القصر و اتيت الي الكناس فبينما انا واقف و الناس يتوقعون وصول السبايا و الرؤوس اذ قد اقبلت نحو اربعين شقة تحمل علي اربعين جملا فيها الحرم و النساء و اولاد فاطمة عليهاالسلام، و اذا بعلي ابن الحسين عليهماالسلام علي بعير بغير وطاء و اوداجه تشخب دما، و هو مع ذلك يبكي و يقول:



يا امة السوء لا سقيا لربعكم

يا امة لم تراعي جدنا فينا



لو اننا و رسول الله يجمعنا

يوم القيامة ما كنتم تقولونا



تسيرونا علي الاقتاب عارية

كاننا لم نشيد فيكم دينا



بني امية ما هذا الوقوف علي

تلك المصائب لا تلبون داعينا



تصفقون علينا كفكم فرحا

و انتم في فجاج الارض تسبونا



اليس جدي رسول الله ويلكم

اهدي البرية من سبل المضلينا



يا وقعة الطف قد اورثتني حزنا

و الله تهتك استار المسيئينا




قال: و صار اهل الكوفة يناولون الاطفال الذين علي المحامل بعض التمرة و الخبز و الجوز، فصاحت بهم ام كلثوم: يا اهل الكوفة ان الصدقة علينا حرام. و صارت تاخذ ذلك من ايدي الاطفال و افواههم و ترمي به الي الارض.

قال: و قالت كل ذلك و الناس يبكون علي ما اصابهم، ثم ان ام كلثوم اطلعت راسها من المحمل و قالت لهم: صه يا اهل الكوفة تقتلنا رجالكم و تبكينا نساؤكم فالحاكم بيننا و بينكم الله يوم فصل القضاء. فبينما هي تخاطبهن اذا بضجة قد ارتفعت و اذا هو اتوا بالرؤوس يقدمهم راس الحسين عليه السلام و هو راس زهري قمري اشبه الخلق برسول الله صلي الله عليه و آله و لحيته كسواد السبج قد انتصل منها الخضاب و وجه دارة قمر طالع و الرمح تلعب بها يمينا و شمالا، فالتفتت زينب عليهاالسلام فرات راس اخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتي راينا الدم يخرج من تحت قناعها، و اومت اليه بحرقة و جعلت تقول:



يا هلالا لما استتم كمالا

غاله خسفه فابدا غروبا



ما توهمت يا شقيق فوادي

كان هذا مقدرا مكتوبا



يا اخي فاطم الصغيرة كلمها

فقد كاد قلبها ان يذوبا



يا اخي قلبك الشفيق علينا

ما له قد قسي و صار صليبا



يا اخي لو تري عليا لدي الا

سر مع اليتم لا يطيق وجوبا



كلما اوجعوه بالضرب نادا

ك بذل يفيض دمعا سكوبا



يا اخي ضمه اليك و قربه

و سكن فؤآده المرعوبا



ما اذل اليتيم حين ينادي

بابيه و لا يراه مجيبا [6] .





پاورقي

[1] الاحتجاج 167 -166، و راجع اللهوف: 139.

[2] سورة الحديد: 23 -22.

[3] الاحتجاج: 165 -164.

[4] اللهوف: 142 -129.

[5] اللهوف: 138 -137.

[6] البحار 114 /45.