بازگشت

في ذكر مما يتعلق بعصر عاشوراء


(من تسريح الرؤوس الشريفة الي ابن زياد و غير ذلك)

قلت: ثم ان عمر بن سعد لعنه الله سرح براس الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء مع خولي بن يزيد الاصبحي و حميد بن مسلم الازدي الي عبيد الله بن زياد، و امر برؤوس الباقين من اصحابه و اهل بيت فقطعت (فنظفت خ ل) و كانت اثنين و سبعين راسا و سرح بها مع شمر بن ذي الجوشن و قيس بن الاشعث و عمرو بن الحجاج و عرة بن قيس، فاقبلوا حتي قدموا علي ابن زياد [1] .

قال الطبري: انه اقبل خولي بن يزيد براس الحسين عليه السلام فاراد القصر فوجد باب القصر مغلقا، فاتي منزله فوضعه تحت اجانة في منزله و له امراتان امراة من بني اسد و الاخري من الحضرميين يقال لها النوار ابنة مالك بن عقرب و كانت تلك الليلة ليلة الحضرمية.

قال هشام: فحدثني ابي عن النوار بنت مالك قالت: اقبل خولي براس الحسين عليه السلام فوضعه تحت اجانة في الدار ثم دخل البيت فآوي الي فراشه فقلت له: ما الخبر ما عندك؟ قال: جئتك بغني الدهر، هذا راس الحسين معك


في الدار. قالت: فقلت: ويلك جاء الناس بالذهب و الفضة و جئت براس ابن بنت رسول الله، لا و الله يجمع راسي و راسك بيت ابدا. قالت: فقمت من فراشي فخرجت الي الدار، فدعا الاسدية فادخلها اليه و جلست انظر. قالت: فو الله ما زلت انظر الي نور يسطع مثل العمود من السماء الي الاجانة، و رايت طيرا بيضا ترفرف حولها. قال: فلما اصبح غدا بالراس الي عبيد الله بن زياد [2] .

في كتاب مطالب السؤل و كشف الغمة: ان حامل راس الحسين عليه السلام الي ابن زياد كان بشر بن مالك، فلما وضع الراس بين يدي عبيد الله بن زياد قال:



املا ركابي فضة و ذهبا

فقد قتلت الملك المحجبا



و من يصلي القبلتين في الصبا

و خيرهم اذ يذكرون النسبا



قتلت خير الناس اما و ابا

فغضب عبيد الله من قوله ثم قال: اذ قد علمت انه كذلك فلم قتلته؟ والله لا نلت مني و لالحقنك به، ثم قدمه و ضرب عنقه [3] .



روي الشيخ ابوجعفر الطوسي في مصباح المتهجدين عن عبدالله بن سنان قال: دخلت علي سيدي ابي عبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام في يوم عاشوراء فالفيته كاسف اللون ظاهر الحزن و دموعه تنحدر من عينيه كاللؤلو المتساقط. فقلت: يابن رسول الله مم بكاؤك لا ابكي الله عينيك؟ فقال لي: او في غفلة انت؟ اما علمت ان الحسين عليه السلام اصيب في هذا اليوم؟ قلت: يا سيدي فما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت و افطره من غير تشميت و لا تجعله يوم صوم كملا، و ليكن افطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربة من ماء فانه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلي الله عليه و آله و انكشفت الملحمة عنهم و في الارض منهم ثلاثون صريعا في مواليهم يعز علي رسول الله صلي الله عليه و آله مصرعهم، و لو كان في الدنيا يومئذ حيا


لكان صلوات الله عليه و آله هو المعزي لهم. قال: و بكي ابوعبدالله عليه السلام حتي اخضلت لحيته بدموعه- الخ [4] .

قال السيد في الاقبال: اعلم ان اواخر النهار يوم عاشوراء كان اجتماع حرم الحسين عليه السلام و بناته و اطفاله في اسر الاعداء و مشغولين بالحزن و الهموم و البكاء، و انقضي عليهم آخر ذلك النهار و هم فيها لا يحيط به قلمي من الذل و الانكسار، و باتوا تلك الليلة فاقدين لحماتهم و رجالهم و غرباء في اقامتهم و ترحالهم، و الاعداء يبالغون في البراءة منهم و الاعراض عنهم و اذلالهم ليتقربوا بذلك الي المارق عمر بن سعد مؤتم اطفال محمد صلي الله عليه و آله و مقرح الاكباد و الي الزنديق عبيد الله بن زياد و الي الكفار يزيد بن معاوية راس الالحاد و العناد، حتي لقد رايت في كتاب المصابيح باسناده الي جعفر بن محمد عليهماالسلام قال: قال لي ابي محمد بن علي عليهماالسلام: سالت ابي علي بن الحسين عليهماالسلام علي حمل يزيد له فقال: حملني علي بعير يظلع بغير وطاء و راس الحسين عليه السلام علي علم و نسوتنا خلفي علي بغال فاكف (واكفة ظ) و الفارطة خلفنا و حولنا بالرماح، ان دمعت من احدنا عين قرع راسه بالرمح، حتي اذا دخلنا دمشق صاح صائح: يا اهل الشام هؤلاء سبايا اهل البيت الملعون.

اقول: فهل جري لابيك و امك و من يعز عليك مثل هذا البلاء و الابتلاء الذي لا يجوز ان يهون عليك و لا علي احد من المسلمين و لا علي من يعرف منازل اولاد الملوك و السلاطين.

اقول: فاذا كان اواخر نهار يوم عاشوراء فقم قائما و سلم علي رسول الله صلي الله عليه و آله و علي مولانا اميرالمؤمنين و علي مولانا الحسن بن علي و علي سيدتنا فاطمة الزهراء و عترتهم الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين، و عزهم علي هذه المصائب بقلب محزون و عين باكية و لسان ذليل بالنوائب، ثم اعتذر الي الله جل جلاله و اليهم من التقصير فيما يجب لهم عليك و ان يعفو عما لم تعمله مما


كنت تعمله مع من يعز عليك، فانه من المستبعد ان تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النازل [5] .


پاورقي

[1] راجع الارشاد: 227، و اللهوف: 127 -125.

[2] تاريخ الطبري 369 /7.

[3] مطالب السول: 76، کشف الغمة 232 /2.

[4] مصباح المتهجدين: 724.

[5] الاقبال: 583.