مقتل قاسم بن الحسن
(و خرج القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب «ع» و امه ام ولد)
قيل لما نظر الحسين عليه السلام اليه قد برز اعتنقه و جعلا يبكيان حتي غشي عليهما، ثم استاذن الحسين عليه السلام في المبارزة فابي عليه السلام ان ياذن له، فلم يزل الغلام يقبل يديه و رجليه حتي اذن له، فخرج و دموعه تسيل علي خديه و هو يقول:
ان تنكروني فانا ابن الحسن
سبط النبي المصطفي المؤتمن
هذا حسين كالاسير المرتهن
بين اناس لا سقوا صوب المزن
فقاتل قتالا شديدا حتي قتل علي صغره خمسة و ثلاثين رجلا [1] .
و في المناقب انه انشا يقول:
اني انا القاسم من نسل علي
نحن و بيت الله اولي بالنبي
من شمر ذي الجوشن او ابن الدعي [2] .
و في امالي الصدوق: و برز من بعده- اي بعد علي بن الحسين عليهماالسلام- القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام و هو يقول:
لا تجزعي نفسي فكل فان
اليوم تلقين ذري الجنان
فقتل منهم ثلاثة ثم رمي عن فرسه رضوان الله عليه [3] .
و ذكر مثله الفتال النيسابوري [4] .
و روي ابوالفرج و الشيخ المفيد و الطبري عن ابي مخنف عن سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: خرج الينا غلام كان وجهه شقة قمر و في يده السيف
و عليه قميص و ازار و نعلان قد انقطع شسع احداهما ما انسي انها اليسري، فقال عمرو بن سعد بن نفيل الازدي لعنه الله: و الله لاشدن عليه. فقلت له: سبحان الله و ما تريد الي ذلك يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه من كل جانب. قال: و الله لاشدن عليه. فشد عليه فما ولي وجهه حتي ضرب راسه [5] بالسيف فوقع الغلام لوجهه فقال: يا عماه. قال: فجلي الحسين عليه السلام كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث اغضب و ضرب عمرا بالسيف فاتقاه بالساعد فاطنها من لدن المرفق [6] ، فصاح صيحة سمعها اهل العسكر، ثم تنحي عنه الحسين عليه السلام و حملت خيل اهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من الحسين عليه السلام [7] ، فلما حملت الخيل استقبلته بصدورها وجالت فتوطاته فلم يرم حتي مات لعنه الله و اخزاه.
و انجلت الغبرة فاذا انا بالحسين عليه السلام قائم علي راس الغلام و الغلام يفحص برجليه و الحسين عليه السلام يقول بعدا لقوم قتلك و من خصمهم يوم القيامة فيك جدك، ثم قال: عز و الله علي عمك ان تدعوه فلا يجيبك او يجيبك فلا ينفعك صوته (اجابته خ ل) [8] ، هذا يوم و الله كثر واتره و قل ناصره. ثم احتمله (حمله خ ل) علي صدره فكاني انظر الي رجلي الغلام تخطان في الارض [9] و قد وضع الحسين عليه السلام صدره علي صدره. قال: فقلت في نفسي ما يصنع به فجاء حتي القاه مع ابنه علي بن الحسين و قتلي قد قتلت حوله من اهل بيته فسالت عن الغلام فقيل: هو القاسم بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام [10] .
و روي انه قال الحسين عليه السلام: اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تغادر منهم احدا و لا تغفر لهم ابدا، صبرا يا بني عمومتي، صبرا يا اهل بيتي لا
رايتم هوانا بعد ذلك اليوم ابدا [11] .
اقول: و يعجبني ان انشد في رثاء هذا المظلوم قول السيد حيدر الحلي المرحوم:
لقد مات لكن ميتة هاشمية
لهم عرفت تحت القنا المتقصد
لعمري لئن لم يقض فوق فراشه
فموت اخي الهيجاء غير موسد
و ان لم يشاهد موته غير سيفه
فذاك احق الصدق في كل مشهد
و في الزيارة الطويلة التي زار بها المرتضي علم الهدي رضي الله عنه [12] :
«السلام علي القاسم بن الحسن بن علي و رحمةالله و بركاته، و السلام عليك يابن حبيب الله، السلام عليك يابن ريحانة رسول الله، السلام عليك من حبيب لم يقض من الدنيا وطرا و لم يشف من اعداء الله صدرا حتي عاجله الاجل وفاته الامل، فهنيئا لك يا حبيب حبيب رسول الله، ما اسعد جدك و افخر مجدك و احسن منقلبك» [13] .
و في البحار: قال بعد مقتل القاسم: ثم خرج عبدالله بن الحسن عليه السلام الذي ذكرناه اولا و هو الاصح انه برز بعد القاسم و هو يقول:
ان تنكروني فانا ابن حيدره
ضرغام آجام و ليث قسوره
علي الاعادي مثل ريح صرصره
فقتل اربعة عشر جلا ثم قتله هاني ء بن ثبيت الحضرمي فاسود وجهه [14] .
قال ابوالفرج: كان ابوجعفر الباقر عليه السلام يذكر ان حرملة بن كاهل الاسدي قتله [15] .
قلت: سيجي ء مقتله في ضمن مقتل الحسين عليه السلام.
پاورقي
[1] البحار 35 -34 /45.
[2] المناقب 106 /4.
[3] الامالي: 98 المجلس الثلاثون.
[4] روضة الواعظين: 188.
[5] راس الغلام خ ل «منه».
[6] الارشاد 223، مقاتل الطالبيين 88.
[7] الارشاد: 223.
[8] البحار 35 /45، الارشاد 224.
[9] اللهوف 102 -101، الارشاد 224.
[10] تاريخ الطبري 359 /7.
[11] البحار 36 /45.
[12] البحار 243 /98.
[13] في مدينة المعاجز: روي ان القاسم بن الحسن عليهالسلام لما رجع الي عمه الحسين من قتال الخوارج قال: يا عماه العطش ادرکني بشربة من الماء. فصبره الحسين عليهالسلام و اعطاه خاتمه و قال له: حطه في فمک فمصه. قال القاسم: فلما وضعته في فمي کانه عين ماء رويت (فارتويت. المصدر) و انقلبت الي الميدان. مدينة المعاجز: 244.
[14] البحار 36 /45.
[15] البحار 36 /45، مقاتل الطالبيين: 89.