مقتل الحر بن يزيد
قال الراوي: فاخذ الحرير تجز و يقول:
اليست لا اقتل حتي اقتلا
و لن اصاب اليوم الا مقبلا
اضربهم بالسيف ضربا مقصلا
لا ناكلا عنهم و لا مهللا [1] .
و اخذ يقول ايضا:
اني انا الحر و ماوي الضيف
اضرب في اعناقكم بالسيف
عن خير من حل مني و الخيف [2] .
اضربكم و لا اري من حيف [3] .
قلت و في يده سيف تلوح المنية في شفرته فكان ابن المعتز و صفه يقوله في بيته:
ولي صارم فيه المنايا كوامن
فما ينتضي الا لسفك دماء
تري فوق متنيه الفرند كانه
بقية غيم رق دون سماء [4] .
فقاتل هو و زهير بن القين قتالا شديدا، فكان اذا شد احدهما فان استلحم شد الاخر حتي يخلصه، ففعلا ذلك ساعة ثم ان رجالة شدت علي الحر بن يزيد فقتل [5] .
قال عبيد الله بن عمرو البدي من بني البداء و هم من كندة:
سعيد بن عبدالله لا تنسينه
و لا الحر اذ آسي زهيرا علي قسر [6] .
ذكر الفتال النيسابوري في روضة الواعظين بعد مقتل الحر انه اتاه الحسين عليه السلام و دمه يشخب فقال: بخ بخ يا حر انت حر كما سميت في الدنيا و الاخرة. ثم انشا الحسين عليه السلام يقول:
لنعم الحر حر بني رياح
و نعم الحر [7] عند مختلف الرماح [8] .
و نعم الحر اذ نادي حسينا
فجاد بنفسه عند الصباح [9] .
و روي مثله الصدوق عن الصادق عليه السلام [10] .
قال الشيخ ابوعلي في منتهي المقال: الحر بن يزيد بن ناجية بن سعيد من بني يربوع سين [11] .
اقول: قال السيد نعمة الله الجزائري التستري في كتابه «الانوار النعمانية»: حدثني جماعة من الثقات ان الشاه اسماعيل لما ملك بغداد اتي مشهد الحسين عليه السلام و سمع من بعض الناس الطعن علي الحر اتي الي قبره و امر بنبشه فنبشوه فراوه نائما كهيئته لما قتل و راوا علي راسه عصابة مشدود بها راسه، فاراد الشاه نور الله ضريحه اخذ تلك العصابة لما نقل في كتب السير و التواريخ ان تلك العصابة هي دسمال الحسين عليه السلام شد به راس الحر لما اصيب في تلك الواقعة و دفن علي تلك الهيئة، فلما حلوها جري الدم من راسه حتي امتلا منه القبر، فلما شدوا عليه تلك العصابة انقطع الدم فلما حلوها جري الدم، و كلما ارادوا ان يعالجوا قطع الدم بغير تلك العصابة لم يمكنهم، فتبين لهم حسن حاله فامر فبني علي قبره بناء و عين له خادما يخدم قبره. انتهي [12] .
اقول: و ينتهي نسب شيخنا المحدث الاجل الشيخ الحر العاملي صاحب الوسائل الي الحر بن يزيد الرياحي. صرح بذلك اخوه الشيخ احمد في الدر المسلوك [13] رضوان الله عليهم.
رجع الحديث الي سياقه الاول:
و قتل ابوثمامة الصائدي ابن عم له كان عدوا له ثم صلوا الظهر و صلي بهم الحسين عليه السلام صلاة الخوف [14] .
و روي انه امر عليه السلام زهير بن القين و سعيد بن عبدالله تقدما امامي حتي اصلي الظهر، فتقدما امامه في نحو من نصف اصحابه حتي صلي بهم صلاة الخوف [15] .
و روي ان سعيد بن عبدالله الحنفي تقدم امام الحسين عليه السلام فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلما اخذ الحسين عليه السلام يمينا و شمالا قام بين يديه، فما زال يرمي حتي سقط الي الارض و هو يقول: اللهم العنهم لعن عاد و ثمود، اللهم ابلغ نبيك عني السلام و ابلغه ما لقيت من الم الجراح فاني اردت ثوابك في نصرة ذرية نبيك. ثم قضي نحبه رضوان الله عليه، فوجد به ثلاثة عشر سهما سوي ما به من ضرب السيوف و طعن الرماح [16] .
و قال ابن نما: و قيل صلي الحسين عليه السلام و اصحابه فرادي بالايماء [17] .
و قال الطبري و الجزري و غيرهما: ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم و وصلوا (و وصل خ ل) الي الحسين عليه السلام، فاتسقدم الحنفي امامه فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا و شمالا قائما بين يديه، فما زال يرمي حتي سقط [18] .
اقول: و في الزيارة المشتملة علي اسامي الشهداء: السلام علي سعيد بن عبدالله الحنفي القائل للحسين عليه السلام و قد اذن له في الانصراف لا والله نخليلك-الي ان قال- فقد لقيت حمامك و واسيت امامك و لقيت من الله الكرامة في دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين و رزقنا مرافقتكم في اعلا عليين [19] .
اقول: انظر الي هذه الفقرة في هذه الزيارة الشريفة المروية عن الناحية المقدسة، فانها تدل علي علو مرتبة هذا السعيد الشهيد و سائر شهداء كربلاء بما لا يحوم حوله فكر العقلاء، و كفي في فضلهم هذه، فكل الصيد في جوف الفرا.
و ذكر ابن نما شهادة الحنفي المذكور بنحو الطبري و الجزري ثم قال: و وجه عمر بن سعد عمرو بن سعيد (الحجاج ظ) في جماعة الرماة، فرموا من تخلف من اصحاب الحسين عليه السلام، فعقروا خيولهم و بقي الحسين عليه السلام و ليس معه فارس، و لسان حاله يقول:
اتمسي المذاكي تحت غير لوائنا
و نحن علي اربابها امراء
و اي عظيم رام اهل بلادنا
فانا علي تغييره قدراء
و ما سار في عرض السماوة بارق
و ليس له من قومنا خفراء- انتهي [20] .
پاورقي
[1] تاريخ الطبري 350 -349 /7.
[2] بارض الخفيف خ ل «منه».
[3] المناقب 100 /4، البحار 14 /45.
[4] مثير الاحزان: 29.
[5] تاريخ الطبري 350 /7.
[6]
فلو وقفت صم الجبال مکانهم
لمارت علي سهل و دکت علي وعر
فمن قائم يستعرض النبل وجهه
و من مقدم يلقي الا سنة بالصدر.
[7] صبور خ ل.
[8] الصفاح خ ل.
[9] روضة الواعظين: 186 و فيه: و حر عند مختلف الرماح.
[10] امالي الصدوق: المجلس الثلاثون ص 97.
[11] اي من اصحاب الحسين عليهالسلام.
[12] منتهي المقال: 89 و الانوار النعمانية 266 /3.
[13] الدر المسلوک في احوال الانبياء و الاوصياء و الخلفاء و الملوک مخطوط. راجع الذريعة 70 /8.
[14] تاريخ الطبري 350 /7.
[15] اللهوف: 97 مع اختلاف في العبارة.
[16] البحار 21 /45.
[17] مثير الاحزان 34.
[18] تاريخ الطبري 350 /7، الکامل 71 /4، مثير الاحزان: 34.
[19] البحار 70 /45 و فيه سعد بن عبدالله.
[20] مثير الاحزان: 34.