بازگشت

مقتل مسلم بن عوسجة


ثم ان عمرو بن الحجاج حمل علي (ميمنة اصحاب ظ) الحسين عليه السلام في ميمنة عمر بن سعد في نحو الفرات، فاضطربوا ساعة فصرع مسلم بن عوسجة الاسدي اول اصحاب الحسين و انصرف عمرو بن الحجاج و اصحابه [1]

قلت: و كان مسلم بن عوسجة رحمه الله وكيل مسلم بن عقيل في قبض الاموال و بيع الاسلحة و اخذ البيعة [2] .

و قاتل قتالا شديدا في كربلاء و هو يرتجز:



ان تسالوا عني فاني ذو لبد

من فرع قوم من ذري بني اسد



فمن بغانا حائد عن الرشد

و كافر بدين جبار صمد




فبالغ في قتال الاعداء و صبر علي اهوال البلاء حتي سقط الي الارض [3] .

قال الراوي: و ارتفعت الغبرة فاذا هم به صريع، فمشي اليه الحسين فاذا به رمق فقال عليه السلام: رحمك ربك يا مسلم بن عوسجة (منهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا) [4] و دنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عز علي مصرعك يا مسلم ابشر بالجنة. فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير. فقال له حبيب: لولا اني اعلم اني في اثرك لاحق بك من ساعتي هذه لاحببت ان توصيني بكل ما اهمك حتي احفظك في كل ذلك بما انت اهل له في القرابة و الدين. قال: بل انا اوصيك بهذا رحمك الله- و اهوي بيده الي الحسين عليه السلام- ان تموت دونه. قال: افعل و رب الكعبة. قال: فما كان باسرع من ان مات في ايديهم رحمه الله تعالي.

و صاحت جارية له فقالت: يابن عوسجتاه يا سيداه. فنادي اصحاب عمرو ابن الحجاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الاسدي. فقال شبث لبعض من حوله من اصحابه: ثكلتكم امهاتكم انما تقتلون انفسكم بايديكم و تذللون انفسكم لغيركم تفرحون ان يقتل مثل مسلم بن عوسجة، اما والذي اسلمت له لرب موقف له قد رايته في المسلمين كريم، لقد رايته يوم سلق أذربيجان قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين، افيقتل منكم مثله و تفرحون. قال: و كان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبدالله الضبابي و عبدالرحمن بن أبي خشكارة الجبلي [5] .

قال: و حمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة علي اهل الميسرة، فثبتوا له فطاعنوه و اصحابه و حمل علي الحسين عليه السلام و اصحابه من كل جانب، فقتل


[عبدالله بن عمير]الكلبي رحمه الله و قد قتل رجلين بعد الرجلين الاولين و قاتل قتالا شديدا، فحمل عليه هاني ء بن ثبيت الحضرمي و بكير بن حي التيمي من تيم الله بن ثعلبة فقتلاه و كان القتيل الثاني من اصحاب الحسين عليه السلام. و قاتلهم اصحاب الحسين قتالا شديدا و اخذت خيلهم تحمل و انما هم اثنان و ثلاثون فارسا و اخذت لا تحمل علي جانب من خيل اهل الكوفة الا كشفته [6] .

قلت: و كان اباالطفيل رحمه الله وصفهم بقوله:



زحوف كمتن الطوف فيها معاشر

كغلب السباع نمرها و اسودها



كهول و شبان و سادات معشر

علي الخيل فرسان قليل صدورها



كأن شعاع الشمس تحت لوائها

اذا طلعت اعشي العيون حديدها



شعارهم سيما النبي وراية

بها انتقم الرحمن ممن يكيدها



و كان فيهم ايضا قال من قال:



و من عجب ان الصوارم و القنا

تحيض بايدي القوم و هي ذكور



و اعجب منذا انها في اكفهم

توجج نارا و الاكف بحور



فلما راي ذلك عزرة بن قيس- و هو علي خيل اهل الكوفة- ان خيلة تنكشف من كل جانب بعث الي عمر بن سعد عبدالرحمن بن حصين فقال: اما تري ما تلقي خيلي مذ اليوم من هذه العدة اليسيرة، ابعث اليهم الرجال و الرماة. فقال لشبث بن ربعي: الا تقدم اليهم. فقال: سبحان الله اتعمد الي شيخ [7] مصر و سيد اهل المصر عامة تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا و يجزي عنك غيري. قال: و ما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله.

قال: و قال ابوزهير العبسي: فانا سمعته في امارة مصعب يقول: لا يعطي الله اهل هذا المصر خيرا ابدا و لا يسددهم لرشد، الا تعجبون انا قاتلنا مع علي بن


ابي طالب عليه السلام و مع ابنه [8] من بعده آل ابي سفيان خمس سنين ثم عدونا علي ابنه و هو خير اهل الارض نقاتله مع آل معاوية و ابن سمية الزانية، ضلال يا لك من ضلال.

قال: و دعا عمر بن سعد الحصين بن تميم فبعث معه المجففة و خمسمائة من المرامية، فاقبلوا حتي دنوا من الحسين عليه السلام و اصحابه فرشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا ان عقروا خيولهم و صاروا و رجالة كلهم [9] .

قال الازدي: حدثني نمير بن وعلة ان ايوب بن مشرح الحيواني كان يقول: انا والله عقرت بالحر بن يزيد فرسه حشأته سهما، فما لبث ان ارعد الفرس و اضطرب وكبا، فوثب عنه الحر كانه ليث و السيف في يده و هو يقول:



ان تعقروا بي فانا ابن الحر

اشجع من ذي لبد هزبر



قال: فما رايت احدا قط يفري فريه. قال: فقال له اشياخ من الحي: انت قتلته؟ قال: لا والله ما انا قتلته و لكن قتله غيري و ما احب اني قتلته. فقال له ابوالوداك: و لم؟ قال: انه كما زعموا من الصاحلين، فو الله لئن كان ذلك اثما لان القي الله باثم الجراحة و الموقف احب الي من ان القاه باثم قتل احد منهم. فقال له ابوالوداك: ما اراك الا ستلقي الله باثم قتلهم اجمعين، ارايت لو انك رميت ذا فعقرت ذا و رميت آخر و وقفت موقفا و كررت عليهم و حرضت اصحابك و كثرت اصحابك و حمل عليك فكرهت ان تفر و فعل آخر من اصحابك كفعلك و آخر و آخر كان هذا و اصحابه يقتلون، انتم شركاء كلكم في دمائهم. فقال له: يا اباالوداك انك لتقنطنا من رحمةالله ان كنت ولي حسابنا يوم القيامة فلا غفر الله لك ان غفرت لنا. قال: هو ما اقول لك [10] .

قلت: و يناسب ان ينشد له:




اترجو امة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



فلا والله ليس لهم شفيع

و هم يوم القيامة في العذاب



قال: و قاتلوهم حتي انتصف النهار اشد قتال خلقه الله، و اخذوا لا يقدرون علي ان ياتوهم الا من وجه واحد لاجتماع ابنيتهم و تقارب بعضها من بعض.

قال: فلما راي ذلك عمر بن سعد ارسل رجالا يقوضونها عن ايمانهم و عن شمائلهم ليحيطوا بهم. قال: فاخذ الثلاثة و الاربعة من اصحاب الحسين عليه السلام يتخللون البيوت فيشدون علي الرجل و هو يقوض و ينتهب فيقتلونه و يرمونه من قريب و يعقرونه، فامر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال: احرقوها بالنار و لا تدخلوا بيتا و لا تقوضوه. فجاءوا بالنار فاخذوا يحرقون، فقال الحسين عليه السلام: دعوهم فليحرقوها فانهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا ان يجوزوا اليكم منها، و كان ذلك كذلك و اخذوا لا يقاتلونهم الا من وجه واحد [11] .

قال: و خرجت امراة الكلبي تمشي الي زوجها حتي جلست عند راسه تمسح عنه التراب و تقول: هنيئا لك الجنة. فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمي رستم: اضرب راسها بالعمود، فضرب راسها فشدخه فماتت مكانها رحمة الله عليها [12] .

قال: و حمل شمر بن ذي الجوشن حتي طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه و نادي: علي بالنار حتي احرق هذا البيت علي اهله.

قال: فصاح النساء و خرجن من الفسطاط، فصاح به الحسين عليه السلام: يا ابن ذي الجوشن انت تدعو بالنار لتحرق بيتي علي اهلي احرقك الله بالنار [13] .

قال الازدي: حدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله ان هذا لا يصلح لك، اتريد ان تجمع علي


نفسك خصلتين تعذب الله و تقتل الولدان و النساء، والله ان في قتلك الرجال لما يرضي به اميرك.

قال: فقال: من انت؟ قلت: لا اخبرك من انا و خشيت والله ان لو عرفني ان يضرني عند السلطان. قال: فجاءه رجل كان اطوع له من شبث بن ربعي فقال: ما رايت مقالا اسوا من قولك و لا موقفا اقبح من موقفك امر عبا للنساء صرت. قال: فاشهد انه استحيي فذهب لينصرف، و حمل عليه زهير بن القين رحمه الله في رجال من اصحابه عشرة، فشد علي شمر بن ذي الجشون و اصحابه فكشفهم عن البيوت حتي ارتفعوا عنها، فصرعوا اباعزة الضبابي فقتلوه و كان من اصحاب شمر، و تعطف الناس عليهم فكثروهم فلا يزال الرجل من اصحاب الحسين عليه السلام قد قتل، فاذا قد قتل منهم الرجل و الرجلان تبين فيهم و اولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم [14]


پاورقي

[1] تاريخ الطبري 343 /7، الارشاد: 221.

[2] في کتاب الاخبار الطوال[ص 214]قال الدينوري في مقتل مسلم بن عقيل فالتمس معقل مسلم بن عقيل حتي دخل المسجد الاعظم و جعل لا يدري کيف يتاتي للامر ثم انه نظر الي رجل يکثر الصلاة الي سارية من سواري المسجد فقال في نفسه ان هؤلاء الشيعة يکثرون الصلاة و احسب هذا منهم- الخ. و کان الرجل مسلم بن عوسجة رحمه‏الله. فيظهر انه کان کثير الصلاة من عباد الله الصالحين «منه».

[3] راجع المناقب 102 /4، البحار 19 /45.

[4] سورة الاحزاب 23.

[5] تاريخ الطبري 344 -342 /7.

[6] تاريخ الطبري 344 /7.

[7] يريد به نفسه الخبيثة «منه».

[8] الابن الاول اي الحسن عليه‏السلام و الابن الثاني اي الحسين عليه‏السلام «منه».

[9] تاريخ الطبري 345 -344 /7.

[10] تاريخ الطبري 346 -345 /7.

[11] تاريخ الطبري 346 /7.

[12] تاريخ الطبري 346 /7.

[13] تاريخ الطبري 346 /7.

[14] تاريخ الطبري 347 /7.