بازگشت

خطبة الحسين لاهل الكوفة


و اما الخطبة برواية السيد ابن طاوس رضي لله عنه قال:

فركب الحسين عليه السلام ناقته و قيل فرسه فاستنصتهم فنصتوا، فحمد الله و اثني عليه و ذكره بما هو اهله، و صلي علي الملائكة و الانبياء و الرسل و ابلغ في المقال، ثم قال: تبا لكم ايتها الجماعة و ترحا حين (لحين خ ل) استصرختمونا و الهين فاصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم و حششتم علينا نارا اقتدحناها علي عدونا و عدوكم فاصبحتم البا لاعدائكم علي اوليائكم بغير عدل افشوه فيكم و لا امل اصبح لكم فيهم، فهلا لكم الويلات تركتمونا و السيف مشيم و الجاش طامن و الراي لما يستصحف (يستسخف ظ) و لكن اسرعتم اليها كطيرة دبي (الذباب خ ل) و تداعيتم اليها كتهافت الفراش، فسحقا لكم يا عبيد الامة و شذاذ الاحزاب و نبذة الكتاب و محرفي الكلم و عصبة الاثام و نفثة الشيطان و مطفئي السنن، اهؤلاء تعضدون و عنا تتخاذلون (تخاذلون خ ل) اجل و الله غدر فيكم قديم


و شجت اليه (عليه خ ل) اصولكم و تازرت عليه فروعكم فكنتم اخبث ثمر شجي للناظر و اكلة للناصب (للغاصب)، الا و ان الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة يابي الله ذلك لنا و رسوله و المؤمنون و حجور طابت و طهرت و انوف حمية و نفوس ابية من ان نوثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام، الا و اني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد و خذلة الناصر [1] .

اقول: و يعجبني في هذا المقام نقل كلام ابن ابي الحديد في شرح النهج عند ذكر الابين من احتمال الضيم و الذل.

قال: سيد اهل الاباء الذي علم الناس الحمية و الموت تحت ظلال السيوف اختيارا له علي الدنية ابوعبدالله الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام عرض عليه الامان و اصحابه فانف من الذل، ثم ذكر قوله عليه السلام في هذه الخطبة: الا و ان الدعي بن الدعي- الخ.

و قال: سمعت النقيب ابازيد يحيي بن زيد العلوي البصري يقول كان ابيات ابي تمام في محمد بن حميد الطائي ما قيلت الا في الحسين عليه السلام:



و قد كان فوت الموت سهلا فرده

اليه الحفاظ [2] المر و الخلق الوعر



و نفس تعاف الضيم حتي كانه

هو الكفر يوم الروع او دونه الكفر



فاثبت في مستنقع الموت رجله

و قال لها من تحت اخمصك الحشر



تردي ثياب الموت حمرا فما اتي [3] .

لها [4] الليل الا و هي من سندس خضر [5] .


و قال السبط ابن الجوزي: و قد ذكر جدي في كتاب التبصرة و قال: انما سار الحسين عليه السلام الي القوم لانه راي الشريعة قد دثرت فجد في رفع قواعد اصلها، فلما حصروه فقالوا له: انزل علي حكم ابن زياد. فقال: لا افعل. و اختار القتل علي الذل و هكذا النفوس الابية. ثم انشد جدي «ره» فقال:



و لما راوا بعض الحياة مذلة

عليهم و عز الموت غير محرم



ابوا ان يذوقوا العيش و الذل واقع

عليه و ماتوا ميتة لم تذمم



و لا عجب للاسد ان ظفرت بها

كلاب الاعادي من فصيح و اعجم



فحربة وحشي سقت حمزة الردي

و حتف علي في حسام ابن ملجم [6] .



قلت: و انا انشد في هذا المقام هذه الابيات لمادح اهل البيت السيد حيدر المرحوم من رثائه للحسين المظلوم عليه السلام قال و لله دره و علي الله بره:



طمعت ان تسومه الضيم قوم

و ابي الله و الحسام الصنيع



كيف يلوي علي الدنية جيدا

لسوي الله ما لواه الخضوع



فابي ان يعيش الا عزيزا

او تجلي الكفاح و هو صريع



فتلقي الجموع فردا و لكن

كل عضو في الروع منه جموع



زوج السيف بالنفوس و لكن

مهرها الموت و الخضاب النجيع



رجعنا الي بقية الخطبة: ثم اوصل عليه السلام كلامه بابيات فروة بن مسيك المرادي:



فان نهزم فهزامون قدما

و ان نغلب فغير مغلبينا



و ما ان طبنا جبن و لكن

منايانا و دولة آخرينا



اذا ما الموت رفع عن اناس

كلا كله اناخ بآخيرنا






فافني ذلكم سروات قومي

كما افني القرون الاولينا



فلو خلد الملوك اذا خلدنا

و لو بقي الكرام اذا بقينا



فقل للشامتين بنا افيقوا

سيلقي الشامتون كما لقنيا



ثم ايم الله لا تلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتي تدور بكم دور الرحي و تقلق بكم قلق المحور، عهد عهده الي ابي عن جدي (فاجمعوا امركم و شركائكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي و لا تنظرون) (اني توكلت علي الله ربي و ربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي علي صراط مستقيم) [7] اللهم احبس عنهم قطر السماء و ابعث عليهم سنين كسني يوسف و سلط عليهم غلام ثقيف فيسومهم كاسا مصبرة، فانهم كذبونا و خذلونا و انت ربنا عليك توكلنا و اليك انبنا و اليك المصير.

ثم نزل عليه السلام و دعا بفرس رسول الله صلي الله عليه و آله المرتجز فركبه و عبا اصحابه [8] .

قال الراوي: فتقدم عمر بن سعد فرمي نحو عسكر الحسين عليه السلام بسهم و قال: اشهدوا لي عند الامير اني اول من رمي، و اقبلت السهام من القوم كانها القطر [9] .

فقال عليه السلام لاصحابه: قوموا رحمكم الله [10] الي الموت الذي لا بد


منه، فان هذه السهام رسل القوم اليكم. فاقتتلوا ساعة من النهار حملة و حملة حتي قتل من اصحابه الحسين عليه السلام جماعة.

قال: فعندها ضرب الحسين عليه السلام بيده علي لحيته و جعل يقول: اشتد غضب الله تعالي علي اليهود اذ جعلوا له ولدا، واشتد غضب الله تعالي علي النصاري اذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه علي المجوس اذ عبدوا الشمس و القمر دونه، و اشتد غضبه علي قوم اتفقت كلمتهم علي قتل ابن بنت نبيهم، أما والله لا أجيبهم الي شي ء مما يريدون حتي ألقي الله و انا مخضب بدمي [11] .

فروي عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: سمعت أبي يقول: لما التقي الحسين عليه السلام و عمر بن سعد و قامت الحرب أنزل الله تعالي النصر حتي رفرف علي رأس الحسين عليه السلام، ثم خير بين النصر علي أعدائه و بين لقاء الله فاختار لقاء الله تعالي [12] .

و عن كتاب الجلاء للسيد الاجل صاحب التصانيف الكثيرة عبدالله الشبر الحسيني الكاظمي «ره»: ان في ذلك الوقت حضرت طائفة من الجن لنصرته عليه السلام فاستاذنوه للقتال فلم ياذن لهم فاختار الشهادة الكريمة علي الحياة الذميمة صلوات الله عليه [13] .


پاورقي

[1] اللهوف: 87 -85.

[2] الحفاظ: الذب عن المحارم، و الاسم الحفيظة و الحفيظة الحمية و الغضب. الخلق بالضم و بضمتين: السجية و الطبع و المروءة و الدين «منه».

[3] دجي خ ل «منه».

[4] له خ ل «منه».

[5] شرح نهج البلاغة 249/3.

يقول المصحح: و في حاشية الطبعة الاولي من کتابنا:



بابي ابي‏الضيم لا يعطي العدي

حذر المنية منه فضل قياد



بابي فريدا اسلمته يد الردي

في دار غربته لجمع اعادي



و لکن ضرب عليه الخط و لعله اصلاح من المؤلف.

[6] تذکرة الخواص: 154 الطبع الحجري.

[7] سورة يونس: 71 و هود: 56.

[8] اللهوف: 88 -87.

[9] اللهوف: 88.

[10] ما اشبه کلامه روحي فداه بکلام ابيه صلوات‏الله‏عليه حيث ينادي کل ليلة اصحابه بصوت يسمعه کافة اهل المسجد و من جاوره: تجهزوا رحمکم‏الله فقد نودي فيکم بالرحيل و اقلوا العرجة علي الدنيا و انقلبوا بصالح ما بحضرتکم من الزاد فان امامکم عقبة کؤدا و منازل مهولة «منه».

راجع نهج البلاغة 209 /2 الخطبة 199 و الارشاد المفيد 112 و المجالس للمفيد 198 و امالي الصدوق المجلس 75 ص 298.

[11] اللهوف: 89.

[12] الهلوف: 90.

[13] جلاء العيون للشبر 181 /2 مع اختلاف في العبارة.