بازگشت

خرج الحسين من مكة متوجها الي العراق


يوم التروية مبادرا باهله و ولده و من انضم اليه من شيعته و هم اثنان و ثمانون رجلا كما في مطالب السؤول [1] و غيره، و لم يكن خبر مسلم قد بلغه لخروجه في يوم خروجه علي ما ذكرناه.

و في كتاب المخزون في تسلية المحزون: جمع الحسين عليه السلام اصحباه الذين قد عزموا علي الخروج معه الي العراق و اعطي كل واحد منهم عشرة دنانير و جملا يحمل عليه رحله و زاده، و رحل عن مكة يوم الثلاثاء يوم التروية لثمان مضت من ذي الحجة و معه اثنان و ثمانون رجلا من شيعته و محبيه و مواليه و اهل بيته. انتهي [2] .

و روي عن الفرزدق الشاعر قال: حججت بامي في سنة ستين، فبينا انا اسوق بعيرها حين دخلت الحرم اذ لقيت الحسين خارجا من مكة معه اسيافه و تراسه [3] فقلت: لمن هذا القطار؟ فقيل: للحسين بن علي عليه السلام. فاتيته


فسلمت عليه فقلت له: اعطاك اللَّه سولك و املك فيما تحب، بابي انت و امي يا بن رسول اللَّه منا اعجلك من الحج؟ فقال: لو لم اعجل لاخذت. ثم قال لي: من انت قلت: امرو من العرب، فلا و اللَّه ما فتشني عن اكثر من ذلك، ثم قال لي: اخبرني عن الناس خلفك. فقلت: الخبير سالت [4] قلوب الناس معك و اسيافم عليك و القضاء ينزل من السماء و اللَّه يفعل ما يشاء. فقال: صدقت لله الامر و كل يوم ربنا في شان، ان نزل (ينزل خ ل) القضاء بما نحب فنحمد اللَّه علي نعمائه و هو المستعان علي اداء الشكر، و ان حال القضاء دون الرجاء فلم يتعد [5] من كان الحق نيته و التقوي سريرته. فقلت له: اجل بلغك اللَّه ما تحب و كفاك ما تحذر و سالته عن اشياء من نذور و مناسك فاخبرني بها و حرك راحلته و قال: السلام عليك. ثم افترقنا. [6] .

و كان الحسين بن علي عليه السلام لما خرج من مكة اعترضه يحيي بن سعيد بن العاص و معه جماعة ارسلهم عمرو بن سعيد اليه، فقالوا له: انصرف اين تذهب، فابي عليهم و مضي و تدافع الفريقان و اضطربوا(و تضاربوا خ ل) بالسياط و امتنع الحسين عليه السلام و اصحابه عنهم امتناعا قويا.

و في العقد الفريد: لما بلغ عمور بن سعيد ان حسينا قد خرج فقال: اطلبوه اركبوا كل بعير بين السماء و الارض فاطلبوه. فقاتل: فعجب الناس من قوله هذا فطلبوه فلم يدركوه. انتهي [7] .

و سار حتي اتي التنعيم [8] فلقي بها عيرا قد اقبلت من اليمين بعث بها بحير


ابن ريسان من اليمن الي يزيد بن معاوية و كان عامله علي اليمن و علي العير الورس و الحلل، فاخذه الحسين عليه السلام و قال لاصحاب الابل: من احب منكم ان يمضي معنا الي العراق اوفينا كراءه و احسنا صحبته، و من احب ان يفارقنا من مكاننا اعطيناه نصيبه من الكراء فمن فارق منهم اعطاه حقه و من سار معه اعطاه كراءه و كساه [9] .

قال الجزري: ثم سار حتي انتهي الي الصفاح [10] لقيه الفرزدق الشاعر. ثم ذكر قريبا مما ذكرناه ثم قال: و ادرك الحسين عليه السلام كتاب عبداللَّه بن جعفر مع ابنيه عون و محمد و فيه:

«اما بعد فاني اسالك بالله لما انصرفت حين تقرا كتابي هذا فاني مشفق عليك من هذا الوجه ان يكون فيه هلاكك و استيصال اهل بيتك، ان هلكت اليوم طفي ء نور الارض، فانك علم المهتدين و رجاء المؤمنين فلا تعجل بالمسير فاني في آخر كتابي. و السلام» [11] .

قال الطبري: و قام عبداللَّه بن جعفر الي عمرو بن سعيد بن العاص فكلمه و قال: اكتب الي الحسين عليه السلام كتابا تجعل له فيه الامان و تمنيه فيه البر و الصلة و توثق له في كتابك و تساله الرجوع لعله يطمئن الي ذلك فيرجع. فقال عمرو بن سعيد: اكتب ما شئت و اتني به حتي اختمه و ابعث به مع اخيك (اخي ظ) يحيي بن سعيد فانه احري ان تطمئن نفسه اليه و يعلم انه الجد منك ففعل.

و كان عمرو بن سعيد عامل يزيد بن معاوية علي مكة. قال: فلحقه يحيي و عبداللَّه بن جعفر ثم انصرفا بعد ان اقراه يحيي الكتاب فقالا: اقراناه الكتاب و جهدنا به و كان مما اعتذر به الينا ان قال: اني رايت رويا فيها رسول اللَّه صلي اللَّه


عليه و آله و امرت فيها بامر انا ماض له علي ما كان اولي. فقالا له: فما تلك الرويا؟ قال: ما حدثت احدا بها و ما انا محدث بها حتي القي ربي [12] .

و في رواية الارشاد: فلما آيس منه عبداللَّه بن جعفر امر ابنيه عونا و محمدا بلزومه و المسير معه و الجهاد دونه، و رجع مع يحيي بن سعيد الي مكة [13] .

قال الطبري: و كان كتاب عمرو بن سعيد الي الحسين عليه السلام:

«بسم اللَّه الرحمن الحريم. من عمرو بن سعيد الي الحسين بن علي عليهماالسلام، اما بعد فاني اسال اللَّه ان يصرفك عما يوبقك و ان يهديك لما يرشدك بلغني انك قد توجهت الي العراق و اني اعيذك بالله من الشقاق فاني اخاف عليك فيه الهلاك، و قد بعثت اليك عبداللَّه بن جعفر و يحيي بن سعيد فاقبل الي معهما فان لك عندي الامان و الصلة و البر و حسن الجوار، لك اللَّه علي بذلك شهيد و كفيل و مراع و وكيل. و السلام عليك».

و كتب اليه الحسين عليه السلام:

«اما بعد فانه لم يشاقق اللَّه و رسوله من دعا الي اللَّه عز و جل و عمل صالحا و قال انني من المسلمين، و قد دعوت الي الامان و البر و الصلة، فخير الامان امان اللَّه و لن يؤمن اللَّه في الآخرة من لم يخفه في الدنيا، فنسال اللَّه مخافة في الدنيا توجب لنا امانة يوم القيامة، فان كنت نوبت بالكتاب صلتي و بري فجزيت خيرا في الدنيا و الاخرة» [14] .

و توجه الحسين عليه السلام نحو العراق مغذا لا يلوي علي شي ء حتي نزل ذات عرق [15] .

قلت: و ظهر معني كلام اميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه كما عن امالي


الطوسي عن عمارة الدهني قال: سمعت اباالطفيل يقول: جاء المسيب بن نجبة الي اميرالمؤمنين عليه السلام متلببا بعبداللَّه بن سبا، فقال له اميرالمؤمنين: ما شانك؟ فقال له: يكذب علي اللَّه و رسوله. فقال: ما يقول؟ فلم اسمع [16] مقالة المسيب و سمعت عليا عليه السلام يقول: هيهات هيهات الغضب و لكني ياتيكم راكب الذعلبة يشد حقوها بوضينها لم يقض تفثا من حج و لا عمرة فيقتلونه [17] يريد بذلك الحسين بن علي عليهماالسلام.

و لما بلغ الحسين عليه السلام ذات عرق [18] لقي بشر بن غالب واردا من العراق فساله عن اهلها فقال: خلفت القلوب معك و السيوف مع بني امية. فقال عليه السلام: صدق اخو بني اسد ان اللَّه يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد [19] .

و لما بلغ عبيد اللَّه بن زياد اقبال الحسين بن علي عليهماالسلام من مكة الي الكوفة بعث الحصين بن تميم [20] صاحب شرطه حتي نزل القادسية و نظم الخيل بين القادسية الي خفان و ما بين القادسية الي القطقطانية [21] ، و قال للناس: هذا الحسين يريد العراق [22] .

و عن محمد بن أبي طالب الموسي قال: و اتصل الخبر بالوليد بن عتبة امير المدينة بان الحسين عليه السلام توجه الي العراق، فكتب الي ابن زياد:

«اما بعد، فان الحسين عليه السلام قد توجه الي العراق و هو ابن فاطمة و فاطمة بنت رسول اللَّه، فاحذر يا بن زياد ان تاتي اليه بسوء فتهيج علي نفسك و قومك امرا في هذه الدنيا لا يصده شي ء و لا تنساه الخاصة و العامة ابدا ما دامت الدنيا».


قال: فلم يلتفت ابن زياد الي كتاب الوليد [23] .

و حكي عن الرياشي [24] باسناده الي راوي حديثه قال: حججت و ترك اصحابي و انطلقت اتعسف الطريق و حدي، فبينما انا اسير اذ رفعت طرفي الي اخبية و فساطيط، فانطلقت نحوها حتي اتيت ادناها فقلت: لمن هذه الابنية (الاخبية خ ل)؟ فقالوا: للحسين عليه السلام. قلت: ابن علي و ابن فاطمة؟ قالوا: نعم. قلت: في ايها هو؟ قالوا: في ذلك الفسطاط. فانطلقت نحوه فاذا الحسين متك علي باب الفسطاط يقرا كتابا بين يديه، فسلمت فرد علي فقلت: يا بن رسول اللَّه بابي انت و امي ما انزلت في هذه الارض القفراء التي ليس فيها ريف و لا منعة. قال: ان هؤلاء اخافوني و هذه كتب اهل الكوفة و هم قاتلي، فاذا فعلوا ذلك و لم يدعوا لله محرما الا انتهكوه بعث اللَّه اليهم من يقتلهم حتي يكونوا اذل من قوم الامة [25] .

اقول: يحتمل قويا ان يكون «قوم الامة» مصحف «فرام الامة»، فانه قد روي ان الحسين عليه السلام كان يقول: و اللَّه لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من. جوفي، فاذا فعلوا سلط اللَّه عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل من فرام المراة [26] .

و الفرام ككتاب خرقة تجعلها المراة في قبلها اذا حاضت [27] .


و لما بلغ الحسين عليه السلام الحاجر [28] من بطن الرمة [29] بعث قيس بن مسهر الصيداوي و يقال: بل بعث اخاه من الرضاعة عبدالله بن يقطر الي اهل الكوفة و لم يكن عليه السلام علم بخبر مسلم بن عقيل رحمه اللَّه و كتب معه اليهم:

«بسم اللَّه الرحمن الحريم. من الحسين بن علي الي اخوانه من المؤمنين و المسلمين، سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو. اما بعد، فان كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رايكم و اجتماع ملاكم علي نصرنا و الطلب بحقنا، فسالت اللَّه عز و جل ان يحسن لنا الصنع و ان يثيبكم علي ذلك اعظم الاجر، و قد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فاذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا (فانكمشوا خ ل) في امركم وجدوا فاني قادم عليكم في ايامي هذه. و السلام عليكم و رحمةاللَّه و بركاته».

و كان مسلم كتب اليه عليه السلام قبل ان يقتل بسبع و عشرين ليلة:

«اما بعد، فان الرائد لا يكذب اهله و قد بايعني من اهل الكوفة ثمانية عشر الفا فعجل الاقبال حين ياتيك كتابي».

و كتب اليه عليه السلام اهل الكوفة ان لك هاهنا مائة الف سيف فلا تتاخر فاقبل قيس بن مسهر الصيداوي الي الكوفة بكتاب الحسين عليه السلام حتي انتهي الي القادسية اخذه الحصين بن تميم [30] فبعث به الي عبيد اللَّه بن زياد، فقال له عبيد اللَّه: اصعد فسب الكذاب بن الكذاب الحسين بن علي عليه السلام [31] .

و في رواية اخري: لما قارب دخول الكوفة اعترضه الحصين بن نمير صاحب عبيد اللَّه ليفتشه، فاخرج قيس الكتاب و مزقه (خرقه)، فحمله الحصين الي عبيد


اللَّه بن زياد، فلما مثل بين يديه قال له: من انت؟ قال: انا رجل من شيعة اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و ابنه. قال: فلماذا خرقت الكتاب؟ قال: لئلا تعلم ما فيه. قال: و ممن الكتاب و الي من؟ قال: من الحسين عليه السلام الي جماعة من اهل الكوفة لا اعرف اسماءهم. فغضب ابن زياد و قال: و اللَّه لا تفارقني حتي تخبرني باسماء هؤلاء القوم او تصعد المنبر فتلعن الحسين بن علي و اباه و اخاه و الا قطعتك اربا اربا. فقال قيس: اما القوم فلا اخبرك باسمائهم، و اما لعن الحسين و ابيه و اخيه فافعل. فصعد المنبر فحمد اللَّه و اثني عليه و صلي علي النبي صلي اللَّه عليه و آله و اكثر من الترحم علي علي و الحسن و الحسين صلوات اللَّه عليهم ثم لعن عبيد الله بن زياد و اباه و لعن عتاة بني امية عن آخرهم.

ثم قال: ايها الناس انا رسول الحسين اليكم، و قد خلفته بموضع كذا فاجيبوه. فاخبر ابن زياد بذلك فامر بالقائه من اعالي القصر، فالقي من هناك فمات [32] .

و روي انه وقع علي الارض مكتوفا فتكسرت عظامه و بقي به رمق، فاتاه رجل يقال له عبدالملك بن عمير اللخمي فذبحه، فقيل له في ذلك و عيب عليه فقال: اردت ان اريحه [33] .

ثم اقبل الحسين عليه السلام من الحاجر يسير نحو العراق، فانتهي الي ماء من مياه العرب فاذا عليه عبداللَّه بن مطيع العدوي [34] و هو نازل به، فلما راي الحسين عليه السلام قام اليه فقال: بابي انت و امي يا بن رسول اللَّه ما اقدمك و احتمله فانزله. فقال له الحسين: كان من موت معاوية ما قد بلغك فكتب الي اهل


العراق يدعونني الي انفسهم.

فقال له عبدالله بن مطيع: اذكرك الله يا بن رسول اللَّه و حرمة الاسلام ان تنتهك، انشدك اللَّه في حرمة قريش، انشدك اللَّه في حرمة العرب، فو الله لئن طلبت ما في ايدي بني امية ليقتلنك و لئن قتلوك لا يهابوا بعدك احدا ابدا، و اللَّه انها لحرمة الاسلام تنتهك و حرمة قريش و حرمة العرب، فلا تفعل و لا تات الكوفة و لا تعرض نفسك لبني امية. فابي الحسين عليه السلام الا ان يمضي.

و كان عبيد الله بن زياد امر فاخذ ما بين واقصة [35] الي طريق الشام الي طريق البصرة فلا يدعون احدا يلج و لا احدا يخرج [36] .

و اقبل الحسين عليه السلام لا يشعر بشي ء [37] حتي لقي الاعراب فسالهم فقالوا: لا و اللَّه ما ندري غير انا لا نسطتيع ان نلج و لا نخرج. فسار تلقاء وجهه عليه السلام [38] .

و روي انه عليه السلام لما نزل الخزيمية [39] اقام بها يوما و ليلة، فلما اصبح اقبلت عليه اخته زينب عليهاالسلام فقالت: يا اخي الا اخبرك بشي ء سمعته البارحة؟ فقال الحسين عليه السلام: و ما ذاك؟ فقالت: خرجت في بعض الليل لقضاء حاجة، فسمعت هاتفا يهتف و هو يقول:



الا يا عين فاحتفلي بجهد

و من يبكي علي الشهداء بعدي



علي قوم تسوقهم المنايا

بمقدار الي انجاز وعد




فقال لها الحسين عليه السلام: يا اختاه كل الذي قضي فهو كائن [40] .

و في تاريخ الطبري: فاقبل الحسين عليه السلام حتي اذا كان بالماء فوق زرود [41] .

قال ابومخنف: فحدثني السدي عن رجل من بني فزارة قال: لما كان زمن الحجاج بن يوسف كنا في دار الحرث بن أبي ربيعة التي في التمارين التي اقطعت بعد زهير بن القين رحمه اللَّه من بني عمرو بن يشكر من يجيلة و كان اهل الشام لا يدخلونها فكنا مختبئين فيها. قال: فقلت للفزاري حدثني عنكم حين اقبلتم مع الحسين عليه السلام. قال: كنا مع زهير بن القين البجلي حين اقبلنا من مكة نسائره الحسين عليه السلام، فلم يكن شي ء ابغض الينا من نسائره في منزل، فاذا سار الحسين عليه السلام تخلف زهير بن القين و اذا نزل الحسين تقدم زهير، حتي نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بدا من ان ننازله فيه، فنزل الحسين عليه السلام في جانب و نزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذي من طعام لنا اذ اقبل رسول الحسين عليه السلام حتي سلم ثم دخل، فقال: يا زهير بن القين ان اباعبداللَّه الحسين بن علي عليهماالسلام بعثني اليك لتاتيه. قال: فطرح كل انسان ما في يده حتي كاننا علي رؤوسنا الطير.

قال ابومخنف: فحدثتني دلهم بنت عمرو امراة زهير بن القين قالت: فقلت له: ايبعث اليك ابن رسول اللَّه ثم لا تاتيه، سبحان اللَّه اتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت. قالت: فاتاه زهير بن القين، فما لبث ان جاء مستبشرا قد اسفر وجهه. قالت: فامر بفسطاطه و ثقله و متاعه فقدم (فقوض ظ) و حمل الي الحسين عليه السلام ثم قال لامراته: انت طالق الحقي باهلك فاني لا احب ان يصبك بسببي الا خير [42] .


و في رواية اللهوف قال: و قد عزمت علي صحبة الحسين عليه السلام لا فديه بنفسي و اقيه بروحي. ثم اعطاها مالها و سلمها الي بعض بني عمها ليوصلها الي اهلها، فقامت اليه و بكت و ودعته و قالت: كان اللَّه عونا و معينا خار اللَّه لك اسالك ان تذكرني في القيامة عند جد الحسين عليه السلام [43] .

قال الطبري: ثم قال لاصحابه: من احب منكم ان يتبعني و الا فانه آخر العهد، اني ساحدثكم حديثا، غزونا بلنجر [44] ففتح اللَّه علينا و اصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي- و في روايات اخر سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه - افرحتم بما فتح اللَّه عليكم و اصبتم من المغانم؟ فقلنا: نعم. فقال: اذا ادركتم سيد شباب آل محمد عليهم السلام فكونوا اشد فرحا بقاتلكم معهم بما اصبتم من الغنائم، فاما انا فاني استودعكم اللَّه. قال: ثم و اللَّه ما زال في اول القوم حتي قتل رضوان اللَّه عليه [45] .

و ياتي بعد ذلك ان زهيرا لما قتل مع الحسين عليه السلام بعثت زوجته غلاما له ليذهب الي كربلا و يكفن مولاه.


و في تذكرة السبط: و كان زهير بن القين قد قتل مع الحسين عليه السلام و قالت امراته لغلام له: اذهب فكفن مولاك، فذهب فراي الحسين عليه السلام مجردا فقال: اكفن مولاي و ادع الحسين عليه السلام، لا و اللَّه. فكفنه ثم كفن مولاه في كفن آخر [46] .

و روي عبداللَّه بن سليمان و المنذر بن المشمعل الاسديان قالا: لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة الا اللحاق بالحسين عليه السلام في الطريق لننظر ما يكون من امره، فاقبلنا ترقل (اي تسرع) بنا ناقتانا مسرعين حتي لحقنا بزرود فلما دنونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين راي الحسين عليه السلام، فوقف الحسين كانه يريده، ثم تركه و مضي و مضينا نحوه فقال احدنا لصاحبه: اذهب بنا الي هذا لنساله فان عنده خبر الكوفة. فمضينا حتي انتهينا اليه فقلنا: السلام عليك. فقال: و عليكم (و عليكما ل) السلام. قلنا: ممن الرجل؟ قال: اسدي. قلنا: و نحن اسديان فمن انت؟ قال: انا بكر بن فلان و انتسبنا له ثم قلنا له: اخبرنا عن الناس وراءك. قال: نعم لم اخرج من الكوفة حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروة و رايتهما يجران بارجلهما في السوق. فاقبلنا حتي لحقنا بالحسين عليه السلام فسايرناه حتي نزل الثعلبية ممسيا، فجئناه حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا له: يرحمك اللَّه ان عندنا خبرا ان شئت حدثناك علانية و ان شئت حدثناك سرا. فنظر الينا و الي اصحابه ثم قال: ما دون هؤلاء ستر(سر خ ل). فقلنا له: ارايت الراكب الذي استقبلته عشي امس؟ قال: نعم و قد اردت مسالته. فقلنا: قد و اللَّه استبرئنا لك خبره و كفيناك مسالته، و هو امرو منا ذو راي و صدق و عقل، و انه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتي قتل مسلم و هاني بن عروة و رآهما يجران [47] في السوق بارجلهما. فقال عليه السلام: انا لله و انا اليه


راجعون. رحمةاللَّه عليهما. يردد ذلك مرارا. فقلنا له: ننشدك اللَّه في نفسك و اهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر و لا شيعة بل نتخوف ان يكونوا عليك. فنظر الي بني عقيل فقال: ما ترون فقد قتل مسلم. فقالوا: و اللَّه ما (لا خ ل) نرجع حتي نصيب ثارنا او نذوق ما ذاق. فاقبل علينا الحسين عليه السلام و قال: لا خير في العيش بعد هؤلاء، فعلمنا انه قد عزم رايه علي المسير فقلنا له: خار اللَّه لك. فقال: رحمكمااللَّه. فقال له اصحابه: انك و اللَّه ما انت مثل مسلم بن عقيل، لو قدمت الكوفة لكان الناس اليك اسرع. فسكت ثم انتظر حتي اذا كان السحر قال لفتيانه و غلمانه: اكثروا من الماء، فاستقوا و اكثروا ثم ارتحلوا [48] .

و روي انه لما اصبح اذا برجل من الكوفة يكني اباهرة الازدي قد اتاه فسلم عليه ثم قال: يا بن رسول اللَّه ما الذي اخرجك عن حرم اللَّه و حرم جدك رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله. فقال الحسين عليه السلام: ويحك يا اباهرة ان بني امية اخذوا مالي فصبرت و شتموا عرضي فصبرت و طلبوا دمي فهربت، و ايم اللَّه لتقتلني الفئة الباغية و ليلبسنهم الله ذلا شاملا و سيفا قاطعا، و ليسلطن اللَّه عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل من قوم سبا اذ ملكتهم امراة فحكمت في اموالهم و دمائهم [49] .

و روي الشيخ الاجل ابوجعفر الكليني «ره» عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن علي عليهماالسلام بالثعلبية و هو يريد كربلا، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له الحسين عليه السلام: من اي البلاد انت؟ قال: من اهل الكوفة. قال: اما و اللَّه يا اخا اهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لاريتك اثر جبرئيل من دارنا و نزوله بالوحي علي جدي، يا اخا اهل الكوفة افمستفتي الناس من العلم من عندنا فعلموا و جهلنا هذا ما لا يكون [50] .


فسار عليه السلام حتي انتهي الي زبالة، فاتاه خبر عبداللَّه بن يقطر.

و في رواية [51] اتاه خبر مسلم [52] ، فاخرج الي الناس كتابا فقراه عليهم:

«بسم اللَّه الرحمن الرحيم. اما بعد فانه قد اتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروة و عبدالله بن يقطر و قد خذلنا شيعتنا، فمن احب منكم الانصراف فلينصرف غير حرج ليس عليه ذمام».

فتفرق الناس عنه و اخذوا يمينا و شمالا حتي بقي من اصحابه الذين جاءوا معه من المدينة و نفر يسير ممن انضموا اليه، و انما فعل ذلك لانه عليه السلام علم ان الاعراب الذين اتبعوه انما اتبعوه و هم يظنون انه ياتي بلدا قد استقامت له طاعة اهله، فكره ان يسيروا معه الا و هم يعلمون علي ما يقدمون [53] .

قلت: و لعل لهذا السبب كان عليه السلام يذكر حال يحيي عليه السلام كثيرا مشيرا الي انه يشهبه في انه يقتل و يهدي راسه كما فعل بيحيي.

فقد روي عن علي بن الحسين عليهماالسلام قال: خرجنا مع الحسين عليه السلام، فما نزل منزلا و لا ارتحل عنه الا و ذ كر يحيي بن زكريا و قال يوما: ان من هوان الدنيا علي اللَّه تعالي ان راس يحيي اهدي الي بغي من بغايا بني اسرائيل [54] .


فلما كان السحر اما اصحباه فاستقوا ماء و اكثروا.

ثم سار حتي مر ببطن العقبة فنزل عنها (عليها خ ل)، فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له عمرو بن لوذان فساله اين تريد؟ فقال له الحسين عليه السلام: الكوفة. فقال الشيخ: انشدك اللَّه لما انصرفت، فو اللَّه ما تقدم الا علي الاسنة و حد السيوف، وان هؤلاء الذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مونة القتال و وطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رايا، فاما علي هذه الحال التي تذكر فاني لا اري لك ان تفعل. فقال له: يا عبداللَّه ليس يخفي علي الراي و لكن اللَّه تعالي لا يغلب علي امره.

ثم قال عليه السلام: و اللَّه لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فاذا فعلوا سلط اللَّه عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل فرق الامم [55] .

و روي الشيخ ابوالقاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي عطر اللَّه مرقده عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام انه قال: لما صعد الحسين عليه السلام عقة البطن قال لاصحابه: ما اراني الا مقتولا. قالوا: و ما ذاك يا اباعبداللَّه. قال: رؤيا رايتها في المنام. قالوا: و ما هي؟ قال: رايت كلابا تنهشني اشدها علي كلب ابقع [56] .

ثم سار عليه السلام من بطن العقبة حتي نزل شراف [57] فلما كان في السحر امر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا ثم سار منها [58] .



پاورقي

[1] مطالب السؤول ص 74 الطبع الحجري.

[2] لم ار الي الآن کتاب المخزون في تسلية المحزون.

[3] اتراسه خ ل. خ نسخه. ل بدل.

[4] علي الخبير سقطت خ ل. علي الخبير سقطت هذا مثل و المثل لمالک بن جبير العامري و کان من حکماء العرب و تمثل به الفرزدق للحسين عليه‏السلام. الخبير العالم و سقطت اي عثرت عبر عن العثور بالسقوط لان عادة العاثر ان يسقط علي ما يعثر عليه «منه».

[5] في المصدر: فلم يبعد.

[6] الارشاد ص 201.

[7] العقد الفريد 377 /4.

[8] التنعيم کترحيم موضع بمکة في الحل و هو ما بين مکة و سرف علي فرسخين من مکة و قيل علي اربعة.

[9] راجع الارشاد ص 201، اللهوف ص 60.

[10] الصفاح بکسر الصاد المهلمة و الفاء و آخره حاء مهملة موضع بين حنين و انصاب الحرم علي يسرة الداخل الي مکة و هناک لقي الفرزدق الحسين عليه‏السلام فقال: لقيت الحسين بن علي عليهماالسلام بالصفاح و عليه البلامق و الدرق.

[11] الکامل لابن‏الاثير 40 /4.

[12] تاريخ الطبري 280 /7.

[13] الارشاد المفيد: 202.

[14] تاريخ الطبري 281 -280 /7.

[15] الارشاد: 202.

[16] قوله: «فلم اسمع» کلام أبي‏الطفيل.

[17] امالي الطوسي: 144، الطبع الحجري: و راجع البحار 314 /41 و 146 /42.

[18] ذات عرق مهل اهل العراق و هو الحد بين نجد و تهامة. و کذا عن معجم البلدان.

[19] اللهوف: 61.

[20] في المصدر: نمير.

[21] و الي جبل لعل. الکامل لابن‏الاثير 41 /4.

[22] الارشاد: 202.

[23] البحار 368 /44 نقلا عن محمد بن أبي‏طالب.

[24] الرياشي بکسر الراء و فتح الياء المثناة نسبة الي رياش و هو اسم لجد رجل من حذام کان والد الرياشي عبدا له، و الرياشي هو ابوالفضل العباس بن الفرج البصري النحوي اللغوي المورخ، قتله صاحب الزنج بالبصرة سنة 275 «منه».

[25] البحار 368 /44 و في صدرها: و في کتاب تاريخ عن الرياشي، و الظاهر انه منقول من کتاب محمد بن أبي‏طالب.

[26] رواه المفيد في الارشاد ص 206 و فيه: اذل فرق الامم.

[27] قال المرحوم العلامة الشعراني ان المقصود من قوم الامة قوم سبا الذين کانوا اذلاء بلقيس. اقول: و يؤيده ما في اللهوف في رواية: حتي يکونوا اذل من قوم سبا... راجع اللهوف ص 62.

[28] الحاجر بالمعجمة المکسورة بين المهمليتن منزل للحاج بالبادية.

[29] بطن الرمة بضم الراء و تشديد الميم و يخفف واد معروف بعالته نجد قيل انها منزل لاهل البصرة اذا ارادوا المدينة يجتمع بها اهل الکوفة و البصرة «منه».

[30] في الارشاد: نمير.

[31] الارشاد: 203 و ليس فيه جملة: ابن‏الکذاب.

[32] اللهوف ص 67 -66.

[33] الارشاد: 203.

[34] عبداللَّه بن مطيع الاسود بن حارثة القرشي، ولد علي عهد النبي صلي اللَّه عليه و آله، و لما اخرج اهل المدينة بني امية ايام يزيد بن معاوية من المدينة و خلعوا يزيد کان عبداللَّه بن مطيع علي قريش و عبداللَّه بن حنظلة علي الانصار، فلما ظفر اهل الشام باهل المدينة يوم الحرة انهزم عبداللَّه بن مطيع و لحق بعبداللَّه بن الزبير بمکة و بقي عنه الي ان قتل مع ابن‏الزبير و کان من جلة قريش شجاعة و جلدا «منه».

[35] واقصة بالصاد المهملة بعد القاف المکسورة منزل بطريق مکة بعد القرعاء نحو مکة و هي دون زبالة بمرحلتين «منه».

[36] الارشاد ص 203.

[37] في حايشة الارشاد: اي بحسب الاسباب الظاهرية «منه».

[38] الارشاد ص 203.

[39] الخزيمية بمعجمتين تصغير خزم منسوبة الي حزيم بن خازم و هو من منازل الحاج بعد الثعلبية من الکوفة قبل الاجفر، و قيل: بينها و بين الثعلبية اثنان و ثلاثون ميلا و قيل: انها الحزمية بالحاء المهملة «منه».

[40] البحار 372 /44 نقلا من مناقب آل أبي‏طالب و لکن في ج 4 ص 95 من المناقب بعض هذا الخبر فراجع.

[41] زرود بفتح الزاي و بين المهملتين واو... بين الثعلبية و الخزيمية بطريق الحجاج من الکوفة «منه».

[42] تاريخ الطبري 290 /7.

[43] اللهوف: 64.

[44] بلنجر من بلاد الترک غزاهم المسلمون و اصحاب النبي صلي اللَّه عليه و آله في سنة 22. و في القمقام بلنجر بفتح الموحدة و اللام و سکون النون و جيم مفتوحة و راء مدينة ببلاد الخزر خلف باب الابواب قالوا فتحها عبدالرحمن بن ربيعة و قال البلاذري سلمان (اي فتحها سلمان) بن ربيعة الباهلي و تجاوزها و لقيه خاقان في جيشه خلف بلنجر فاستشهد هو و اصحابه و کانوا اربعة آلاف و کان في اول الامر قد خافهم الترک و قالوا ان هؤلاء ملائکة لا يعمل فيهم السلاح فاتفق ان ترکيا اختفي في غيضة و رشق مسلما بسهم فقتله فنادي في قومه ان هؤلاء يموتون کما تموتون فلم تخافونهم فاجروا عليهم و اوقعوهم حتي استشهد عبدالرحمن بن ربيعة و اخذ الراية اخوه و لم يزل يقاتل حتي امکنه دفن اخيه بنواحي بلنجر و رجع ببقية المسلمين علي طريق جيلان و قتل سلمان بن ربيعة و اصحابه و کانوا ينظرون في کل ليلة نورا علي مصارعهم فاخذوا سلمان بن ربيعة و جعلوه في تابوت فهم يستسقون به اذا قحطوا «منه».

يقول العلامة الشعراني قد سقط من نهاية الکلام بعض الاسطر راجع کتاب معجم البلدان و کتاب القمقام.

[45] تاريخ الطبري 291 -290 /7.

[46] تذکرة الخواص: 145 الطبع الحجري.

[47] قال ابوحنيفة الدينوري: و لما رحل الحسين عليه‏السلام من زرود تلقاه رجل من بني اسد فساله عن الخبر فقال: لم اخرج من الکوفة حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني‏ء بن عروة و رايت الصبيان يجرون بارجلهما. فقال: انا لله و انا اليه راجعون عند اللَّه نحتسب انفسنا- الخ «منه».

[48] الارشاد: 205 -204.

[49] اللهوف: 62.

[50] الکافي 398 /1.

[51] اللهوف: 62.

[52] في کتاب حبيب السير ان الحسين عليه‏السلام عندما بلغ زبالة وافاه رسول عمر بن سعد بن أبي‏وقاص و قدم له الکتاب و اخبره بشهادة مسلم و ابن‏عروة و ما جري علي قيس بن مسهر. قال الدينوري: فلما وافي عليه‏السلام زبالة وافاه بها رسول محمد بن الاشعث و عمر بن سعد بما کان ساله مسلم ان يکتب به اليه عن امره و خذلان اهل الکوفة اياه بعد ان بايعوه و قد کان مسلم سال محمد بن الاشعث ذلک فلما قرا الکتاب استيقن بصحة الخبر و افظعه قتل مسلم ابن عقيل و هاني بن عروة ثم اخبره الرسول بقتل قيس بن مسهر رسوله الذي وجهه من بطن الرمة وقد کان صحبه قوم من منازل الطريق فلما سمعوا خبر مسلم و قد کانوا ظنوا انه عليه‏السلام يقدم علي انصار وعضد تفرقوا عنه و لم يبق معه الا خاصته «منه».

[53] الارشاد: 205، تاريخ الطبري 294 /7.

[54] رواه في المناقب 85 /4 و لم اجده في اللهوف بهذه العبارة، راجع اللهوف: 26.

[55] الارشاد: 206.

[56] کامل الزيارات: 75.

[57] شراف بفتح اوله بين الواقصة و القرعاء.

[58] الارشاد: 206.