بازگشت

في توجه الحسين الي مكة و مراسلة الكوفيين اياه


لما خرج الحسين عليه السلام من المدينة الي مكة لقيه عبداللَّه بن مطيع فقال له: جعلت فداك اين تريد؟ قال: اما الآن فمكة و اما بعد فاني استخير اللَّه.

قال: خار اللَّه لك و جعلنا فداءك، فاذا اتيت مكة فاياك ان تقرب الكوفة فانها بلدة مشؤومة بها قتل ابوك و خذل اخوك و اغتيل بطعنة كادت تاتي علي نفسه، الزم الحرم فانك سيد العرب لا يعدل بك اهل الحجاز احدا و يتداعي اليك الناس من كل جانب لا تفارق الحرم فداك عمي و خالي، فو اللَّه لئن هلكت لنسترقن بعدك [1] .

قال الشيخ المفيد «ره»: فسار الحسين عليه السلام الي مكة و هو يقرا (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) [2] و لزم الطريق الاعظم فقال له اهل بيته: لو تنكبت الطريق الاعظم كما فعل [3] ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب. فقال: لا و اللَّه لا افارقه حتي يقضي اللَّه ما هو قاض.

و لما دخل الحسين عليه السلام مكة كان دخلوه اياها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان، دخلها و هو يقرا (و لما توجه تلقاء مدين قال عسي ربي ان يهديني سواء السبيل) [4] .

ثم نزلها و اقبل اهلها يختلفون اليه و من كان بها من المعتمرين و اهل الافاق،


و ابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة فهو قائم يصلي عندها و يطوف و ياتي الحسين عليه السلام فيمن ياتيه فياتيه اليومين المتواليين و ياتيه بين كل يومين مرة و هو اثقل خلق اللَّه علي ابن الزبير قد عرف ان اهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين عليه السلام بالبلد و ان الحسين اطوع في الناس منه و اجل.

و بلغ اهل الكوفة هلاك معاوية فارجفوا بيزيد و عرفوا خبر الحسين عليه السلام و امتناعه من بيعته و ما كان من ابن الزبير في ذلك و خروجها الي مكة، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي، فذكروا هلاك معاوية فحمدوا اللَّه و اثنوا عليه و قال سليمان: ان معاوية قد هلك و ان حسينا قد تقبض علي القوم بيعته و قد خرج الي مكة و انتم شيعته و شيعة ابيه، فان كنتم تعلمون انكم ناصروه و مجاهدو عدوه فاكتبوا اليه و اعلموه، و ان خفتم الوهن و الفشل فلا تغروا الرجل من نفسه. فقالوا باجمعهم: نحن ناصروه و نجاهد دونه و نقتل انفسنا دونه. قال: فاكتبوا اليه، فكتبوا:

«بسم اللَّه الرحمن الرحيم. للحسين بن علي عليهماالسلام من سليمان بن صرد و المسيب بن نجبة و رفاعة بن شداد و حبيب بن مظاهر و شيعته من المؤمنين و المسلمين من اهل كوفة:

سلام عليك، فانا نحمد اليك اللَّه الذي لا اله الا هو. اما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزي علي هذه الامة فابتزها امرها و غصبها فيئها و تامر عليها بغير رضي منها، ثم قتل خيارها و استبقي شرارها و جعل مال اللَّه دولة بين جبابرتها و اغنيائها، فبعدا له كما بعدت ثمود، انه ليس علينا امام فاقبل لعل اللَّه يجمعنا بك علي الحق، و النعمان بن بشير في قصر الامارة لسنا نجمع معه في جمعة و لا نخرج معه الي عيد، و لو قد بلغنا انك قد اقبلت الينا اخرجناه حتي نلحقه بالشام انشاءاللَّه. و السلام و رحمةاللَّه عليك».

ثم سرحوا بالكتاب مع عبداللَّه بن مسمع الهمداني و عبداللَّه بن وال التيمي و امروهما بالنجاء، فخرجا مسرعين حتي قدما علي الحسين عليه السلام بمكة لعشر مضين من شهر رمضان.


ثم لبث اهل الكوفة بعد تسريحهم بالكتاب يومين، و انفذوا قيس بن مسهر الصيداوي [5] و عبدالرحمن بن عبداللَّه بن شداد الارحبي [6] و عمارة [7] بن عبداللَّه السلولي الي الحسين عليه السلام و معهم نحو من مائة و خمسين صحيفة من رجل و الاثنين و الثلاثة و الاربعة.

ثم لبثوا يومين آخرين و سرحوا اليه هاني بن هاني السبيعي و سعيد بن عبداللَّه الحنفي و كتبوا اليه:

«بسم اللَّه الرحمن الرحيم. للحسين بن علي عليهماالسلام من شيعته من المؤمنين و المسلمين، اما بعد فحي هلا فان الناس ينتظرونك لا راي لهم في غيرك، فالعجل ثم العجل العجل. و السلام عليك».

و كتب شبث بن ربعي [8] و حجار بن ابجر [9] العجلي و يزيد بن الحارث بن رويم الشيباني و عرة بن قيس الاحمسي و عمرو بن الحجاج الزبيدي و محمد بن عمرو التيمي:

«اما بعد فقد اخضر الجناب و اينعت الثمار، فاذا شئت فاقدم علينا فانما تقدم علي جند لك مجندة. و السلام»

و تلاقت الرسل كلها عنده، فقرا الكتب و سال الرسل عن امر الناس [10] .

قال السيد: فعندها قام الحسين عليه السلام فصلي ركعتين بين الركن و المقام و سال اللَّه الخيرة في ذلك، ثم طلب مسلم بن عقيل قدس الله روحه و اطلعه علي الحال و كتب معه جواب كتبهم [11] .


و قال الشيخ المفيد: ثم كتب مع هاني بن هاني و سعيد بن عبداللَّه و كانا آخر الرسل:

«بسم اللَّه الرحمن الحريم. من الحسين بن علي الي الملا من المسلمين و المؤمنين، اما بعد فان هانيا و سعيدا قدما علي بكتبكم و كانا آخر من قدم علي من رسلكم، و قد فهمت كل الذي اقتصصتم و ذكرتم و مقالة جلكم: انه ليس علينا امام فاقبل لعل اللَّه يجمعنا بك علي الهدي و الحق، و اين باعث اليكم اخي و ابن عمي و ثقتي من اهل بيتي مسلم بن عقيل، و امرته ان يكتب الي بحالكم و رايكم، فان كتب الي انه قد اجتمع راي ملاكم و ذوي الحجي و الفضل منكم علي مثل ما قدمت به رسلكم و قرات في كتبكم اقدم عليكم و شيكا انشاءاللَّه، فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه علي ذات اللَّه. و السلام».

و دعا الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل بن أبي طالب رحمةاللَّه و رضوانه عليه، فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي و عمارة بن عبداللَّه السلولي و عبدالرحمن بن عبداللَّه الارحبي، و امره بتقوي اللَّه و كتمان امره و اللطف، فاي راي الناس مجتمعين مستوثقين عجل اليه بذلك [12] .


پاورقي

[1] الکامل 19 /4.

[2] سورة القصص: 21.

[3] صنع خ ل.

[4] سورة القصص: 22.

[5] مسهر بالمهملتين بضم ميم و کسرها. صيدا بطن من بني اسد«منه».

[6] الارحب بمهملتين کجعفر قبيلة من همدان «منه».

[7] عمارة بالضم و التخفيف «منه».

[8] شبث کفرس ابن‏ربعي بکسر الراء بعده الموحدة ثم المهملة «منه».

[9] حجار بتقديم المهملة علي الجيم المشددة ککتان ابن‏ابجر بالموحدة و الجيم کاحمر «منه».

[10] الارشاد 185 -184.

[11] اللهوف ص 31.

[12] الارشاد، 186 -185.