بازگشت

ما وقع بين الحسين والوليد


قال العلامة المجلسي «ره» في البحار: و قال محمد بن أبي طالب الموسوي لما ورد الكتاب علي الوليد بقتل الحسين عليه السلام عظم ذلك عليه ثم قال: و اللَّه لا يراني اللَّه اقتل ابن نبيه و لو جعل يزيد لي الدنيا بما فيها.

قال: و خرج الحسين عليه السلام من منزله ذات ليلة و اقبل الي قبر جده فقال: السلام عليك يا رسول اللَّه، انا الحسين ابن فاطمة فرخك و ابن فرختك و سبطك الذي خلفتني في امتك، فاشهد عليهم يا نبي اللَّه انهم قد خذلوني و ضيعوني و لم يحفظوني و هذه شكواي اليك حتي القاك. قال: ثم قام فصف قدميه فلم يزل راكعا ساجدا.

قال: و ارسل الوليد الي منزل الحسين عليه السلام لينظر اخرج من المدينة ام لا فلم يصبه في منزله. فقال: الحمد لله الذي خرج و لم يبتلني بدمه. قال: و رجع الحسين عليه السلام الي منزله عند الصبح، فلما كانت الليلة الثانية خرج الي القبر ايضا و صلي ركعات، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: اللهم هذا قبر نبيك محمد صلي اللَّه عليه و آله و انا ابن بنت نبيك و قد حضرني من الامر ما قد علمت، اللهم


اني احب المعروف و انكر المنكر، و انا اسالك يا ذا الجلال و الاكرام بحق القبر و من فيه الا اخترت ما هو لك رضي و لرسولك رضي.

قال: ثم جعل يبكي عند القبر حتي اذا كان قريبا من الصبح وضع راسه علي القبر فاغفي، فاذا هو رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و آله قد اقبل في كتبة من الملائكة عن يمينه عن شماله و بين يديه حتي ضم الحسين عليه السلام الي صدره و قبل بين عينه و قال: حبيبي يا حسين كاني اراك عن قريب مرملا بدمائك مذبوحا بارض كرب و بلا من عصابة من امتي و انت مع ذلك عطشان لا تسقي و ظمآن لا تروي و هم مع ذلك يرجون شفاعتي لا انالهم اللَّه شفاعتي يوم القيامة، حبيبي يا حسين ان اباك و امك و اخاك قدموا علي و هم مشتاقون اليك، و ان لك في الجنان لدرجات لا تنالها الا بالشهادة.

قال: فجعل الحسين عليه السلام في منامه ينظر الي جده و يقول: يا جداه لا حاجة لي في الرجوع الي الدنيا فخذني اليك و ادخلني معك في قبرك. فقال رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله: لا بد لك من الرجوع الي الدنيا حتي ترزق الشهادة و ما قد كتب اللَّه لك فيها من الثواب العظيم، فانك و اباك و اخاك و عمك و عم ابيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتي تدخلوا الجنة.

قال: فانتبه الحسين عليه السلام من نومه فزعا مرعوبا فقص رؤياه علي اهل بيته و بني عبدالمطلب، فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق و لا مغرب قوم اشد غما من اهل بيت رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و لا اكثر باك و لا باكية منهم.

قال: و تهيا الحسين عليه السلام للخروج من المدينة و مضي في جوف الليل الي قبر امه فودعها، ثم مضي الي قبر اخيه الحسن عليه السلام ففعل ذلك، ثم رجع الي منزله وقت الصبح، فاقبل اليه اخوه محمد بن الحنفية و قال: يا اخي انت احب الخلق الي و اعزهم علي، و لست و اللَّه ادخر النصحية لاحد من الخلق و ليس احد احق بها منك لانك مزاج مائي و نفسي و روحي و بصري و كبير اهل بيتي و من وجب طاعته في عنقي، لان اللَّه قد شرفك علي و جعلك من سادات اهل الجنة.

و ساق الحديث كما مر الي ان قال: تخرج الي مكة فان اطمانت بك الدار


فذاك و ان تكن الاخري خرجت الي بلاد اليمن فانهم انصار جدك و ابيك و هم اراف الناس و ارقهم قلوبا و اوسع الناس بلادا، فان اطمانت بك الدار و الا لحقت بالرمال و شعوب الجبال و جزت من بلد الي بلد حتي تنظر ما يؤول اليه امر الناس و يحكم اللَّه بيننا و بين القوم الفاسقين.

قال: فقال الحسين عليه السلام: يا اخي و اللَّه لو لم يكن في الدنيا ملجا و لا ماوي لما بايعت يزيد بن معاوية، فقطع محمد بن الحنفية الكلام و بكي، فبكي الحسين عليه السلام معه ساعة ثم قال يا اخي جزاك اللَّه خيرا فقد نصحت و اشرت بالصواب و انا عازم علي الخروج الي مكة و قد تهيات لذلك انا و اخوتي و بنو اخي و شيعتي و امرهم امري و رايهم رايي، و اما انت يا اخي فلا عليك ان تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم لا تخفي عني شيئا من امورهم.

ثم دعا الحسين عليه السلام بدوات و بياض و كتب هذه الوصية لاخيه محمد:

«بسم اللَّه الرحمن الرحيم. هذا ما اوصي به الحسين بن علي بن أبي طالب الي اخيه محمد المعروف بابن الحنفية، ان الحسين يشهد ان لا اله الا اللَّه وحده لا شريك له و ان محمدا صلي اللَّه عليه و آله عبده و رسوله جاء بالحق من عند الحق، و ان الجنة و النار حق، و ان الساعة آتية لا ريب فيها، و ان اللَّه يبعث من في القبوره و اني لم اخرج اشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما و انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي صلي اللَّه عليه و آله اريد ان آمر بالمعروف و انهي عن المنكر و اسير بسيرة جدي و أبي علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن قبلني بقبول الحق فالله اولي بالحق، و من رد علي هذا اصبر حتي يقضي اللَّه بيني و بين القوم بالحق و هو خير الحاكمين. و هده وصيتي يا اخي اليك و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب».

(قال) ثم طوي الحسين عليه السلام الكتاب و ختمه بخاتمه و دفعه الي اخيه محمد، ثم ودعه و خرج في جوف الليل.

و قال محمد بن أبي طالب: روي محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل عن محمد بن يحيي بن محمد بن الحسين عن ايوب بن نوح عن صفوان عن مروان بن اسماعيل عن حمزة بن حرمان عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال:


ذكرنا خروج الحسين عليه السلام و تخلف ابن الحنفية، فقال ابوعبداللَّه عليه السلام يا حمزة اني ساخبرك بحديث لا تسال عنه بعد مجلسك هذا، ان الحسين لما فصل متوجها دعا بقرطاس و كتب فيه:

«بسم اللَّه الرحمن الرحيم. من الحسين بن علي بن أبي طالب الي بني هاشم: اما بعد فانه من لحق بي منكم استشهد و من تخلف لم يبلغ مبلغ الفتح و السلام» [1] .

قال: و قال شيخنا المفيد «ره» باسناده الي أبي عبداللَّه عليه السلام قال: لما سار ابوعبداللَّه عليه السلام من المدينة لقيته افواج من الملائكة المسمومة في ايديهم الحراب علي نجب من نجب الجنة، فسلموا عليه و قالوا: يا حجة اللَّه علي خلقه بعد جده و ابيه و اخيه، ان اللَّه سبحانه امد جدك بنا في مواطن كثيرة و ان اللَّه تعالي امدك بنا. فقال لهم: الموعد حفرتي و بقعتي التي استشهد فيها و هي كربلا، فاذا وردتها فاتوني. فقالوا: يا حجة اللَّه مرنا نسمع و نطع فهل تخشي من عدو يلقاك فنكون معك؟ فقال: لا سبيل لهم علي و لا يلقوني بكريهة او اصل الي بقعتي.

و اتته افواج مسلمي الجن فقالوا: يا سيدنا نحن شيعتك و انصارك فمرنا بامرك و ما تشاء، فلو امرتنا بقتل كل عدو لك و انت بمكانك لكفيناك ذلك. فجزاهم الحسين عليه السلام خيرا و قال لهم: او ما قراتم كتاب اللَّه المنزل علي جدي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله (اينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم في بروج مشيدة) [2] و قال سبحانه: (لبرز الذين كتب عليهم القتل الي مضاجعهم) [3] و اذا اقمت بمكاني فبماذا يبتلي هذا الخلق المتعوس؟ و بماذا يختبرون؟ و من ذا يكون ساكن حفرتي بكربلا و قد اختارها اللَّه تعالي يوم دحا الارض و جعلها معقلا


لشيعتنا و يكون لهم امانا في الدنيا و الاخرة، و لكن تحضرون يوم السبت و يوم عاشوراء الذي في آخره اقتل و لا يبقي بعدي مطلوب من اهلي و نسبي و اخوتي و اهل بيتي و يسار براسي الي يزيد لعنه اللَّه. فقالت الجن: نحن و اللَّه يا حبيب اللَّه و ابن حبيه لولا ان امرك طاعة و انه لا يجوز لنا مخالفتك قتلنا جميع اعدائك قبل ان يصلوا اليك. فقال عليه السلام لهم: نحن و اللَّه اقدر عليهم منكم و لكن ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حيي عن بيتة [4] .

انتهي ما نقلناه من كتاب محمد بن أبي طالب.

و وجدت في بعض الكتب انه لما عزم علي الخروج من المدينة اتته ام سلمة فقالت: يا بني لا تحزني بخروجك الي العراق، فاني سمعت جدك يقول: يقتل ولدي الحسين عليه السلام بارض العراق في ارض يقال لها كربلاء. فقال لها: يا اماه و انا و اللَّه اعلم ذلك اني مقتول لا محالة و ليس لي من هذا بد، و اني و اللَّه لاعرف اليوم الذي اقتل فيه و اعرف من يقتلني و اعرف البقعة التي ادفن فيها، و اني اعرف من يقتل من اهل بيتي و قرابتي و شيعتي، و ان اردت يا اماه اريك حفرتي و مضجعي.

ثم اشار الي جهة كربلاء فانحفضت الارض حتي اراها مضجعه و مدفنه و موضع عسكره و موقفه و مشهده، فعند ذلك بكت ام سلمة بكاء شديدا و سلمت امره الي اللَّه تعالي. فقال لها: يا اماه قد شاء اللَّه عز و جل اني يراني مقتولا مذبوحا ظلما و عدوانا و قد شاء ان يري حرمي و رهطي و نسائي مشردين و اطفالي مذبوحين مظلومين ماسورين مقيدين و هم يستغيثون فلا يجدون ناصرا و لا معينا.

و في رواية اخري قالت ام سلمة رضي اللَّه عنها: و عندي تربة دفعها الي جدك في قارورة. فقال: و اللَّه اني مقتول كذلك و ان لم اخرج الي العراق يقتلوني ايضا. ثم اخذ تربة فجعلها في قارورة و اعطاها اياها و قال: اجعليها مع قارورة جدي فاذا فاضتا دما فاعلمي اني قد قتلت.


انتهي ما نقلناه من البحار [5] .

روي السيد البحراني في مدينة المعاجز عن ثاقب المناقب و غيره عن مناقب السعداء عن جابر بن عبداللَّه قال: لما عزم الحسين بن علي عليه السلام علي الخروج الي العراق اتيته فقلت له: انت ولد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و احد سبطيه لا اري الا انك تصالح كما صالح اخوك عليه السلام فانه كان موفقا رشيدا. فقال لي: يا جابر قد فعل اخي ذلك بامر اللَّه تعالي و رسوله «ص» و و انا ايضا افعل بامر الله تعالي و رسوله،اتريد ان استشهد رسول الله «ص» عليا و اخي الحسن عليهماالسلام بذلك الآن. ثم نظر الي السماء فاذا السماء قد انفتح بابها و اذا رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و علي و الحسن و حمزة و جعفر عليهم السلام و زيد ابن عمنا و هم نازلون منها حتي استقروا علي الارض، فوثبت فزعا مرعوبا، فقال لي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله: يا جابر الم اقل لك في امر الحسن قبل الحسين: لا تكون مومنا حتي تكون لائمتك مسلما، و لا تكون معترضا، اتريد ان تري مقعد معاوية و مقعد الحسين ابني و مقعد يزيد قاتله؟ قلت: بلي يا رسول اللَّه.

فضرب برجله الارض فانشقت و ظهر بحر فانفلق ثم ظهرت ارض فانشقت هكذا انشقت سبع ارضين و انفلقت سبعة ابحر، و رايت من تحت ذلك كله النار قد قرنت في سلسلة الوليد بن مغيرة و ابوجهل و معاوية و يزيد و قرن بهم مردة الشياطين، فهم اشد اهل النار عذابا. ثم قال صلي اللَّه عليه و آله: ارفع راسك فرفعت فاذا ابواب السماء مفتحة و اذا الجنة اعلاها [6] .

ثم صعد رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و من معه الي السماء، فلما صار في الهواء صاح بالحسين: يا بني الحقني، فلحقه الحسين و صعدوا حتي رايتهم دخلوا الجنة من اعلاها، ثم نظر الي رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله من هناك و قبض علي يد الحسين عليه السلام و قال: يا جابر هذا ولدي معي ها هو هنا، فسلم له امره و لا تشك فتكون مؤمنا، قال جابر:


فعميت عيناي ان لم اكن رايت ما قلت من رسول الله صلي اللَّه عليه و آله [7] .


پاورقي

[1] اللهوف ص 57 مع اختلاف يسير نقلا عن رسائل الکليني.

[2] سورة النساء: 78.

[3] سورة آل عمران: 154.

[4] اللهوف ص 60 -58.

[5] البحار 332 -327 /44.

[6] باعلاها خ ل.

[7] مدينة المعاجز: 243.