بازگشت

ذكر ماجري بين عبدالله بن عباس و ابن الزبير في أمر محمد ابن الحنفيه


قال: و بلغ ذلك عبدالله بن عباس أن ابن الحنفيه يريد أن يمضي الي الطائف، فاقبل مغضبا حتي دخل علي عبدالله بن الزبير فقال: يا هذا! والله ما ينفعني تعجبي منك و من ائتزازك و جرأتك علي بني عبدالمطلب، تخرجهم من حرم الله و حرم رسوله محمد صلي الله عليه و آله و هم بالحرم و أعظم فيه نصيبا منك، أما والله أن عواقب الظلم لترد الي مساءه و ندامه.


فقال له ابن الزبير: يابن عباس! انه قد قتل الله المختار الكذاب الذي كنتم تمدون اعينكم الي نصرته لكم.

فقال ابن عباس: يابن الزبير دع عنك المختار، فإنه قد بقيت لك عقبه تأتيك من ارض الشام، فاذا قطعتها فأنت انت.

قال: فغضب ابن الزبير ثم قال: والله يابن عباس ما منك أعجب بل أعجب من نفسي!كيف أدعك تنطق بين يدي بمل ء فيك.

قال: فتبسم ابن عباس ثم قال: والله ما نطقت بين يدي أحد من الولاه كما نطقت بين يديك! و لقد نطقت و أنا غلام بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و أبي بكر الصديق فعجبوا لتوفيق الله إياي، و لقد نطقت و أنا رجل بين يدي عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب و كانوا يرونني أحق من نطق، يستمع رايي و يقبل مشورتي، و هؤلاء الذين ذكرتهم من بعد الرسول صلي الله عليه و آله خير منك و من أبيك.

قال: فازداد غضب ابن الزبير ثم قال: لقد علمت أنك ما زلت لي و لأهل بيتي مبغضا منذ كنت، و لقد كتمتم بغضكم يا بني هاشم أربعين سنه.

فقال ابن عباس: فازدد اذا بي غضبا، فوالله لا نبالي أحببتنا أم ابغضتنا!

قال له ابن الزبير: اخرج عني، لا أراك تقربني!

قال ابن عباس: أنا أزهد فيك من أن تراني عندك.

قال ابن الزبير: دع عنك هذا و اذهب الي ابن عمك هذا فقل ليخرج عن جواري و لا يتربص، فإني ما أظنه سالما مني أو يصيبه مني ظفر.

قال ابن عباس: ما ولوعك بابن عمي و ما تريد منه؟


قال: أريد منه أن يبايع كما بايغ غيره!

قال ابن عباس: مهلا يابن الزبير! احذر، فان مع اليوم غدا.

قال ابن الزبير: صدقت مع اليوم غد، و ليس يجب عليك أن تكلمني في رجل ضعيف سخيف، ليس له قدم و لا أثر محمود.

قال: فتنمر ابن عباس غضبا ثم قال له: انه ليس علي هذا صبر يابن الزبير! والله إن اباه لأفضل من أبيك، اسرته خير من اسرتك، و انه لفي نفسه خير منك، و بعد فرماه الله بك إن كان شرا منك في الدين و الدنيا.

قال ثم خرج ابن عباس من عند ابن الزبير مغضبا، و أقبل حتي جلس في الحجر، و اجتمع اليه قوم من أهل بيته و مواليه.

فقالوا: ما شأنك يابن عباس؟

فقال: ما شأني! أيظن ابن الزبير أني مساعده علي بني عبدالمطلب؟ والله أن الموت معهم لأحب الي من الحياه معه، أما والله! أن كان ابن الحنفيه سخيفا ضعيفا كما يقول لكانت أنملته احب الي من ابن الزبير و آل الزبير، فانه والله عندي لأوفر عقلا من ابن الزبير و افضل منه دينا و أصدق منه حياء و ورعا!

قال: فقال له رجل من جلسائه: يابن عباس! انه قد ندم علي ما كان من كلامه، و هو الذي بعثنا اعتذارا.

قال ابن عباس: فليكف عن أهل بيته، فقد قال القائل «غثك خير من سمين غيرك». أما والله! لو فتح لي من بصري لكان لي و لابن الزبير و لبني ابيه يوم أرونان.