بازگشت

ذكر مقتل الشمر بن ذي الجوشن


ثم دعا المختار بغلام له أسود يقال له رزين، [1] و كان فارسا بطلا، فقال: ويلك يا رزين! قد بلغني عن الشمر بن ذي الجوشن انه قد خرج عن الكوفه هاربا في نفر من غلمانه و من اتبعه، فاخرج في طلبه فلعلك تأتيني به او برأسه، فاني ما اعرف من قاتل الحسين بن علي عليه السلام أعتي منه و لا اشد بغضا لاهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله. قال: فاستوي رزين علي فرسه و خرج في طلب الشمر بن ذي لجوشن فجعل يسير مسيرا عنيفا، و هو في ذلك يسأل عنه فيقال له: نعم انه قد مر بنا آنفا، فلم يزل كذلك حتي نظر اليه من بعيد. قال: و حانت من الشمر التفاته فنظر الي رزين غلام المختار فقال لغلمانه: سيروا


انتم فان الكذاب قد بعث بهذا الفارس في طلبي! قال: ثم عطف الشمر علي غلام المختار و تطاعنوا برمحيهم، طعنه الشمر طعنه قتله ثم مضي. قال: و بلغ ذلك المختار فاغتم لذلك غما شديدا، ثم دعا برجل يقال له عبدالرحمن بن عبيد الهمداني، فضم اليه عشره من أبطال أصحابه ثم قال: يا عبدالرحمن! إن الشمر قد قتل غلامي رزينا و مر علي وجهه، و لست ادري أي طريق سلك، ولكني انشدك بالله يا اخا همدان ألا قررت عيني انت و من معك بقتله إن قدرتم علي ذلك. قال: فخرج عبدالرحمن بن عبيد في عشره من أصحاب المختار في طلب الشمر بن ذي الجوشن، فجعلوا يسيرون و هم يسالون عنه و يمضون علي الصفه، قال: و الشمر قد نزل الي جانب قريه علي شاطي ء الفرات يقال لها الكتانيه [2] و هو جالس في غلمانه و معه قوم قد صبحوه من أهل الكوفه من قتله الحسين بن علي عليه السلام، و هم آمنون مطمئنون، و الشمر قد نزع درعه و رمي به و رمي ثيابه و اتزر بمئزر و جلس، و دوابه بين يديه ترعي، فقال له بعض أصحابه ممن كان معه: انك لو رحلت بنا عن ذها المكان لكان الصواب فإنك قد قتلت غلام المختار، و لا نأمن أن يكون قد وجه في طلبنا! قال: فغضب الشمر من ذلك و قال: ويلكم أكل هذا خوفا و جزعا من الكذاب، والله لا برحت من مكاني، هذا الي ثلاثه ايام و لو جاءني الكذاب في جميع أصحابه! قال: فوالله ما فرغ من كلامه حينا حتي أشرفت عليه خيل المختار، فلما نظر اليهم و ثب قائما فتأملهم.


قال: و نظروا اليه و كان أبرص، و البرص علي بطنه و سائر بدنه كأنه ثوب ملمع. قال: ثم ضرب بيده الي رمحه ثم دنا من أصحاب المختار و هو يومئذ متزر بمنديل و هو يرتجز و يقول:



تيمموا ليثا هزبرا باسلا [3] .

جهما محياه يدق الكاهلا لم يك [4] .



يوما من عدو ناكلا

الا كذا مقاتلا أو قاتلا



يمنحكم طعنا و موتا عاجلا [5] .



قال: فقصده عبدالرحمن بن عبيد و هو يرتجز و يقول:



يا أيها الكلب العوي العامري

ابشر بخزي و بموت حاضر



من عصبه لدي الوغي مساعر

شم الأنوف ساده مغاور



يا قاتل الشيخ الكريم الطاهر

اعني حسين الخير ذي المفاخر



و ابن النبي الصادق المهاجر

و ابن الذي كان لدي التشاجر



اشجع من ليث عرين خادر

ذاك علي ذوالنوال الغامر



قال: ثم حنق عليه الهمداني فطعنه في نحره طعنه فسقط عدوالله قتيلا، و نزل اليه الهمداني، فاحتز رأسه، و قتل أصحابه عن آخرهم، و أخذت اموالهم و اسلحتهم و دوابهم، و أقبل الهمداني برأسه و رؤوس اصابه الي المختار حتي وضعها بين يديه، فلما نظر المختار الي ذلك خر ساجدا لله، ثم أمر برأس الشمر و أصحابه فنصبت بالكوفه في وجه الحدادين حذاء المسجد الجامع، ثم امر لهذا الهمداني بعشره آلاف درهم و ولاه ارض حلوان.



پاورقي

[1] في الطبري ج 5: زربي.

[2] الکتانيه: ما بين السوس و الصميره، و بها قتل الملعون شمر بن ذي‏الجوشن الضبأبي المشارک في قتل ريحانه الرسول و سيد شباب أهل الجنه.

[3] الرجز في الطبري ج 5: «نبهتم ليث عرين باسلا».

[4] في الطبري و ابن الأثير: لم ير.

[5] الرجز في الطبري: «يبرحم ضربا و يروي العاملا.