خبر سراقه بن مرداس البارقي
قال: و كان آخر من قدم عليه رجل من القوم بهي جميل، فقال له المختار: من
انت؟ فقال: أيها الأمير! أنا سراقه بن مرداس البارقي، و لست ممن قاتل الحسين بن علي و لا مشارك في دمه، فاسمع كلامي و لا تعجل! فقال له المختار: فقل ما تشاء فاني سامع منك، فأنشا يقول:
الا ابلغ أبااسحاق أنا
نزونا نزوه كانت علينا
خرجنا لا نري الأبطال شيئا
و كان خروجنا بطرا و حينا
نراهم في صفوفهم قليلا
و هم مثل الدبي لما التقينا
برزنا اذ رأيناهم اليهم [1] .
و أما القوم قد برزوا الينا
لقينا منهم ضربا عنيدا [2] .
و طعنا مسحجا حتي انثنينا
زففت الخيل يا مختار زفا
بكل كتبيه قتلت حسينا
نصرت علي عدوك كل يوم
بكل حضارم لم يلق شينا [3]
كنصره احمد في يوم بدر
ويوم الشعب اذ لاقي حنينا
فصفحا اذ قدرت فلو قدرنا
لجرنا في الحكومه و اعتدينا
تقبل توبه مني فإني
سأشكر أن جعلت النقد دينا
قال: فقال له المختار: اني قد سمعت شعرك و انت ممن قاتلني و لابد من قتلك او تخليدك السجن. قال: فقال سراقه: و لم ذلك فوالله و إلا فعلي كذا و كذا إن لم أر الملائكه بالأمس تقاتل معك، فلما وضعت الحرب أوزارها رأيت الملائكه تطير بين السماء و الأرض. فقال له المختار: أنا احلف انك ما رايت شيئا مما رأيت من أمر المائكه، و قد حلفت بالله كذبا، و قد حقنت لك دمك فاخرج عن الكوفه و الحق بأي بلد شئت! [4] قال فقال سراقه: صدقت والله اصلح الله الامير ما رايت شيئا و ما كنت في يمين حلفت بها ساعه قط اشد اجتهادا و لا مبالغه في الكذب من تلك اليمين، ولكني خفت سيفك.
قال: ثم خرج سراقه بن مرداس من الكوفه هاربا حتي صار الي مصعب بن الزبير فحدثه بقصته، ثم أنشا يقول:
الا ابلغ أبااسحاق أني
رايت البلق دهما مصمتات
كفرت بوحيكم و جعلت نذرا
علي قتالكم حتي الممات
اري عيني ما لم تبصره
كلانا عالم بالترهات
اذ قالوا أقول لكم [5] كذبتم
و إن خرجوا ليست لهم أداتي
قال: فبلغ المختار ما قاله سراقه بن مرداس فقال: أما أنا فلو علمت ذلك منه لما افلت من مخالبي.
پاورقي
[1] الطبر: فلما راينا القوم.
[2] الطبري: طلحفا و طعنا صائبا.
[3] البيت في الطبري:
نصرت علي عدوک کل يوم
بکل کتيبه تنعي حسينا
فاسجح اذ ملکت فو ملکنا.
[4] جاء قول المختار هذا لسراقه سرا و کان قد خلا به، و کان قبل قد أمره ان يصعد المنبر و يعلم الناس بما رأي من أن الملائکه کانت تقاتل مع جيش المختار (انظر الطبري ج 5).
[5] الطبري: لهم.