بازگشت

ذكر خروج أهل الكوفه علي المختار و غدرهم به و محاربتهم اياه


قال: و عزم أهل الكوفه علي أن يغدروا بالمختار و أن ينقضوا عهده و بيعته،

فجعل بعضهم يقول لبعض: والله لقد تامر علينا هذا الكذاب بغير رضا منا، و لقد عمد الي عبيدنا و موالينا، فقربهم و ادناهم و حملهم علي الخيل، و اعطاهم الاموال، و اطعمهم الفي ء، و قد علمتم ما كان لنا فيهم من المنافع لايتامنا و اراملنا. قال: ثم اجتمعوا في منزل شبث بن ربعي فذكروا له ذلك، و كان شبث من اشراف بني تميم، و كان جاهليا اسلاميا فارسا، لا يدفع عن حسب و لا شرف، بطلا شجاعا، فلما ذكروا له ذلك قال لهم: لا تعجلوا حتي القاه فألكمه في ذلك. قال: ثم اقبل شبث حتي دخل علي المختار فسلم و جلس، ثم تكلم فلم يترك شيئا مما انكره عليه أهل الكوفه الا ذكره له، حتي ذكر أمر العبيد و الموالي، فقال: أيها الامير! و اعظم الاشياء عليك انك عمدت الي عبيدنا و هم فيئنا الذين، افاء الله بهم فاخذتهم اليك، ثم لم ترض باخذهم حتي جعلتهم شركاءنا في فيئنا، و لا يحل لك أيها الامير هذا في دينك و لا يجمل بك في شرفك! قال: فقال له المختار: فإني ارضيكم بكل ما تحبون و اغنيكم من كل ما تكرهو علي انكم تقاتلون معي بني اميه و عبدالله بن الزبير و آخذ عليكم بذلك عهودا و مواثيق و ايمانا مغلظه انكم لا تغدرون و لا تنكثون. قال: فقام شبث بن ربعي من عند المختار و صار الي قومه و ذكر لهم ذلك، فغضبوا غضبا شديدا و ضجوا و قالوا: لا والله ما نقاتل معهم احدا و لكنا نقاتله و ننقض عليه بيعته.


ثم عزم القوم علي محاربه المختار، و اقبل اليهم رجل من اشرافهم يقال له عبدالرحمن بن مخنف الأزدي فقال: يا هؤلاء! اتقوا الله و لا تخرجوا علي هذا الرجل فقد بايعتموه انكم لا تغدرون به، و أنا اخاف عليكم انكم أن قاتلتموه أن تختلفوا و تتخاذلوا فيظفر بكم، لان الرجل اليوم محتو علي بلدكم، و معه اشرافكم و شجعانكم و فرسانكم، و معه ايضا عبيدكم و اولادكم، فكفوا عن الرجال و لا تقاتلوه، فهذا مصعب بن الزبير بالبصره و لو قد فرغ من حرب الأزارقه لسار اليه و كفاكم أمره، و هذا عبيدالله بن زياد بالموصل في ثمانين ألفا و يزيدون، فعسي الله تبارك و تعالي أن يكفيكم أمره بأحدهم. قال: فقال له الاشراف من أهل الكوفه: يابن مخنف! ننشدك بالله أن لا تفسد علينا ما اجتمعنا عليه من أمرنا. قال: فامسك عنهم عبدالرحمن بن مخنف ثم قال: يا هؤلاء! فاني ممسك عنكم فافعلوا ما بدا لكم، ولكن أن كنتم قد عزمتم علي الخروج عليه فلا تعجلوا و تلبثوا حتي يمضي إبراهيم بن الاشتر الي عبيدالله بن زياد، و يبقي المختار ههنا في نفر يسير، فعند ذلك فافعلوا ما بدالكم أن لم يكن لكم ناصر ينصره و يذب عنه. قال: فسكت أهل الكوفه عن المختار، حتي اذا علموا أن ابن الاشتر قد بلغ سأباط المدائن نادوا و خرجوا و ارتفعت الضجه، و لم يبق احد بالكوفه ممن كان مختفيا و شارك في قتل الحسين بن علي عليه السلام الا ظهر. قال: و نقض القوم بيعه المختار و خرجوا عليه، فخرج الشمر بن ذي الجوشن في جبانه السكوت، و خرج كعب بن أبي كعب في جبانه بشر، و خرج اسحاق (بن محمد) بن


الأشعث في جبانه كنده، و خرجت قبائل همدان في جبانه السبيع. [1] .

قال: فصارت الكوفه كلها علي المختار سيفا واحدا، فلما رأي ذلك دعا برجل من خاصته يقال له عمر و بن توبه فأمره بالركض الي إبراهيم بن الاشتر يخبره بقصته، و كتب: انظر، لا تضع كتأبي من يدك او تقبل الي راجعا بجميع من معك، فان أهل الكوفه قد نقضوا بيعتي و خرجوا علي- والسلام فالعجل العجل-. قال: فمضي الرسول الي إبراهيم بن الاشتر، و بعث المختار برسله الي هؤلاء الذين خرجوا عليه فقال: يا هؤلاء! اخبروني ما الذي حملكم علي نقض بيعتي و الخروج علي! و اخبروني ما الذي تريدون! فاني نازل بحيث تحبون. فقالوا: نريد أن تعتزل عنا فانك زعمت أن محمد ابن الحنفيه أرسلك الينا و قد كذبت علي ابن الحنفيه. قال: فرجعت الرسل الي المختار فاخبروه بذلك، فأرسل اليهم المختار أن يا هؤلاء فلا عليكم، ها أنا ههنا بين اظهركم مقيم، فابعثوا برسلكم الي ابن الحنفيه و اسألوه عن ذلك و لا تعجلوا. قال: و جعل المختار يرسل اليهم رسولا بعد رسول كل ذلك ليشغلهم عن حربه الي أن يقدم ابن الاشتر، و القوم يأبون ذلك، ثم انهم ساروا اليه يريدون قتاله و قتله، و المختار يومئذ في قريب من اربعه آلاف، فلما راي انهم قد بغوا عليه أمر أصحابه بالحرب فاقتتلوا يومهم ذلك الي الليل، و باتوا علي حرب و اصبحوا علي حرب، و المختار يعلم أن لا طاقه له بهم.


قال: و اذا إبراهيم بن الأشتر وافي في اليوم الثاني فصلي الفجر علي باب الجسر، ثم اقبل بخيله و رجله حتي دخل الكوفه. قال: و علم اولئك الخارجون أن ابن الاشتر قد وافي، فافترقوا فرقتين، فصارت ربيعه و مضر علي حده، و اليمن علي حده. فقال ابن الاشتر للمختار: أيها الامير! اي الفريقين تحب أن اكفيك اليمن او ربعيه و مضر؟ فقال المختار: اذا اخبرك أباالنعمان! أن اليمن هم قومك و عشريتك و لعلك إن حاربتهم أبقيت عليهم، فدعني و اليمن و عليك بربيعه و مضر! قال: فسار إبراهيم بن الأشتر في جيشه ذلك حتي صار الي الكناسه و قد اجتمع بالكناسه يومئذ خلق كثير من ربيعه و مضر. قال: فسار إبراهيم بن الاشتر في جيشه ذلك حتي صار الي الكناسه و قد اجتمع، فلما نظروا الي ابن الاشتر حملوا و حمل عليهم، و اقتتل القوم و صبر بعضهم لبعض.


پاورقي

[1] انظر التفاصيل في الطبري ج 5.