بازگشت

ذكر كتاب محمد ابن الحنفيه الي المختار


من محمد بن علي الي المختار بن (أبي) عبيد و من بحضرته من شيعه أهل البيت

سلام عليكم، أما بعد فإني اسأل الله أن يرزقنا و إياكم الجنه، و أن يصرف عنا و عنكم


عوارض الفتنه، و اني كتبت اليكم كتابي هذا و أنا و أهل بيتي و جماعه من اصحابي محصرون لدي البيت الذي من دخله كان آمنا، و قد منعنا عذب الماء، و طيب الطعام، و كلام الناس، يتهدد في كل صباح و مساء بأمر عظيم، و أنا انشدكم الله الذي بجزي بالاحسان و يتولي الصالحين أن لا تخذلوا أهل بيت نبيكم! فتندموا كما مدمتم قبل اليوم عن قعودكم عن الحسين بن علي عليه السلام، اذ قتل بساحه أرضكم ثم لم تمنعوهم و لم تدفعوا عنهم. فأصبحتم علي ما فعلتم نادمين، هذا كتابي إليكم و هو حجه عليكم- والسلام عليكم و رحمه الله و بركاته-. قال: ثم وجه ابن الحنفيه بهذا الكتاب الي المختار، فلما قرأ المختار كتاب ابن الحنفيه خنقته العبره و استعبر باكيا ثم قال: يا غلام! ناد في الناس: الصلاه جامعه! قال: فنادي المنادي واجتمع الناس الي المسجد الاعظم، و خرج المختار حتي دخل المسجد و صعد المنبر فحمد الله و أثني عليه ثم قال: أيها الناس! هذا كتاب مهديكم و صرح آل نبيكم، يستغيث بكم مما نزل به من ابن الزبير، فأغيثوه و أعينوه، فلست بأبي اسحاق إن لم انصره نصر مؤازر، و أن لم احزب الخيل في آثار الخيل كالسيل يتلوه السيل، حتي يحل من عاداه الويل. ثم قال: يا أباالمعتمر! اخرج فعسكر بدم هند، بجد و جد، علي خيل طائر و سعد، و اخرج انت يا هاني ء بن قيس! فعسكر بدار السري بن وقاص العاصي، المداهن الحياص، الذي زعم انه لنا سلم، و انه من أهل العلم، قد علمت انه من أهل الخيانه و الظلم. قال: فخرج الناس فعسكروا كما أمرهم به المختار، فدعا المختار بأبي عبدالله الجدلي و كان من خيار أهل الكوفه و اكابرهم، فدفع اليه اربعمائه الف درهم و أمره بالمسير الي محمد ابن الحنفيه ثم كتب اليه: بسم الله الرحمن الرحيم، للمهدي محمد بن علي، من المختار بن أبي عبيد، أما بعد فقد قرأت كتابك و اقرأته شيعتك و إخوانك من


أهل الكوفه، و قد سيرت اليك الشيعه ارسالا يتبع اولاهم أخراهم، و بالله اقسم قسما صدقا لئن لم يكف عنك من تخاف غائلته علي نفسك و أهل بيتك لأبعثن اليك الخيل و الرجال ما يضيق به مكه علي ما عداك و ناواك، حتي يعلم ابن الزبير انك اعز منه نفرا و دعوه و أكثر نفيرا، فأبشر فقد اتاك الغوث و جاءك الغيث، و قد وجهت اليك بأربعمائه الف درهم لتجعلها فيمن احببت من أهل بيتك و شيعتك، و قد سرحت اليك رجالا ينصرونك و يحفظون المال حتي يؤدوه اليك، ثم يقومون بين يديك فيقاتلون عدوك و يدفعون الظلم عنك و عن أهل بيتك فأبشر بالجيش الكبير و الجند الكثير، والله الذي أنا له لو لم اعلم اني اعز لك و لأهل بيتك بهذا المكان اذا لسرت اليك بنفسي و أذب عنك و عن أهل بيتك و عن وليك و شيعتك، دفع الله عنك و عنهم السوء اجمعين- والسلام عليك و رحمه الله و بركاته-. قال: فخرج الناس من الكوفه يريدون مكه الي محمد ابن الحنفيه و سبق اليه الكتاب، فلما قرأه حمد الله علي ذلك، و أقبلت الخيل نحو مكه أرسالا يتلو بعضها بعضا، فلما دخلوا اقبلوا الي محمد ابن الحنفيه فجعلوا يفدونه بآبائهم و امهاتهم و هم يقولون: جعلنا فداك يابن اميرالمومنين! فخل بيننا و بين ابن الزبير حتي يري اننا اعز نفرا. فقال لهم ابن الحنفيه: مهلا فإني لا استحل القتال في حرم الله و حرم رسوله محمد صلي الله عليه و آله. قال: و بلغ ابن الزبير ذلك، فقام في أصحابه خطيبا فحمد الله و اثني عليه ثم قال: أما بعد فالعجب كل العجب من هذه العصبه الرديئه السيئه الترابيه الذين يناووني في سلطاني ثم انهم ينعون حسينا و يسمعوني ذلك [1] حتي كأني أنا الذي قتلت الحسين بن


علي عليه السلام، والله لو قدرت علي قتله الحسين لقتلتهم، و هؤلاء الذين كاتبوا الحسين بن علي فاطمعوه في النصر! فلما صار اليهم خذلوه و اسلموه لعدو. قال: ثم أرسل ابن الزبير الي أبي عبدالله الجدلي و أصحابه القادمين من الكوفه فدعاهم ثم قال: اخبروني عنكم يا أهل الكوفه أما كفاكم خروجكم مع المختار و افسادكم علي العراق حتي قدمتم هذا البلد تناورني في سلطاني! أتظنون اين أخلي صاحبكم هذا دون أن يبايع و تبايعوا انتم ايضا معه صاغرين! قال: فقال له أبوعبدالله الجدلي: إي و الركن و المقام، و الحل و الحرام، و هذا البلد الحرام، و حرمه الشهر الحرام! لتخلين سبيل صاحبنا ابن علي و لينزلن من مكه حيث شاء و من الأرض حيث يحب او لنجاهدنك بأسيافنا جهادا و جلادا يرتاب منه المبطلون. قال: و اذا محمد ابن الحنفيه قد اقبل في جماعه من أصحابه حتي دخل المسجد الحرام، قال: و نظر ابن الزبير فاذا أصحابه كثير و أصحاب ابن الحنفيه قليل: غير أنهم مغضبون مجمعون علي الحرب محبون لذلك، فعلم أن جانبهم خشن، و أن وراءهم شوكه شديده من قبل المختار فجعل يتشجع و يقول لإخوته و أصحابه: و من أن الحنفيه و أصحابه هؤلاء! والله ما هم عندي شي ء! و لو اني هممت بهم لما مضي ساعه من النهار حتي تقطف رؤوسهم كما يقطف الحنظل. قال: فقال له رجل من أصحاب ابن الحنفيه: والله يابن الزبير! لئن رمت ذلك منا فإني ارجو أن يوصل اليك من قبل أن تري فينا ما تحب. قال: ثم ضرب الطفيل بيده الي سيفه فاستله فهم أن يفعل شيئا، فقال ابن الحنفيه لابيه: يا أباالطفيل! قل لا بنك فليكف عما يريد أن يصنع.


ثم اقبل علي أصحابه فقال: يا هؤلاء! مهلا فإني أذكركم الله الا كففتم عنا أيديكم و السنتكم، فاني ما احب أن اقاتل احدا من الناس، و لا أقول للناس الا حسنا، و لا أريد ايضا أن أنازع ابن الزبير في سلطانه و لا بني اميه في سلطانهم، و لا ادعوكم الي أن يضرب بعضكم بعضا بالسيف، و انما آمركم أن تتقوا الله ربكم، و أن تحقنوا دماءكم، فاني قد اعتزلت هذه الفتنه التي فيها ابن الزبر و عبدالملك بن مروان الي أن تجتمع الأمه علي رجل واحد، فأكون كواحد من المسلمين. قال: فقال رجل من أصحاب عبدالله بن الزبير: صدق والله الرجل- يعني ابن الحنفيه! والله ما هذه الا فتنه كما قال! و السعيد عندي من اعتزلها. قال: فصاح به ابن الزبير و قال: اسكت ايها الرجل! فانك لا تعقل ما يأتي و ما تدري من هذا حتي يسمع قوله و يؤخذ برأيه، انما كان هذا مع أخويه الحسن و الحين عليهماالسلام كالعسيف الذي لا يوأمر و لا يشاور. قال: فقال له محمد ابن الحنفيه: كذبت والله لو مت! ما كان اخواني بهذه المنزله، ولكنهم كانوا أخوي و شقيقي، و كنت اعرف لهم فضلهم و نسبهم و قرابتهم من الرسول محمد صلي الله عليه و آله، و قد كانوا يعرفون لي من الحق مثل ذلك، و ما قطعوا أمرا دوني مذ عقلت، و أما قولك: انه لا ينبغي أن يسمع قولي و لا يوخذ برأيي، فأنا والله اوجب حقا علي الامه منك و احق بالموده و النصر لحق علي بن أبي طالب و قرابته من الرسول محمد صلي الله عليه و آله! و لو أني أعتمد علي الناس بحق النبوه أنها في بني هاشم دون غيرهم لكان ينبغي لذوي الرأي و العلم أن يأخذوا برأيي و يستمعوا لقولي، و يكونوا لي أود و مني اسمع ولي أنصح منهم لك يابن الزبير. قال: فلم يزل هذا الكلام بين محمد ابن الحنفيه و بين عبدالله بن الزبير و قد ضاق


الناس بعضهم بعضا في المسجد الحرام عليهم السلاح، و المعتمرون يمشون بينهم بالصلح حتي سكت ابن الزبير و لم يقل شيئا، و خرج ابن الحنفيه و من معه من اصحابه حتي نزل في شعب أبي طالب، ثم جمع اصحابه فقسم عليهم من المال الذي وجه به المختار ما قسم، و قسم باقي ذلك في أهل بيته و قرابته، و اقام في ذلك الشعب ممنوعا، فهذا اول خبر ابن الحنفيه مع ابن الزبير، و سنرجع الي اخبارهم بعد هذا أن شاالله و لا قوه الا بالله و هو حسبنا و نعم الوكيل.


پاورقي

[1] و کان قد دخلوا المسجد الحرام و معهم الرايات و هم ينادون يالثارات الحسين.. .