بازگشت

ذكر بيعه إبراهيم بن الاشتر للمختار ابن ابي عبيد


قال: فخرج جماعه من أهل الكوفه من أوجههم، [1] و فيهم يومئذ ابوعثمان النهدي و عامر الشعبي و من اشبههما، حتي صاروا الي ابن الاشتر فدخلوا اليه و سلموا


عليه، فرد عليهم السلام و رفعهم و قرب مجلسهم، ثم قال: تلكموا بحاجتكم! فقالوا: [2] يا أبانعمان! انا اتيناك في امر نعرضه عليك و ندعوك اليه، فان قبلته كان [3] الحظ فيه لك، و ان تركته فقد ادينا اليك النصيحه، و نحن نحب ان [4] نكون عند مشورتك. فتبسم إبراهيم بن الأشتر و قال: ان مثلي لا يخاف غائلته، [5] و انما يفعل ذلك الصغار الأخطار الدقاق همما، فقولوا ما أحببتم.

قال: فقالوا له: ان الامر علي ما ذكرت و احببت. ثم تكلم احمر بن شميط البجلي و قال: يا أبا النعمان! اني لك ناصح و عليك مشفق، و ان أباك رحمه الله عليك هلك يوم هلك و هو سيد الناس في محبه أهل البيت، و قد دعوناك الي امر ان اجبتنا اليه عادت اليك منزله أبيك في الناس، و يكون في ذلك قد احييت امرا كان ميتا، و انت اولي بذلك فخرا و سؤددا.

فقال لهم: قد اجبتكم الي ما دعوتم اليه من الطلب بدماء أهل البيت صلوات الله عليهم علي انكم تولوني هذا الامر.

قال: فقال له يزيد بن انس: والله انك لاهل ذلك و محله و لكنا باعينا هذا الرجل المختار بن ابي عبيد، لانه قد جاءنا من عند ابي القاسم محمد بن علي، و هو الأمير و المأمور بالقتال، و قد أمرنا بطاعته، و ليس الي خلافه من سبيل.

قال: فسكت عنهم إبراهيم بن الاشتر و لم يجبهم الي شي ء.


فلما راوه لم يرد عليهم جوأبا و ثبوا و انصرفوا الي المختار فخبروه بذلك.

قال: فسكت عنه المختار ثلاثه ايام، ثم دعا بجماعه من أصحابه الذين وثق بهم و خرج بهم ليلا حتي اتي منزل إبراهيم بن الأشتر، ثم استأذن عليه فاذن له، فدخل المختار و من معه، فاجلسهم علي الوسائد، و جلس المختار مع ابن الاشتر علي فراشه، ثم تكلم فحمد الله و أثني عليه و صلي علي نبيه محمد صلي الله عليه و آله ثم قال:

أما بعد يا أباالنعمان! فاني ما قصدتك في وقتي هذا الا لأن هذا الكتاب المهدي اليك يدعوك الي الطاعه، فان ابيت فهذا الكتاب حجه عليك و سيغني الله المهدي و شيعته عنك، و ان فعلت ذلك فقد اصبت حظك و رشدك، و هذا الكتاب اليك!فقام الشعبي الي إبراهيم بن الاشتر و ناوله الكتاب و فيه: [6] أما بعد فقد وجهت اليك بوزيري و اميني الذي ارتضيته لنفسي المختار بن ابي عبيد و قد امرته بقتال عدوي و الطلب بدم اخي، فان ساعدته كان لك عندي يد عظيمه و لك بذلك اعنه الخيل من كل جيش غاز و كل مصر و منبر من الكوفه الي اقاصي ارض الشام و مصر، و لك بذل الوفاء بعد الله و ميثاقه، و ان أبيت ذلك هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا- والسلام عليك و رحمه الله و بركاته-.

قال: فلما بلغ إبراهيم بن الاشتر آخر الكتاب أقبل علي المختار بن ابي عبيد فقال: يا أبااسحاق! اني كتبت الي محمد بن علي قبل ذلك اليوم و كتب الي فما كان يكاتبني الا باسمه و اسم ابيه، و قد انكرت ههنا قوله المهدي.


فقال له المختار: صدقت أباالنعمان! ذلك زمان و هذا زمان. [7] .

قال: فبسط المختار يده فبايعه ابن الأشتر، ثم دعا بأطباق فيها فاكهه كثيره فأكلوا، ثم امر بشراب من عسل غير سكر فشربوا، ثم قال: يا غلام! علي بداوه و بياض! فقال: يا شعبي! اكتب الي اسماء هؤلاء الشهود بأجمعهم، فقال الشعبي: و ما تصنع بهذا رحمك الله؟

فقال: علي حال احب ان تكون اسماوهم عندي.

قال: فكتب الشعبي أسماءهم و دفعهم اليه، ثم قام المختار فخرج و خرج معه أصحابه و معهم إبراهيم بن الاشتر الي باب الدار، و مضي المختار الي منزله.

فلما أصبح أرسل الي الشعبي فدعاه و قال: اني اعلم انك لم تشاهد البارحه بما شهد اصحابي لا انت و لا ابوك، فما منعكما عن ذلك؟

قال: فسكت الشعبي و لم يقل شيئا.

فقال له المختار: تكلم بما عندك، اتري هؤلاء الذين شهدوا البارحه علي علي حق شهدوا ام علي باطل؟

فقال الشعبي: لا والله يا أبا اسحاق! ما أدري غير انهم ساده أهل العراق و فرسان الناس و لا اظنهم شهدوا الا علي حق. و كان قد علم و تيقن ان المختار كتب ذلك من نفسه.

قال: و جعل إبراهيم بن الاشتر يختلف الي المختار في كل ليله فيجلس عنده ثم


ينصرف الي منزله، فلم يزالوا كذلك اياما يدبرون امرهم بينهم حتي اجتمعت لهم آراؤهم علي ان يخرجوا ليله الخميس لاربع عشره خلت من شهر ربيع الآخر [8] سنه ست و ستين.

قال: فوطنوا انفسهم علي ذلك هم و شيعتهم، فاقبل إياس بن مضارب العجلي و هو صاحب شرطه عبدالله بن مطيع فدخل عليه و قال:اصلح الله الامير! ان المختار بن ابي عبيد خارج عليك لا محاله، و ذلك انه قد بايعه إبراهيم بن الاشتر، و في ديوانه بضعه عشر الف رجل ما بين فارس و راجل، فخذ حذرك.

قال: فأرسل عبدالله بن مطيع الي قواده فجمعهم ثم اخبرهم بالذي اتصل به من امر المختار و ما يريد من الخروج عليه، ثم قال: اريد منكم ان يكفيني كل رجل منكم ناحيته التي هو فيها، فان سمعتم الاصوات قد علت في جوف الليل فتوجهوا اليهم بالخيل و اكفوني امرهم.

فقالوا: نفعل ذلك أيها الامير! فلا يهولنك امر المختار و لا من بايعه، فانما بايعه شر ذمه من هؤلاء الترابيه، ثم خرج القوم من عنده فصار عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني الي جبانه السبيع من همدان، فصار كعب بن ابي كعب الي جبانه بشر، و صار زحر بن قيس الي جبانه كنده و الشمر بن ذي الجوشن- لعنه الله- الي جبانه سالم، و عبدالرحمن بن مخنف بن سليم الي جبانه الصائدين، [9] و يزيد بن الحارث بن رؤيم الي جبانه مراد، و شبث بن ربعي الي جبانه السبخه.

قال: فنزل هؤلاء القوم في هذه المواضع من الكوفه في يوم الأثنين في الآله و السلاح. [10] .



پاورقي

[1] منهم: احمر بن شميط و يزيد بن انس و عبدالله بن کامل و عبدالله بن شد الله کما في الطبري ج 5.

[2] کان الذي تکلم منهم يزيد بن انس کما في الطبري ج 5.

[3] الطبري: کانت خيرا لک.

[4] الطبري: ان يکون عندک مستورا.

[5] زيد في الطبري: و لا سعايته.

[6] نسخه الکتاب في الطبري ج 5.

[7] زيد في الطبري ج 5: قال إبراهيم: فمن يعلم ان هذا کتاب ابن الحنفيه الي. فقال له يزيد بن انس و احمر بن شميط و عبدالله بن کامل و جماعتهم فقالوا: نشهد ان هذا کتاب محمد بن علي اليک.

[8] في الطبري ج 5: ربيع الاول.

[9] عن الطبري: الصائديين.

[10] الطبري: فنزلوا هذه الجبابين.