بازگشت

تحرك المختار


لما استقر عبيدالله ابن زياد- لعنه الله- و سيطر علي العراقين ذات يوم بعث

علي المختار، فأتي بالمختار، فلما دخل وقف بين يدي عبيدالله بن زياد فقال له: يابن ابي عبيد! ان المقيل في الجيوش بالأمس لنصرته مسلم بن عقيل. [1] و انت ممن يتولي عليا و ولده؟ فقال اني احبهم بمحبه رسول الله صلي الله عليه و آله لهم، و اما نصرتي لمسلم بن عقيل فلم أفعل، و هذا عمرو بن حريث المخزومي يعلم ذلك، و هو شيخ اهل الكوفه يعلم أني كنت في ذلك الوقت لازما لمنزلي. قال: صدق أيها الامير لم يقاتل مع مسلم بن عقيل، فان راي الامير أن لا يعجل عليه فاني من ابناء المهاجرين. قال: فرفع عبيدالله بن زياد- لعنه الله- قضيبا كان بين يديه فاعرض به وجه المختار فشتر به عينه فسار المختار أشتر في ذلك الوقت ثم قال: يا عدو الله: لولا شهاده عمرو بن حريث لضربت عنقك. ثم قال: انطلقوا به الي السجن، ثم كتب عبدالله بن عمر بن الخطاب الي يزيد يشفع به صهره، فأمر يزيد الي عبيدالله ان خل سبيل المختار، فاخرجه من السجن بعد ذلك و قال له: اني امهلتك ثلاثا فان أصبتك و بالكوفه بعد ثلاثه ايام ضربت عنقك، ثم خرج المختار من الكوفه قاصدا نحو الحجاز حتي صار بواقصه [2] اذا هو برجل من اهل الكوفه يقال له الصقعب بن زهير فسلم عليه ثم قال: ابااسحاق


مالي أري عينك علي هذه الحاله! صرف الله عنك السوء! فقال [3] عرضها المدعي عبيدالله بن زياد عبد بني علاج ابن سميه و مرجانه، فقال: ماله شلت يمينه سريعا عاجلا. فقال: نعم يا صقعب و قتلني الله ان [4] لم اقتله و اقطع اعضاءه عضوا عضوا، ولكن خبرني عن عبدالله بن الزبير أين تركته؟ فقال: تركته و هو يظهر العداوه ليزيد بن معاويه و اظن يبايع سرا. فقال: بشرك الله بالخير يا صقعب! فوالله انه لرجل قومه [5] و هو من أبناء المهاجرين الأولين، و ما هو بدون غيره يا صقعب! والله اني أري الفتنه قد ارعدت و ابرقت و كانك يا صقعب بي و قد خرجت و سمعت و قيل لك ان المختار بن ابي عبيد في عصابه من المومنين.@.

[6] يطلب بدم الوصيين اولاد بنت نبي رب العالمين، فو ربك يا صقعب لاقتلن عدد الذين قتلوا علي دم يحيي بن زكرياء عليه السلام. فقال له الصعقب: ويحك يا ابااسحاق: هذه والله اعجوبه و احدوثه ان يكون هذا منك. فقال المختار: نعم والله يا صقعب! هو والله ما قتل لك فاحفظ عني حتي تري مصادقه [7] فانه كائن لا محاله.


قال: و جعل المختار يقول: و الذي انزل القرآن و شرع الأديان و كتب الايمان و كره العصيان، لاقتلن العتاه من آل درغمان و مذحج و همدان، و نهيد و خولان، و بكر و هران، و بعل و نبهان و عيص و ذبيان، و قبائل قيس غيلان، و تعصبا لابن بنت نبي الرحمن، نعم يا صقعب و حق السميع العليم، العلي العظيم، العدل الكريم، و الرحمن الرحيم، لاعركن عرك الأديم بني محمد و سليم، و الأشراف من بني تميم. قال: ثم ضرب [8] ، المختار راحلته و مضي حتي صار الي

مكه فدخل علي عبدالله بن الزبير فسلم عليه و حياه، فرحب به ابن الزبير و قربه، و قال: من اين اقبلت يا ابااسحاق؟ قال: من الكوفه. قال: فما تخبرني عنهم؟ قال: اخبرك عنهم أنهم في السر اعداء و في العلانيه اتقياء، [9] .

فقال له عبدالله بن الزبير: هذه والله صفه اهل السوء العبيد [10] اذا حضر مواليهم خدموهم و اذا غابوا عنهم عابوهم. [11] .

فقال المختار: ذرني من هذا وابسط يد ابايعك و اعطنا [12] ما يرضينا و ثب بنا علي الحجاز حتي نأخذها، فان اهل الحجاز كلهم معك و انت اقرب الي جماعه الناس،


وأدهي [13] عند ذوي النهي من يزيد بن معاويه. قال: فسكت ابن الزبير و لم يقل شيئا. فقام المختار من عنده مغضبا فركب من ساعته و مضي الي الطائف فاقام بها حولا كاملا عند بني عمه من بني ثقيف. قال: و افتقده عبدالله بن الزبير فقال لبعض من يلوذ به من اصحابه: [14] لك علم بالمختار بن ابي عبيد؟ فقال: مالي به علم منذ رأيته عندك ههنا، ولكني سمعت نفرا من اهل الطائف يذكرون انه مقيم عندهم هناك، و انه ابن عماته صاحب العقرب، و انه سيد الجبارين و قاتل الملحدين. [15] .

قال: فضحك ابن الزبير ثم قال: قاتله الله من متكهن كذاب! والله لئن اهلك الله الجبارين فان المختار اولهم. [16] .

قال: فما كان بأسرع من ان قدم المختار من الطائف بعد ذلك بثلاثه ايام، فاقبل نحو البيت الحرام، و عبدالله بن الزبير ينظر اليه و عنده نفر من اصحابه حتي دنا المختار من البيت و استلم الحجر الاسود ثم طاف فصلي ركعتين و جلس، فجاءه قوم من اهل مكه فسلموا عليه و جلسوا عنده.


فقال عبدالله بن الزبير لاصحابه: اني لا اراه يصير الينا! فقال العباس بن سهل الانصاري: ان شئت اتيتك به او بخبره! فقال ابن الزبير: نعم فافعل. فاقبل العباس بن سهل الي المختار و ساله عن احواله و احوال بني عمه بالطائف، ثم قال: يا ابااسحاق ليس مثلك من يغيب عما اجتمع عليه اهل الشرف و بيوتات العرب! فقال المختار: و ما ذلك؟ فقال العباس: انه لم يبق حي من احياء العرب الا و قد جاء عميدهم و بايع هذا الرجل عبدالله بن الزبير، فعجبا لك و لرايك الا ما اتيته فاخذت بحظك من هذا الامر! فقال المختار: والله يا اخا الانصار! اني اتيته في العام الماضي و اشرت عليه بالراي و دعوته الي حظه فطوي امره دوني، [17] .

و رايته مستغنيا عني فاحبت ايضا ان رآني عنه مستغنيا، فوالله انه لأحوج الي مني اليه. فقال له العباس بن سهل: صدقت يا ابااسحاق! قد كان ذلك، غير انك كلمته و هو ظاهر في المسجد و هذا كلام لا يجب الا و الستور دونك مسدوله و الابواب دونك مغلقه، ولكن القه الليله و انا معك حتي تسمع كلامه و يسمع كلامك! فقال المخنار: اني فاعل ذلك ان شاء الله اذا صلينا العشاء الآخره. قال: فنهض الانصاري من عنده الي عبدالله بن الزبير فخبره بما كان منه.


فلما كان لليل و صليا العشاء الآخره اقبل المختار و معه العباس بن سهل الانصاري حتي صار الي ابن الزبير. قال: فمديده الي المختار فصافحه و رحب به ثم ساله عن اقربائه و اهله بالطائف، فتحدثا ساعه، ثم اقبل عليه ابن الزبير و قال: انك كلمتني بهذا الكلام و الناس حضور و الحيطان لها آذان و ليس من احد الا و له عدو و صديق، و هذا وقت خلوه فهات الآن ما عندك! فقال المختار: انه لا خير في الاكثار عن المنطق، و لا حظ في التقصير عن الحاجه، و انت اليوم رجل قومك و قد جئتك ابايعك علي انه لا تقضي الامور دوني و علي ان أكون اول من تأذن له [18] و آخر من يخرج عنك، فاذا اظهرك الله علي يزيد بن معاويه فاستخلفني علي اجل اعمالك [19] فأنتفع و ارد علي اهل بيتي شيئا. فقال له ابن الزبير: انا أبايعك علي كتاب الله و سنه رسول الله صلي الله عليه و آله. فقال المختار: لا والله لا ابايعك الا علي هذه الخصال! قال: فسكت ابن الزبير. فقال له العباس: اشتر منه دينه حتي تري من رأيك! قال ابن الزبير: ابااسحاق! فاني ابايعك علي ما ذكرت، قال: ثم بسط يديه فبايعه المختار و أتي الي منزله. قال: فجعل الناس يبايعون عبدالله بن الزبير، حتي بايعه خلق كثير من اهل


الحجاز و غيرهم من اهل الامصار، و يزيد بن معاويه لا يعلم بشي ء من ذلك. حتي اذا علم ابن الزبير انه قد قوي ظهره بهؤلاء الخلق الذين قد بايعوه اظهر عيب يزيد سرا و جهرا و جعل يلعنه و يقول فيه و في بني اميه كل ما قدر عليه من الكلام القبيح، ثم انه كان يصعد المنبر فيقول: ايها الناس! انكم قد علمتم ما سارت به فيكم بنواميه من نبذ الكتاب و السنه، و ما صار به معاويه بن ابي سفيان انه تامر علي هذه الامه بغير رضا، و ادعي زياد بن ابيه ردا منه علي رسول الله صلي الله عليه و آله، و النبي صلي الله عليه و آله يقول: «الولد للفرش و للعاهر الحجر»، فادعي معاويه زيادا و زعم انه اخوه، و قتل حجر بن عدي الكندي و من معه من المسلمين، ثم انه اخذ البيعه لابنه يزيد في حياته، و نقض ما كان في عنقه من بيعه الحسين بن علي عليه السلام، ثم هذا يزيد بن معاويه قد علمتم ما فعل بالحسين و اخوته و اولاده و بني عمه، قتلهم كلهم و اسر من بقي منهم و حملهم الي الشام علي محامل ليس لهم وطا و لا راعي فيهم حق رسول الله صلي الله عليه و آله، و هو مشغول بلغب الفهود و القرود، و شرب الخمر و المعاصي و الفجور، فاتقوا الله عباد الله! فقد علمتم ان ابابكر الصديق لما ولي امر هذه الامه صعد المنبر فمد الله و اثني عليه ثم خطب و قال في خطبته: ايها الناس! أطيعوني ما اطعت الله، فاذا عصيت الله فلا طاعه لي عليكم، مع كلام كثير كان له و لعمر بن الخطاب، و لست اذكر احدا من الخلفاء الراشدين الا اخبر عن اني انهاكم عن طاعه من عصي الله و تعدي امره. قال: فكان الناس يجتمعون اليه و يقولون بقوله حتي فشا ذلك في الناس. و بلغ ذلك يزيد فلم تحمله الارض غيظا.



پاورقي

[1] في الطبري ج 5: ان المختار بن ابي‏عبيد بايع مسلم بن عقيل فيمن بايعه من اهل الکوفه حتي خرج ابن عقيل و المختار في قريه له تدعي لقفا، فاقبل المختار في موال له حتي انتهي الي باب الفيل بعد الغروب.

[2] منزل بطريق مکه بعد القرعاء و نحو مکه.

[3] الطبري: خبط عيني ابن الزانيه بالقضيب خبطه صارت الي ما تري.

[4] الطبري: ان لم اقطع انامله و اباجلهو اعضاءه اربا اربا.

[5] الطبري: انه لرجل العرب اليوم.

[6] الطبري: في عصابه من المسلمين.

[7] الطبري: مصداقه.

[8] الطبري: حرک.

[9] الطبري: اولياء.

[10] الطبري: صفه عبيد السوء.

[11] الطبري: شتموهم و لعنوهم.

[12] عن الطبري: و بالاصل «واعطينا».

[13] بالاصل: و أرمي.

[14] هو عباس بن سهل بن سعد کما في الطبري: 573:5.

[15] في الطبري: و هو يزعم انه صاحب الغضب، و مبير الجبارين.

[16] و في الطبري: احدهم.

[17] فکتم عني خبره.

[18] عن الطبري: ياذنک عليک.

[19] الطبري: و اذا ظهرت استعنت بي علي افضل عملک.