بازگشت

ذكر عبدالله بن عفيف الازدي ورده علي ابن زياد و مقتله


قال: فصعد ابن زياد المنبر فحمد الله و اثني عليه و قال في بعض كلامه: الحمد لله الذي اظهر الحق و اهله و نصر اميرالمومنين و اشياعه [1] و قتل الكذاب ابن الكذاب. [2] .

قال: فما زاد علي هذا الكلام شيئا و وقف، فقام اليه عبدالله بن عفيف الازدي رحمه الله، و كان من خيار الشيعه و كان افضلهم و كان قد ذهبت عينه اليسري في يوم الجمل و الاخري في يوم صفين، و كان لا يفارض المسجد الاعظم يصلي فيه الي الليل ثم ينصرف الي منزله، فلما سمع مقاله ابن زياد و ثب قائما ثم قال: يابن مرجانه! الكذاب ابن الكذاب انت و ابوك و من استعملك [3] و ابوه، يا عدو الله اتقتلون ابناء النبيين و تتكلمون بهذا الكلام علي منابر المومنين؟ [4] .

قال: فغضب ابن زياد ثم قال: من المتكلم؟

فقال: انا المتكلم يا عدو الله! اتقتل الذريه الطاهره التي قد اذهب الله عنها الرجس في كتابه و تزعم انك علي دين الاسلام؟ واعوناه! اين اولاد المهاجرين


و الانصار لا ينتقمون من طاغيتك اللعين ابن اللعين علي لسان محمد نبي رب العالمين.

قال: فازداد غضبا عدوالله حتي انتفخت اوداجه ثم قال: علي به!

قال: فتبادرت اليه الجلاوزه من كل ناحيه لياخذوه، فقامت الاشراف من الازد من بني عمه فخلصوه [5] من ايدي الجلاوزه و اخرجوه من باب المسجد فانطلقوا به الي منزله.

و نزل ابن زياد عن المنبر و دخل القصر، و دخل عليه اشراف الناس فقال: ارايتم ما صنع هؤلاء القوم؟

فقالوا: قد راينا اصلح الله الامير انما الازد فعلت ذلك فشد يديك بساداتهم فهم لاذين استنقذوه من يديك حتي صار الي منزله.

قال: فارسل ابن زياد الي عبدالرحمن بن مخنف الازدي فاخذه و اخذ معه جماعه من الازد فحبسهم و قال: والله لا خرجتم من يدي او تاتوني بعبدالله بن عفيف.

قال: ثم دعا ابن زياد لعمرو بن الحجاج الزبيدي و محمد بن الاشعث و شبث بن الربعي و جماعه من اصحابه و قال لهم: اذهبوا الي هذا الاعمي اعمي الازد الذي: قد اعمي الله قلبه كما اعمي عينيه، ائتوني به!

قال: فانطلقت رسل عبيدالله بن زياد الي عبدالله بن عفيف، و بلغ ذلك الازد فاجتمعوا، و اجتمع معهم ايضا قبائل اليمن ليمنعوا عن صاحبهم عبدالله بن عفيف. و بلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر و ضمهم الي محمد بن الاشعث و امره بقتال القوم.

قال: فاقبلت قبائل مضر نحو اليمن و دنت منهم اليمن، فاقتتلو قتالا شديدا، فبلغ


ذلك ابن زياد فارسل الي اصحابه يؤنبهم، فأرسل اليه عمرو بن الحجاج يخبره باجتماع اليمن عليهم.

قال: و بعث اليه شبث بن الربعي: ايها الامير! انك قد بعتتنا الي اسود الآجام فلا تعجل!

قال: و اشتد قتال القوم حتي قتل جماعه منهم من العرب.

قال: و دخل اصحاب ابن زياد الي دار ابن عفيف فكسروا الباب و اقتحموا عليه، فصاحت به ابنته: يا ابت! اتاك القوم من حيث لا تحتسب!

فقال: لا عليك يا ابنتي! ناوليني السيف.

قال: فناولته فاخذه و جعل يذب عن نفسه و هو يقول:



انا ابن ذي الفضل العفيف الطاهر

عفيف شيخي و ابن ام عامر



كم دارع من جمعهم و حاسر

بطلب جندلته مغادر



قال: و جعلت ابنته تقول: يا ليتني كنت رجلا فاقاتل بين يديك اليوم هولاء الفجره قاتلي العتره البرره.

قال: و جعل القوم يدورون عليه من خلفه و عن يمينه و عن شماله و هو يذب عن نفسه بسيفه، و ليس يقدر احد ان يتقدم اليه.

قال: و تكاثروا عليه من كل ناحيه حتي اخذوه، فقال حندب بن عبدالله الازدي: انا لله و انا اليه راجعون! اخذوا والله عبدالله بن عفيف فقبح والله العيش من بعده.

قال: ثم اتي به حتي ادخل علي عبيدالله بن زياد، فلما رآه قال: الحمد لله الذي اخزاك.


فقال له عبدالله بن عفيف: يا عدو الله بهذا اخزاني، والله لو فرج الله عن بصري لضاق عليك موردي و مصدري.

قال: فقال ابن زياد: يا عدو نفسه! ما تقول في عثمان بن عفان؟

فقال: يابن عبد بني علاج! يابن مرجانه و سميه! ما انت و عثمان بن عفان؟ عثمان اساء ام احسن و اصلح ام افسد، الله تبارك و تعالي ولي خلقه يقضي بين خلقه و بين عثمان بن عفان بالعدل و الحق، ولكن سلني عن ابيك و عن يزيد و ابيه!

فقال ابن زيا: والله لا سألتك عن شي ء او تذوق الموت.

فقال عبدالله بن عفيف: الحمد لله رب العالمين! اما اني كنت سالت ربي عز و جل ان يرزقني الشهاده و الآن فالحمد لله الذي رزقني اياها بعد الاياس منها و عرفني الاجابه منه لي في قديم دعائي!

فقال ابن زياد: اضربوا عنقه! فضربت رقبته صلب - رحمه الله عليه -. [6] .

قال: ثم دعا ابن زياد بجندب بن عبدالله الازدي.

فقال: يا عدوالله! الست صاحب علي بن ابي طالب عليه السلام في يوم صفين؟

فقال: بلي والله يابن زياد! انا صاحب علي بن ابي طالب عليه السلام و لا زلت له وليا و لا ابرا اليك من ذلك.

فقال ابن زياد: اظن أني اتقرب الي الله تعالي بدمك.


فقال جندب: والله ما يقربك دمي من الله ولكنه يباعدك منه، و بعد فانه لم يبق من عمري الا اقله و ما اكره ان يكرمني الله بهوانك.

فقال ابن زياد: اخرجوه عني فانه شيخ قد خرف و ذهب عقله!

قال: فاخرج عنه و خلي سبيله.

قال: ثم قدم اليه سفيان بن يزيد، فقال له ابن زياد: ما الذي اخرجك علي يابن المعقل؟

فقال له: بلغني ان اصحابك اسروا عمي فخرجت ادافع عنه.

قال: فخلي سبيله و ارقب فيه عشيرته. ثم دعا بعبدالرحمن بن مخنف الازدي فقال له: ما هذه الجماعه علي بابك؟

فقال: اصلح الله الامير! ليس علي بابي جماعه و قد قتلت صاحبك الذي اردت و انا لك سامع مطيع، [7] و اخوتي لك جميعا كذلك.

قال: فسكت عنه ابن زياد ثم خلاه و خلي سبيل اخوته و بني عمه.


پاورقي

[1] في الطبري: يزيد بن معاويه و حزبه.

[2] زيد في الطبري: الحسين بن علي عليه ‏السلام و شيعته.

[3] و من والاک.

[4] الطبري: و تکلمون بکلام الصديقين.

[5] الطبري: فوثب اليه فتيه من الازد فانتزعوه.

[6] في الطبري ج 4: فارس اليه من اتاه به «و کان فتيه من الازد انتزعوه فاتوا به بيته» فقتله و امر بصلبه.

[7] و کان عبدالرحمن بن مخنف الازدي جالسا في المسجد عندما قام عبدالله بن عفيف الازدي يرد کلام ابن زياد و يشتمه، فقال له عبدالرحمن: ويح غيرک، اهلکت نفسک، و اهلکت قومک.