بازگشت

ذكر اجتماع العسكر الي حرب الحسين


قال: ثم جمع عبيدالله بن زياد الناس الي مسجد الكوفه، ثم خرج فصعد المنبر، فحمد الله و اثني عليه ثم قال: ايها الناس! انكم قد بلوتم آل سفيان فوجدتموهم علي ما تحبون، و هذا يزيد قد عرفتموه انه حسن السيره، محمود الطريقه، محسن الي الرعيه، متعاهد الثغر، يعطي العطاء في حقه، حتي انه كان ابوه كذلك، و قد زاد اميرالمومنين في اكرامكم، و كتب الي يزيد بن معاويه باربعه آلاف دينار و مائتي الف درهم افرقها عليكم و اخرجكم الي حرب عدوه الحسين بن علي، فاسمعوا فله و اطيعوا والسلام-.

قال: ثم نزل عن المنبر و وضع لاهل الشام العطاء فاعطاهم و نادي فيهم بالخروج الي عمر بن سعد ليكونوا اعوانا له علي قتال الحسين عليه السلام.

قال: ثم نزل عن المنبر و وضع لاهل الشام العطاء فاعطاهم و نادي فيهم بالخروج الي عمر بن سعد ليكونوا اعوانا له علي قتال الحسين عليه السلام.

قال: فاول من خرج الي عمر بن سعد الشمر بن ذي الجوشن السلولي- لعنه الله-. في اربعه آلاف فارس، فصار عمر بن سعد في تسعه الآف، ثم اتبعه زيد بن ركاب الكلبي في الفين، و الحصين بن نمير السكوني في اربعه آلاف، و اصماب الماري في ثلاثه آلاف و نصر بن حربه في الفين فتم له عشرون الفا، ثم بعث ابن زياد الي شبث [1] بن ربعي الرياحي رجلا و سال ان يوجه الي عمر بن سعد، فاعتل بمرض، فقال له ابن زياد: اتتمارض؟ان كنت في طاعتنا فاخرج الي قتال عدونا، فخرج الي عمر بن سعد في


الف فارس بعد ان اكرمه ابن زياد و اعطاه و حباه، واتبعه بحجار بن ابجر في الف فارس، فصار عمر بن سعد في اثنين و عشرين الفا ما بين فارس و راجل.

ثم كتب ابن زياد الي عمر بن سعد اني لم اجعل لك عله في قتال الحسين عليه السلام من كثره الخيل و الرجال، فانظر ان لا تبدا امرا حتي تشاورني غدوا و عشيا مع كل غاد و رائح- والسلام-.

قال: و كان عبيدالله بن زياد في كل وقت يبعث الي عمر بن سعد و يستعجله في قتال الحسين عليه السلام، قال: و التامت العساكر الي عمر بن سعد لست مضين من المحرم.

و اقبل حبيب بن مظاهر الاسدي الي الحسين بن علي فقال: ههنا حي من بني اسد بالقرب مني او تاذن لي ان اسير اليهم ادعوهم الي نصرتك فعسي الله ان يدفع بهم عنك بعض ما تكره!

فقال له الحسين عليه السلام: قد اذنت لك يا حبيب! قال: فخرج حبيب بن مظاهر في جوف الليل منكرا حتي صار الي اولئك القوم، فحياهم و حيوه و عرفوا انه من بني اسد، فقالوا: ما حاجتك؟ يابن عم!

فقال: حاجتي اليكم قد اتيتكم بخير ما اتي به وافد الي قوم، اتيتكم ادعوكم الي نصره ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فانه في عصابه من المومنين، الرجل منهم خير من الف رجل، لن يخذلوه و لن يسلموه، و فيهم عين نظرت، و هذا عمر بن سعد قد احاط به في اثنين و عشرين الف و انتم قومي و عشيرتي، و قد جئتكم بهذه النصيحه فاطيعوني اليوم في نصرته تنالون غدا شرفا في الآخره، فاني اقسم بالله انه لا يقتل منكم رجل مع ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله صابرا محتسبا الا كان رفيق محمد صلي الله عليه و آله في اعلي عليين.

قال: فوثب رجل من بي اسد يقال له بشر بن عبيدالله، فقال: والله انا اول من


اجاب الي هذه الدعوه، ثم انشا يقول:



قد علم القوم اذ تواكلوا

و احجم الفرسان او تناصلوا



اني شجاع بطل مقاتل

كانني ليث عرين باسل



قال: ثم تبادر رحال الحي مع حبيب بن مظاهر الاسدي.

قال: و خرج رجل من الحي في ذلك الوقت حتي صار الي عمر بن سعد في جوف الليل فخبره بذلك. فدعا رجلا من اصحابه يقال له الازرق بن حرب الصيداوي فضم اليه اربعه آلاف فارس و وجه به في جوف الليل الي حي بني اسد مع الرجل الذي جاء بالخبر.

قال: فبينما القوم في جوف الليل قد اقبلوا يريدون معسكر الحسين عليه السلام اذا استقبلهم جند عمر بن سعد علي شاطي ء الفرات.

قال: فتناوش القوم بعضهم بعضا و اقتتلوا قتالا شديدا، و صاح به حبيب بن مظاهر: و يلك يا ازرق! مالك و لنا دعنا! قال: و اقتتلوا قتالا شديدا. فلما راي القوم بذلك انهزموا راجعين الي منازلهم. فرجع حبيب بن مظاهر الي الحسين عليه السلام فاعلمه بذلك الخبر. فقال: لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم.

قال: ثم ان ابن زياد كتب الي عمر بن سعد: اما بعد، فقد بلغني ان الحسين عليه السلام يشرب الماء هو و اولاده و قد حفروا الآبار و نصبوا الاعلام، فانظر اذا ورد عليك كتابي هذا فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت و ضيق عليهم و لا تدعهم يشربوا من ماء الفرات قطره واحده، وافعل بهم كما فعلوا بالتقي النقي عثمان بن عفان- و السلام-.

قال: فعندها ضيق عليهم عمر بن سعد غايه التضييق ثم دعا رجلا يقال له عمر و


بن الحجاج الزبيدي فضم اليه خيلا عظيمه [2] و امره ان ينزل علي الشريعه التي هي حذاء عسكر الحسين عليه السلام فنزلت الشريعه و نادي رجل [3] من اصحاب عمر بن سعد بالحسين عليه السلام فقال: انك لن تذوق من هذا الماء قطره واحده حتي تذوق الموت غصه بعد غصه او تنزل علي حكم اميرالمومنين (يزيد) و حكم عبيدالله بن زياد.

قال: فاشتد العطش من الحسين و اصحابه و كادوا ان يموتوا عطشا، فدعا باخيه العباس رحمه الله و صير اليه ثلاثين فارسا و عشرين راجلا و بعث معهم عشرين قريه، فاقبلوا في جوف الليل حتي دنوا من الفرات.

فقال عمر بن الحجاج: من هذا؟ فقالوا: رجال من اصحاب الحسين عليه السلام يريدون الماء! فاقتتلوه علي الماء قتالا عظيما فكان قوم يقتتلون و قوم يملاون القرب حتي ملاوها. فقتل من اصحاب عمرو جماعه و لم يقتل من اصحاب الحسين احد. ثم رجع القوم الي معسكرهم و شرب الحسين عليه السلام من القرب و من كان معه.

قال ثم ارسل الحسين عليه السلام الي عمر بن سعد اني اريد ان اكلمك فالقني الليله بين عسكري و عسكرك.

قال: فخرج اليه عمر بن سعد في عشرين فارسا و اقبل الحسين عليه السلام في مثل ذلك،


فلما التقيا امر الحسين عليه السلام اصحابه فتنحوا عنه، و بقي معه اخوه العباس و ابنه علي الاكبر عليهم السلام، و امر عمر بن سعد اصحابه فتنحوا عنه،و بقي معه حفص و ابنه و غلام له يقال له لا حق.

فقال له الحسين عليه السلام: و يحك يابن سعد! اما تتقي الله الذي اليه معادك ان تقاتلني؟ و انا ابن من علمت يا هذا من رسول الله صلي الله عليه و آله، فاترك هولاء و كن معي فاني اقربك الي الله عز و جل!

فقال له عمر بن سعد: اباعبدالله! اخاف ان تهدم داري.

فقال له الحسين عليه السلام: انا ابنيها لك. [4] .

فقال: اخاف ان توخذ ضيعتي.

فقال الحسين عليه السلام: انا اخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز.

قال: فلم يجب عمر الي شي ء من ذلك، فانصرف عنه الحسين عليه السلام و هو يقول: مالك ذبحك الله من علي فراشك سريعا عاجلا و لا غفر الله لك يوم حشرك و نشرك،فوالله اني لارجو ان لا ياكل من بر العراق الا يسيرا.

قال: و رجع عمر بن سعد الي معسكره، و اذا كتاب عبيدالله بن زياد قد اقبل علي عمر بن سعد يونبه فيه و يقول له:

يابن سعد! ما هذه الفتره و المطاوله؟ انظر ان بايع الحسين و اصحابه و نزلوا علي حكمي فابعث بهم سلما، و ان ابوا ذلك فازحف اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم،فانهم لذلك مستحقون، فاذا قتلت الحسين عليه السلام فاوطي ء الخيل علي ظهره و بطنه. [5] فاذا فعلت ذلك


جزيناك جزاء الطائع [6] المطيع، و ان ابيت ذلك فاقطع حبلنا و جندنا و سلم ذلك الي شمر بن ذي الجوشن، فانه احزم منك امرا و امضي منك عزيمه- والسلام-.

و طوي الكتاب و اراد ان يسلمه الي رجل يقال له عبدالله بن ابي المحل بن حزام العامري، فقال: اصلح الله الامير! ان علي بن ابي طالب قد كان عندنا ههنا بالكوفه فخطب الينا فزوجناه بنتا [7] يقال لها ام البنين بنت حزام فولدت له عبدالله و جعفرا و العباس [8] فهم بنو اختنا و هم مع الحسين عليه السلام اخيهم، فان رسمت لنا ان نكتب اليهم كتابا بامان منك عليهم متفضلا!

فقال عبيدالله بن زياد: نعم و كرامه لكم، اكتبوا اليهم بما احببتم، و لهم عندي الامان.

قال: فكتب عبدالله بن ابي المحل بن حزام الي عبدالله و العباس و جعفر بني علي عليهم السلام بالامان من عبيدالله بن زياد، و دفع الكتاب الي غلام له يقال له عرفان، فقال: سر بهذا الكتاب الي بني اختي بني علي بن ابي طالب عليه السلام فانهم في عسكر الحسين عليه السلام، فادفع اليهم هذا الكتاب و انظر ماذا يردون عليك.

قال: فلما ورد كتاب عبدالله بن ابي المحل علي بني علي و نظروا في اقبلوا به الي الحسين عليه السلام فقراه و قال له: لا حاجه لنا في امانك فان امان الله خير من امان ابن مرجانه. [9] .


قال: فرجع الغلام الي الكوفه فخبر عبدالله بن ابي المحل بما كان من جواب القوم. قال: فعلم عبدالله بن ابي المحل ان القوم مقتولون.

قال: و اقبل شمر بن ذي الجوشن حتي وقف علي معسكر [10] الحسين عليه السلام فنادي باعلي صوته: اين بنو اختنا عبدالله و جعفر و العباس بنو علي بن ابي طالب! فقال الحسين عليه السلام لاخوته: اجيبوه و ان كان فاسقا فانه من اخوالكم! فنادوه.

فقالوا: ما شانك و ما تريد؟

فقال: يا بني اختي! انتم آمنون فلا تقتلوا انفسكم مع اخيكم الحسين عليه السلام، و الزموا طاعه اميرالمومنين يزيد بن معاويه!

فقال له العباس بن علي عليه السلام: تبا لك يا شمر و لعنك الله و لعن ما جئت به من امانك هذا يا عدو الله! اتامرنا ان ندخل في طاعه العناد و نترك نصره اخينا الحسين عليه السلام. [11] .

قال: فرجع الشمر الي معسكره مغتاظا.

و جمع الحسين عليه السلام اصحابه بين يديه، و حمد الله و اثني عليه، و قال: اللهم! لك الحمد علي ما به فضلتنا [12] و علمتنا من القرآن، و فهمتنا [13] في الدين، و اكرمتنا به من كرامه رسول الله صلي الله عليه و آله و جعلت لنا اسماعا و ابصارا و افئده [14] و جعلتنا من الشاكرين. ثم اقبل


عليهم و قال: اني لا اعلم اصحابا اصح منكم [15] و لا اعدل و لا افضل اهل بيت، [16] فجزاكم الله عني خيرا! [17] فهذا الليل قد اقبل فقوموا و اتخذوه جملا، ولياخذ كل (رجل) [18] منكم بيد صاحبه او رجل من اخوتي و تفرقوا في سواد هذا الليل و ذروني و هولاء القوم، فانهم لا يطلبون غيري، و لو اصابوني و قدروا علي قتلي لما طلبوكم.

قال: فعندها تكلم اخوته و جميع اهل بيته فقالوا: يابن بنت رسول الله! و ماذا يقول الناس و ماذا نقول لهم اذ تركنا شيخنا و سيدنا و ابن بنت نبينا محمد صلي الله عليه و آله! لم نرم معه بسهم، و لا نطعن عنه برمح، و لا نضرب معه بسيف، لا والله يابن بنت رسول الله! لا نفارقك ابدا و لكننا نفديك بانفسنا [19] و نقتل بين يديك، و نرد موردك فقبح الله العيش بعدك.

قال: ثم قام مسلم بن عوسجه الاسدي و قال: يابن بنت رسول الله! نحن عليك هكذا،و ننصرف و قد احاط بك الاعداء! لا والله لا يراني الله افعل ذلك ابدا حتي اكسر في صدورهم رمحي و اضاربهم [20] بسيفي ما ثبت قائم بيدي! والله لو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجاره ابداد، و لم افارقهم او اموت بين يديك!.


قال: ثم قام اليه جماعه كلهم [21] .

علي نصرته و قالوا: نفدي انفسنا.

قال: و ارسل اليه الحسين عليه السلام بريرا.

فقال برير: يا عمر بن سعد! اتترك اهل بيت النبوه يموتون عطشا و حلت بينهم و بين الفرات ان يشربوه و تزعم انك تعرف الله و رسوله؟

قال: فاطرق عمر بن سعد ساعه الي الارض ثم رفع راسه و قال: اني والله اعلمه يا برير علما يقينا ان كل من قاتلهم و غصبهم علي حقوقهم في النار لا محاله، ولكن و يحك يا برير! اتشير علي ان اترك ولايه الري فتصير لغيري؟ ما اجد نفسي تجيبني الي ذلك ابدا، ثم انشا يقول:



دعاني عبيدالله من دون قومه

الي خطه فيها خرجت لحيني



فوالله لا ادري و اني لواقف

علي خطر بعظم علي و سيني



ااترك ملك الري و الري رغبه

ام ارجع مذموما بثار حسين



و في قتله النار التي ليس دونها

حجاب و ملك الري قره عين



قال: فرجع برير بن خضير الي الحسين عليه السلام فقال: يابن بنت رسول الله! ان عمر


بن سعد قد رضي ان يقتلك بملك الري.

قال: فلما ايس الحسين عليه السلام من القوم و علم انهم قاتلوه اقبل علي اصحابه فقال: قوموا فاحفروا لنا حفيره حول عسكرنا هذا شبه الخندق و اججوا فيه نارا، حتي يكون قتال القوم من وجه واحد لا نقاتلهم و لا يقاتلون فنشتغل بحربهم و لا نضيع الحرم.

قال: فوثب القوم من كل ناحيه و تعاونوا و حفروا خندقا، ثم جمعوا الشوك و الحطب و القوه في الخندق و اججوا في النار. و اقبل رجل من معسكر عمر بن سعد يقال له مالك بن حوزه علي فرس له حتي وقف عند الخندق و جعل ينادي: ابشر يا حسين عليه السلام! فقد تلفحك النار في الدنيا قبل الآخره!

فقال له الحسين عليه السلام: كذبت يا عدو الله! اني قادم علي رب رحيم و شفيع مطاع، و ذلك جدي رسول الله صلي الله عليه و آله، ثم قال الحسين عليه السلام: من هذا الرجل؟

فقالوا: هذا مالك بن حوزه! [22] .

فقال الحسين عليه السلام: «اللهم! حزه الي النار، و اذقه حرها في الدنيا قبل مصيره الي الآخره!. قال: فلم يكن باسرع ان شبث به الفرس فالقته في النار، فاحترق. [23] .

قال: فخر الحسين عليه السلام لله ساجدا مطيعا، ثم رفع راسه و قال: يا لها من دعوه ما كان اسرع اجابتها!

قال: ثم رفع الحسين عليه السلام صوته و نادي: اللهم! انا اهل نبيك و ذريته و قرابته،


فاقصم من ظلمنا و غصبنا حقنا، انك سميع مجيب.

قال: و اذا المنادي ينادي من عسكر عمر: يا جند الله اركبوا! [24] .

قال: فركب الناس و ساروا نحو معسكر الحسين عليه السلام، و الحسين في وقته ذلك جالس قد خفق راسه [25] علي ركبتيه، و سمعت اخته زينب عليهاالسلام الصيحه و الضجه، فدنت من اخيها و حركته فقالت: يا اخي! الا تسمع [26] . الاصوات قد اتقربت منا؟

قال: فرفع الحسين راسه و قال: يا اختاه! اني رايت جدي في المنام و ابي عليا و فاطمه امي و اخي الحسن عليهم السلام عليهم السلام فقالوا: [27] يا حسين! انك رائح [28] الينا عن قريب، و قد والله يا اختاه دنا الامر في ذلك، لا شك.

قال: فلطمت زينب و جهها و صاحت و اختيبتاه.

فقال الحسين عليه السلام: مهلا! [29] اسكتي و لا تصيحي فتشمت بنا الاعداء، ثم اقبل الحسين عليه السلام علي اخيه العباس فقال: يا اخي اركب و تقدم ال يهولاء القوم و سلهم عن حالهم [30] و ارجع الي بالخبر.

قال: فركب العباس في اخوته عليهم السلام و معه ايضا عشره فوارس حتي دنا من القوم


ثم قال: ما شانكم و ما تريدون؟

فقالوا: نريد انه قد جاء الامر من عند عبيدالله بن زياد يامرنا ان نعرض عليكم ان تنزلوا علي امر عبيدالله بن زياد او نلحقكم بمن سلف. [31] .

فقال لهم العباس: لا تعجلوا حتي ارجع الي الحسين عليه السلام فاخبره بذلك. [32] قال: فوقف القوم في مواضعهم، [33] و رجع العباس الي الحسين فاخبره بذلك، فاطرق الحسين عليه السلام ساعه، و العباس واقف بين يديه، و اصحاب الحسين يخاطبون اصحاب عمر بن سعد، فقال لهم حبيب بن مظاهر: [34] اما والله لبئس القوم يقدمون غدا علي الله عز و جل و علي رسوله محمد صلي الله عليه و آله و قد قتلوا ذريته و اهل بيته المجتهدين بالاسحار الذاكرين الله كثيرا بالليل و النهار و شيعته الاتقياء الابرار.

قال: فقال رجل من اصحاب عمر يقال له عروه [35] بن قيس: يابن مظاهر! انك لتزكي نفسك ما استطعت، فقال له زهير: اتق: [36] الله يابن قيس! و لا تكن من الذين يعينون علي الضلال و يقتلون النفوس الزكيه الطاهره عتره خير الانبياء. فقال له عزره [37] بن قيس: انك لم تكن عندنا من شيعه اهل البيت انما كنت عثمانيا نعرفك. هؤلاء


في المخاطبه و الحسين عليه السلام مفكر في امر نفسه و امر الحرب و العباس واقف في حضرته.

قال: و اقبل العباس عليه السلام علي القوم و هم وقوف فقال: يا هولاء! ان اباعبدالله يسالكم الانصراف عنه [38] في هذا اليوم حتي ينظر في هذا الامر، ثم يلقاكم غدا ان شاء الله تعالي.

قال: فخبر القوم بهذا اميرهم عمر بن سعد، فقال للشمر بن ذي الجوشن: ما تري من الراي؟

فقال: اري رايك ايها الامير! فقال عمر: انني احببت ان لا اكون اميرا، قال: ثم اني اكرهت. [39] .

قال: و اقبل عمر علي اصحابه [40] فقال: ما الذي عندكم في هذا الراي؟

فقال رجل من اصحابه يقال له عمرو بن الحجاج: سبحان الله العظيم! لو كانوا من الترك و الديلم و سألوا [41] هذه المنزله لقد كان حقا علينا ان نجيبهم الي ذلك و كيف و هم ال الرسول محمد صلي الله عليه و آله و اهله!

فقال عمر بن سعد: انا قد اجلناهم في يومنا هذا.

قال: فنادي رجل من اصحاب عمر: يا شيعه الحسين بن علي! قد اجلناكم يومكم هذا الي غد فان استسلمتم و نزلتم علي حكم الامير وجهنا بكم اليه، و ان ابيتم


ناجزناكم. [42] قال: فانصرف الفريقان بعضهم من بعض.

قال: و جاه الليل فبات الحسين عليه السلام في الليل ساجدا راكعا متسغفرا يدعو الله تعالي، له دوي كدوي النحل.

قال: و اقبل الشمر بن ذي الجوشن- لعنه الله- في نصف الليل و معه جماعه من اصحابه حتي تقارب من عسكر الحسين عليه السلام، و الحسين قد رفع صوته و هو يتلو هذه الآيه: (و لا يحسبن الذين، كفروا انما نملي لهم...) [43] الي آخرها.

قال: فصاح لعين [44] من اصحاب شمر بن ذي الجوشن: نحن و رب الكعبه الطيبون، و انتم الخيبثون و قد ميزنا منكم. قال: فقطع برير الصلاه فناداه: يا فاسق! يا فاجر! يا عدو الله! امثلك يكون من الطيبين! ما انت الا بهيمه و لا تعقل، فابشر بالنار يوم القيامه و العذاب الاليم.

قال: فصاح به شمر بن ذي الحوشن- لعنه الله- و قال: ايها المتكلم! ان الله تبارك و تعالي قاتلك و قاتل صاحبك عن قريب!

فقال له برير: يا عدو الله! ابالموت تخوفني، والله ان الموت احب الينا من الحياه معكم! والله لا ينال شفاعه محمد صلي الله عليه و آله قوم اراقوا دماء ذريته و اهل بيته.

قال: و اقبل رجل من اصحاب الحسين عليه السلام الي برير بن خضير فقال له: رحمك الله


يا برير! ان ابا عبدالله يقول لك: ارجع الي موضعك و لا تخاطب القوم، فعلمري لئن كان مومن آل فرعون نصح لقومه و ابلغ في الدعاء فلقد نصحت و ابلغت في النصح.

فلما كان وقت السحر خفق الحسين عليه السلام راسه خفقه ثم استيفظ فقال: اتعلمون ما رايت في منامي الساعه؟

قالوا: و ما الذي رايت يابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله؟ فقال: رايت كان كلابا قد شدت علي تناشبني، و فيها كلب ابقع رايته اشدها علي و اظن الذي يتولي قتلي رجل ابقع و ابرص من هؤلاء القوم، ثم اني رايت بعد ذالك جدي رسول الله معه جماعه من اصحابه و هو يقول لي: يا بني! انت شهيد آل محمد!و قد استبشرت بك اهل السماوات و اهل الصفح الاعلي، فليكن افطارك عندي الليله، عجل و لا تؤخر! فهذا اترك قد نزل من السماء لياخذ دمك في قاروه خضراء، و هذا ما رايت و قد ازف الامر و اقرب الرحيل من هذه الدنيا، لا شك في ذلك.

قال: و اصبح الحسين عليه السلام و صلي باصحابه، ثم قرب اليه فرسه، فاستوي عليه و تقدم نحو القوم في نفر من اصحابه و بين يديه برير بن خضير [45] الهمداني.

فقال له الحسين عليه السلام: كلهم القوم يا برير و احتج عليهم!

قال: فتقدم برير حتي وقف قريبا من القوم القوم علي بكره قد زحفوا اليهم فقال لهم برير: يا هؤلاء! اتقوا الله، فان نسل محمد صلي الله عليه و آله قد اصبح بين اظهركم، و هؤلاء ذريته و عترته و بناته و حريمه، فهاتوا ما الذي عندكم و ما تريدون ان تصنعوا بهم!

فقالوا: نريد ان نمكن منهم الامير عبيدالله بن زياد فيري رايه فيهم.


فقال برير بن خضير: و لا تقبلون منهم ان رجعوا الي المكان الذي اقبلوا منه يا اهل الكوفه؟ انسيتم كتبكم اليه و عهودكم الذي اعطيتموها من انفسكم؟ و اشهدتم الله عليها و كفي بالله شهيدا، يا ويلكم! دعوتم اهل بيت نبيكم و زعمتم انكم تقتلون انفسكم دونهم، حتي اذا اتوا عليكم استلمتوهم الي عبيدالله بن زياد و حلتم [46] بينهم و بين الماء الجاري! و هو مبذول يشرب منه اليهود و النصاري و المجوس، و ترده [47] الكلاب و الخنازير، فبش ما خلفتم محمدا صلي الله عليه و آله في ذريته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامه! [48] ويلكم هذا الحسن و الحسين عليهماالسلام سيدا اهل الجنه من الاولين و الآخرين. [49] .

قال: و تقدم عمر بن سعد حتي وقف قباله الحين علي فرس له، فاتسخرج سهما فوضعه في كبد القوس ثم قال: ايهاالناس! اشهدوا لي عند الامير عبيدالله بن زياد اني اول من رمي بسهم الي عسكر الحسين بن علي!

قال: فوقع السهم بين يدي الحسين عليه السلام، فتنحي عنه راجعا الي ورائه و اقبلت السهام كانها المطر.

فقال الحسين عليه السلام لاصحابه: ايها الناس! هذه رسل القوم اليكم، فقوموا الي الموت الذي لابد منه.



پاورقي

[1] بالاصل: شبيب و ما اثبت عن الطبري.

[2] في الطبري: في خمسمئه فارس.

[3] الطبري: هو عبدالله بن ابي‏حصين الازدي-عداده في بجيله کما في الطبري، نادي الحسين و قال له: يا حسين الا تنظر الي الماء کانه کبد السماء، والله لا تذوق منه قطره حتي تموت عطشا. فقال الحسين عليه ‏السلام: اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له ابدا: قال حميد بن مسلم والله بعد ذلک في مرضه فوالله الذي لا اله الا هو لقد رايته يشرب حتي يقي‏ء ثم يعود فيشرب حتي يبغر فما بروي فما زال ذلک دابه حتي لفظ غصته، يعني نفسه.

[4] زيد في الطبري: احسن مما کانت.

[5] الطبري: «صدره وظهره».

[6] الطبري: السامع المطيع.

[7] و هي عمه ابن ابي‏المحل کما في الطبري.

[8] زيد في الطبري: «و عثمان»، اما العباس فهو ابن اميرالمومين علي و امه ام‏البنين بنت حزام الکلابيه العامريه، کان رجلا وسيما جميلا، برکب الفرس المطهم و رجلاه تخطان الارض، و عرف بقمر بني‏هاشم و هو صاحب لواه اخيه الحسين عليه ‏السلام (الطبري: ج 5).

[9] الطبري: ابن سميه، و هي جده عبيدالله بن زياد.

[10] في الطبري: «اصحاب.».

[11] زيد في الطبري: 416:5 لئن کنت خالنا اتومننا و ابن رسول‏الله لا امان له.

[12] الطبري: علي ان اکرمتنا بالنبوه.

[13] الطبري: وفقهتنا.

[14] الطبري: و لم تجعلنا من المشرکين.

[15] الطبري: لا اعلم اصحابا اولي و لا خيرا من اصحابي.

[16] عن الطبري: و لا اهل بيت ابراو لا اوصل من اهل بيتي.

[17] زياده عن الطبري: الا و اني اظن يومنا من هولاء الاعداء غدا، الا و اني قد رايت لکم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليکم مني ذمام، هذا الليل قد غشيکم، فاتخذوه جملا.

[18] الطبري: ثم لياخذ کل رجل منکم بيد رجل من اهل بيتي.

[19] الطبري: نفديک انفسنا و اموالنا و اهلونا.

[20] الطبري: و اضربهم.

[21] في الطبري: قام سعيد بن عبدالله الحنفي و قال: والله لا نخليک حتي يعلم الله انا حفظنا غيبه رسول‏الله صلي الله عليه و آله فيک والله لو علمت اني اقتل ثم احيا ثم احرق حبا ثم اذر، يفعل ذلک بي سبعين مره ما فارقتک حتي القي حمامي دونک، فکيف لا افعل ذلک، و انما هي قتله واحده، ثم هي الکرامه التي لا انقضاء لها ابدا.

ثم قام زهير بن القين و مما قاله: والله لوددت اني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي اقتل کذا الف قتله، و ان الله يدفع بذلک القتل عن نفسک و عن انفس هولاء الفتيه من اهل بيتک.

و تکلم جماعه اصحابه بکلام قالوا: والله لا نفارقک ولکن انفسنا لک الفداء.. .

[22] في الطبري: هذا ابن حوزه.

[23] و في الطبري: «فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه و تعلقت رجله بالرکب، و وقع راسه في الارض، و نفر الفرس، فاخذ يمر به فيضرب براسه کل حجر و کل شجره حتي مات».

[24] ارکبي.

[25] براسه.

[26] في الطبري: «اما تسمع».

[27] في الطبري: «رايت رسول‏الله صلي الله عليه و آله في المنام فقال لي».

[28] في الطبري: انک تروح.

[29] في الطبري: ليس بک الويل يا اخيه.

[30] في الطبري: تلقاهم فتقول لهم: مالکم؟ و ما بدالکم؟ و تسالهم عما جاء بهم؟.

[31] الطبري: او ننازلکم.

[32] الطبري: فاعرض عليه ما ذکرتم.

[33] الطبري: فوقفوا ثم قالوا: القه فاعلمه ذلک ثم القنا بما يقول.

[34] بالاصل: مطهر.

[35] الطبري: عزره.

[36] الاصل: اتقي.

[37] زيد في الطبري: افسلت تستدل بموقفي هذا اني منهم. في کلام کثير.

[38] الطبري: ان تتصرفوا هذه العشيه.

[39] الطبري: قد اردت الا اکون.

[40] الطبري: علي الناس.

[41] الطبري: «ثم سألوک».

[42] الطبري: فسنا تارکيکم.

[43] سوره آل عمران، الآيه 178.

[44] هو ابوحرب السبيعي عبدالله بن شهر، و کان مضحاکا بطلالا، و کان شريفا شجاعا فاتکا کما في الطبري.

[45] في بعض النسخ «الحصين».

[46] و حلاتموه و نساءه و اصيبيته و اصحابه عن ماء الفرات.

[47] الطبري: و تمرغ فيه خنازير السواد و کلابه.

[48] في الطبري: يوم الظما ان لم تتوبوا و تنزعوا عما انتم عليه من يومکم هذا في ساعتکم هذه.

[49] وردت القصه في الطبري و نسبها للحر بن يزيد، احد اصحاب الحسين بن علي عليه ‏السلام.