بازگشت

ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيدالله بن زياد لحرب الحسين


قال: و اذا الحر بن يزيد في الف فارس من اصحاب عبيدالله بن زياد شاكين في السلاح لا يري منهم الا حماليق الحدق: فلما نظر اليهم الحسين عليه السلام وقف في اصحابه، [1] و وقف الحر بن يزيد في اصحابه، فقال الحسين عليه السلام:ايها القوم! من انتم؟

قالوا: نحن اصحاب الامير عبيدالله بن زياد.

فقال الحسين عليه السلام: و من قائدكم؟

قالوا: الحر بن يزيد الرياحي.


قال: فناداه الحسين عليه السلام: ويحك يابن يزيد! النا ام علينا؟

فقال الحر: بل عليك اباعبدالله!

فقال الحسين عليه السلام: لا حول و لا قوه الا بالله.

قال: و دنت صلاه الظهر، فقال الحسين عليه السلام: للحاج بن مسروق: اذن رحمك الله و اقم الصلاه حتي نصلي!، قال: فاذن الحجاج، فلما فرغ من اذانه صاح الحسين بالحر بن يزيد فقال له: يابن يزيد! اتريد ان تصلي باصحابك و اصلي باصحابي؟

فقال له الحر: بل انت تصلي باصحابك و نصلي بصلاتك.

فقال الحسين عليه السلام: للحاج بن مسروق: اقم الصلاه! فاقام، و تقدم الحسين فصلي بالعسكرين جميعا.

فلما فرغ من صلاته و ثب قائما فاتكا علي قائمه سيفه، فحمد الله و اثني عليه ثم قال:

ايها الناس! انها معذره الي الله و الي من حضر من المسلمين، اني لم اقدم علي هذا البلد حتي اتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم ان اقدم الينا [2] انه ليس علينا [3] امام فلعل الله ان يجمعنا بك علي الهدي، فان كنتم علي ذلك فقد جئتكم، فان تعطوني ما يثق به قلبي من عهودكم و من مواثيقكم دخلت معكم الي مصركم، و ان لم تفعلوا و كنتم كارهين لقدومي عليكم انصرتف الي المكان الذي اقبلت منه اليكم.

قال: فسكت القوم عنه و لم يجيبوا بشي ء.

و امر الحر بن يزيد بخيمه له فضربت، فدخلها و جلس فيها. فلم يزل الحسين عليه السلام


واقفا مقابلهم و كل واحد منهم آخذ بعنان فرسه. [4] و اذا كتاب قد ورد من الكوفه: من عبيدالله بن زياد الي الحر بن يزيد، اما بعد!، يا اخي! اذا اتاك كتابي فجعجع [5] بالحسين و لا تفارقه حتي تاتيني به، فاني امرت رسولي ان لا يفارقك حتي ياتيني بانفاذ امري اليك- و السلام-. [6] .

قال: فلما قرا الحر الكتاب بعث الي ثقات اصحابه فدعاهم ثم قال: و يحكم ورد علي كتاب عبيدالله بن زياد يامرني ان اقدم الي الحسين بما يسووه، و والله ما تطاوعني نفسي و لا تجيبني الي ذلك، فالتفت رجل من اصحب الحر بن يزيد يكني اباالشعثاء [7] الكندي الي رسول عبيدالله بن زياد، فقال له: فيما ذا جئت ثكلتك امك؟

فقال له: اطعت امامي و وفيت ببيعتي وجئت برساله اميري.

فقال له ابوالشعثاء: لقد عصيت ربك و اطعت امامك و اهلكت نفسك و اكتسبت عارا. [8] فبئس الامام امامك! قال الله عز و جل: (و جعلنهم ائمه يدعون الي النار و يوم القيامه لا ينصرون). [9] .


قال: ودنت صلاه العصر فامر الحسين موذنه فاذن و اقام الصلاه، و تقدم الحسين عليه السلام فصلي بالعسكرين. فلما انصرف من صلاته و ثب قائما علي قدميه، فحمد الله و اثني عليه، ثم قال: ايها الناس! انا ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و نحن اولي بولايه هذه الامور عليكم من هولاء المدعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالظلم [10] و العدوان.فان تثقوا بالله و تعرفوا الحق لاهله فيكون ذلك لله رضي، و ان كرهتمونا و جهلتم حقنا و كان رايكم علي خلاف ما جائت به كتبكم و قدمت به رسلكم انصرفت عنكم

قال: فتكلم الحر بن يزيد بينه و بين اصحابه فقال: اباعبدالله! ما نعرف هذه الكتب و لا من هؤلاء الرسل.

قال فالتفت الحسين الي غلام له يقال له عقبه بن سمعان فقال: يا عقبه! هات الخرجين اللذين فيهما الكتب: فجاء عقبه بكتب اهل الشام و الكوفه فنثرها بين ايدهم ثم تنحي، فتقدموا و نظروا الي عنوانها ثم تنحوا.

فقال الحر بن يزيد: اباعبدالله! لسنا من القوم الذين كتبوا اليك هذه الكتب، و قد امرنا ان لقيناك لا نفارك [11] حتي ناتي بك علي الامير.

فتبسم الحسين عليه السلام ثم قال: يابن الحر! او تعلم ان الموت ادني اليك من ذاك.

ثم التفت الحسين عليه السلام: فقال: احملوا النساء ليركبوا حتي تنظر ما الذي يصنع هذا و اصحابه! قال: فركب اصحاب الحسين و ساقوا النساء بين ايديهم، فقدمت خيل الكوفه حتي حالت بينهم و بين المسير، فضرب الحسين عليه السلام بيده الي سيفه ثم صاح


بالحر: ثكلتك امك! ما الذي تريد ان تصنع؟

فقال الحر: اما والله لو قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائنا من كان، ولكن لا والله ما لي الي ذلك سبيل من ذكر امك، غير انه لابد ان انطلق بك الي عبيدالله بن زياد.

فقال له الحسين: اذا والله لا اتبعك او تذهب نفسي.

قال الحر: اذا والله لا افارقك [12] او تذهب نفسي و انفس اصحابي.

قال الحسين عليه السلام: برز اصحابي و اصحابك و ابرز الي، فان قتلتني خذ براسي الي ابن زياد، و ان قتلتك ارحت الخلق منك، فقال الحر: اباعبدالله! اني لم اومر بقتلك، [13] و انما امرت ان لا افارقك او اقدم بك علي ابن زياد، و انا والله كاره ان سلبني الله بشي ء من امرك غير اني قد اخذت ببيعه القوم و خرجت اليك، و انا اعلم انه لا يوافي القيامه احد من هذه الامه الا و هو يرجو شفاعه جدك محمد صلي الله عليه و آله، و انا خائف ان انا قاتلتك ان اخسر الدنيا و الآخره، ولكن انا اباعبدالله! لست اقدر الرجوع الي الكوفه في وقتي هذا، ولكن خذ عني هذا الطريق و امض حيث شئت [14] حتي اكتب الي ابن زياد ان هذا خالفني في الطريق فلم اقدر عليه، و انا انشدك الله في نفسك. [15] .


فقال الحسين عليه السلام: يا حر! كانك تخبرني اني مقتول! فقال الحر: اباعبدالله! نعم ما اشك في ذلك الا ان ترجع من حيث جئت.

فقال الحسين عليه السلام: ما ادري ما اقول لك ولكني اقول كما قال اخو الاوس حيث يقول [16] .



سأمضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذ ما نوي خيرا و جاهد مسلما



و واسي الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مذموما و خالف مجرما



اقدم نفسي لا اريد بقاءها

لتلقي خميسا في الوغاء عرمرما



فان عشت لم الم و ان مت لم اذم

كفي بك ذلا ان تعيش مرغما



ثم اقبل الحسين عليه السلام الي اصحابه و قال: هل فيكم احد يخبر الطريق علي غير الجاده؟ فقال الطرماح بن عدي الطائي: يابن بنت رسول الله! انا اخبر الطريق.

فقال الحسين عليه السلام: اذا سر بين ايدينا!

قال: فسار الطرماح و اتبعه الحسين هو و اصحابه، و جعل الطرماح يقول:



يا ناقتي لا تجزعي [17] من زجري

و امض بنا قبل طلوع الفجر



بخير فتيان و خير سفري

الي رسول الله اهل الفخر [18] .






الساده البيض الوجوه الزهري

الطاعنين بالرماح السمري



الضاربين بالسيوف البتري

جتي تحلي بكريم النجر



بماجد الجد [19] رحيب الصدر

اتي به الله لخير امر



عمره الله [20] بقاء الدهر

يا مالك النفع معا و الضر



امدد حسينا سيدي بالنصر

علي الطغاه من بقايا الكفر



علي اللعينين سليلي صخر

يزيد لا زال حليف الخمر



و العود و الصنج معا و الزمر

و ابن زياد العهر و ابن العهر



قال: و اصبح الحسين عليه السلام من وراء عذيب الهجانات. [21] قال: و اذا بالحر بن يزيد قد ظهر له ايضا في جيشه.

فقال الحسين عليه السلام: ما وراءك يابن يزيد! ليس قد امرتنا ان ناخذ علي الطريق فاخذنا و قبلنا مشورتك؟

فقال: صدقت، ولكن هذا كتاب عبيدالله بن زياد قد ورد علي يونبني و يعنفني في امرك.

فقال الحسين عليه السلام: فذرنا حتي ننزل بقريه نينوي [22] او الغاضريه [23] .


فقال الحر: لا والله ما استطيع ذلك، هذا رسول عبيدالله بن زياد معي، و ربما بعثه عينا علي.

قال: فاقبل الحسين بن علي علي رجل من اصحابه يقال له زهير بن القين البجلي، فقال له: يا بنت رسول الله! ذرنا حتي نقاتل هؤلاء القوم، فان قتالنا الساعه نحن و اياهم ايسر علينا و اهون من قتال من ياتينا من بعدهم.

فقال الحسين عليه السلام: صدقت يا زهير! ولكن ما كنت بالذي انذر هم بقتال حتي يبتدروني.

فقال له زهير: فسر بنا حتي نصير بكربلاء فانها علي شاطي ء الفرات فنكون هنالك، فان قاتلونا [24] قاتلناهم و استعنا بالله عليهم.

قال: فدمعت عينا الحسين عليه السلام، ثم قال: اللهم! ثم اللهم! اني اعوذ بك من الكرب و البلاء! قال: و نزل الحسين عليه السلام في موضعه ذلك و نزل الحر بن يزيد حذاوه في الف فارس، و دعا الحسين بداوه و بياض و كتب الي اشراف الكوفه ممن كان يظن انه علي رايه.


پاورقي

[1] و ذلک في موضع بينه و بين القادسيه ثلاثه اميال و ذلک في ذي جشم.

[2] الطبري: علينا.

[3] في الطبري: لنا.

[4] في الطبري: اخذ کل رجل منهم بعنان دابته و جلس في ظلها.

[5] جعجع به اي ازعجه و اخرجه.

[6] في الطبري: اما بعد! فجعجع بالحسين حين يبلغک کتابي، و يقدم عليک رسولي، فلا تنزله الا بالعراء في غير حسن و علي غير ماء و قد امرت رسولي ان يلزمک و لا يفارقک حتي ياتيني بانفاذک امري- والسلام-.

[7] عن الطبري، و هو يزيد بن زياد بن المهاجر ابوالشعثاء الکندي ثم البهدلي.

[8] في البري: و اطعت امامک في هلالک نفسک، کسبت العار و النار.

[9] سوره القصص، الآيه 41.

[10] الطبري: «بالجور و العدوان».

[11] في الطبري: «و قد امرنا اذا نحن لقيناک الا نفارقک حتي نقدمک علي عبيدالله بن زياد».

[12] الطبري: لا ادعک.

[13] الطبري: بقتالک.

[14] في الطبري: «فاذا ابيت فخذ طريقا لا تخللک الکوفه و لا تردک الي المدينه، تکون بيني و بينک نصفا».

[15] زيد في الطبري: و تکتب انت الي يزيد بن معاويه ان اردت ان تکتب اليه، او الي عبيدالله بن زياد ان شئت.

[16] المثبوره: المطرود، الملعون- و الابيات في الطبري ج 5.



سامضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذ ما نوي حقا و جاهد مسلما



و آسي الرجال الصاحلين بنفسه

و فارق مثبورا يغش و يرغما.

[17] في الطبري: «لا تذعري... و شمري».

[18] البيت في الطبري:



بخير رکبان و خير سفر

حتي تحلي بکريم النجر.

[19] في الطبري:



الماجد الحر رحيب الصدر

اتي به الله لخير امر.

[20] في الطبري: ثمت ابقاء بقاء الدهر.

[21] عذيب الهجانات: هو من منازل حاج الکوفه، و قيل: هو حد السواد.

[22] نينوي: ناحيه بسواد الکوفه.

[23] الغاضريه: قريه من نواحي الکوفه قريبه من کربلاء.

[24] في الطبري: فان منعونا.